أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 313

جلسة الأول من مارس سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب، وفيق الدهشان، نير عثمان ومحمود مسعود شرف نواب رئيس المحكمة.

(49)
الطعن رقم 4105 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب" "أسباب الطعن. توقيعها".
تقديم أسباب الطعن في الميعاد دون التقرير به والتوقيع عليها بإمضاء يتعذر قراءته. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ. ماهيته؟ المادة 106 مكرراً عقوبات.
المقصود بلفظ النفوذ؟
مثال لاستخلاص سائغ في عدم توافر أركان جريمة الاتجار بالنفوذ.
1 - لما كان المحكوم عليه الثاني - ......... - ولئن قدم أسبابه في الميعاد المقرر، إلا أنه لم يقرر بالطعن. لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذوي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له - لما كان ذلك، وكان البين من مذكرة أسباب الطعن المقدمة من المحكوم عليهما الأول - ........ - والثالث - ........ - أنها موقع عليها بإمضاء غير واضح يتعذر قراءته فإن مذكرة أسباب الطعن تكون باطلة وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية، ويكون الطعن المقدم من المحكوم عليهم الثلاثة - سالفي الذكر - قد فقد مقومات قبوله، ويتعين الحكم بعدم قبوله شكلاًَ.
2 - لما كانت عناصر الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات هي التذرع بالنفوذ الحقيقي أو المزعوم الذي يمثل السند الذي يعتمد عليه الجاني في أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية، إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة في أن يستعمل ذلك النفوذ، كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أم اجتماعية أم سياسية، وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضي الموضوع، وأن تكون الغاية من التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت، شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق، فإذا كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصباً متى توافرت أركانها - لما كان ذلك، وكان مؤدى ما حصله الحكم في معرض بيانه واقعة الدعوى وإيراد أدلتها، وفي مقام تدليله على نفي قيام جريمة من جرائم الرشوة أو الوساطة فيها، هو أن المطعون ضدهم اقتصر فعلهم على مجرد طلب مبلغ من النقود من المجني عليه بغرض توصيله ودفعه لأعضاء اللجنة بإدارة الحي والتي ستقوم بإعفائه من الضرائب المستحقة على العقار الموروث، دون أن تحمل مدونات الحكم ما يقطع ويجزم بأن المطعون ضدهم طلبوا ذلك المبلغ من المجني عليه بادعاء منهم باستعمال نفوذ لهم حقيقي أو مزعوم لدى أعضاء اللجنة لإعفائه من الضرائب، بأن لهم صلة بهؤلاء الأعضاء أو تأثيراً أو سلطة عليهم بما يجعلهم يستجيبون لما هو مطلوب من إعفاء للمجني عليه من الضرائب المستحقة - وهو ما لم تجادل فيه الطاعنة بأسباب طعنها - فإن جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات لا تنطبق على واقعة الدعوى الراهنة، ويكون نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون على غير سند صحيح من الأوراق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: المتهمون جميعاً: بصفتهم موظفين عموميين "محصلين بإدارة حي وسط......" طلبوا وأخذوا لأنفسهم رشوة للامتناع عن عمل زعموا أنه من أعمال وظيفتهم بأن طلبوا من....... مبلغ ألفي جنيه أخذوا منه مبلغ مائتي جنيه على سبيل الرشوة مقابل الامتناع عن اتخاذ إجراءات تحصيل قيمة الضريبة العقارية المستحقة عليه وإلغاء محضر الحجز على منقولاته. ثانياً: المتهم الثالث: ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو محضر حجز المنقولات المنسوب صدوره لقلم الحجز بإدارة الإيرادات بمحافظة........ وذلك بطريق الاصطناع بأن اصطنع المحضر السابق بيانه على غرار المحاضر الصحيحة الصادرة من الجهة آنفة الذكر ونسبه زوراً للموظف المختص بتحريره بإدارة إيرادات........ ثالثاً: المتهمان الأولى والثاني: اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثالث في ارتكاب تزوير في محضر رسمي هو محضر حجز المنقولات سالفة البيان بطريق الاصطناع بأن اتفقا مع المتهم الثالث وساعداه على اصطناع هذا المحرر فأثبت به البيانات اللازمة للمحاضر الصحيحة ونسبه زوراً للموظف المختص بتحريره بإدارة....... فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا........ لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 45، 47، 211، 336/ 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه وبعزله من وظيفته لمدة سنتين وبمصادرة المحرر المزور المضبوط.
