أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 983

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم البنا، مسعد الساعي نائبي رئيس المحكمة، الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن.

(179)
الطعن رقم 2809 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد. دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الرشوة. قيامها: يكفي فيه أن يكون للموظف نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض منها.
مثال لتسبيب سائغ لإثبات توافر الاختصاص بما يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة.
(3) عقوبة "تقديرها" "العقوبة المبررة". ارتباط. رشوة. تموين. استيلاء. تزوير "تزوير المحررات الرسمية". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إدانة الطاعن بجرائم الرشوة والإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب وتسهيل الاستيلاء على مال للدولة المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها وتوقيعه عليه عقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد. إثارة الطاعن عدم توافر جريمة الإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب. لا جدوى منه.
(4) نقض "الطعن بالنقض. ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
للنيابة العامة - فيما يختص بالدعوى الجنائية - الطعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية. أساس ذلك؟
(5) غرامة "تقديرها". ظروف مخففة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المادة 17 من قانون العقوبات تجيز إبدال العقوبات المقيدة للحرية وحدها. في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف.
(6) عقوبة "العقوبة التكميلية" "تطبيقها". تعويض.
العقوبة الأصلية المقررة للجريمة الأشد. تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون العقوبات التكميلية. علة ذلك؟
(7) عقوبة "تطبيقها". فاعل أصلي. اشتراك. رشوة.
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. طبيعتها؟ وجوب القضاة بها على كل من ساهم في الجريمة فاعلاً أو شريكاً وبالتضامن عند تعدد الجناة.
(8) نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". ظروف مشددة. عقوبة "تطبيقها".
إغفال القضاء بعقوبة الغرامة والرد والعزل بالنسبة لبعض المحكوم عليهم رغم إعمال المادة 32 من قانون العقوبات. خطأ في القانون. يوجب تصحيحه. عملاً بالمادة 39/ 1 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - لما كان الطاعنين الثاني والثالث...... و...... وإن قررا بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ولما كان التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه، فإن الطعن المقدم من كلا الطاعنين المذكورين يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي لتوافر الاختصاص في هذه الجريمة أن يكون للموظف نصيب يسمح له بتنفيذ الغرض منها ولما كان الثابت مما أورده الحكم أن الطاعن - وهو رئيس قسم الاحتياجات ونائب رئيس مكتب تموين منية النصر - قام بتعيين المتهم الثاني - وهو مفتش تموين - مشرفاً على توزيع حصة الدقيق صورياً، وأدرج بدفتر الإخطارات وسجل الزيارات وبونات صرف الدقيق - على خلاف الحقيقة قيام المتهمين الثاني والثالث بتوزيعها على جمهور المستهلكين، نفاذاً لما اتفق المتهمون عليه من التصرف في الحصة بتسليمها للمتهم الرابع لقاء رشوة قدرها 420 جنيهاً، فإن الحكم يكون قد أثبت ما يتوافر به الاختصاص الذي يسمح للطاعن بتنفيذ الغرض من الرشوة.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه - وقد دان الطاعن بجرائم الرشوة والإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته وتسهيل الاستيلاء على مال للدولة بغير حق المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها - قد أوقع عليه عقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد جريمة الإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته.
4 - إن المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية.
5 - إن مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة.
6 - الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو إذا كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد.
7 - إن الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من هذا القانون، وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، يقضي بها على كل من يساهم في الجريمة - فاعلاً كان أو شريكاً - فإذا تعدد الجناة كانوا جميعاً متضامنين في الالتزام بها.
