أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 935

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد رفيق البسطويسي نائبي رئيس المحكمة وفتحي خليفة وسرى صيام.

(172)
الطعن رقم 1455 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "تقديم الأسباب. ميعاده".
تقديم أسباب الطعن بعد الميعاد. أثره؟ عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) أمر الإحالة. بطلان. تحقيق. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
النقص أو الخطأ الذي يشوب أمر الإحالة في بيان اسم المتهم ولقبه وسنه وصناعته واختصاص مصدره. لا يترتب عليه البطلان. أساس ذلك؟
أمر الإحالة نهائي بطبيعته - مؤدى ذلك؟
(3) أمر الإحالة "إصداره". اختصاص. نيابة عامة.
الأصل في الإجراءات الصحة ما لم يقم دليل على خلاف ذلك. عدم إيجاب بيان اختصاص مصدر أمر الإحالة.
(4) تفتيش "إذن التفتيش - إصداره". بطلان. نيابة عامة. اختصاص "الاختصاص المكاني" "الاختصاص الوظيفي".
عدم إيجاب ذكر الاختصاص المكاني والوظيفي لوكيل النيابة مصدر إذن التفتيش.
شروط صحة إذن التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن أو شخص المتهم؟
(5) مواد مخدرة. جريمة "الجريمة المستمرة". تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه".
جريمة إحراز المخدر أو نقلها من الجرائم المستمرة. أثر ذلك؟
(6) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
1 - لما كانت النيابة العامة وأن قررت بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنها أودعت أسباب طعنها متجاوزة الميعاد المحدد في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، ومن ثم فإن طعنها يكون غير مقبول شكلاً.
2 - من المقرر أن النقص أو الخطأ الذي يشوب أمر الإحالة في بيان اسم المتهم ولقبه وسنه وصناعته واختصاص مصدر ذلك الأمر بإصداره، لا يترتب عليه البطلان، ما دام ليس من شأنه التشكيك في شخص المتهم واتصاله بالدعوى الجنائية المقامة ضده، لأنه وإن نصت المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يشمل أمر الإحالة اسم ولقب وسن المتهم ومحل ميلاده وصناعته، إلا إنها لم ترتب البطلان على خطأ أمر الإحالة فيها أو حصول نقص فيه بشأنها، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن أمر الإحالة نهائي بطبيعته، فلا محل للقول بوجود ضرر يستوجب بطلانه، وإلا ترتب على ذلك إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بقضاء الحكم، وهو غير جائز، وأن كل ما للمتهم أن يطلب إلى المحكمة استكمال ما فات أمر الإحالة بيانه وإبداء دفاعه بشأنه أمام المحكمة.
3 - لما كان الأصل في الإجراءات الصحيحة ما لم يقم دليل على خلاف ذلك، وكان القانون لا يوجب في نصوصه على مصدر أمر الإحالة، الإشارة فيه إلى اختصاصه، فإن النعي على الحكم بهذا كله، يكون على غير أساس.
4 - ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني والوظيفي مقروناً باسم وكيل النيابة الذي أصدر الإذن بالتفتيش، ولم يزعم أي الطاعنين أن وكيل النيابة ذلك لم يكن مختصاً وظيفياً أو مكانياً بإصدار الإذن، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان كل ما يشترطه القانون لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو فيما يتصل بشخصه، هو أن يكون مأمور الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون ثمة من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص قدر يبرر تعرض المحقق لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة.
5 - جريمة إحراز المواد المخدرة أو نقلها من الجرائم المستمرة، وبالتالي فإن وقوعها بدائرة مركز آخر، لا يخرجها عن اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش، ما دام تنفيذ هذا الإذن كان مقروناً باستمرارها في دائرة اختصاصه.
6 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان النعي على الحكم بدعوى عدم إيراد أقوال الشهود عدا الشاهد... والإحالة بالنسبة لأقوالهم إلى أقواله رغم تناقض أقوالهم مع أقواله، قد جاء خلواً من تحديد مواطن هذا التناقض، فإن النعي بهذا يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من..... و.... بأنهما: الأول أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "أفيون" في غير الأحوال المصرح بها قانوناًًًًًً.
