أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 735

جلسة 4 من يونيه سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة، عبد الوهاب الخياط، صلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

(131)
الطعن رقم 6526 لسنة 54 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". اختصاص "اختصاص المحاكم الجنائية".
انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم لا يسلب المحكمة الجنائية اختصاصها بنظر الدعوى المدنية التابعة وعلى المحكمة أن تعرض لبحث عناصر الجريمة وتوافر أركانها.
(2) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". خطأ.
مثال لتسبيب سائغ بالتعويض في دعوى مدنية صادر من محكمة النقض.
1 - لما كانت الدعوى المدنية الماثلة قد رفعت في مبدأ الأمر بطريق التبعية للدعوى الجنائية فإن الحكم الصادر من هذه المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم لا يسلب اختصاصها بنظر الدعوى المدنية وعليها أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك أثاره القانونية غير مقيدة في ذلك بقضائها الأول.
2 - من حيث إن واقعة الدعوى - في حدود الدعوى المدنية - تتحصل في أن المتهم المرحوم...... أثناء قيادته لسيارته على الطريق الزراعي مصر/ إسكندرية متجهاً إلى مدينة الإسكندرية، كانت تسير أمامه سيارة يلتزم قائدها أقصى يمين الطريق، كما كانت سيارة المجني عليه المرحوم...... تسير بجوار تلك السيارة ملتزماً قائدها أقصى يسار الطريق، فأراد المتهم أن يتقدم السيارتين بالسير بسيارته في المساحة التي تفصل بينهما إلا أن هذه المساحة لم تسمح بمرور سيارته فانحرف بها يساراً حيث اصطدم مؤخرة الجزء الأيسر فيها بالجانب الأيمن لسيارة المجني عليه، فاندفعت السيارة الأخيرة بقوة إلى الطريق المقابل المتجه إلى القاهرة وانقلبت على جانبيها، فحدثت بالمجني عليه عدة إصابات بالرأس وباقي أجزاء الجسم أدت إلى وفاته. ومن حيث إن الواقعة على النحو المتقدم ذكره ثبت صحتها ونسبتها إلى المتهم المرحوم.... من أقوال....... ومن محضر معاينة مكان الحادث وتقرير المهندس الفني بفحص السيارتين وأوراق علاج المجني عليه فقد شهد..... بأنه كان يستقل السيارة قيادة المجني عليه جالساً بالمقعد الأمامي المجاور له والذي كان يسير بالسيارة ملتزماً الجانب الأيسر من طريق مصر/ إسكندرية الزراعي ومتجهاً إلى مدينة الإسكندرية، وكانت سيارة نقل تسير بجوارها في الاتجاه ذاته ملتزماً قائدها الجانب الأيمن من الطريق فأراد المتهم أن يتقدم بسيارته هاتين السيارتين إلا أن المسافة بينهما لم تسمح له بالعبور، فانحرف بسيارته يساراً فاصطدم بمؤخرة الجزء الأيسر منها بالجانب الأيمن لسيارة المجني عليه حيث انقلبت واستقرت على الطريق المقابل المتجه إلى القاهرة وحدثت إصابات المجني عليه التي أودت بحياته. وأضاف بأن حالة الطريق لم تكن تسمح لسيارة المتهم أن تتقدم السيارات التي أمامها وأنه أشار بيده للمتهم محذراً إياه حتى لا يحاول المرور بسيارته بين السيارتين إلا إنه تمادى في السير فوقع الحادث نتيجة خطئه. كما ثبت من محضر معاينة مكان الحادث، أن الواقعة حدثت على طريق مصر/ إسكندرية الزراعي، وأن سيارة المجني عليه كانت متجهة إلى مدينة الإسكندرية فصدمتها سيارة أخرى حيث فقدت توازنها واتجهت ناحية اليسار في الطريق المتجه إلى القاهرة وأتلفت بعض الشجيرات المنزرعة وسط الطريق لمسافة 16 خطوة ثم انقلبت واستقرت على هذا الجانب من الطريق. كما تبين من مطالعة التقرير الفني الخاص بفحص السيارتين، أن سيارة المتهم تحمل رقم.... ملاكي إسكندرية وبها تلفيات عبارة عن كسر بالفانوس الخلفي الأيسر وآثار تصادم بالجهة الخلفية اليسرى، وأن سيارة المجني عليه تحمل رقم.. ملاكي بحيرة وبها تلفيات بمؤخرتها وكسر الزجاج الأمامي والخلفي وتطبيق صاج سقفها وكسر المساعدين الأيمن بسبب انقلابها كما يوجد بها تلف بالفانوس الأيمن. وثبت من مطالعة أوراق علاج المجني عليه أن به عدة كسور وجروح بالرأس وباقي أجزاء الجسم وحدثت وفاته بسبب تلك الإصابات. ومن حيث إن المتهم مثل بجلسات المرافعة أمام هيئات أخرى وانحصر دفاعه على أنه كان يقود سيارته على طريق مصر/ إسكندرية الزراعي متجهاً إلى الإسكندرية وملتزماً الجانب الأيمن من الطريق حيث فوجئ بسيارة تصطدم بسيارته من الخلف وتدفعها إلى الأمام وبعد أن استطاع التحكم في عجلة القيادة لم يشاهد السيارة الأخرى ولم يتبين طريقها فواصل سيره إلى الإسكندرية حيث قام بإصلاح سيارته. وأشهد زوجته على هذا الدفاع والتي أيدته في أقواله. والمحكمة لا تثق بهذا القول لأنه ضرب من الدفاع قصد به الإفلات من الاتهام خاصة وأنه يتعارض مع ماديات الدعوى وأقوال الشاهد.... التي وثقت بها المحكمة واطمأنت إليها. ومن حيث إنه بذلك يكون قد وقر في وجدان المحكمة وثبت لديها على وجه اليقين أن المتهم أخطأ حين حاول أن يتقدم بسيارته السيارات التي أمامه دون أن يسمح له الطريق بهذا التقدم، فاصطدم بالسيارة التي كان يستقلها المجني عليه حيث انقلبت ونتج عن هذا التصادم حدوث الإصابات الموصوفة بأوراق علاجه والتي أودت بحياته، ومن ثم فإن أركان المسئولية التقطيرية المنصوص عليها في المادة 163 من القانون المدني من خطأ وضرر وعلاقة سببية تكون قد توافرت في الدعوى ويلزم لذلك إجابة ورثة المجني عليه إلى طلبهم بإلزام ورثة المتهم بأن يؤدوا لهم من مال وتركة مورثهم المرحوم.... تعويضاً مؤقتاً قدره 51 جنيهاً جبراً لما أصابهم من ضرر أدبي ومادي يتمثل فيما نالهم من آلام بسبب فقد مورثهم وحرمانهم من رعايته لشئون حياتهم مع إلزامهم بالمصاريف المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة....... بأنه أولاً: تسبب خطأ في موت.... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم مراعاته للقوانين والقرارات بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر فصدم السيارة قيادة المجني عليه وأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. ثانياً: قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 449 سنة 1955. وادعى والد المجني عليه عن نفسه وبصفته مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح كفر الدوار قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل مع إيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ.... المحامي عن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ....... قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة دمنهور الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة مشكلة من قضاة آخرين. والمحكمة الأخيرة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وبجلسة...... قضت المحكمة أولاً: بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة الطاعن...... ثانياً: بقبول الطعن شكلاً - فيما يتعلق بالدعوى المدنية - وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة.... لنظر الموضوع.


المحكمة

من حيث إن الدعوى المدنية الماثلة قد رفعت في مبدأ الأمر بطريق التبعية للدعوى الجنائية فإن الحكم الصادر من هذه المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم لا يسلب اختصاصها بنظر الدعوى المدنية وعليها أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك أثاره القانونية غير مقيدة في ذلك بقضائها الأول.
