أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 804

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البارودي، محمد أحمد حسن نائبي رئيس المحكمة، محمود رضوان ورضوان عبد العليم.

(146)
الطعن رقم 1450 لسنة 57 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي. أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) استجواب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاستجواب المحظور قانوناً ماهيته؟
تسجيل مأمور الضبط مما يبديه المتهم أمامه من أقوال في حق نفسه وغيره من المتهمين. لا يعد استجواباً.
(3) دفوع "الدفع بالتزوير". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بالتزوير. من وسائل الدفاع الموضوعية. تقديرها. موضوعي. طلب المتهم تمكينه من الطعن بالتزوير. غير ملزم للمحكمة. طالما استخلصت عدم الحاجة إليه.
مثال:
(4) إثبات "إنابة قضائية". محكمة الموضوع "نظرها الدعوى والحكم فيها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الإعراض عن تحقيق دفاع المتهم. مشروط بوضوح الواقعة أو كون التحقيق المطلوب غير منتج وإن تبين علة ذلك.
انتهاء الحكم إلى عدم إجابة طلب الإنابة القضائية مع عدم استناده إلى أدلة تتصل بشيء من الجزئيات المطلوب الإنابة فيها. لا إخلال بحق الدفاع.
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بأقوال شاهد فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان ما تساند إليه الحكم من أقوال الشهود سائغاً ومن شأنه أنه يؤدي إلى ما ترتب عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
2 - لما كان من المسلمات القانونية أن الاستجواب المحظور على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة ومناقشته تفصيلاً كيما يفندها أو يعترف إن شاء الاعتراف، وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أثبته العقيد.... بمحضر ضبط الواقعة من أقوال للمتهم لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أبداه أمامه وزميليه في حق نفسه وغيره من المتهمين في نطاق إدلائه بأقواله، وكان الحكم المطعون فيه إذ عرض لهذا الإجراء قد أورد عند قوله أنه "بأن للمحكمة من مطالعة المحضر المتقدم أن مشموله لا يعدو أن يكون إثباتاً للإجراءات التي اتخذت نفاذاً لأمر ضبط وإحضار المتهم - الطاعن - الصادر من النيابة العامة لاتهامه بقتل المجني عليه الوارد اسمه بذلك المحضر، ومناقشة المتهم دون أن يتضمن استجواباً له في مدلول الاستجواب قانوناً، بتوجيه أسئلة تفصيلية وإجابات تفصيلية"، فإن في ذلك ما يكفي رداً على هذا الدفع بما يجعله على غير سند من القانون، متعين الرفض.
3 - لما كان الدفع بالتزوير هو من وسائل الدفاع الموضوعية، التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها على بساط البحث، وأن طلب المتهم تمكينه من الطعن بالتزوير هو من قبيل طلبات التأجيل لاتخاذ إجراء بما لا يلزم المحكمة بالاستجابة إليه طالما قد خلصت من واقعات الدعوى وعناصرها إلى عدم الحاجة إليه، وهي متى انتهت إلى رأي معين واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك، وكان ما أورده الحكم في هذا الخصوص من أن المحكمة قد انتهت إلى تكوين عقيدتها من أدلة أخرى لا يندرج من بينها هذا المحضر وإنها لم تعول على ما جاء به، يعد سائغاً وسليماً في الأغراض عن إجابة هذا الطلب فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة.
4 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم الاستجابة إلى طلبه باتخاذ إجراءات الإنابة القضائية مردوداً بما هو مقرر من أنه ولئن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه، إلا أنه إذا كانت المحكمة قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فإن لها أن تعرض عنه مع بيان العلة في ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه وتعويله على ما طرح من أدلة الدعوى داخل البلاد، وخلص إلى أنه لا مجال لإجابة طلب الإنابة القضائية طالما أن قضاءه غير مستند إلى أدلة تتصل بشيء من هذه الجزئيات المطلوب الإنابة فيها، فإن دعوى القصور والإخلال بحق الدفاع، لا تكون مقبولة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: وهو مصري الجنسية قتل وثلاثة آخرون مجهولون - غير خاضعين لأحكام القانون المصري...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أداة راضه (عصا) وشريطاًً من البلاستيك اللاصق وحبلاً واستدرجه المتهم إلى مسكنه الذي كان يتربص فيه الثلاثة الآخرون مترقبين قدومه وما أن ظفروا به حتى قام أحدهم بضربة العصا على رأسه وأوثقوا قدميه ويديه وصدره بقوة شديدة بالحبل وكمموا فمه بالشريط اللاصق قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وكان القصد من هذه الجريمة ارتكاب جنحة وهي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر سرق والمتهمون الثلاثة الآخرون المجهولون المبلغ النقدي المبين قدراً بالتحقيقات المملوكة للشركة الفنية لقطع الغيار بإمارة أبو ظبي والذي كان يحوزه المجني عليه وقت تواجده بمسكن المتهم. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة باعتباره مرتكباً جريمة السرقة بإكراه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول المحكمة برقم.... القضائية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً عملاً بالمادتين 3، 314/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة باعتبار المتهم وآخرين مجهولين اقترفوا جريمة سرقة بإكراه ترك أثراً لجروح أدت لوفاة المجني عليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة سرقة بإكراه قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وقصور في البيان، ذلك بأن تساند في إدانة الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات من رجال الشرطة بالرغم من أن هذه الأقوال لا تخرج عن كونها ترديداً لاعتراف باطل أثبت بمحضر الاستدلالات وحصيلة استجواب باطل باشره مأمور الضبط القضائي خلافاً لما يوجبه القانون الذي لا يخولهم سوى سؤال المتهم، وقد تمسك الدفاع عن الطاعن بطلب تأجيل الدعوى للطعن بتزوير محضر الواقعة المتضمن إقراراً المتهم لرجال الشرطة بارتكاب الجريمة إلا أن المحكمة التفتت عن تحقيق هذا الدفاع بدعوى أنها قد تساندت في الأوراق إلى دليل مستقل عن المحضر المراد الطعن عليه بالتزوير، هذا إلى أن الدفاع تمسك باتخاذ إجراءات الإنابة القضائية للتحقق من مدى صحة الاعتراف المنسوب إلى الطاعن، بيد أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغه. الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال مأموري الضبط القضائي الثلاثة شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة وكافية لها معينها الثابت في الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بأقوال شاهد فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان ما تساند إليه الحكم من أقوال الشهود سائغاً ومن شأنه أنه يؤدي إلى ما ترتب عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المسلمات القانونية أن الاستجواب المحظور على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة ومناقشته تفصيلاً كيما يفندها أو يعترف إن شاء الاعتراف، وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أثبته العقيد....... بمحضر ضبط الواقعة من أقوال للمتهم لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أبداه أمامه وزميليه في حق نفسه وغيره من المتهمين في نطاق إدلائه بأقواله، وكان الحكم المطعون فيه إذ عرض لهذا الإجراء قد أورد عند قوله أنه "بأن للمحكمة من مطالعة المحضر المتقدم أن مشموله لا يعدو أن يكون إثباتاً للإجراءات التي اتخذت نفاذاً لأمر ضبط وإحضار المتهم - الطاعن - الصادر من النيابة العامة لاتهامه بقتل المجني عليه الوارد اسمه بذلك المحضر، ومناقشة المتهم دون أن يتضمن استجواباًً له في مدلول الاستجواب قانوناً، بتوجيه أسئلة تفصيلية وإجابات تفصيلية"، فإن في ذلك ما يكفي رداً على هذا الدفع بما يجعله على غير سند من القانون، متعين الرفض لما كان ذلك، وكان الدفع بالتزوير هو من وسائل الدفاع الموضوعية، التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها على بساط البحث، وأن طلب المتهم تمكينه من الطعن بالتزوير هو من قبيل التأجيل لاتخاذ إجراء بما لا يلزم المحكمة بالاستجابة إليه طالما قد خلصت من واقعات الدعوى وعناصرها إلى عدم الحاجة إليه، وهي متى انتهت إلى رأي معين واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك، وكان ما أورده الحكم في هذا الخصوص من أن المحكمة قد انتهت إلى تكوين عقيدتها من أدلة أخرى لا يندرج من بينها هذا المحضر وأنها لم تعول على ما جاء به، يعد سائغاً وسليماً في الإعراض عن إجابة هذا الطلب، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم الاستجابة إلى طلبه باتخاذ إجراءات الإنابة القضائية مردوداً بما هو مقرر من أنه ولئن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه، إلا أنه إذا كانت المحكمة قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فإن لها أن تعرض عنه مع بيان العلة في ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه وتعويله على ما طرح من أدلة الدعوى داخل البلاد، وخلص إلى أنه لا مجال لإجابة طلب الإنابة القضائية طالما أن قضاءه غير مستند إلى أدلة تتصل بشيء من هذه الجزئيات المطلوب الإنابة فيها، فإن دعوى القصور والإخلال بحق الدفاع، لا تكون مقبولة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.