أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 811

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة، نجاح نصار، محمد محمد يحيى ومجدي الجندي.

(147)
الطعن رقم 2736 لسنة 57 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى.
الجدل في تقدير الأدلة. موضوعي. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام محكمة الموضوع بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. كفاية القضاء بالإدانة رداً عليها.
(3) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي.
عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب استدعاء الطب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر في جانبها حاجة إلى ذلك.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري جواز العدول عنه.
(5) نقض "الحكم في الطعن".
تصحيح الحكم دون نقضه في حالة الخطأ في تطبيق القانون. المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959.
(6) تعويض "التعويض عن الضرر الأدبي". دعوى مدنية. ضرر. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
التعويض عن الضرر الأدبي شخصي. لا يتعدى المجني عليه ولا ينقل إلى غيره إلا بموجب اتفاق أو مطالبة قضائية. المادة 222 مدني.
(7) ضرب "ضرب أفضى إلى موت". خطأ. ضرر. مسئولية مدنية. دعوى مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الإخلال بمصلحة مالية للمضرور. وكون الضرر محققاً. شرطاً الحكم بالتعويض عن الضرر المادي.
خلو الحكم المطعون فيه من بيان أن المجني عليه كان يعول المدعية بالحقوق المدنية وقت وفاته على نحو مستمر دائم رغم قضائه بالتعويض المادي. قصور.
1 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ولما كان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن الثاني للجريمة المسندة إليه مطرحاً للأسباب السائغة التي أوردها لتلك الورقة الرسمية التي قدمها الطاعن وأراد بها التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي عولت عليها المحكمة فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة في استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها.
3 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها، ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
4 - من المقرر أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى جمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن الثاني... بالتعويض المدني عن جريمة الضرب التي دان الطاعن الأول.... وحده بها فإنه يكون قد أخطأ صحيح القانون، مما يتعين معه عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 سنة 1959 تصحيحه بقصر الإلزام بالتعويض والمصاريف عن الجريمة سالف الذكر على الطاعن.......
6 - من المقرر أن التعويض عن الضرر الأدبي الذي يصيب المجني عليه نتيجة الاعتداء الذي يقع عليه شخصي مقصور على المضرور نفسه لا يتعداه إلى سواه كما أنه لا ينتقل منه إلى الغير طبقاً للمادة 222 من القانون المدني إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء، ما لم يقل الحكم بتحقق شيء منه في الدعوى المطروحة ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن مورث المدعين بالحقوق المدنية قد ناله ضرراً أدبياً انتقل إلى ورثته فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
7 - من المقرر أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي أن يكون إخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون هذا الضرر محققاً، فإذا أصاب الضرر شخصاً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر فلا بد من توفر حق لهذا الغير يعتبر الإخلال به ضرراً أصابه، وإذن فالعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة لوفاة آخر هو أن يثبت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر دائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك في المستقبل كانت محققة فيقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائلة ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس. ولما كان الحكم المطعون فيه - حسبما سلف - قد خلا من بيان ذلك فإنه يكون معيباً فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعدا لهذا الغرض آلة راضه (كوريك سيارة وماسورة) وما إن ظفرا به حتى انهالا عليه ضرباً على رأسه قاصدين من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: المتهم الأول أيضاً ضرب... فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام (كوريك) وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ورثة المجني عليه الأول وهم..... و...... و..... عن نفسها وبصفتها وصية على القاصر.... بالحقوق المدنية قبل المتهمين بمبلغ مائة وخمسين ألف جنيه على سبيل التعويض. كما ادعى..... بالحقوق المدنية قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1، 2، 240/ 1، 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات. ثانياً: بإلزامها بأن يؤديا للمدعيين بالحقوق المدنية.... عن نفسها وبصفتها وصية على القاصر.... والبالغين.... و.... مبلغاً وقدره ثلاثين ألف جنيه مصري يوزع بينهما طبقاً للفريضة الشرعية: ثالثاً: بإلزامهما بأن يؤديا إلى... مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت باعتبارهما مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار والضرب البسيط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الضرب المفضي إلى الموت ودان الأول أيضاً بجريمة الضرب، وقد شابه خطأ في الإسناد وقصور في التسبيب واعتوره إخلال بحق الدفاع وتناقض وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه رغم تقرير الشاهد الثالث في التحقيقات بأنه لم يشهد الاعتداء على المجني عليهما فقد أحال الحكم في بيان أقواله على شهادة شاهدي الرؤية الأول والثاني، كما أدان الحكم الطاعنين استناداً إلى التقارير الطبية الابتدائية دون أن يورد مؤداها، وأطرح الشهادة الرسمية التي تفيد مرض الطاعن الثاني يوم الحادث وأقوال شهوده في هذا الشأن ورد عليها بما لا يسوغ اطراحها، ورفض طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ورد عليه برد قاصر فيه مصادرة على المطلوب، هذا إلى أنه ألزم الطاعن الثاني بالتعويض عن جريمة الضرب التي دان بها الطاعن الأول وحده، وقضى بالتعويض الأدبي الموروث في غير حالاته، كما لم يقم الدليل على توافر عناصر الضرر المادي الذي قضى بالتعويض عنه، فضلاً عن أنه نص على توزيع التعويض المقضى به عن الضرر الشخصي طبقاً للفريضة الشرعية على خلاف القانون، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعنين بها والضرب التي دان بها الطاعن الأول وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد شهادة شاهدي الرؤية - الشاهدين الأول والثاني - بإيراده نص شهادة الأول والإحالة عليها بالنسبة للشاهد الثاني, عرض لشهادة شقيقهما الشاهد الثالث بقوله "أنه شهد بمجمل أقوال أخوية، وقال إن المتهمين وفريقهما اعتدوا عليه وعلى أخويه وأبيه بالضرب وأن الذي أحدث إصاباته مجهول من أعوان المتهمين" وكان مؤدى أفراد الحكم أقوال الشاهد المذكور بيان خاص أن شهادته مغايرة لشهادة أخويه شاهدي الرؤية سالفي الذكر وأنها لم تكن عن رؤية وإلا شملتها الإحالة على أقوال الشاهد الأول مع بيان شهادة الشاهد الثاني, بما مفاده أن أقواله اتفقت مع أقوال شقيقي شاهدي الرؤية في الصورة الإجمالية للواقعة من حيث تطور إحداثها والمشاركين فيها بغير تحديد، وهو ما تفصح عنه أقواله في التحقيقات حسبما يبين من المفردات المضمومة, ومن ثم يضحى النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد بهذا الصدد في غير محله لا يساند الواقع في الدعوى.
