أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 800

جلسة 4 من نوفمبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، فريد عوض علي عوض نواب رئيس المحكمة وسيد الدليل.

(151)
الطعن رقم 1609 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". نيابة عامة. استئناف.
حق النيابة العامة في الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي ولو كان الاستئناف مرفوعاً من المتهم وحده. شرطه؟
مثال.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "وصف الحكم". محكمة ثاني درجة "الإجراءات أمامها".
وجوب حضور المتهم بنفسه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. المادة 237 إجراءات.
الأصل أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من محكمة ثاني درجة واجبة التنفيذ فوراً.
حضور وكيل عن الطاعن أمام محكمة ثاني درجة. اعتبار الحكم غيابياً. ولو وصفته المحكمة بأنه حضوري. أساس ذلك؟
(3) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". نيابة عامة.
الحكم الاستئنافي الغيابي الصادر بالبراءة. حق النيابة العامة في الطعن فيه بالنقض منذ تاريخ صدوره. علة ذلك؟
(4) بناء. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
الإعفاء من الغرامة في جرائم البناء. شرطه؟
القضاء بالبراءة رغم تخلف شرط الاستفادة بأحكام المادة الثالثة من القانون 30 لسنة 1983. خطأ في تطبيق القانون. أثره؟
1 - من المقرر أنه إذا فوتت النيابة العامة على نفسها حق استئناف حكم محكمة أول درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضي وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض. إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر - بناء على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم محكمة أول درجة فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاء واحداً أما إذا ألغي الحكم الابتدائي في الاستئناف أو عدل، فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاء جديداً منفصلاً تماماً عن قضاء محكمة أول درجة ويصبح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالنقض من جانب النيابة مع مراعاة ألا يبنى على طعنها - ما دامت لم تستأنف حكم محكمة أول درجة - تسوئ مركز المتهم. لما كان ذلك وكانت النيابة العامة - الطاعنة - وإن ارتضت الحكم الصادر من محكمة أول درجة بحبس المطعون ضده سنة مع الشغل عن التهمة المسندة إليه بعدم استئنافها إلا أنه لما كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده فقد غدا هذا حكماً قائماً بذاته مستقلاً عن ذلك الحكم الذي ارتضته النيابة وبالتالي يكون طعنها فيه جائزاً.
2 - لما كانت الفقرة الأولى من المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقرار بقانون رقم 170 لسنة 1981 قد أوجبت حضور المتهم بنفسه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه في صدور الحكم به - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - باعتبار أن الأصل أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من محكمة ثاني درجة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها ومن ثم وعلى الرغم من حضور وكيل عن المطعون ضده فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر بالنسبة له - غيابياً - وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري على خلاف الواقع، إذ العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في المنطوق.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بالبراءة لا يعتبر أنه قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن النيابة العامة فيه بالنقض من تاريخ صدوره جائز.
4 - إن مفاد نص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 - التي عدلت بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانونين رقمي 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 - أن شرط التمتع بالإعفاء من الغرامة أن يكون المخالف قد تقدم بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة خلال المدة التي انتهت في 7 من يونيه سنة 1987 عن أعمال لا تتجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه وقعت قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 في 8 من يونيه سنة 1983 - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم الابتدائي - القاضي بحبس المتهم سنة مع الشغل وبراءة المطعون ضده استناداً إلى توافر شروط تطبيق المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 سالفة الذكر رغم أن الأعمال المخالفة - على ما يبين من وصف التهمة - قد وقعت في 11 من يوليو سنة 1990 - أي في تاريخ لاحق على سريان القانون رقم 30 لسنة 1983 - وبالتالي يتخلف شرط من شروط الاستفادة بالأحكام المقررة بالمادة الثالثة من ذلك القانون ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الخطأ الذي تردى فيه الحكم قد حجب المحكمة عن بحث عناصر الدعوى وأدلتها فإنه يتعين نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه هدم وأقام بناء بغير ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمواد 1، 4، 22/ 1، 22 مكرر (2)، 29 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 ومحكمة جنح البلدية...... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ. استأنف ومحكمة....... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إنه ولئن كان من المقرر أنه إذا فوتت النيابة العامة على نفسها حق استئناف حكم محكمة أول درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضي وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر - بناء على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم محكمة أول درجة فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاءً واحداً أما إذا ألغي الحكم الابتدائي في الاستئناف أو عدل، فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاء جديداً منفصلاً تماماً عن قضاء محكمة أول درجة ويصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالنقض من جانب النيابة مع مراعاة ألا يبنى على طعنها - ما دامت لم تستأنف حكم محكمة أول درجة - تسوئ مركز المتهم. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة - الطاعنة - وإن ارتضت الحكم الصادر من محكمة أول درجة بحبس المطعون ضده سنة مع الشغل عن التهمة المسندة إليه بعدم استئنافها إلا أنه لما كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده فقد غدا هذا الحكم قائماً بذاته مستقلاً عن ذلك الحكم الذي ارتضته النيابة وبالتالي يكون طعنها فيه جائزاًً.
ومن ناحية أخرى لما كان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد استأنف الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة بحبسه سنة مع الشغل عن تهمتي الهدم والبناء بدون ترخيص. وبجلسة 28 من مارس سنة 1991 وهي الجلسة التي حددت لنظر استئنافه تخلف عن الحضور ومثل عنه محام فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 23 من مايو سنة 1991 لحضوره بشخصه فتخلف عن الحضور ومثل عنه محام فأجلت الدعوى لجلسة 10 من أكتوبر سنة 1991 لذات السبب فلم يحضر بشخصه فأصدرت محكمة ثاني درجة بذات الجلسة حكمها المطعون فيه موصوفاً بأنه حضوري بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقرار بقانون رقم 170 لسنة 1981 قد أوجبت حضور المتهم بنفسه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به - كما هو الحال في الدعوى المطروحة باعتبار أن الأصل أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من محكمة ثاني درجة واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها ومن ثم وعلى الرغم من حضور وكيل عن المطعون ضده فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر بالنسبة له - غيابياً - وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري على خلاف الواقع، إذ العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في المنطوق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بالبراءة لا يعتبر أنه قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن النيابة العامة فيه بالنقض من تاريخ صدوره جائز.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمتي هدم وإقامة بناء بدون ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه تساند في قضائه إلى نص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 في حين أن الأعمال المخالفة مثار الاتهام وقعت في تاريخ لاحق على العمل بأحكام هذا القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
حيث إن مفاد نص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 - التي عدلت بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانونين رقمي 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 - أن شرط التمتع بالإعفاء من الغرامة أن يكون المخالف قد تقدم بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة خلال المدة التي انتهت في 7 من يونيه سنة 1987 عن أعمال لا تتجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه وقعت قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 في 8 من يونيو سنة 1983. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم الابتدائي - القاضي بحبس المتهم سنة مع الشغل وبراءة المطعون ضده - استناداً إلى توافر شروط تطبيق المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 سالفة الذكر رغم أن الأعمال المخالفة - على ما يبين من وصف التهمة - قد وقعت في 11 من يوليو سنة 1990 - أي في تاريخ لاحق على سريان القانون رقم 30 لسنة 1983 - وبالتالي يتخلف شرط من شروط الاستفادة بالأحكام المقررة بالمادة الثالثة من ذلك القانون ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الخطأ الذي تردى فيه الحكم قد حجب المحكمة عن بحث عناصر الدعوى وأدلتها فإنه يتعين نقضه والإعادة.