أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 887

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة، ناجي اسحق، فتحي خليفة وسرى صيام.

(161)
الطعن رقم 4844 لسنة 55 القضائية

(1) إثبات "شهادة" "شهود". إجراءات "إجراءات التحقيق".
الشهادة. تعريفها؟ اقتضاؤها. القدرة على التمييز.
جواز رد الشاهد لعدم قدرته على التمييز. المادتان 82 إثبات، 287 إجراءات.
(2) عاهة عقلية. إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عاهة العقل. كفاية فقدان أي من الإدراك أو التمييز لتوافرها.
تمسك المتهم بعدم قدرة المجني عليه على التمييز وتقديمه تقريراً يظاهر ذلك. دفاع جوهري. التعويل على أقواله دون تحقيقه. إخلال بحق الدفاع.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
1 - الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحاسة من حواسه، فهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها، هو القدرة على تحملها، ولذا أجازت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، والتي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية، رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرمه أو لحداثة أو المرض أو لأي سبب آخر، مما لازمه أنه يتعين على محكمة الموضوع إذا هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية في قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها، للاستيثاق من قدرة الشاهد على تحمل الشهادة، أو أن ترد عليها بما يفيدها.
2 - القانون لا يتطلب في عاهة العقل أن يفقد المصاب بها الإدراك والتمييز معاً وإنما تتوافر بفقد إحداهما أو كلاهما، وكانت الطاعنة قد نعت على المجني عليه عدم القدرة على الشهادة لإصابته بمرض عقلي، وقرر المجني عليه عند سؤاله أمام محكمة أول درجة، أنه مصاب بحالة ضيق نفسي، وقدم صورة ضوئية لإخطار بإصابته بعجز جزئي مستديم، لم يبين كنهه وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة على ما يبين من الأوراق ومدونات الحكم، قد قعدت عن تحقيق قدرة المجني عليه - كشاهد - على التمييز، أو بحث خصائص إرادته وإدراكه العام استيثاقاً من تكامل أهليته للشهادة، وعولت - ضمن ما عولت عليه - في قضائها بالإدانة على شهادته، فإن ذلك يصم حكمها بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان أن يكون قد عول في الإدانة على أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ ما كان لذلك من أثر في عقيدة المحكمة في الرأي الذي انتهت إليه، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة في قضية الجنحة رقم.... بأنها ارتكبت - مع آخر - جريمة الزنا حالة كونها زوجة...... وطلبت معاقبتها بالمواد 40/ 2، 3، 41، 273، 274، 275، 276 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح.... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة ستة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاثين جنيهاً لإيقاف التنفيذ. استأنفت المحكوم عليها ومحكمة..... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهمة شهراً مع الشغل.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانها بجريمة الزنا، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول في إدانتها - فيما عول عليه - على الدليل المستمد من أقوال المجني عليه، دون تحقيق منازعتها القائمة حول عدم قدرة المجني عليه على التمييز لإصابته بمرض عقلي، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمتي أول وثاني درجة أن المدافع عن الطاعنة أثار دفاعاً بأن المجني عليه مصاب في قواه العقلية مما له أثر في حقيقة الواقعة. لما كان ذلك، وكان الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحاسة من حواسه، فهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها، هو القدرة على تحملها، ولذا أجازت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، والتي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية، رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرمه أو لحداثة أو المرض أو لأي سبب آخر، مما لازمه أنه يتعين على محكمة الموضوع إذا هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية في قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها، للاستيثاق من قدرة الشاهد على تحمل الشهادة، أو أن ترد عليها بما يفندها، وكان القانون لا يتطلب في عاهة العقل أن يفقد المصاب بها الإدراك والتمييز معاً، وإنما تتوافر بفقد أحدهما أو كلاهما، وكانت الطاعنة قد نعت على المجني عليه عدم القدرة على الشهادة لإصابته بمرض عقلي، وقرر المجني عليه عند سؤاله أمام محكمة أول درجة، أنه مصاب بحالة ضيق نفسي، وقدم صورة ضوئية لإخطار بإصابته بعجز جزئي مستديم، لم يبين كنهه وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة على ما يبين من الأوراق ومدونات الحكم، قد قعدت عن تحقيق قدرة المجني عليه - كشاهد - على التمييز، أو بحث خصائص إرادته وإدراكه العام استيثاقاً من تكامل أهليته للشهادة، وعولت - ضمن ما عولت عليه - في قضائها بالإدانة على شهادته، فإن ذلك يصم حكمها بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان أن يكون قد عولت في الإدانة على أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ ما كان لذلك من أثر في عقيدة المحكمة في الرأي الذي انتهت إليه، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث سائر ما تثيره الطاعنة في طعنها.