المتهمان معاًًً: أحرزا وحازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلي محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبندين 9، 57 من الجدول رقم 1 الملحق وقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة عشر سنوات وبتغريم كل منهما ثلاث آلاف جنيه والمصادرة باعتبار أن الإحراز والحيازة بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المرفوع من النيابة العامة:
حيث إن النيابة العامة وإن قررت بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنها أودعت أسباب طعنها متجاوزة الميعاد المحدد في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، ومن ثم فإن طعنها يكون غير مقبول شكلاً.
ثانياً: عن الطعن المرفوع من المحكوم عليهما:
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دان أولهما بجريمة إحراز جوهري الحشيش والأفيون المخدرين ودان ثانيهما بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه البطلان والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن الأول دفع ببطلان أمر الإحالة لخلوه من بيان اسمه ولقبه وسنه وصناعته واختصاص مصدره وهي بيانات جوهرية يترتب على إغفالها بطلان أمر الإحالة وعدم قبول الدعوى الجنائية, وقد رد الحكم على ذلك بما لا يصلح رداً، كما دفع ببطلان إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة لعدم إشارة مصدره فيه إلى اختصاصه الوظيفي والمكاني، ولأنه جاء عن جريمة مستقبلة لاقتران تنفيذه بشرط وجود المتهمين بدائرة مركز أبي حماد، إذ أن كلاً منهما يقيم في دائرة مركز آخر وقد اطرح الحكم هذا الدفع بما لا يسوغ اطراحه، ولم يورد في مدوناته من أقوال الشهود إلا أقوال المقدم..... وأحال في شأن باقي أقوال الشهود إلى شهادته رغم تناقض شهاداتهم مع شهادته، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعات الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها, عرض للدفع بعدم قيام الدعوى الجنائية لبطلان أمر الإحالة لعدم الإشارة فيه إلى سن ومحل إقامة الطاعن الأول، وللدفع ببطلان إذن التفتيش على السياق الوارد في أسباب الطعن واطرح أولهما في قوله "أنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لأن أمر الإحالة لم يذكر سن المتهم ومحل إقامته، فهو مردود عليه بأن القصد من تحديد بيانات المتهم بأمر الإحالة، هو تحديد شخصه حتى لا يثور هناك لبس بينه وبين من يتشابه معه في الاسم، فإذا كان الإعلان قد تم للمتهمين وقد حضرا الجلسة بنفسيهما فإن الغرض من هذا الإجراء يكون قد تحقق بما يصبح معه هذا الدفع على غير أساس خليقاً بالرفض" واطرح ثانيهما في قوله "أنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة فمردود عليه بأن التحريات التي قام بها الضابط هي تحريات جدية وقد أورد الضابط بمحضره اسم كل من المتهمين وسنه ومحل إقامته, وأما بخصوص أن مصدره لم يوضح نطاق عمله وقد تجاوز اختصاصه وصدر عن جريمة احتمالية، فمردود عليه بأن الضابط بعد أن سطر تحرياته أشار بعرضه على السيد وكيل نيابة أبي حماد لاستصدار الإذن، بما مفاده أن مصدر هذا الإذن والمثبت بنهاية محضر التحريات، هو السيد وكيل نيابة أبي حماد وقد انصب الإذن على ضبط المتهمين حال تواجدهما بدائرة مركز أبي حماد، بما ينتفي معه القول بأن مصدر الإذن قد تجاوز اختصاصه، كما ينتفي القول كذلك بأنه قد صدر عن جريمة لم تقع بعد، لأن الثابت من محضر التحريات السابق على الإذن أن المتهمين يحوزان فعلاً مواد مخدرة وينتقلان بها في السيارة رقم...... شرقية، وقد ورد الإذن على هذه الجريمة التي وقعت بالفعل، وترقب وصولهما إلى دائرة مركز أبي حماد وضبطهما والقبض على من فيها وما بداخلها، ومن ثم كان هذا الدفع كذلك قائماً على غير أساس خليقاً بالرفض". لما كان ذلك، وكان النقض أو الخطأ الذي