فطعن كل من النيابة العامة والمحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه الثاني - ........ - ولئن قدم أسبابه في الميعاد المقرر، إلا أنه لم يقرر بالطعن - لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذوي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له - لما كان ذلك، وكان البين من مذكرة أسباب الطعن المقدمة من المحكوم عليهما الأول - ........ - والثالث - ........ - أنها موقع عليها بإمضاء غير واضح يتعذر قراءته فإن مذكرة أسباب الطعن تكون باطلة وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية، ويكون الطعن المقدم من المحكوم عليهم الثلاثة - سالفي الذكر - قد فقد مقومات قبوله، ويتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه استبعد جريمة الرشوة أو الوساطة فيها، دون أن يسبغ على الواقعة الوصف القانوني الصحيح، هو الجريمة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات، والتي تعاقب على استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول من أية سلطة عامة على مزية من أي نوع، والتي توافرت أركانها في حق المطعون ضدهم - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهمين....... و....... و....... المحصلين بإدارة الإيرادات....... أرادوا الاستيلاء بالاحتيال على مبلغ من المال من المجني عليه....... مستغلين وجود ربط لمبلغ من الضرائب على عقار كان مملوكاً لوالده ولعمه، فتقابلوا معه خلال الفترة من...... واصطنع المتهم الثالث بالاتفاق مع المتهمين الأول والثاني وبمساعدتهما - للاحتيال على المجني عليه - محضر حجز على منقولاته وفاء لتلك الضريبة، وطلبوا منه ألفي جنيه بزعم دفعه لأعضاء لجنة في الحي ستقوم بإعفائه من الضرائب المربوطة على المرحوم والده وإلغاء محضر الحجز الموقع عليه وأيد بعضهم بعضاً في ذلك، فأبلغ المجني عليه الرقابة الإدارية، حيث تم إعداد كمين وضبطهم بعد إذن من النيابة - على أثر استيلائهم على مبلغ مائتي جنيه منه" وحصل الحكم أقوال الشاهد....... - المجني عليه - بما يتفق ومؤدى ما أورده في بيانه. لواقعة الدعوى على النحو السالف بيانه. لما كان ذلك، وكانت عناصر الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات هي التذرع بالنفوذ الحقيقي أو المزعوم الذي يمثل السند الذي يعتمد عليه الجاني في أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية، إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة في أن يستعمل ذلك النفوذ، كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أم اجتماعية أم سياسية، وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضي الموضوع، وأن تكون الغاية من هذا التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت، شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق، فإذا كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصباً متى توافرت أركانها - لما كان ذلك، وكان مؤدى ما حصله الحكم في معرض بيانه واقعة الدعوى وإيراد أدلتها، وفي مقام تدليله على نفي قيام جريمة من جرائم الرشوة أو الوساطة فيها، هو أن المطعون ضدهم اقتصر فعلهم على مجرد طلب مبلغ من النقود من المجني عليه بغرض توصيله ودفعه لأعضاء اللجنة بإدارة الحي والتي ستقوم بإعفائه من الضرائب المستحقة على العقار الموروث، دون أن تحمل مدونات الحكم ما يقطع ويجزم بأن المطعون ضدهم طلبوا ذلك المبلغ من المجني عليه بادعاء صلة بهؤلاء الأعضاء أو تأثيراً أو سلطة عليهم بما يجعلهم يستجيبون لما هو مطلوب من إعفاء للمجني عليه من الضرائب المستحقة - وهو ما لم تجادل فيه الطاعنة بأسباب طعنها - فإن جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات لا تنطبق على واقعة الدعوى الراهنة ويكون نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون على غير سند صحيح من الأوراق. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.