ومن حيث إن الاستئناف استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - في حدود الدعوى المدنية - تتحصل في أن المتهم المرحوم...... أثناء قيادته لسيارته على الطريق الزراعي مصر/ إسكندرية متجهاً إلى مدينة الإسكندرية، كانت تسير أمامه سيارة يلتزم قائدها أقصى يمين الطريق، كما كانت سيارة المجني عليه المرحوم...... تسير بجوار تلك السيارة ملتزماً قائدها أقصى يسار الطريق، فأراد المتهم أن يتقدم السيارتين بالسير بسيارته في المساحة التي تفصل بينهما إلا أن هذه المساحة لم تسمح بمرور سيارته فانحرف بها يساراً حيث اصطدم مؤخرة الجزء الأيسر فيها بالجانب الأيمن لسيارة المجني عليه، فاندفعت السيارة الأخيرة بقوة إلى الطريق المقابل المتجه إلى القاهرة وانقلبت على جانبيها، فحدثت بالمجني عليه عدة إصابات بالرأس وباقي أجزاء الجسم أدت إلى وفاته. ومن حيث إن الواقعة على النحو المتقدم ذكره ثبت صحتها ونسبتها إلى المتهم المرحوم.... من أقوال....... ومن محضر معاينة مكان الحادث وتقرير المهندس الفني بفحص السيارتين وأوراق علاج المجني عليه. فقد شهد..... بأنه كان يستقل السيارة قيادة المجني عليه جالساً بالمقعد الأمامي المجاور له والذي كان يسير بالسيارة ملتزماً الجانب الأيسر من طريق مصر/ إسكندرية الزراعي ومتجهاً إلى مدينة الإسكندرية، وكانت سيارة نقل تسير بجوارها في الاتجاه ذاته ملتزماً قائدها الجانب الأيمن من الطريق فأراد المتهم أن يتقدم بسيارته هاتين السيارتين إلا أن المسافة بينهما لم تسمح له بالعبور، فانحرف بسيارته يساراً فاصطدم بمؤخرة الجزء الأيسر منها بالجانب الأيمن لسيارة المجني عليه حيث انقلبت واستقرت على الطريق المقابل المتجه إلى القاهرة وحدثت إصابات المجني عليه التي أودت بحياته. وأضاف بأن حالة الطريق لم تكن تسمح لسيارة المتهم أن تتقدم السيارات التي أمامها وأنه أشار بيده للمتهم محذراً إياه حتى لا يحاول المرور بسيارته بين السيارتين إلا أنه تمادى في السير فوقع الحادث نتيجة خطئه. كما ثبت من محضر معاينة مكان الحادث، أن الواقعة حدثت على طريق مصر/ إسكندرية الزراعي، وأن سيارة المجني عليه كانت متجهة إلى مدينة الإسكندرية فصدمتها سيارة أخرى حيث فقدت توازنها واتجهت ناحية اليسار في الطريق المتجه إلى القاهرة وأتلفت بعض الشجيرات المنزرعة وسط الطريق لمسافة 16 خطوة ثم انقلبت واستقرت على هذا الجانب من الطريق. كما تبين من مطالعة التقرير الفني الخاص بفحص السيارتين، أن سيارة المتهم تحمل رقم.... ملاكي إسكندرية وبها تلفيات عبارة عن كسر بالفانوس الخلفي الأيسر وآثار تصادم بالجهة الخلفية اليسرى، وأن سيارة المجني عليه تحمل رقم.... ملاكي بحيرة وبها تلفيات بمؤخرتها وكسر الزجاج الأمامي والخلفي وتطبيق صاج سقفها وكسر المساعدين الأيمن بسبب انقلابها كما يوجد بها تلف بالفانوس الأيمن. وثبت من مطالعة أوراق علاج المجني عليه أن به عدة كسور وجروح بالرأس وباقي أجزاء الجسم وحدثت وفاته بسبب تلك الإصابات. ومن حيث إن المتهم مثل بجلسات المرافعة أمام هيئات أخرى وانحصر دفاعه على أنه كان يقود سيارته على طريق مصر/ إسكندرية الزراعي متجهاً إلى الإسكندرية وملتزماً الجانب الأيمن من الطريق حيث فوجئ بسيارة تصطدم بسيارته من الخلف وتدفعها إلى الأمام وبعد أن استطاع التحكم في عجلة القيادة لم يشاهد السيارة الأخرى ولم يتبين طريقها فواصل سيره إلى الإسكندرية حيث قام بإصلاح سيارته. وأشهد زوجته على هذا الدفاع والتي أيدته في أقواله. والمحكمة لا تثق بهذا القول لأنه ضرب من الدفاع قصد به الإفلات من الاتهام خاصة وأنه يتعارض مع ماديات الدعوى وأقوال الشاهد.... التي وثقت بها المحكمة واطمأنت إليها.
ومن حيث إنه بذلك يكون قد وقر في وجدان المحكمة وثبت لديها على وجه اليقين أن المتهم أخطأ حين حاول أن يتقدم بسيارته السيارات التي أمامه دون أن يسمح له الطريق بهذا التقدم، فاصطدم بالسيارة التي كان يستقلها المجني عليه حيث انقلبت ونتج عن هذا التصادم حدوث الإصابات الموصوفة بأوراق علاجه والتي أودت بحياته، ومن ثم فإن أركان المسئولية التقصيرية المنصوص عليها في المادة 163 من القانون المدني من خطأ وضرر وعلاقة سببية تكون قد توافرت في الدعوى ويلزم لذلك إجابة ورثة المجني عليه إلى طلبهم بإلزام ورثة المتهم بأن يؤدوا لهم من مال وتركة مورثهم المرحوم.... تعويضاً مؤقتاً قدره 51 جنيهاً جبراً لما أصابهم من ضرر أدبي ومادي يتمثل فيما نالهم من آلام بسبب فقد مورثهم وحرمانهم من رعايته لشئون حياتهم مع إلزامهم بالمصاريف المدنية.