أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 561

جلسة 11 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس، سمير مصطفى، عبد المنعم منصور وإيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.

(102)
الطعن رقم 20871 لسنة 61 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج وترتيب النتائج على المقدمات.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في العناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها. غير مقبول أمام النقض.
(4) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع "سلطتها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان.
تخلف المدعين بالحقوق المدنية عن الحضور دون عذر مقبول بعد إعلانهم لشخصهم. أثره: اعتبارهم تاركين لدعواهم المدنية. مخالفة الحكم ذلك. خطأ في القانون. يوجب نقضه وتصحيحه. أساس ذلك؟
1 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
2 - لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
3 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أقوال شاهدين......، ...... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر طبقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه، والحكمة من اشتراط الإعلان لشخص المدعي هي التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر الدعوى. ولما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن وكيل المدعيين بالحقوق المدنية حضر بجلسة........ فتأجلت الدعوى لجلسة....... حيث لم يحضر أحد عنهم دون عذر يبرر ذلك فطلب الحاضر مع المتهم اعتبارهم تاركين لدعواهم المدنية وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة........ حيث قضت المحكمة بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به في الدعوى المدنية، فإن الحكم المطعون فيه بقضائه في هذه الدعوى يكون قد أخطأ في القانون بما يعيبه ويوجب نقضه - بالنسبة للدعوى المدنية - وتصحيحه باعتبار المدعين بالحقوق المدنية تاركين لدعواهم مع إلزامهم مصاريفها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر - قضي ببراءته ورفض الدعوى المدنية قبله بأنه: 1 - تسبب بخطئه في وفاة........ وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم مراعاته للقوانين واللوائح وذلك بأن قاد سيارته بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر مما أدى إلى اصطدامه بسيارة أخرى ونتج عنه وفاة المجني عليهما على النحو المبين بالأوراق. 2 - تسبب بخطئه في إصابة كلاً من....... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم مراعاته للقوانين واللوائح وذلك بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر فحدثت إصابة المجني عليه وذلك على النحو المبين بالأوراق. 3 - تسبب كل منهما في إتلاف سيارة الآخر وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما. وطلبت عقابه بالمواد 238، 244، 1 - 2، 378/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1، 3، 74/ 6، 77، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 210 لسنة 1981. وادعى ورثة المجني عليهما الأولى والثانية، كما ادعت المجني عليها....... ضد المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح....... قضت حضورياً بحبسه سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ عن التهمتين للارتباط وإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أورد في مدوناته أنه كان يتعين على المحكوم عليه وبعد أن شاهد السيارة الأخرى تسير في غير حالتها الطبيعية أن يهدئ السرعة وينحرف قليلاً إلا أنه انحرف بشدة مما أدى إلى اصطدامه بالشجرة وحدوث الواقعة في حين قرر الشاهدين....... أن المتهم حاول تفادي السيارة التي أمامه إلا أنه اصطدم بالشجرة، وأخطأ الحكم إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به في الدعوى المدنية بالرغم من تخلف المدعين بالحقوق المدنية - بعد حضورهم بالجلسة السابقة - وطلب الطاعن اعتبارهم تاركين لدعواهم المدنية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت ركن الخطأ في حق الطاعن من كافة الأدلة المطروحة أمامها ومنها أقوال الشاهدين....... والشاهد...... الذي قرر أن سيارة الطاعن كانت مسرعة وانحرفت شمالاً واصطدمت بشجرة وخلصت المحكمة إلى أن ركن الخطأ يتمثل في عدم تهدئة الطاعن من سرعته عند انحراف جهة اليسار لتفادي السيارة التي أمامه وانحرافه بشدة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كما هو ثابت من المعاينة والرسم الكروكي وارتطامه بالشجرة مما أدى إلى وقوع الحادث، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أقوال الشاهدين....... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه، والحكمة من اشتراط الإعلان لشخص المدعي هي التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر الدعوى. ولما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن وكيل المدعين بالحقوق المدنية حضر بجلسة...... فتأجلت الدعوى لجلسة....... حيث لم يحضر أحد عنهم دون عذر يبرر ذلك فطلب الحاضر مع المتهم اعتبارهم تاركين لدعواهم المدنية وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة...... حيث قضت المحكمة بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به في الدعوى المدنية، فإن الحكم المطعون فيه بقضائه في هذه الدعوى يكون قد أخطأ في القانون بما يعيبه ويوجب نقضه - بالنسبة للدعوى المدنية - وتصحيحه باعتبار المدعين بالحقوق المدنية تاركين لدعواهم مع إلزامهم مصاريفها.