أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 828

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوي، عبد الرؤوف عبد الظاهر، عمر الفهمي نواب رئيس المحكمة ونادي عبد المعتمد.

(158)
الطعن رقم 10055 لسنة 62 القضائية

(1) اختلاس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي. لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس. علة ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". اختلاس.
الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
عدم بيان الحكم بوضوح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها والوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن واكتفائه بالإحالة إلى قوائم الجرد دون إيراد مضمونها واتخاذه من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس وتعويله على أقوال شهود الإثبات دون إيراد مؤداها ووجه استدلاله بها. قصور.
1 - من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي أو من في حكمه لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر.
2 - لما كانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والنتيجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها والمنتجة للمبلغ الذي حدده تقرير الخبير المنتدب والوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن واكتفى في ذلك بالإحالة إلى قوائم الجرد دون أن يورد مضمونها واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي لديه. فضلاً عن أنه عول في الإدانة - ضمن ما عول عليه - على أقوال شهود الإثبات دون أن يورد مؤدى ما شهدوا به ووجه استدلاله بها على الجريمة التي دان الطاعن بها. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه بصفته موظفاً عمومياً "أمين عهدة مجمع..... التابع لشركة...... للمجمعات الاستهلاكية "اختلس البضائع المبينة بالأوراق والتي تبلغ قيمتها...... جنيهاً والمملوكة للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة - وأحالته إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا ب....... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 2/ أ، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً هـ من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وبإلزامه برد مبلغ 6501.97 "ستة آلاف وخمسمائة وواحد جنيهاً وتسعون قرشاً لشركة..... للمجمعات الاستهلاكية وبتغريمه مبلغ 10560.879" عشرة آلاف وخمسمائة وستين جنيهاً وثمانمائة وتسعة وسبعين مليماً.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الاختلاس قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه جاء قاصراً في بيان الواقعة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها ولم يورد أدلة الإدانة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن وقائع الدعوى تخلص في أنه خلال الفترة من 11/ 7/ 1990 وحتى 19/ 6/ 1991 عهدت شركة...... للمجمعات الاستهلاكية إلى المتهم...... القيام بعمل أمين عهدة مجمع....... يقوم باستلام البضائع الواردة للمجمع وعرضها للبيع على الجمهور بواسطة بونات يتم تحويل قيمتها بخزينة المجمع بمعرفة الصراف. وقد بلغت قيمة العهدة المسلمة إليه مبلغ 41177.90 جنيه فاختلس بعضها لنفسه وباع بعضها طبقاً لنظام البيع المعمول به وتم توريد ثمن ما تم بيعه. وقد أسفر جرد العهدة عن بيان قيمة ما تم اختلاسه فبلغت 10560.879 جنيهاً قام بسداد مبلغ 4059.782 جنيهاً من قيمة العجز المختلس ولم يسدد الباقي البالغ قيمته 6501.097 جنيهاً حسبما استبان من تقرير الخبير في الدعوى واستظهرته المحكمة من الأوراق.." واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى تقرير الخبير الذي ندبته المحكمة وإلى أقوال الشهود كل من...... المفتش المالي و...... المراقب العام بمجمعات....... - و....... مراقب متابعة البلاغات بالشركة المذكورة وإلى قوائم جرد الشركة لعهدة المتهم. وحصل الحكم مؤدى تقرير الخبير المنتدب في قوله "إن المتهم عمل بالشركة المجني عليها كأمين عهدة البقالة خلال الفترة من 11/ 7/ 1990 وحتى 19/ 6/ 1991 وقد بلغت قيمة العهدة المسلمة إليه 41177.90 جنيهاً فاختلس بعضها وباع بعضها وقد أسفر جرد العهدة عن بيان قيمة العجز فبلغت 10560.879 جنيهاً سدد منها مبلغ 4059.782 جنيهاً ولم يسدد باقي المبلغ.." لما كان ذلك وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي أو من في حكمه لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر. وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها والمنتجة للمبلغ الذي حدده تقرير الخبير المنتدب. والوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن واكتفى في ذلك بالإحالة إلى قوائم الجرد دون أن يورد مضمونها واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي لديه. فضلاً عن أنه عول في الإدانة - ضمن ما عول عليه - على أقوال شهود الإثبات دون أن يورد مؤدى ما شهدوا به ووجه استدلاله بها على الجريمة التي دان الطاعن بها. لما كان ذلك. فإن الحكم يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة.