أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 899

جلسة 21 من نوفمبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوي، عبد الرؤوف عبد الظاهر، عمر الفهمي نواب رئيس المحكمة وسمير سامي.

(172)
الطعن رقم 31353 لسنة 69 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها".
وضع صور أشخاص آخرين مزورة على رخص القيادة. يعد تزويراً. المادة 211 عقوبات.
(2) إثبات "بوجه عام". اشتراك. تزوير. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاشتراك في التزوير تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية اعتقاد المحكمة توافره من ظروف الدعوى وملابساتها لأسباب سائغة.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم.
(4) إثبات "بوجه عام". تفتيش "إذن التفتيش". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن رداً عليه.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إنفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش. لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا تجوز إثارته أمام النقض.
(8) تزوير. جريمة "أركانها". باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث ليس ركناً من أركان جريمة التزوير. عدم التزام المحكمة بتحقيقه.
(9) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها لبعض الوقائع. مفاده: إطراحها لها.
(10) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". تقليد "تقليد أختام حكومية".
النعي على الحكم في شأن جريمة استعمال المحرر المزور. غير مجد. ما دام قد عاقب الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وهي تقليد أختام حكومية.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
دفاع الطاعن بأن مرتكب الجريمة شخص آخر. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(12) دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من النظام العام. جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. شرط ذلك؟
(13) عقوبة "العقوبة المبررة". تقليد "تقليد أختام حكومية". اتفاق. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن". ارتباط.
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييب الحكم في خصوص جريمة الاتفاق الجنائي. ما دام الحكم قد اعتبر الجرائم التسع المسندة إليه جريمة واحدة وفق أحكام المادة 32 عقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي تقليد أختام جهات ومصالح حكومية.
1 - لما كان التزوير قد وقع إضافة إلى التوكيل الموثق بمحضر التصديق رقم...... وقع كذلك برخص القيادة أرقام..... بأن اتفقا الطاعن وآخر مع المجهول على تحريرها على غرار رخص القيادة الصحيحة وإمداده بالبيانات اللازمة والصور الفوتوغرافية فقام المجهول بتدوينها ووضع الصور عليها. وكانت المادة 211 من قانون العقوبات قد اعتبرت وضع صور أشخاص آخرين من طرق التزوير المادي. فإن جناية التزوير تكون قد تكاملت أركانها كما هي معرفة به في القانون. ومن ثم، فلا محل لما ينعاه الطاعن بأن التزوير موضوع الصورة لا عقاب عليه ولا يكون مؤثماً.
2 - من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم، يكفي لثبوته أن تكون المحكمة اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن اشتراكه مع مجهول في التزوير وأورد الأدلة على ذلك، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن تكليف ضابط الواقعة بالتحري عن السيارة ومالكها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
4 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بما يسوغ وانتهى إلى القول بأن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع لأنه غير قائم على ما يسانده وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق.
6 - إنفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى.
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد الأول وبصحة تصويره للواقعة، فإن رمى الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشاهد المذكور بمقولة إنها غير صحيحة وملفقة غير مقبول، إذ هو في حقيقته جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كان دفاع الطاعن بأنه لا مصلحة له في الاشتراك في التزوير إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له.
9 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمد عليها في حكمها. ومن ثم، فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الواقعة التي أشار إليها بأسباب طعنه وهي من بعد واقعة ثانوية يريد الطاعن لها معنى لا تسايره فيه المحكمة فأطرحتها.
10 - لما كان لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم بالقصور في التدليل على جريمة استعمال المحرر المزور ما دامت العقوبة التي أنزلها به مبررة بثبوت الجريمة الأشد وهي تقليد أختام جهات ومصالح حكومية.
