أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 576

جلسة 11 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، عبد الرحمن هيكل نائبي رئيس المحكمة، هشام البسطويسي ومحمود مكي.

(104)
الطعن رقم 32217 لسنة 68 القضائية

(1) تفتيش "التفتيش بغير إذن". مأمورو الضبط القضائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مواد مخدرة.
القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في تفتيش السيارات الخاصة بالطرق العامة. تحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها. ما دامت في حيازة أصحابها. لمأمور الضبط إيقاف السيارات المعدة للإيجار للتحقق من عدم مخالفة قانون المرور. بشرط مراعاة ضوابط الشرعية المقررة للعمل الإداري.
استيقاف مأمور الضبط السيارة الأجرة التي يستقلها الطاعن للاطلاع على تراخيصها. عسه في الأشياء المغلفة غير الظاهرة دون مبرر. يتسم بعدم المشروعية وانحراف بالسلطة. مخالفة الحكم ذلك. خطأ في القانون. يوجب نقضه.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "التفتيش بغير إذن". بطلان. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
بطلان القبض والتفتيش. مقتضاه: بطلان الدليل المستمد منه وعدم الاعتداد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل. أثر ذلك؟
عدم امتداد أثر الحكم للمحكوم عليه غيابياً. علة ذلك؟
مثال لحكم صادر بالبراءة من محكمة النقض في جريمة حيازة مواد مخدرة.
1 - من المقرر أن القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات إنما ينصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها، أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار - كالسيارة التي كان الطاعن ضمن راكبيها والتي ضبط فيها المخدر - فإن من حق مأموري الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور التي تمنع استعمال السيارات في غير الغرض المخصص لها وهو في مباشرته لهذا الإجراء إنما يقوم بدوره الإداري الذي خوله إياه القانون، إلا أن ذلك مشروط بمراعاة ضوابط الشرعية المقررة للعمل الإداري، فلا بد له أن يستهدف مصلحة عامة وأن يكون له سند من القانون وأن يلتزم بالحدود اللازمة لتحقيق غاية المشرع من منحه هذه الصلاحية وأن يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية وإلا وصف عمله بعدم المشروعية والانحراف بالسلطة، وإذ كان البين مما سرده الحكم المطعون فيه أن ضابط الواقعة استوقف السيارة الأجرة التي يستقلها الطاعن والمحكوم عليه الآخر ضمن ركابها لمباشرة اختصاصه الإداري في الاطلاع على التراخيص بيد أنه جاوز في مباشرته لهذا الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحه هذه الصلاحية ولم يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية بأن تعرض لحرية الأشخاص ومد بصره إلى أمتعة الركاب واستكشف الأشياء المغلقة غير الظاهرة دون مبرر، فإن تجاوزه لحدود الاطلاع على تراخيص السيارة إلى التحقيق من شخصيات ركابها وعسه في أمتعتهم المغلفة يتسم بعدم المشروعية وينطوي على انحراف بالسلطة فإذا تخلى الطاعن من بعد عن أمتعته - بإنكار صلته بها - فلا يمكن وصف هذا التخلي بأنه كان تخلياً إرادياً منه بل دفعه إلى الإجراء غير المشروع الذي سلكه ضابط الواقعة، وإذ كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه.
2 - لما كان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وبمصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989، دون أن يمتد أثر الحكم للمحكوم عليه الآخر الذي لم يكن له الحق في الطعن لصدور الحكم المطعون فيه غيابياً في حقه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من........ بوصف أنهما أحرزا بقصد الاتجار نباتاً من النباتات الممنوعة زراعتها "نبات الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول الطاعن وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما مبلغ خمسين ألف جنيه ومصادرة النباتات المخدرة المضبوطة باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة نبات مخدر مجرداً من القصود المسماة في القانون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه أطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر إحدى حالات التلبس بما لا يسوغ إطراحه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الملازم أول...... استوقف إحدى سيارات الأجرة للاطلاع على تراخيصها والتحقق من شخصية ركابها فأبصر في حقيبة السيارة كيساً من البلاستيك ارتاب في أمره فسأل قائد السيارة عن صاحبه وإذ أخبره بأنه للطاعن بادر بالاستفسار من الأخير عن ملكيته للكيس فأنكر ملكيته له وإزاء ذلك قام بفضه فوجد به كمية من نبات البانجو المخدر وجلباب في جيبه صور ضوئية من بطاقة الطاعن الذي أقر للضابط عند مواجهته له بحيازته للمضبوطات بالمشاركة مع المحكوم عليه الآخر المتواجد معه ضمن راكبي السيارة، وبعد أن سرد الحكم أقوال ضابط الواقعة وشاهدها الوحيد بما يتطابق مع هذه الصورة، عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه بقوله: إن الثابت من أقوال ضابط الواقعة والتي اطمأنت إليهما المحكمة أنه أبصر بشنطة السيارة كيساً من البلاستيك سأل قائد السيارة عن مالكه فقرر له أن المتهم الأول هو مالكه وقد نفى المتهم الأول صلته وملكيته بهذا الكيس ومن ثم حق للضابط أن يفض هذا الكيس ويتعرف على ما يحويه وقد فعل ذلك وعثر على النبات المخدر وعلى صورة ضوئية من البطاقة العائلية للمتهم الأول وبالتالي فقد قامت وتوافرت في حق المتهم الأول حالة تلبس كما هي معرفة به في صحيح القانون وحق بالتالي للضابط أن يقبض على المتهم الأول ويفتشه ومن ثم يكون الدفع السالف قائماً على غير سند من الواقع والقانون. لما كان ذلك وكان يبين مما أورده الحكم أن الضابط لم يتبين محتويات "الكيس" إلا بعد فضه عقب عسه في أمتعة الركاب المودعة في حقيبة السيارة. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارة إنما ينصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها، أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار - كالسيارة التي كان الطاعن ضمن راكبيها والتي ضبط فيها المخدر - فإن من حق مأموري الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور التي تمنع استعمال السيارات في غير الغرض المخصص لها وهو في مباشرته لهذا الإجراء إنما يقوم بدوره الإداري الذي خوله إياه القانون، إلا أن ذلك مشروط بمراعاة ضوابط الشرعية المقررة للعمل الإداري، فلا بد له أن يستهدف مصلحة عامة وأن يكون له سند من القانون وأن يلتزم بالحدود اللازمة لتحقيق غاية المشرع من منحه هذه الصلاحية وأن يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية وإلا وصف عمله بعدم المشروعية والانحراف بالسلطة، وإذ كان البين مما سرده الحكم المطعون فيه أن ضابط الواقعة استوقف السيارة الأجرة التي يستقلها الطاعن والمحكوم عليه الآخر ضمن ركابها لمباشرة اختصاصه الإداري في الاطلاع على التراخيص بيد أنه جاوز في مباشرته لهذا الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحه هذه الصلاحية ولم يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية بأن تعرض لحرية الأشخاص ومد بصره إلى أمتعة الركاب واستكشف الأشياء المغلفة غير الظاهرة دون مبرر، فإن تجاوزه لحدود الاطلاع على تراخيص السيارة إلى التحقق من شخصيات ركابها وعسه في أمتعتهم المغلقة يتسم بعدم المشروعية وينطوي على انحراف بالسلطة فإذا تخلى الطاعن من بعد عن أمتعته - بإنكار صلته بها - فلا يمكن وصف هذا التخلي بأنه كان تخلياً إرادياً منه بل دفعه إلى الإجراء غير المشروع الذي سلكه ضابط الواقعة، وإذ كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه. لما كان ما تقدم، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وبمصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989، دون أن يمتد أثر الحكم للمحكوم عليه الآخر الذي لم يكن له الحق في الطعن لصدور الحكم المطعون فيه غيابياً في حقه.