أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 626

جلسة 21 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نجاح نصار ومحمد محمد يحيى وحسن سيد حمزه ومجدي الجندي.

(106)
الطعن رقم 225 لسنة 57 القضائية

(1) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية يستقل بها قاضي الموضوع طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
(2) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تقرير القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. بطلان.
إيجاب المادة 123 إجراءات على المحقق أن يتثبت من شخصية المتهم وأن يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه. عدم إيجابها إفصاح المحقق عن شخصيته.
(4) تفتيش "إذن التفتيش" "إصداره". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
خطأ إذن التفتيش في ذكر الاسم الثلاثي للمأذون بتفتيشه أو في بيان مهنته. لا ينال من صحته. ما دام أنه المقصود بالإذن.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تصلح سبباً للطعن.
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها على إجراء لم يطلب منها.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود".
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
1 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
2 - من المقرر من أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الحالية - كان ذلك محققاً لحكم القانون.
3 - من المقرر أن الفقرة الأولى من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "عند حضور المتهم الأول مرة في التحقيق يجب على المحقق أن يتثبت من شخصيته ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر" ومفاد ذلك أن المحقق هو الذي يتثبت من شخصية المتهم ولم يرتب القانون واجباً على المحقق أن ينبئ المتهم عن شخصيته كما لم يرتب بطلاناً لإغفاله ذلك، طالما أن الذي أجرى التحقيق هو وكيل النيابة المختص وهو ما لا يماري فيه الطاعن، كما أن الأخير لم يزعم أنه عين محامياً عنه وقت استجوابه أو أن محامياً تقدم للتحقيق مقرراً الحضور معه وقت الاستجواب.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته الخطأ في ذكر الاسم الثلاثي للمأذون بتفتيشه أو في بيان مهنته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن.
5 - من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، كما أنه لا يحق للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها.
6 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تعتد بدفاع الطاعن حول احتمال دس المخدر عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة المخدر والسيارة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وبطلان في الإجراءات ذلك بأنه جاء قاصر البيان في استظهار قصد الاتجار لديه، كما تمسك الدفاع عن الطاعن ببطلان تحقيق النيابة لمخالفته للمادتين 123/ 1، 124/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية لعدم تنبيه الطاعن بأن النيابة هي التي تباشر التحقيق، ولعدم سؤاله عما إذا كان لديه محامياً من عدمه، كما تمسك ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات لصدورها باسم مغاير لاسمه الحقيقي وإشارته إلى مهنته بأنه مالك لسيارة أجرة في حين أنه مجرد سائق عليها ورد الحكم على هذه الدفوع بما لا يسوغ، كما شاب التحقيق بطلان في الإجراءات أثر على استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى إذ كان يتعين إجراء معاينة للسيارة التي قيل بضبط المخدر في حقيبتها تحقيقاً لدفاع الطاعن من دس المخدر عليه من أحد ركاب السيارة دون فتح بابها الخلفي، كما سبق للنيابة أن طلبت شهادة بيانات عن السيارة من إدارة المرور إلا أن قرارها لم ينفذ، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الرائد...... ومن تقرير المعامل الكيماوية وإقرار المتهم - الطاعن - بالتحقيقات. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن تحريات الرائد........ الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات دلت على قيام الطاعن بالاتجار في المواد المخدرة وترويجه لها بدوائر عين شمس والزيتون والوايلى مستخدماً في ذلك سيارته رقم........ ملاكي الشرقية وأنه تم ضبطه بالسيارة بناء على إذن النيابة حائزاً لكمية من المواد المخدرة "78 طربة حشيش" تزن 22.350 كيلو جراماً. فإن الحكم إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعن من تلك الظروف سالفة البيان التي أحال عليها يكون قضاؤه في هذا محمولاً وكافياً في استخلاص هذا القصد في حق الطاعن، ولا ينال من ذلك أن الحكم لم يتحدث عن قصد الاتجار على استقلال لما هو مقرر من أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الحالية - كان ذلك محققاً لحكم القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الفقرة الأولى من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق يجب على المحقق أن يتثبت من شخصيته ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر" ومفاد ذلك أن المحقق هو الذي يتثبت من شخصية المتهم ولم يرتب القانون واجباً على المحقق أن ينبئ المتهم عن شخصيته كما لم يرتب بطلاناً لإغفاله ذلك، طالما أن الذي أجرى التحقيق هو وكيل النيابة المختص وهو ما لا يماري فيه الطاعن، كما أن الأخير لم يزعم أنه عين محامياً عنه وقت استجوابه أو أن محامياً تقدم للتحقيق مقرراً الحضور معه وقت الاستجواب، وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعن بصدد ذلك بما لا يخرج عن هذا المعنى ومن ثم فإن منعى الطاعن بشقيه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته الخطأ في ذكر الاسم الثلاثي للمأذون بتفتيشه أو في بيان مهنته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في الرد على الدفع ببطلان التفتيش فإنه يكون طبق صحيح القانون ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان تعييب الإجراءات السابقة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، كما أنه لا يحق للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة للسيارة أو طلب أية بيانات عنها من إدارة المرور ومن ثم فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن دس المخدر عليه مردوداً بما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تعتد بدفاع الطاعن حول احتمال دس المخدر عليه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً.