أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 757

جلسة 20 من أكتوبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، فتحي جودة، محمد عبد العال نواب رئيس المحكمة وحمدي أبو الخير.

(141)
الطعن رقم 28947 لسنة 68 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
التقرير بالطعن بالنقض دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) محاماة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها".
وجوب الاستعانة بمحام لكل متهم بجناية حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا شكلياً. أساس ذلك وعلته؟
توقيع عقوبة الغرامة على كل محام منتدباً كان أو موكلاً عن المتهم إذا لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه. المادة 375 إجراءات.
(3) محاماة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". وكالة.
متى عهد المتهم إلى محام بمهمة الدفاع. على المحكمة سماعه. إذا استأجل ورأت المحكمة ألا تجيبه وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلبه. علة ذلك؟
حضور محامي الطاعنين جلسة المرافعة الأخيرة واقتصاره على طلب التأجيل للاطلاع وتقديم مذكرات. قضاء المحكمة بالإدانة دون تنبيه الدفاع لرفض طلبه. يبطل إجراءات المحاكمة. لا يغير من ذلك تصريح المحكمة بتقديم مذكرة بدفاعهما.
(4) دعوى "دعوى جنائية". إجراءات " إجراءات المحاكمة". نقض "أثر الطعن".
إجبار الخصوم على تقديم مذكرات في دفاعهم. غير جائز. وجوب أن يكون الدفاع شفاهة. علة ذلك؟
اتصال وجه الطعن بمحكوم عليه قضي بعدم قبول طعنه شكلاً. أثره: امتداد أثر الطعن إليه.
عدم امتداد أثر الطعن لمن صدر الحكم غيابياً في حقه. علة ذلك؟
1 - لما كان الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - لما كانت المادة 67 من الدستور توجب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه، وكان من القواعد الأساسية التي يوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية أحيلت لنظرها أمام محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي، تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا تتحقق ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه، وحرصاً من الشارع على ضمان فاعلية هذا الضمان الجوهري فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام منتدباً كان أم موكلاً من قبل متهم يحاكم في جناية، إذا هو لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم، وذلك فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضاها الحال.
3 - حيث إنه متى عهد المتهم إلى محام بمهمة الدفاع عنه، فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته، وإذا استأجل نظر الدعوى ورأت المحكمة ألا تجيبه إلى طلبه، وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي دفاعه أو يتخذ ما يشاء من إجراءات يمليها عليه واجبه ويراها كفيلة بصون حقوق موكله. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحامي الحاضر مع كل من الطاعنين قد اقتصر على طلب التأجيل للاطلاع ولتقديم مذكرات في الدعوى ولم يترافع عنهما أو يقدم أي وجه من وجوه المعاونة لهما، وكان إن قررت المحكمة حجز القضية للحكم وانتهت إلى إدانة الطاعنين دون أن تنبه المدافع عن كل منهما إلى رفض طلب التأجيل، فإن حق المتهم في الاستعانة بمدافع، وهو أيضاً واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية، يكون قد قصر عن بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، حتى تتاح للطاعنين فرصة إبداء دفاعهما على الوجه المبسوط قانوناً، ولا يمنع من ذلك أن تكون المحكمة قد صرحت للطاعنين بتقديم مذكرة بدفاعهما في فترة حجز الدعوى للحكم.
4 - لما كان لا يصح في الدعاوى الجنائية بعامة، وفي مواد الجنايات بخاصة، أن يجبر الخصوم على الاكتفاء بالمذكرات في دفاعهم، لأن الأصل في تلك الدعاوى أن يكون الدفاع شفاهاً، إلا أن يطلبوا هم تقديمه مسطوراً، اعتباراً بأن القضاء الجنائي إنما يتعلق في صميمه بالأرواح والحريات، وينبني في أساسه على اقتناع القاضي وما يستقر في وجدانه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة لجميع الطاعنين بما فيهم الأول الذي قضى بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، دون باقي المحكوم عليهم لكون الحكم بالنسبة لهم غير نهائي لصدوره عليهم غيابياً يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فلا يمتد إليهم القضاء بنقض الحكم المطعون فيه قبل الطاعنين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: أولاً: المتهمون من الأول حتى الرابع بأنهم: أ - بصفتهم موظفين عموميين الأول مدير بنك قرية...... والثاني مندوباً بالبنك والثالث كاتب حسابات به والرابع صراف بذات الجهة سهلوا للمتهم الخامس الاستيلاء بدون وجه حق وبنية التملك على أموال مملوكة للبنك بأن مكنوه من الحصول على قرض وسلف نقدية قدرها....... جنيهاً بأن وافقوا على صرفها بالمخالفة للأصول المصرفية المعمول بها مما ترتب عليه استيلائه على تلك المبالغ وقد ارتبطت هذه الجناية بجناية التزوير في محررات رسمية ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر - 1 - المتهمان الأول والرابع بصفتهما سالفة الذكر ارتكبا أثناء تأدية وظيفتهما تزويراً في محررات رسمية هي إذن الصرف 42 - ج المبينة بالتحقيقات بأن أثبتا بها اسم المتصرف ورقم التوكيل على خلاف الحقيقة مع علمهما بذلك. 2 - المتهم الثاني بصفته سالفة الذكر ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محررات رسمية هي المعاينات المبينة بالتحقيقات وكان ذلك بطريق تغيير المحررات بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة اسم المتهم الخامس وحيازته لأراضي بناحية البحيرة وأنها منزرعة مع علمه بتزويرها. 3 - المتهم الثالث بصفته سالفة الذكر ارتكب في أثناء تأديته وظيفته تزويراً في محررات رسمية هي بطاقات الحيازة الزراعية الخاصة بالعملاء بأن قام بالتأشير عليها بما يصير مطابقتها لسجل 2، 4 خدمات زراعية على خلاف الحقيقة مع علمه بذلك ب - أضروا عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها بأن وافقوا على صرف قرض وسلف نقدية لغير مستحقيها وبالمخالفة للأصول المصرفية المعمول بها مما ترتب عليه حرمان تلك الجهة من هذه المبالغ. ثانياً: - المتهم الخامس: 1 - بصفته موظفاً عمومياً حارس بنك...... فرع...... استولى بغير حق على الأموال المبينة بالتحقيقات والبالغ قدرها....... والمملوكة لبنك....... ب - ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي التوكيلات الخاصة بأرقام...... ومكاتبات الجمعية الزراعية بناحية....... بأن أثبت بالتوكيلات اسم الموكل والغرض من الوكالة على خلاف الحقيقة ووقع زوراً بأسمائهم عليها وفي دفاتر التصديق على التوقيعات المودعة بمكتب الشهر العقاري والتوثيق بـ...... كما قام بتدوين الإفادات الخاصة بالعملاء........ بأن الأرض خاصتهم منزرعة بالمخالفة للبيانات الواردة في حصر الحيازة في زراعة خدمات ونسبتها زوراً للمختصين بالجمعية الزراعية بناحية....... جـ - قلد بواسطة غيره خاتم الجمعية الزراعية بناحية....... واستعمله بالبصم به على الإفادات المار بيانها بالوصف (ب). د - استعمل المحررات المزورة سالفة البيان بأن قدمها للمختصين ببنك...... وصرف بموجبها المبالغ المبينة بالتحقيقات. ثالثاً: - المتهم السادس: بصفته موظفاً عمومياً بالشهر العقاري...... ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محررات رسمية هي التوكيلات...... بأن أثبت توقيع الموكلين أمامه على خلاف الحقيقة ودون بيانات هذه التوكيلات بدفاتر التصديق على التوقيعات مع علمه بتزويرها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات...... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 113/ 1، 2، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرر ب، 206/ 1، 206 مكرر، 211، 212، 214 من قانون العقوبات ومع أعمال نص المادتين 17، 32 من ذات القانون، أولاً: حضورياً بمعاقبة كلاً من...... وغيابياً لكل من المتهمين....... بالإشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبعزله من وظيفته. ثانياً: - حضورياً بمعاقبة..... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامه بأن يرد للجهة المجني عليها مبلغ...... وبتغريمه مبلغ يعادل ذلك المبلغ وبعزله من وظيفته. ثالثاً: - غيابياً بمعاقبة...... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. رابعاً: - بمصادرة الأوراق والمحررات المزورة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول....... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني...... والثالث..... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إنه إذا دان أولهما بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام ارتبطت ارتباطاً لا يقبل التجزئة بجناية التزوير في محررات رسمية، ودان ثانيهما بجرائم الاستيلاء بغير حق على مال عام والتزوير في محررات رسمية واستعمالها وتقليد خاتم إحدى المصالح الحكومية واستعماله، قد شابه بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة حجزت الدعوى للحكم وصرحت بتقديم مذكرات خلال شهر دون أن تسمع دفاع الطاعنين بالجلسة مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة 10 من مايو سنة 1998 أن محام حضر مع كل من الطاعنين وطلب التأجيل للاطلاع وتقديم مذكرات في الدعوى، إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب وحجزت الدعوى للحكم لجلسة تالية وصرحت بتقديم مذكرات ومستندات خلال شهر، لما كان ذلك، وكانت المادة 67 من الدستور توجب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه، وكان من القواعد الأساسية التي يوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية أحيلت لنظرها أمام محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا تتحقق ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه. وحرصاً من الشارع على ضمان فاعلية هذا الضمان الجوهري فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام منتدباً كان أم موكلاً من قبل متهم يحاكم في جناية إذا هو لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم، وذلك فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال، وأنه متى عهد المتهم إلى محام بمهمة الدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته وإذا استأجل نظر الدعوى ورأت المحكمة ألا تجيبه إلى طلبه وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي دفاعه أو يتخذ ما يشاء من إجراءات يمليها عليه واجبه ويراها كفيلة بصون حقوق موكله، لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحامي الحاضر مع كل من الطاعنين قد اقتصر على طلب التأجيل للاطلاع ولتقديم مذكرات في الدعوى ولم يترافع عنه أو يقدم أي وجه من وجوه المعاونة له، وكان إن قررت المحكمة حجز القضية للحكم وانتهت إلى إدانة الطاعنين دون أن تنبه المدافع عن كل منهما إلى رفض طلب التأجيل فإن حق المتهم في الاستعانة بمدافع، وهو أيضاً واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية يكون قد قصر عن بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، حتى تتاح للطاعنين فرصة إبداء دفاعهما على الوجه المبسوط قانوناً، ولا يمنع من ذلك أن تكون المحكمة قد صرحت للطاعنين بتقديم مذكرة بدفاعهما في فترة حجز الدعوى للحكم ذلك أنه لا يصح في الدعاوى الجنائية بعامة، وفي مواد الجنايات بخاصة، أن يجبر الخصوم على الاكتفاء بالمذكرات في دفاعهم، لأن الأصل في تلك الدعاوى أن يكون الدفاع شفاهاً، إلا أن يطلبوا هم تقديمه مسطوراً، اعتباراً بأن القضاء الجنائي إنما يتعلق في صميمه بالأرواح والحريات، وينبني في أساسه على اقتناع القاضي وما يستقر في وجدانه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، وذلك بالنسبة لجميع الطاعنين بما فيهم الأول الذي قضى بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به، وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، دون باقي المحكوم عليهم لكون الحكم بالنسبة لهم غير نهائي لصدوره عليهم غيابياً يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فلا يمتد إليهم القضاء بنقض الحكم المطعون فيه قبل الطاعنين.