يشوب أمر الإحالة في بيان اسم المتهم ولقبه وسنه وصناعته واختصاص مصدر ذلك الأمر بإصداره، لا يترتب عليه البطلان، ما دام ليس من شأنه التشكيك في شخص المتهم واتصاله بالدعوى الجنائية المقامة ضده، لأنه وإن نصت المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يشمل أمر الإحالة اسم ولقب وسن المتهم ومحل ميلاده وصناعته، إلا أنها لم ترتب البطلان على خطأ أمر الإحالة فيها أو حصول نقص فيه بشأنها، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن أمر الإحالة نهائي بطبيعته، فلا محل للقول بوجود ضرر يستوجب بطلانه، وإلا ترتب على ذلك إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بقضاء الحكم، وهو غير جائز، وأن كل ما للمتهم أن يطلب إلى المحكمة استكمال ما فات أمر الإحالة بيانه وإبداء دفاعه بشأنه أمام المحكمة، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق مقبول وبتدليل سائغ إلى أن دعوى الجهالة في شخص المتهم ليس لها من محل - على السياق الذي أورده حسبما تقدم - وكان الطاعن الأول لم يزعم أن ما نعت به أمر الإحالة، قد جهل شخصه وصلته بالاتهام المرفوعة به الدعوى الجنائية، كما لم يذكر أن المحامي العام الذي أصدر أمر الإحالة ليس مختصاً بإصداره، وكان الأصل في الإجراءات الصحة ما لم يقم دليل على خلاف ذلك، وكان القانون لا يوجب في نصوصه على مصدر أمر الإحالة، الإشارة فيه إلى اختصاصه، فإن النعي على الحكم بهذا كله، يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد رد - على السياق البادي ذكره - على الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش الصادر من النيابة العامة لعدم إشارة مصدره فيه إلى اختصاصه الوظيفي والمكاني، بما يسوغ رفضه، فضلاً عن أنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني والوظيفي مقروناً باسم وكيل النيابة الذي أصدر الإذن بالتفتيش، ولم يزعم أي الطاعنين أن وكيل النيابة ذاك لم يكن مختصاً وظيفياً أو مكانياً بإصدار الإذن، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
لما كان ذلك وكان كل ما يشترطه القانون لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو فيما يتصل بشخصه، هو أن يكون مأمور الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون ثمة من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص قدر يبرر تعرض المحقق لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، وكان الواضح من مدونات الحكم أن الجريمة التي دان الطاعنين بها كانت قد وقعت حين أصدرت النيابة العامة الإذن بالضبط والتفتيش بدلالة ما نقله الحكم عن محضر التحريات من أن الطاعنين يحرزان بالفعل كمية من المواد المخدرة, وأن إذن التفتيش الصادر من وكيل نيابة مركز أبي حماد، إنما صدر لضبط الطاعنين حال نقل الجواهر المخدرة بالسيارة إلى دائرة اختصاصه, فإن ما استخلصه الحكم من أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعنين لا لضبط جريمة مستقبلة أو احتمالية يكون استخلاصاً سائغاً، باعتبار أن جريمة إحراز المواد المخدرة أو نقلها من الجرائم المستمرة، وبالتالي فإن وقوعها بدائرة مركز آخر, لا يخرجها عن اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش، ما دام تنفيذ هذا الإذن كان مقروناً باستمرارها في دائرة اختصاصه وهو الحال في الدعوى المطروحة، وإذ اعتنق الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون بمنأى عن الخطأ في القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان النعي على الحكم بدعوى عدم إيراد أقوال الشهود عدا الشاهد..... والإحالة بالنسبة لأقوالهم إلى أقواله رغم تناقض أقوالهم مع أقواله، قد جاء خلواً من تحديد مواطن هذا التناقض، فإن النعي بهذا يكون غير مقبول، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.