أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 650

جلسة 19 من سبتمبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي نائبي رئيس المحكمة، حسن الغزيري ومصطفى محمد أحمد.

(119)
الطعن رقم 27492 لسنة 68 القضائية

(1) قانون "تفسيره". بنوك.
بنك الائتمان الدولي مصر. شركة مساهمة مصرية. أساس ذلك: قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 33 لسنة 1977.
(2) تزوير. عقوبة "توقيعها".
تزوير المحررات الصادرة من إحدى الجهات المبينة بالمادة 214 مكرراً عقوبات. جناية. عقوبتها السجن.
(3) تزوير. جريمة "أركانها".
احتواء الورقة على ما يفيد تدخل الموظف المختص في تحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته. كفايته لاعتباره تزويراً في محرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً عقوبات.
النعي بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى. غير مقبول.
(4) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى النتيجة التي خلص إليها.
(5) إثبات "بوجه عام". اشتراك. تزوير.
القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً.
الاشتراك في التزوير. لا يلزم التدليل عليه بأدلة مادية محسوسة. كفاية استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها. الجدل في ذلك. موضوعي. غير جائز أمام النقض.
(6) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. التفات المحكمة عنها. مفاده: إطراحها.
(7) إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي. أخذ المحكمة بدليل احتمالي. غير قادح فيه. ما دام أسس الإدانة على اليقين.
اطمئنان المحكمة في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير واستنادها إلى رأيه الفني بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير آخر. لا تثريب عليها إغفالها دفاع الطاعن بطلب ندب لجنة خبراء ثلاثية.
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ورود الشهادة على الحقيقة بأكملها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
1 - لما كانت المادة الأولى من قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 33 لسنة 1977 بالترخيص في تأسيس بنك الائتمان الدولي مصر "شركة مساهمة مصرية" قد جرى نصها على أن "يرخص بتأسيس بنك الائتمان الدولي - مصر شركة مساهمة مصرية للقيام بكافة الأعمال المصرفية - وجاء بعقد التأسيس في الافتتاحية منه والمادة السابعة أن البنك تأسس بالمشاركة بواقع النصف بين البنك الأهلي المصري "شركة مساهمة مصرية" وطرف آخر أجنبي "شركة مساهمة فرنسية".
2 - لما كانت المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات قد نصت على أن "كل تزوير أو استعمال يقع في محرر لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا وقع التزوير أو الاستعمال في محرر لإحدى الشركات أو الجمعيات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخرى إذا كانت للدولة أو إحدى الهيئات العامة نصيب في مالها بأية صفة كانت". وكان البين من هذا النص أن كل تزوير أو استعمال يقع في المحررات الصادرة من إحدى الجهات آنفة البيان أياً كانت، عقوبته السجن، وهي عقوبة مقررة للجناية بحسب التعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الجريمة في كل أحوالها جناية لا جنحة.
3 - من المقرر أنه يكفي لاعتبار المحرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرر آنفة الذكر، أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف المختص في تحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت لإثباته. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على الطاعن بوصف أنه اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير محررات إحدى الشركات المساهمة "بنك الائتمان الدولي" وارتكابه تزويراً في الشيكات البنكية أرقام.... وارتكابه تزويراً في طلبات فك الودائع...... ومن ثم فإن قيام المذكور بتغيير الحقيقة في تلك المحررات وتقديمها إلى الموظفين المختصين بالبنك الذين قاموا باعتمادها - يعد - في واقع الأمر تزويراً في محررات صادرة من أحد الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً عقوبات معاقب عليه بعقوبة السجن - وهي العقوبة المقررة للجناية - وفق ما سلف - ويكون منعى الطاعن بعدم اختصاص المحكمة نوعياً غير سديد.
4 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى اتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة التي عول عليها في الإدانة وأورد مؤداها - خلافاً لما ادعاه الطاعن بأسباب طعنه، وكان القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وإذ كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ارتكاب الطاعن لجريمة الاشتراك في تزوير محررات إحدى الشركات المساهمة فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب.
5 - من المقرر أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يثار أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضاء الإدانة، كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك، وكان أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير واستندت إلى رأيه الفني من أن الطاعن هو المحرر لبيان صلب الشيكات وبيانات صلب الطلبات المقدمة إلى البنك، وكذا الأسماء المقروءة....... الثابتة أسفل لفظ التوقيع بنهاية عبارات صلب الطلبات المؤرخة....... بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير آخر، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعن في شأن طلب ندب لجنة خبراء ثلاثية.
