أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 908

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وحسن عميره وصلاح البرجى ومحمد حسام الدين الغريانى.

(167)
الطعن رقم 3164 لسنة 55 القضائية

(1) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى مدنية.
الحكم الاستئنافي الصادر في غيبة المتهم بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. حق المدعي بالحقوق المدنية الطعن فيه منذ صدوره. علة ذلك؟
(2) صحافة. مؤسسات صحفية. مؤسسات خاصة. مؤسسات عامة. موظفون عموميون. "استعمال سلطة الوظيفة في وقف تنفيذ الأحكام". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المؤسسات الصحفية مؤسسات خاصة لا عامة.
اعتبار المؤسسات الصحفية مؤسسات عامة حكماً لا فعلاً. في الأحوال المنصوص عليها حصراً في القانون.
اقتصار حكم المادة 123 عقوبات على الموظف العام فحسب.
الموظف العام. تعريفه؟
رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية والعاملون بها ليسوا في عداد الموظفين العموميين. أساس ذلك؟
1 - إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية لا يعتبر قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن المدعي بالحقوق المدنية بالنقض في الحكم من تاريخ صدوره جائز.
2 - إن المؤسسات الصحفية القومية لا تعدو أن تكون مؤسسات خاصة تملكها الدولة ويمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى، وهي وإن اعتبرت مؤسسات عامة - حكماً لا فعلاً - في الأحوال المستثناة المنصوص عليها في القانون على سبيل الحصر - إلا أن هذا الاستثناء لا يجعل منها مؤسسات عامة بتعريفها ومعناها ولا يجوز القياس عليه أو التوسع في تفسيره. لما كان ذلك وكان نطاق تطبيق المادة 123 من قانون العقوبات مقصوراً - وفق صريح نصها في فقرتيها - على الموظف العام كما هو معرف به في القانون - دون من في حكمه - فلا يدخل في هذا النطاق بالتالي العاملون بالمؤسسات الخاصة المعتبرة في حكم المؤسسات العامة لما هو مقرر من أن الموظف العام هو من يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، وكان رؤساء مجالس إدارة المؤسسات الصحفية القومية المملوكة ملكية خاصة للدولة - وكون هذه المؤسسات بمنأى عن الخضوع للجهاز الإداري - شأنهم شأن العاملين بها ليسوا في عداد الموظفين العاملين الذين يحكمهم ذلك النص، وكان تعيينهم من مجلس الشورى لا يسبغ عليهم هذه الصفة كما لا يتصف بها أحدهم لمجرد إقراره بتوافرها فيه ما دام المرجع في تعريفها إلى القانون وحده.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل ضد المطعون ضده بوصف أنه امتنع عن تنفيذ أحكام نهائية صادرة ضده بالمماطلة والتأخير وعرقلة التنفيذ لرفعه عدة قضايا إشكالات وطلب عقابه بالمادة 123 من قانون العقوبات وأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه علي سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياًً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وبعزله من وظيفته وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه علي سبيل التعويض المؤقت.
فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم منها وبرفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية لا يعتبر قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن المدعي بالحقوق المدنية بالنقض في الحكم من تاريخ صدوره جائز.
