أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 610

جلسة الأول من يوليه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، أنس عمارة وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

(109)
الطعن رقم 27549 لسنة 69 القضائية

(1) دستور. دفوع "الدفع بعدم الدستورية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم الدستورية.
(2) سب وقذف. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
توفر القصد الجنائي في جريمة القذف. متى كانت المطاعن الصادرة من القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار.
مثال لافتراض العلم في جريمة القذف.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بعدم دستورية مواد الاتهام بما مضمونه أن جريمة القذف تتحقق بإسناد واقعة معينة إلى المجني عليه....... ويتحقق الإسناد بمجرد الإخبار بواقعة تحتمل الصدق والكذب، وفعل الإخبار يكفي وحده للمساس بشرف المجني عليه واعتباره، يستوي في ذلك أن ينسب الجاني الواقعة إلى المجني عليه باعتبارها من معلوماته الخاصة أو بوصفها رواية ينقلها عن الغير أو إشاعة يروجها. والأمر المسند إلى المجني عليه يجب أن يكون معيناً ومحدداً على نحو يمكن إقامة الدليل عليه، وهذه هي العلة التي من أجلها أوجب المشرع على القاذف - الذي يحتج بحسن نيته - أن يثبت كل فعل أسنده للمقذوف في حقه. والرأي الذي يصدر بعيداً عن الواقعة التي ينسبها الناقد إلى المجني عليه، يكون معه قد انحرف عن أصول حق النقد. كما يجب في الرأي أن يلتزم العبارة الملائمة والألفاظ المناسبة للنقد، وأن الجاني إذا استعمل العبارات الماسة بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فلا محل هنا للتحدث عن النقد المباح، وأن الفقرة "ب" من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أعطت المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي حال نظر الدعوى أمامها - إذا دفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة - أن تقدر مدى جدية الدفع، فإن رأت أنه غير جدي التفتت عن الدفع واستمرت في نظر الدعوى. والمحكمة - مصدرة الحكم المطعون فيه - قدرت عدم جدية الطعن، وذلك لما سلف بيانه، ولأن الطاعن أسند إلى المجني عليه - ....... - أن الرقابة على المصنفات أمنت عدم اعتراضه على فيلم "......" لانشغاله بمطاردة الناصحين له والغيورين عليه وانشغاله بتدمير...... وزعم أنه يستطيع القيام بدور جبهة علماء....... فلا هو فعل ولا ترك الجبهة تفعل، ونسب إليه - أي...... المدعي بالحقوق المدنية - أنه ملأ الدنيا ضجيجاً وعويلاً ولا ينظر إلا لذاته ومنصبه، وهي وقائع محددة يجب على الطاعن إثباتها، وأن القول بأن مواد الاتهام نقلت عبء الإثبات وخالفت مبدأ قرينة البراءة المفترضة في كل إنسان، وأهدرت مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وتغرس الخوف والفزع في نفوس أصحاب الرأي والممارسين لحق النقد العام مجرد أقوال مرسلة ومهاترات لفظية، فطالما أن الطاعن أسند وقائع محددة للمدعي بالحقوق المدنية فعليه إثباتها، ومن ثم فعدم الجدية تكون هي السمة للدفع بعدم دستورية مواد الإحالة ومن ثم تلتفت عنه المحكمة وهذا الذي أورده الحكم صائب لاتساقه مع مواد قانون المحكمة الدستورية، والمادة 16 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 التي تجعل لمحكمة الموضوع وحدها تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية.
2 - لما كان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة القذف يتوافر إذا كانت المطاعن الصادرة من القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار، فيكون علمه عندئذ مفترضاً. إضافة إلى قيام الدفاع لدى الطاعن بإسناد واقعة القذف - بطريق النشر - إلى المجني عليه، بإقراره في التحقيقات بوجود خلافات فقهية في الرأي الشرعي ورسالة...... بينه وبين...... - المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية - واعتقاده - أي الطاعن - الشخصي بأن....... هو الذي حل جبهة العلماء التي كان هو أميناً لها، وما اطمأنت إليه المحكمة من أن الطاعن اتجهت إرادته إلى إسناد الأمور التي ذكرها - ونشرها المتهم الآخر على لسانه - إلى...... مع علمه بها وأنها لو صحت لاستوجبت عقابه أو احتقاره لكونها عبارات شائنة في ذاتها لأنها وصفت....... الذي هو رمز من رموز الإسلام في مصر، وشيخ المسلمين بها - بأنه انشغل عن مهام منصبه بتدمير....... ومطاردة الناصحين له - واتهامه في عبارات تهكمية بأنه لا ينظر إلا لذاته ومنصبه....... وقام بتأميم جبهة العلماء وزعم بأنه يستطيع القيام بعملها ولم يفعل ما تقاعس هو عن فعله، ومن ثم فإن العلم يكون قائماً في حقه، وأنه سيئ النية فيما قذف به المجني عليه فلم يكن يبغي تحقيق مصلحة عامة، وهو ما يكفي لإدانته حتى لو كان في مقدوره إقامة الدليل على صحة وقائع القذف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - ...... 