أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1065

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة ومحمود رضوان وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.

(193)
الطعن رقم 1511 لسنة 57 القضائية

(1) تزوير. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التزوير في محرر رسمي. تحققها بمجرد إعطاء الورقة شكل الورقة الرسمية ومظهرها ولو نسبت زوراً إلى موظف للإيهام برسميتها. كفاية أن يتدخل الموظف في تحريرها بها يوهم أنه باشر إجراءاته في حدود سلطته.
(2) تزوير "أوراق رسمية". أحوال مدنية.
تغيير الحقيقة في السجلات والبطاقات وكافة المستندات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960. تزوير في أوراق رسمية.
أساس ذلك؟
(3) تزوير. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التزوير المعاقب عليه. استلزامه دراية خاصة لكشفه. غير لازم. يستوي أن يكون التزوير واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن. ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس. مثال:
(4) اشتراك. جريمة. عقوبة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لا جدوى من نعي الطاعن من أنه شريك في الجريمة وليس فاعلاً لها. ما دامت العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها المقررة للشريك. المادة 41 عقوبات.
(5) تزوير. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب ندب خبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام" "اعتراف"
حق القاضي أن يأخذ بأقوال متهم في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها فيما بعد.
(8) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
1 - لما كان لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل يكفي لتحقيق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفي في هذا المقام أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاته في حدود اختصاصه.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية تعد أوراقاً رسمية فكل تغيير فيها يعتبر تزويراً في أوراق رسمية يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات ويخرج عن نطاق المادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960.
3 - لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يستلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في قضائه هذه القواعد القانونية واطرح، دفاع الطاعن في شأن تكييف الواقعة وما دفع به من عدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى للأسباب السائغة التي أوردها، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً.
4 - لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من أنه شريك في الجريمة وليس فاعلاً لها لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها المقررة للشريك طبقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات.
5 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها وكان ما يسوقه الطاعن من مطاعن على تقرير أبحاث التزييف والتزوير ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة هذا الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب.
7 - لما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن من حق القاضي أن يأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك فإن كل ما نعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
8 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة والتي لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم من خطأ في الإسناد فيما أورده بشأن ضبط أحبار وأختام بمنزله إذ أنه بغرض قيام هذا الخطأ فإنه لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: وهو ليس من أرباب الوظائف العموميين ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البطاقة الشخصية رقم 85554 سجل مدني الدرب الأحمر وذلك بطريق الاصطناع بأن أنشأها على غرار البطاقة الشخصية الصحيحة وأثبت بها بيانات لمتهم آخر. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ومحكمة جنايات..... قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 211، 212 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
.فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التزوير في محرر رسمي قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم ساءل الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً في واقعة اصطناع البطاقة محل الدعوى طبقاً لنص المادة 211 من قانون العقوبات مع أن الأفعال التي دلل الحكم على إسنادها إليه لا تعدو الاشتراك في جنحة ينطبق عليها نص المادتين 217، 224 من قانون العقوبات والمادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960 وقد دفع لهذا السبب بعدم اختصاص محكمة الجنايات نوعياً بنظرها. كما أن التغيير الذي حدث بالبطاقة الشخصية وقع مفضوحاً وبطريقة ظاهرة لا ينخدع فيها أحد مما ينتفي معه قيام جريمة التزوير. هذا بالإضافة إلى أن المحكمة دانت الطاعن أخذاً بنتيجة تقرير المعمل الجنائي بالرغم من أنه بني على الاستنتاج ولم تستجب لما طلبه المدافع عنه من إعادة القضية لقسم أبحاث التزييف والتزوير لإعادة إجراء المضاهاة. هذا فضلاً عن أن الحكم عول على أقوال الشهود على الرغم من عدم معرفتهم بالطاعن وعلى المتهم الثاني بالرغم من عدوله عنه بتحقيقات النيابة. وأخيراً فقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة في حقه من ضبط أختام وأحبار وهو ما لا أصل له في الأوراق. وكل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت في مدوناته بياناً لواقعة الدعوى وتدليلاً عليها مما محصلة أنه لدى سؤال...... بقسم الشرطة عن موقفه من التجنيد قدم للضابط الذي يسأله بطاقة شخصية تحمل رقم 85554 فاشتبه في صحة البيانات المدونة بها واتضح مما أفاد به السجل المدني المختص أن هذه البطاقة لم تصدر عنه وأن التوقيعات المدونة عليها لا تخص أياً من موظفيه - وأن الرقم المدون عليها خاص ببطاقة لـ....... وإذ سئل عن مصدرها أقر بأن...... استخرجها له لقاء مبلغ ثلاثين جنيهاً أعطاه له دون أن يحرر أية استمارات وقد اعترف المتهم....... بالتحقيقات بأن المتهم الآخر شكا إليه عدم استطاعته استخراج بطاقة شخصية فطلب منه مبلغ ثلاثين جنيهاً وبياناته وصورة شخصية واحدة وأنه سلم ذلك كله إلى الطاعن الذي سلمه البطاقة المزورة فسلمها بدوره لمن ضبطت معه - وثبت من تقرير المعمل الجنائي أن الطاعن هو المحرر للبيانات الثابتة بالبطاقة باسم......، وقد دلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية بجريمة التزوير التي دين الطاعن بها. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل يكفي لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفي في هذا المقام أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاته في حدود اختصاصه، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية تعد أوراقاً رسمية فكل تغيير فيها يعتبر تزويراً في أوراق رسمية يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات ويخرج عن نطاق المادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960 ولا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يستلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، وكان الحكم المطعون فيه قد ألتزم في قضائه هذه القواعد القانونية واطرح، دفاع الطاعن في شأن تكييف الواقعة وما دفع به من عدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى للأسباب السائغة التي أوردها، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً - هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من أنه شريك في الجريمة وليس فاعلاً لها لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها المقررة للشريك طبقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها وكان ما يسوقه الطاعن من مطاعن على تقرير أبحاث التزييف والتزوير ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة هذا الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن من حق القاضي أن يأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك فإن كل ما نعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة فإنه لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم من خطئه في الإسناد فيما أورده بشأن ضبط أحبار وأختام بمنزله إذ أنه بغرض قيام هذا الخطأ فإنه لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.