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة الامتناع عمداً عن تنفيذ حكم المعاقب عليها بنص المادة 123 من قانون العقوبات وبرفض الدعوى المدنية تأسيساً على أنه ليس موظفاً عاماً في حكم هذا النص قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن القانون قد أسبغ على رؤساء مجالس إدارة المؤسسات الصحفية القومية - وهي أجهزة إدارية تديرها الدولة - صفة الموظف العام فضلاً عن توافر هذه الصفة فيهم أصلاً بحكم أنهم يعينون بقرارات تصدر من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء ويمارسون نوعاً من السلطة باعتبارهم قائمين على مرفق عام تتبع في إدارته أساليب القانون العام وقد أقر المطعون ضده بهذه الصفة لديه في الدفع المبدى منه أمام محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها على خلاف حكم المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة قد نص في مادته الأولى على أن "الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع تعبيراً عن اتجاهات الرأي العام وإسهاماً في تكوينه وتوجيهه بمختلف وسائل التعبير…" كما نص في الفقرة الثانية من المادة 22 على أن "تعتبر المؤسسات الصحفية القومية والصحف القومية مملوكة ملكية خاصة للدولة ويمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى" كما نص في الفقرة الأولى من المادة 23 على أن "ينظم العلاقة بين المؤسسات الصحفية القومية وجميع العاملين بها من صحفيين وإداريين وعمال عقد العمل الفردي" وجاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون في شأن النصين الأخيرين أنه ضماناً لتحرير المؤسسات الصحفية القومية من النظم ولوائح القطاع العام وتمكيناً لها من الانطلاق في العمل الصحفي فقد عنى المشرع بالنص على أن تعتبر المؤسسة الصحفية القومية والصحف القومية مملوكة ملكية خاصة للدولة بمعنى ألا يخضع العاملون فيها لأحكام قانون العاملين المدنيين في الدولة فتكون علاقتهم بالمؤسسة علاقة تعاقدية يحكمها عقد العمل الفردي، كما نص في المادة 25 على أن "تكون لكل مؤسسة صحفية قومية الشخصية الاعتبارية ولها مباشرة جميع التصرفات القانونية لتحقيق أغراضها ويمثلها رئيس مجلس الإدارة" ثم نص في المادة 31 على أن يشكل مجلس إدارة المؤسسة الصحفية القومية من خمسة عشر عضواً من بينهم رئيس مجلس الإدارة ويختاره مجلس الشورى وجاء بالمذكرة الإيضاحية أنه روعي أن يقوم مجلس الشورى بصفته صاحب رأس المال بتعيين رئيس مجلس الإدارة. ومؤدى هذه النصوص مجتمعة وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون أن الصحافة وإن كانت سلطة مستقلة وقائمة على خدمة عامة باعتبارها وسيلة من وسائل التوجيه الاجتماعي والسياسي وتسهم في الترشيد للحلول الأفضل في كل ما يتعلق بصالح الوطن والمواطنين بيد أنها لا تخرج عن كونها سلطة شعبية مستقلة لا تخضع للجهاز الإداري، ولا تعدو المؤسسات الصحفية القومية أن تكون مؤسسات خاصة تملكها الدولة ويمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى. وهي وإن اعتبرت مؤسسات عامة - حكماً لا فعلاً - في الأحوال المستثناة المنصوص عليها في القانون على سبيل الحصر - إلا أن هذا الاستثناء لا يجعل منها مؤسسات عامة بتعريفها ومعناها ولا يجوز القياس عليه أو التوسع في تفسيره. لما كان ذلك، وكان نطاق تطبيق المادة 123 من قانون العقوبات مقصوراً - وفق صريح نصها في فقرتيها - على الموظف العام كما هو معرف به في القانون - دون من في حكمه - فلا يدخل في هذا النطاق بالتالي العاملون بالمؤسسات الخاصة المعتبرة في حكم المؤسسات العامة لما هو مقرر من أن الموظف العام هو من يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، وكان رؤساء مجالس إدارة المؤسسات الصحفية القومية المملوكة ملكية خاصة للدولة - وكون هذه المؤسسات بمنأى عن الخضوع للجهاز الإداري - شأنهم شأن العاملين بها ليسوا في عداد الموظفين العاملين الذين يحكمهم ذلك النص، وكان تعيينهم من مجلس الشورى لا يسبغ عليهم هذه الصفة كما لا يتصف بها أحدهم لمجرد إقراره بتوافرها فيه ما دام المرجع في تعريفها إلى القانون وحده، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 123 من قانون العقوبات لأن المطعون ضده - بوصفه رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر - ليس موظفاً عاماً في حكم هذا النص ورتب على ذلك رفض الدعوى المدنية قبله يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.