2 - ....... (طاعن) بأنهما قذفا في حق....... بطريق النشر وكان ذلك بسبب أداء مهام وظيفته بأن حرر الأول تحقيقاً صحفياً نشر في جريدة...... بعددها الصادر بتاريخ....... على لسان المتهم الثاني أسند إلى المجني عليه فيه وقائع لو صحت لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة....... قضت حضورياً عملاً بالمواد 171/ 5، 302/ 1، 303، 307 من قانون العقوبات أولاً: بتغريمهما عشرة آلاف جنيه عن التهمة المسندة إليهما. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القذف في حق موظف عام بسبب عمله - وألزمه بتعويض مدني مؤقت - قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع بعدم دستورية مواد الاتهام - لمخالفتها لمبدأ افتراض البراءة في الإنسان، ولإهدارها مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين ولمبالغتها في العقوبة، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه. وافترض توافر سوء النية لدى الطاعن فيما قذف به المجني عليه - المدعي بالحقوق المدنية - وهو ما لا يتفق والمنطق القانوني السليم - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بعدم دستورية مواد الاتهام بما مضمونه: أن جريمة القذف تتحقق بإسناد واقعة معينة إلى المجني عليه...... ويتحقق الإسناد بمجرد الإخبار بواقعة تحتمل الصدق والكذب، وفعل الإخبار يكفي وحده للمساس بشرف المجني عليه واعتباره، يستوي في ذلك أن ينسب الجاني الواقعة إلى المجني عليه باعتبارها من معلوماته الخاصة أو بوصفها رواية ينقلها عن الغير أو إشاعة يروجها. والأمر المسند إلى المجني عليه يجب أن يكون معيناً ومحدداً على نحو يمكن إقامة الدليل عليه، وهذه هي العلة التي من أجلها أوجب المشرع على القاذف - الذي يحتج بحسن نيته - أن يثبت كل فعل أسنده للمقذوف في حقه. والرأي الذي يصدر بعيداً عن الواقعة التي ينسبها الناقد إلى المجني عليه، يكون معه قد انحرف عن أصول حق النقد، كما يجب في الرأي أن يلتزم العبارة الملائمة والألفاظ المناسبة للنقد. وأن الجاني إذا استعمل العبارات الماسة بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فلا محل هنا للتحدث عن النقد المباح، وأن الفقرة "ب" من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أعطت المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي حال نظر الدعوى أمامها - إذا دفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة - أن تقدر مدى جدية الدفع، فإن رأت أنه غير جدي التفتت عن الدفع واستمرت في نظر الدعوى. والمحكمة - مصدرة الحكم المطعون فيه - قدرت عدم جدية الطعن، وذلك لما سلف بيانه، ولأن الطاعن أسند إلى المجني عليه أن الرقابة على المصنفات أمنت عدم اعتراضه على فيلم "......" لانشغاله بمطاردة الناصحين له والغيورين عليه وانشغاله بتدمير....... وزعم أنه يستطيع القيام بدور جبهة علماء.....، فلا هو فعل ولا ترك الجبهة تفعل، ونسب إليه - أي المدعي بالحقوق المدنية - أنه ملأ الدنيا ضجيجاً وعويلاً ولا ينظر إلا لذاته ومنصبه، وهي وقائع محددة يجب على الطاعن إثباتها. وأن القول بأن مواد الاتهام نقلت عبء الإثبات وخالفت مبدأ قرينة البراءة المفترضة في كل إنسان، وأهدرت مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وتغرس الخوف والفزع في نفوس أصحاب الرأي والممارسين لحق النقد العام مجرد أقوال مرسلة ومهاترات لفظية فطالما أن الطاعن أسند وقائع محددة للمدعي بالحقوق المدنية فعلية إثباتها، ومن ثم فعدم الجدية تكون هي السمة للدفع بعدم دستورية مواد الإحالة ومن ثم تلتفت عنه المحكمة. وهذا الذي أورده الحكم صائب لاتساقه مع مواد قانون المحكمة الدستورية، والمادة 16 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 التي تجعل لمحكمة الموضوع وحدها تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة القذف يتوافر إذا كانت المطاعن الصادرة من القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار، فيكون علمه عندئذ مفترضاً. إضافة إلى قيام الدافع لدى الطاعن لإسناد واقعة القذف - بطريق النشر - إلى المجني عليه بإقراره في التحقيقات بوجود خلافات فقهية في الرأي الشرعي ورسالة بينه وبين...... المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية - واعتقاده - أي الطاعن - الشخصي بأن هو الذي حل جبهة العلماء التي كان هو أميناً لها، وما اطمأنت إليه المحكمة من أن الطاعن اتجهت إرادته إلى إسناد الأمور التي ذكرها - ونشرها المتهم الآخر على لسانه - إلى...... مع علمه بها وأنها لو صحت لاستوجبت عقابه أو احتقاره لكونها عبارات شائنة في ذاتها لأنها وصفت...... الذي هو رمز من رموز الإسلام في مصر، وشيخ المسلمين بها - بأنه انشغل عن مهام منصب بتدمير...... ومطاردة الناصحين له - واتهامه في عبارات تهكمية بأنه لا ينظر إلا لذاته ومنصبه...... وقام بتأميم جبهة العلماء وزعم بأنه يستطيع القيام بعملها ولم يفعل ما تقاعس هو عن فعله، ومن ثم فإن العلم يكون قائماً في حقه، وأنه سيئ النية فيما قذف به المجني عليه فلم يكن يبغي تحقيق مصلحة عامة، وهو ما يكفي لإدانته حتى لو كان في مقدوره إقامة الدليل على صحة وقائع القذف. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً القضاء في موضوعه بالرفض مع مصادرة الكفالة.