8 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون شأن تلك الشهادة - كما هو الحال في الدعوى - أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: - اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير محررات إحدى الشركات المساهمة "بنك الائتمان الدولي فرع........" وهي طلب الحصول على دفتر شيكات...... وتوقيع طلبات فك الودائع...... و....... والتوقيع على الشيكات البنكية...... وذلك بأن اتفق معه على إنشاء المحررات سالفة البيان والتوقيع عليها وساعده بأن أعطاه البيانات اللازمة فدونها ذلك المجهول وأمده بالتوقيع الصحيح لصاحب الحساب فقام بمحاكاته وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: - ارتكب تزويراً في الشيكات البنكية أرقام...... المنسوبة لبنك الائتمان الدولي - فرع....... - بأن قام بملء البيانات باسمه كمستفيد واستعمالها بأن تقدم بها للبنك المشار إليه سلفاً وصرف قيمتها من الحساب رقم...... ثالثاً: - ارتكب تزويراً في طلبات فك الودائع....... وذلك بأن قام بتحرير بياناتها واستعمالها بأن تقدم بها إلى الموظف المختص ببنك الائتمان الدولي فتم تحويلها بناء على ذلك إلى الحساب الجاري. رابعاً: - توصل إلى الاستيلاء على الأموال المبينة قدراً بالأوراق والمملوكة لـ...... وذلك بطريق الاحتيال لسلب ثروته بإيهام موظفي بنك الائتمان الدولي فرع........ بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وتمكن بناء على ذلك الإيهام من الاستيلاء على الأموال المملوكة للمجني عليه سالف الذكر. وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى رئيس مجلس إدارة بنك الائتمان الدولي بصفته قبل المتهم مدنياً بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 30، 32، 40/ 2 - 3، 41، 214 مكرراً، 215، 336/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعنت الأستاذة/ ...... المحامية عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات إحدى الشركات المساهمة وتزوير محررات عرفية والنصب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المدافع عن الطاعن قد دفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بواقعة الدعوى باعتبار أن المحررات المدعى بتزويرها لا تخضع لنص المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات وإنما تخضع لنص المادة 215 منه على أساس أن بنك الائتمان المدعى بوقوع جريمة التزوير بمحرراته ليس ممن عنتهم المادة الأولى - كما وأن المحررات المذكورة ليست من أوراق البنك وإنما تخص المجني عليه، هذا إلى أن الحكم لم يعن ببيان مؤدى الأدلة على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير، وأن مجرد تحرير الطاعن لبيانات الشيكات والطلبات المقدمة إلى البنك لا يدل على توافر عنصر الاشتراك والذي لم يجزم الخبير المنتدب به ولم تستجب المحكمة إلى طلب المدافع عن الطاعن بندب لجنة ثلاثية لرفع ما شاب التقرير من تناقض، كما وأن موظفي البنك شهدوا بأن المجني عليه كان يحضر بنفسه الصرف بصحبة الطاعن، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن المادة الأولى من قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 33 لسنة 1977 بالترخيص في تأسيس بنك الائتمان الدولي مصر "شركة مساهمة مصرية" قد جرى نصها على أن "يرخص بتأسيس بنك الائتمان الدولي - مصر شركة مساهمة مصرية - للقيام بكافة الأعمال المصرفية.. وجاء بعقد التأسيس في الافتتاحية منه والمادة السابعة أن البنك تأسس بالمشاركة بواقع النصف بين البنك الأهلي المصري "شركة مساهمة مصرية" وطرف آخر أجنبي "شركة مساهمة فرنسية". وكانت المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات قد نصت على أن "كل تزوير أو استعمال يقع في محرر لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا وقع التزوير أو الاستعمال في محرر لإحدى الشركات أو الجمعيات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخرى إذا كانت للدولة أو إحدى الهيئات العامة نصيب في مالها بأية صفة كانت". وكان البين من هذا النص أن كل تزوير أو استعمال يقع في المحررات الصادرة من إحدى الجهات آنفة البيان أياً كانت عقوبته السجن، وهي عقوبة مقررة للجناية بحسب التعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الجريمة في كل أحوالها جناية لا جنحة. وكان يكفي لاعتبار المحرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً آنفة الذكر، أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف المختص في تحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت لإثباته. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على الطاعن بوصف أنه اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير محررات إحدى الشركات المساهمة "بنك الائتمان الدولي" وارتكابه تزويراً في الشيكات البنكية أرقام..... وارتكابه تزويراً في طلبات فك الودائع.... ومن ثم فإن قيام المذكور بتغيير الحقيقة في تلك المحررات وتقديمها إلى الموظفين المختصين بالبنك الذين قاموا باعتمادها - يعد - في واقع الأمر تزويراً في محررات صادرة من أحد الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً عقوبات معاقب عليه بعقوبة السجن - وهي العقوبة المقررة للجناية - وفق ما سلف - ويكون منعى الطاعن بعدم اختصاص المحكمة نوعياً غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة التي عول عليها في الإدانة وأورد مؤداها - خلافاً لما ادعاه الطاعن بأسباب طعنه، وكان القانون لم يرسم شكلاًً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وإذ كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ارتكاب الطاعن لجريمة الاشتراك في تزوير محررات إحدى الشركات المساهمة، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يثار أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضاء الإدانة، كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك، وكان أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين. وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير واستندت إلى رأيه الفني من أن الطاعن هو المحرر لبيان صلب الشيكات وبيانات صلب الطلبات المقدمة إلى البنك، وكذا الأسماء المقروءة الثابتة أسفل لفظ التوقيع بنهاية عبارات صلب الطلبات المؤرخة....... بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير آخر، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعن في شأن طلب ندب لجنة خبراء ثلاثية ويضحى النعي على الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون شأن تلك الشهادة - كما هو الحال في الدعوى - أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.