8 - إن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 104 من قانون العقوبات بالنسبة للمطعون ضده الرابع، كما أعمل حكم المادة 32 من ذات القانون ولم يوقع على المطعون ضدهم الثلاثة الأول عقوبة العزل من وظائفهم، فضلاً عن أنه لم يقض بتغريمهم والمطعون ضده الرابع متضامنين مبلغ 841.500 جنيه وبإلزامهم برد مثل هذا المبلغ يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه تصحيحه وفقاً للقانون ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى وذلك عملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ........ 2 - ......... 3 -....... 4 - ....... بأنهم: المتهمون الثلاثة الأول: بصفتهم موظفين عموميين "الأول وكيل مكتب تموين منية النصر والثاني مفتش تموين بها والثالث وكيل فرع الجمعية التعاونية الاستهلاكية بالدراكة "مركز منية النصر". 1 - طلب المتهم الأول لنفسه وللمتهمين الثاني والثالث جعلاً على سبيل الرشوة وأخذوا مبلغ أربعمائة وعشرين جنيهاً من المتهم الرابع للإخلال بواجبات وظيفتهم مقابل تسليمه خمسة وخمسين شكارة دقيق فاخر زنة 68 كيلو جرام من الكمية المقرر صرفها لجمهور المستهلكين طبقاً لنظام معين. 2 - أخلو عمداً بتوزيع سلعة الدقيق الفاخر وكانوا مسئولين ومعهود إليهم بتوزيعها وفقاً لنظام معين حالة كونها متعلقة بقوت الشعب. 3 - سهلوا للمتهم الرابع الاستيلاء بغير حق على مبلغ 841.500 ثمانمائة واحد وأربعين جنيهاً وخمسمائة مليم قيمة ما تدعمه الدولة لكمية خمسة وخمسين شيكارة دقيق فاخر زنة 68 كيلو جرام وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة هما أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر 1 - ارتكبوا أثناء تأديتهم لوظيفتهم تزويراً في محررات رسمية هي دفتر الإخطارات وسجل الزيارات وبونات صرف حصص الدقيق الفاخر لفرع الجمعية التعاونية الاستهلاكية بالدراكة بأن اتفقوا فيما بينهم على جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويره بأن أثبت الثاني على خلاف الحقيقة إشرافه على توزيع مائة وثمانية شيكارة دقيق فاخر ووقع على الدفتر سالف الذكر بما يفيد صحة ذلك واصطنع الثالث بونات صرف لكمية خمسة وخمسين شيكارة دقيق فاخر زنة 68 كيلو جرام على غرار البونات الصحيحة وشفع البونات ببصمة خاتم الجمعية التعاونية الاستهلاكية بالدراكة حال تحريرها المختصين بوظيفتهم. 1 - استعملوا المحررات المزورة سالفة الذكر بأن قدموها للمختصين للمحاسبة على أساسها مع علمهم بتزويرها - المتهم الرابع (1) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثلاثة الأول في ارتكاب الجنايتين الموضحتين بالتهمتين الثانية والثالثة المسندة إليهم وذلك بأن اتفق مع المتهم الأول على شراء كمية الدقيق الفاخر وقدرها خمسة وخمسين شيكارة زنة 68 كيلو جرام وساعدهم على ذلك بأن استلم الكمية سالفة الذكر ودفع ثمنها. 2 - أعطى المتهمين الثلاثة الأول بصفتهم سالفة الذكر أربعمائة وعشرين جنيهاً على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفتهم مقابل حصوله على كمية خمسة وخمسين شيكارة دقيق فاخر من الكمية المقرر صرفها لجمهور المستهلكين بنظام معين وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا..... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني والثالث وغيابياً للرابع عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 103، 104، 107 مكرراً، 110؛ 111/ 1، 113/ 1، 2، 116/ 1، 2، 118، 118 مكرراً؛ 119/ ب، 119 مكرراًً ( أ ) 211، 213، 214 من قانون العقوبات والمادة 92 فقرة (جـ) مكرراً من القانون رقم 109 لسنة 1975 مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل من المتهمين الثلاثة الأول ألفي جنيه وبمصادرة مبلغ الرشوة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول في هذا الحكم بطريق النقض.
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الثاني والثالث....... و...... وإن قررا بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ولما كان التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه فإن الطعن المقدم من كلا الطاعنين المذكورين يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الرشوة والإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته وتسهيل الاستيلاء على مال للدولة بغير حق المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم لم يستظهر اختصاص الطاعن بالعمل الذي طلب الرشوة لأدائه وأغفل ما أثاره الدفاع من عدم اختصاصه بهذا العمل، هذا إلى أن السلعة موضوع الجريمة الثانية ليست متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: أنه قد ورد لفرع الجمعية التعاونية الاستهلاكية بالدراكة حصتان من الدقيق الفاخر والذي يوزع استرشاداً بالبطاقات التموينية وبحضور أحد مفتشي التموين وعضو بالمجلس المحلي بالناحية. وقد وردت الحصة الأولى وقدرها ثلاثة وخمسون جوالاً بتاريخ...... والحصة الثانية وقدرها خمسة وخمسون جوالاً وردت يوم...... وتحدد لبيعها يوم..... وقد تم الاتفاق بين المتهمين على التصرف في الحصة الثانية وقدرها خمسة وخمسون جوالاً للمتهم الرابع مقابل رشوة قدرها 420 جنيه. وقد تسلم المتهم الثالث تلك الحصة وقام بتوصيلها لمحل المتهم الرابع لقاء هذا المبلغ، ونفاذاً لذلك عين المتهم الأول - الطاعن - بصفته رئيس قسم الاحتياجات ونائب رئيس مكتب تموين منية النصر المتهم الثاني مشرف على توزيع تلك الكمية صورياً وقد أدرج بدفتر الإخطارات وسجل الزيارات وبونات صرف حصة الدقيق على خلاف الحقيقة إنهما قاما (المتهم الثاني والثالث) بتوزيعها على جمهور المستهلكين حال كون الدقيق من السلع المتعلقة بقوت الشعب واحتياجاته". ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة السائغة وهي شهادة...... المفتش بمكتب تموين منية النصر و....... رئيس قسم الرقابة التموينية بمراقبة تموين منية النصر و....... مفتش التموين بذات المراقبة، واعتراف المتهمين الثاني والثالث بتحقيقات النيابة العامة، وما ثبت من الاطلاع على دفتر الإخطارات وسجل تفتيش الزيارات للجمعية سالفة الذكر. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي لتوافر الاختصاص في هذه الجريمة أن يكون للموظف نصيب يسمح له بتنفيذ الغرض منها ولما كان الثابت مما أورده الحكم أن الطاعن - وهو رئيس قسم الاحتياجات ونائب رئيس مكتب تموين منية النصر - قام بتعيين المتهم الثاني - وهو مفتش تموين - مشرفاً على توزيع حصة الدقيق صورياً، وأدرج بدفتر الإخطارات وسجل الزيارات وبونات صرف الدقيق - على خلاف الحقيقة قيام المتهمين الثاني والثالث بتوزيعها على جمهور المستهلكين، نفاذاً لما اتفق المتهمون عليه من التصرف في الحصة بتسليمها للمتهم الرابع لقاء رشوة قدرها 420 جنيهاً، فإن الحكم يكون قد أثبت ما يتوافر به الاختصاص الذي يسمح للطاعن بتنفيذ الغرض من الرشوة وما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - وقد دان الطاعن بجرائم الرشوة والإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته وتسهيل الاستيلاء على مال للدولة بغير حق المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها - قد أوقع عليه عقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد جريمة الإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه...... يكون - برمته - على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية، ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون جائزاً بالنسبة للمطعون ضده الرابع..
وحيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المطعون فيه - وقد دان المطعون ضدهم بجرائم الرشوة والإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته وتسهيل الاستيلاء على مال للدولة بغير حق المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها - أغفل القضاء بتغريم المطعون ضده الرابع ضعف الغرامة المقررة بالمادة 103 من قانون العقوبات ولم يقض بعزل المطعون ضدهم الثلاثة الأول من وظائفهم إعمالاً للمادة 118 من ذات القانون كما لم يقض بإلزامهم والمطعون ضده الرابع متضامنين برد مبلغ 841.500 جنيهاً وبتغريم مثل هذا المبلغ.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجرائم الرشوة والإخلال عمداً بنظام توزيع سلعة متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الدولة المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها، التي دان المطعون ضدهم بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة، انتهى إلى عقابهم طبقاً للمواد 40/ 2، 3، 41، 103، 104، 107 مكرراً، 110، 111/ 1، 113/ 1 - 2، 116/ 1، 2، 118 مكرراً 119/ ب، 119 مكرراًً 211، 213، 214 من قانون العقوبات والمادة 92/ جـ مكرراً من القانون رقم 109 لسنة 1975 ثم أوقع عليهم عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات لكل منهم وقضى بتغريم كل من المطعون ضدهم الثلاثة الأول ألفي جنيه وبمصادرة مبلغ الرشوة المضبوط، وذلك بالتطبيق للمادتين 17، 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت عقوبة الراشي طبقاً لما تنص عليه المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات هي المقررة للمرتشي, وهي - في الدعوى المطروحة طبقاً للمادة 104 من قانون العقوبات - الأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة المذكورة في المادة 103 من ذات القانون، وإذ كان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة. لما كان ذلك، وكانت المادة 118 من قانون العقوبات قد أوجبت - إلى جانب الحكم بالعقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113/ 1، 2، 4، 113 مكرراً/ 1، 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117/ 1 - عزل الجاني من وظيفته أو زوال صفته كما أوجبت الحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113/ 1، 2، 4، 113 مكرراً/ 1، 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه, وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو إذا كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد. هذا إلى إن الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من هذا القانون، وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، يقضي بها على كل من يساهم في الجريمة - فاعلاً كان أو شريكاً - فإذا تعدد الجناة كانوا جميعاً متضامنين في الالتزام بها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 104 من قانون العقوبات بالنسبة للمطعون ضده الرابع، كما أعمل حكم المادة 32 من ذات القانون ولم يوقع على المطعون ضدهم الثلاثة الأول عقوبة العزل من وظائفهم، فضلاً عن أنه لم يقض بتغريمهم والمطعون ضده الرابع متضامنين مبلغ 841.500 جنيهاً وبإلزامهم برد مثل هذا المبلغ يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه تصحيحه وفقاً للقانون ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى وذلك عملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.