أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 283

جلسة 17 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب نائب رئيس المحكمة، محمد عبد العال، رفعت طلبة وحمدي أبو الخير.

(43)
الطعن رقم 944 لسنة 65 قضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
(2) تبديد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام".
الاختلاس في جريمة التبديد. مناطه. انتقال حيازة الشيء بصفة أمانة للمتهم واختلاسه له.
القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة. مناط تحققه؟
العبرة في ثبوت قيام عقد من عقود الأمانة. بحقيقة الواقع.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اقتصار الحكم على سرد ما تضمنته صحيفة الادعاء المباشر من اختلاس المتهم للمبلغ المسلم إليه واكتفاؤه في بيان الدليل بالإحالة لإيصال الأمانة دون إيراد مضمونه ووجه استدلاله به. قصور.
(4) تبديد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إدانة المتهم بجريمة خيانة الأمانة. رهن باقتناع القاضي أنه تسلم المال بعقد من العقود المبينة حصراً بالمادة 341 عقوبات. عدم جواز تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه. متى كان مخالفاً للحقيقة.
دفاع الطاعن بعدم تسلمه المبلغ محل الاختلاس. جوهري. قعود المحكمة عن تحقيقه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
1 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً.
2 - من المقرر أن الاختلاس لا يمكن أن يعد تبديداً معاقباً عليه إلا إذا كانت حيازة الشيء قد انتقلت إلى المختلس بحيث تصبح يد الحائز يد أمانة ثم يخون هذه الأمانة باختلاس الشيء الذي اؤتمن عليه، وكان القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لا يتحقق بمجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بماله وإنما يتطلب ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه، وأن العبرة في ثبوت قيام عقد من عقود الائتمان هي بحقيقة الواقع.
3 - لما كان الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر على سرد ما تضمنته صحيفة الادعاء المباشر من أن الطاعن تسلم من المدعية بالحقوق المدنية المبلغ المنسوب إليه اختلاسه بموجب إيصال أمانة مذيل بتوقيعه وعليه شهود لتوصيله إلى..... فلم يقم بتوصيله إليه واختلسه لنفسه إضراراً بالمدعية بالحقوق المدنية وبني على ذلك إدانته بجريمة التبديد دون أن يثبت توافر أركان هذه الجريمة في حقه كما هي معرفة في القانون واكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى إيصال الأمانة المقدم من المدعية بالحقوق المدنية دون أن يورد مضمونه أو يبين وجه استدلاله به على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة.
4 - من المقرر أنه لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات، وكانت العبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بحقيقة الواقع بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابه متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة، ولما كان دفاع الطاعن على نحو ما سلف بيانه يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث إذا صح لتغير به وجه الرأي فيها، فإن المحكمة إذ لم تفطن لفحواه وتقسطه حقه وتعني بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان فضلاً عما ينطوي عليه من إخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة........ ضد الطاعن بوصف أنه بدد المبلغ المبين بالأوراق والمسلم إليه على سبيل الوديعة فاختلسه لنفسه إضراراً بها، وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه أن يؤدي لها مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبسه شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. استأنف ومحكمة........ الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه أسبوعاً مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد وإلزامه بالتعويض قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه خلا من بيان أركان الجريمة والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن، وأغفل الرد على دفاعه بأنه لم يتسلم المبلغ المنسوب إليه تبديده وأنه وقع على الإيصال سند الدعوى على بياض، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان واقعة الدعوى والأدلة التي يستند إليها في إدانة الطاعن على قوله "حيث إن الواقعة تتحصل فيما سطر بعريضة الدعوى المباشرة المعلنة للمتهم إعلاناً قانونياً صحيحاً بموجب إيصال أمانة مذيل بتوقيع المعلن إليه الأول وعليه شهود فقد استلم مبلغاً وقدره خمسة آلاف جنيه مصري لا غير على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المقيم بناحية....... وحيث إن المعلن إليه الأول لم يقم بتوصيل هذا المبلغ واختلسه لنفسه إضراراً بالمطالبة مما يوجب عقابه طبقاً للمادة 341 عقوبات، وختمت صحيفة دعواها المباشرة المعلنة للمتهم بمطالبته بمبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وحيث إن وكيل المدعي بالحق المدني حضر الجلسة وقدم حافظة مستندات طويت على أصل الإيصال سند الدعوى، وبجلسة 17/ 1/ 1993 قرر باتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير على الإيصال سند الدعوى وقررت المحكمة إحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. وقد أجرت النيابة العامة التحقيق في الطعن بالتزوير وأحالته إلى قسم الأدلة الجنائية بمديرية أمن...... لتحقيق دفاعه هذا بيد أن قسم الأدلة الجنائية انتهى إلى نتيجة حاصلها أن المتهم هو الموقع بخط يده على إيصال الأمانة سند الدعوى الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى إسناد الاتهام إلى المتهم الأمر الذي تقضي معه المحكمة بمعاقبة المتهم عملاً بالمادة 304/ 2 أ. ج وألزمته المصروفات الجنائية عملاً بالمادة 313 أ. ج، وحيث إن المحكمة قد انتهت إلى إدانة المتهم فترى إجابة المدعية بالحق المدني إلى طلباتها وفق منطوق الحكم". لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر أن الاختلاس لا يمكن أن يعد تبديداً معاقباً عليه إلا إذا كانت حيازة الشيء قد انتقلت إلى المختلس بحيث تصبح يد الحائز أمانة ثم يخون هذه الأمانة باختلاس الشيء الذي اؤتمن عليه، وكان القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لا يتحقق بمجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بماله وإنما يتطلب ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه، وأن العبرة في ثبوت قيام عقد من عقود الائتمان هي بحقيقة الواقع، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر على سرد ما تضمنته صحيفة الادعاء المباشر من أن الطاعن تسلم من المدعية بالحقوق المدنية المبلغ المنسوب إليه اختلاسه بموجب إيصال أمانة مذيل بتوقيعه وعليه شهود لتوصيله إلى....... فلم يقم بتوصيله إليه واختلسه لنفسه إضراراً بالمدعية بالحقوق المدنية وبني على ذلك إدانته بجريمة التبديد دون أن يثبت توافر أركان هذه الجريمة في حقه كما هي معرفة به في القانون واكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى إيصال الأمانة المقدم من المدعية بالحقوق المدنية دون أن يورد مضمونه أو يبين وجه استدلاله به على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة، فضلاً عن أن البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة أن محامياً حضر عن الطاعن بجلسة وتمسك بدفاع مؤداه أن الطاعن لم يتسلم من المدعية بالحقوق المدنية المبلغ المنسوب إليه اختلاسه، وكان من المقرر أنه لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات. وكانت العبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بحقيقة الواقع بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة، ولما كان دفاع الطاعن على نحو ما سلف بيانه يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث لو صح لتغير به وجه الرأي فيها، فإن المحكمة إذ لم تفطن لفحواه وتقسطه حقه وتعني بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان فضلاً عما ينطوي عليه من إخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.