لما كان ذلك، وكانت التقارير الطبية الابتدائية لم ترد ضمن الأدلة التي عول عليها الحكم في الإدانة والتي اقتصر في هذا الشأن على تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الأول والتقرير الطبي للمجني عليه الثاني ومن ثم فإن إشارة الحكم إليها في الوصف النهائي للجريمة ليس إلا تزيداً لا ينال من منطق الحكم أو سلامة تدليله خاصة وأن الطاعنين لا يدعيان بأن هناك تناقضاً بينهما وبين تقرير الصفة التشريحية ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في هذا الخصوص يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي لو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ولما كان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن الثاني للجريمة المسندة إليه للأسباب السائغة التي أوردها لتلك الورقة الرسمية التي قدمها الطاعن وأراد بها التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي عولت عليها المحكمة فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير مقبول - لما كان ذلك - وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء الفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها، ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعنين في هذا الشأن ورد عليه بما يسوغ رفضه فإن منعاهما في هذا الصدد يكون غير سديد. ولا يؤثر في ذلك أن تكون المحكمة قد أجلت الدعوى لاستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته بناء على طلب الدفاع ثم عدلت عن ذلك لأن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ما تقدم, فإن الطعن في خصوص الدعوى الجنائية يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن الثاني.... بالتعويض المدني عن جريمة الضرب التي دان الطاعن الأول...... وحده بها فإنه يكون قد أخطأ صحيح القانون، مما يتعين معه عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 سنة 1959 تصحيحه بقصر الإلزام بالتعويض والمصاريف عن الجريمة سالف الذكر على الطاعن الأول...... وحده. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدعوى المدنية المقامة من ورثة المجني عليه..... بقوله: "وحيث إنه وقد أدين المتهمان في جناية الضرب المفضي إلى الموت على ما تقدم. ومن ثم يتعين إلزامهما بتعويض المدعيين بالحق المدني - وهم ورثة...... آنفي الذكر - عن الضررين المادي والأدبي اللذين لحقا بهم من جراء فعل المتهمين غير المشروع وذلك عملاً بالمادة 163 من القانون المدني، وتقدر المحكمة المبلغ الجابر لهذه الأضرار - متضمناً المبلغ الجابر للضررين المادي والأدبي اللذين لحقا بالمجني عليه في لحظتي الإصابة والوفاة وما بينها، ويتمثلان فيما حاق به من انزعاج وما شعر به من آلام، وهو المبلغ الذي ورثه المدعون بالحق المدني - تقدر المحكمة مبلغ التعويض عن كل ما تقدم من أضراراً بثلاثين ألف من الجنيهات المصرية" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التعويض عن الضرر الأدبي الذي يصيب المجني عليه نتيجة الاعتداء الذي يقع عليه شخصي مقصور على المضرور نفسه لا يتعداه إلى سواه كما أنه لا ينتقل منه إلى الغير طبقاً للمادة 222 من القانون المدني إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء، مما لم يقل الحكم بتحقق شيء منه في الدعوى المطروحة ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن مورث المدعيين بالحقوق المدنية قد ناله ضرراً أدبياً انتقل إلى ورثته فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. هذا فضلاًَ عن أن الحكم المطعون فيه لم يبين - بصدد الدعوى المدنية - كيف أن فقد المجني عليه قد أخل بمصلحة مالية للمدعيين بالحقوق المدنية ومدى هذا الإخلال، وكان يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي أن يكون إخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون هذا الضرر محققاً، فإذا أصاب الضرر شخصاً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر فلا بد من توفر حق لهذا الغير يعتبر الإخلال به ضرراً أصابه، وإذن فالعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة لوفاة آخر هو أن يثبت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر دائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك في المستقبل كانت محققة فيقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائلة يقضى له بالتعويض على هذا الأساس. ولما كان الحكم المطعون فيه - حسبما سلف - قد خلا من بيان ذلك فإنه يكون معيباً فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب ويضحى منعى الطاعنين بصددهما في محله. لما كان ذلك، وكان لا يعرف أثر هذا الخطأ الذي تردت فيه محكمة الموضوع في تقديرها لمبلغ التعويض الذي قضت به، فإن حكمها يكون معيباً بما يتعين معه نقضه والإحالة في خصوص الدعوى المدنية بغير حاجة إلى التطرق لبحث سائر ما ينعاه الطاعنان على الحكم في صددها.