أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 829

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة، ناجي اسحق، فتحي خليفة وسرى صيام.

(150)
الطعن رقم 1425 لسنة 57 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". حريق عمد. سرقة.
حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته. عدم التزامه بطريق معين في الإثبات إلا إذا استوجب القانون ذلك.
خلو القانون من نص يوجب على المحكمة التقيد في إثبات جريمتي الحريق العمد والسرقة بطريق معين من طرق الإثبات. مؤدى ذلك؟
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال متهم على آخر متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
(3) محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "بطلان الحكم". بطلان.
خلو محضر الجلسة من إثبات الدفاع كاملاً. لا يعيب الحكم طالما لم يتمسك بإثباته في محضر الجلسة.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
صحة سماع أقوال أو شهادة متهم آخر في ذات الواقعة إذا كانت الدعوى الجنائية المرفوعة عليه قد انقضت بحكم بات. عدم جواز ذلك إذا لم تكن قد انقضت بهذا الحكم.
(5) نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أسباب الطعن يجب أن تكون واضحة محددة.
(6) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. كفاية الاستناد إلى أدلة الثبوت رداً على هذا الدفاع.
1 - من المقرر وفقاً لنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية أن القاضي الجنائي يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته، مما يطرح أمامه على بساط البحث في الجلسة، دون إلزام عليه بالتقيد بطريق معين من طرق الإثبات إلا إذا أوجب عليه القانون ذلك، أو حظر عليه سلوك طريق معين في الإثبات وإذ كان ذلك، وكان القانون قد خلا من نص يوجب على المحكمة التقيد في إثبات جريمتي الحريق العمد والسرقة بطريق معين من طرق الإثبات، فإن إثباتهما يكون بكافة الطرق تلك.
2 - من المقرر، أن من حق محكمة الموضوع الأخذ بالأقوال التي يدلي بها متهم في حق متهم آخر متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع، فإن النعي على المحكمة الاستناد في قضائها ذاك إلى أقوال المتهمة الأخرى، يكون بعيداً عن محجة الصواب ولو كان هو الدليل الوحيد قبل الطاعن.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم، وإلا لم تجز محاجتها من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله.
4 - من المقرر أنه يصح سماع أقوال أو شهادة متهم آخر في ذات الواقعة، إذا كانت الدعوى الجنائية المرفوعة عليه قد انقضت بحكم بات، فإن لم تكن قد انقضت بهذا الحكم فإنه لا يجوز سماع أقواله أو شهادته.
5 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه مواطن التناقض والكذب اللذين ادعى أنهما شابا أقوال المتهمة الأخرى، فإن نعيه بهذا الوجه لا يكون مقبولاً.
6 - المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم، وفي عدم إيراده لها ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: وضع النار عمداً مع أخرى سبق الحكم عليها - في مسكن.... بأن سكبا مادة قابلة للاشتعال (بنزين) وأشعلا به عوداً من الثقاب فامتدت النيران إلي محتويات المسكن المذكور وأحرقتها. ثانياً: سرق وأخرى الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها سالفة البيان من مسكنها بواسطة الكسر من الخارج. وأحالته إلي محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالمادتين 252، 316/ مكرراً ثالثاً من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمتي وضع النار عمداً في مسكن والسرقة منه، قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، ذلك بأنه عول في إدانته على أقوال المتهمة الأخرى في الدعوى دون دليل آخر, ورغم أن أقوالها قبله كانت بواقع الانتقام من والده الذي أكد اتهامها وأرشد الشرطة عن مكان اختفائها حيث ضبطت به كما أن المجني عليها لم تتهمه ولم يضبط لديه شيء من المسروقات التي وجدت في حوزة المتهمة الأخرى، وأن ما ضبط لديه من مجلات هي من المثليات المعروضة للبيع لدى الباعة وليست متعلقة بشخص بذاته، وطلب سماع شهادة المجني عليها وشقيقها وخلا محضر الجلسة من تدوين ذلك، وطلب سماع المتهمة الأخرى لمناقشتها، بيد أن المحكمة رفضت طلبه بما لا يصلح لرفضه, وأغفل الحكم التعرض للوقائع التي سردها الدفاع في مرافعته الشفوية وتفيد تناقض المتهمة الأخرى وكذبها, هذا إلى أنه لم يعرض لما قررته المجني عليها وشقيقها من أن المتهمة الأخرى هي التي ارتكبت الحادث وحدها، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، بين وقائع الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما قبله أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقاً لنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية أن القاضي الجنائي يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته، مما يطرح أمامه على بساط البحث في الجلسة، دون إلزام عليه بالتقيد بطريق معين من طرق الإثبات إلا إذا أوجب عليه القانون ذلك، أو حظر عليه سلوك طريق معين في الإثبات وإذ كان ذلك، وكان القانون قد خلا من نص يوجب على المحكمة التقيد في إثبات جريمتي الحريق والعمد والسرقة بطريق معين من طرق الإثبات، فإن إثباتهما يكون بكافة الطرق تلك، وإذ كان ذلك، وكان من المقرر هدياً بما تقدم، أن من حق محكمة الموضوع الأخذ بالأقوال التي يدلي بها متهم في حق متهم آخر متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع، فإن النعي على المحكمة الاستناد في قضائها ذاك إلى أقوال المتهمة الأخرى, يكون بعيداً عن محجة الصواب ولو كان هو الدليل الوحيد قبل الطاعن. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم، وإلا لم تجز محاجتها من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عرض لطلب المدافع عن الطاعن سماع أقوال المتهمة الأخرى ومناقشتها وأطرحه لما تبين له أن الحكم الصادر ضد المتهمة تلك، لم يصبح باتاً بعد - وهو ما لا ينازع الطاعن فيه - فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، لما هو مقرر من أنه يصح سماع أقوال أو شهادة متهم آخر في ذات الواقعة، إذا كانت الدعوى الجنائية المرفوعة عليه قد انقضت بحكم بات، فإن لم تكن قد انقضت بهذا الحكم - وهو الحال في الدعوى المعروضة - فإنه لا يجوز سماع أقواله أو شهادته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا الوجه من أوجه الطعن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه مواطن التناقض والكذب اللذين ادعى أنهما شابا أقوال المتهمة الأخرى، فإن نعيه بهذا الوجه لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك، وكان سائر ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه، مردوداً عليه بأن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم، وفي عدم إيراده لها ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.