11 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
12 - من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله. وإذ كان البين من مطالعة محضر الجلسة أن الطاعن لم يثر أنه سبق القضاء نهائياً في القضية التي أشار إليها بأسباب طعنه. وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
13 - لما كان لا جدوى للطاعن من نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لتهمة الاتفاق الجنائي والقضاء ببراءته منها - بعد قضاء المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بتاريخ 2 من يونيه سنة 2001 في الدعوى رقم 114 لسنة 21 ق دستورية، بعدم دستورية نص المادة 48 من قانون العقوبات، مما يخرج الواقعة التي كانت مؤثمة بمقتضاها عن نطاق التجريم طالما أن السند التشريعي في تجريمها قد ألغي - ما دام الحكم قد دانه بالجرائم التسع المسندة إليه وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة - السجن لمدة ثلاث سنوات - وهي العقوبة المقررة لجريمة تقليد أختام جهات ومصالح حكومية باعتبارها الجريمة الأشد التي أثبتها في حقه. ومن ثم، فإنه لا مصلحة للطاعن في تبرئته من تهمة الاتفاق الجنائي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - اشترك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب التزوير في محررات رسمية واستعمالها فيما زورت من أجله وتقليد واستعمال أختام جهات ومصالح حكومية موضوع الاتهامات التالية. 2 - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك وآخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي توكيل بيع السيارة رقم...... ملاكي...... الموثق بمحضر تصديق رقم...... المنسوب صدوره لمكتب توثيق...... ورخص القيادة أرقام......، ......، ......، ....... خاصة...... ورخص تسير السيارات أرقام......، ......، ....... المنسوب صدورها لإدارة مرور....... واستمارة الحصول على بطاقة عائلية رقم..... وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفق معه على تحريره على غرار التوكيلات والرخص الصحيحة وأمده بالبيانات اللازمة والصور الفوتوغرافية فقام المجهول بتدوينها ومهرها بتوقيعات عزاها زوراً إلى المختصين بمكتب توثيق....... وإدارة مرور...... وسجل مدني...... وبصم عليه بخاتمين مقلدين على غرار الأختام الصحيحة لتلك الجهات موضوع التهمة الثالثة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. 3 - قلد بنفسه وبواسطة غيره أختام لجهات ومصالح حكومية (خاتم شعار الجمهورية) لإدارة مرور....... وسجل مدني...... واستعملهما بأن بصم بها المحررات موضوع التهمة السابقة مع علمه بتقليدها. 4 - استعمل المحررات المزورة موضوع الاتهامات السابقة فيما زورت من أجله بأن قدمها للمختصين للاعتداد بها على خلاف الحقيقة مع علمه بتزويرها. 5 - سرق السيارة رقم..... ملاكي...... المبينة وصفاً بالأوراق والمملوكة للمجني عليه...... 6 - سرق رخص التسيير أرقام......، ......، .......، ......، ......، ......، ....... ملاكي...... من...... وآخرين على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 48/ أولى وثانية، 206/ 1، 3، 211، 212، 213/ خامساً، 318 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من القانون ذاته بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المحررات المزورة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجرائم الاتفاق الجنائي والاشتراك في تزوير محررات رسمية وتقليد أختام جهات ومصالح حكومية واستعمالها والسرقة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يستظهر توافر أركان جريمة التزوير التي دانه بالاشتراك بها ودانه رغم انتفاء ركن الضرر بدلالة أن توكيل بيع السيارة الذي ضبط معه تبين عدم وجود رقمها بالمرور وقعود النيابة العامة عن تكليف ضابط الواقعة بالتحري عن تلك السيارة ومالكها، والتفت عن دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بهما رغم ما قدمه من شكاوى في هذا الشأن. وعول على أقوال شاهد الإثبات الأول رغم عدم معقولية تصويره للواقعة وحجبه باقي أفراد القوة المرافقة له عن الشهادة مما ينبئ عن تلفيق التهمة خاصة أن هناك إفادة من الشرطة بالعثور على السيارة وكف البحث عنها، فضلاً عن أن الطاعن ليس له مصلحة في حصول التزوير، كما أن الحكم لم يبين كيف كان حال الطاعن وقت القبض عليه ودانه عن جريمة استعمال المحرر المزور دون أن يستعمله إذ قبض عليه قبل استعماله له، ولم يعرض لدفاعه بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر، ذلك أن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير لم يثبت أنه حرر تلك المحررات ولم يتم القبض على المجهول الذي اقترف واقعة التزوير، وأخيراً فقد عوقب عن جريمة السرقة في حين أنه سبق الحكم عليه في جنحة سرقة السيارة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك, وكان التزوير قد وقع إضافة إلى التوكيل الموثق بمحضر التصديق رقم..... وقع كذلك برخص القيادة أرقام...... بأن اتفقا الطاعن وآخر مع المجهول على تحريرها على غرار رخص القيادة الصحيحة وأمداه بالبيانات اللازمة والصور الفوتوغرافية فقام المجهول بتدوينها ووضع الصور عليها. وكانت المادة 211 من قانون العقوبات قد اعتبرت وضع صور أشخاص آخرين من طرق التزوير المادي. فإن جناية التزوير تكون قد تكاملت أركانها كما هي معرفة به في القانون. ومن ثم، فلا محل لما ينعاه الطاعن بأن التزوير موضوع الصورة لا عقاب عليه ولا يكون مؤثماً فضلاً عن أنه لا مصلحة له فيه لأن الحكم دانه أيضاً بالاشتراك في تزوير التوكيل المشار إليه آنفاً. وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم، يكفي لثبوته أن تكون المحكمة اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن اشتراكه مع مجهول في التزوير وأورد الأدلة على ذلك، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن تكليف ضابط الواقعة بالتحري عن السيارة ومالكها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياًَ يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بما يسوغ وانتهى إلى القول بأن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع لأنه غير قائم على ما يسانده وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق. وكان إنفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى، لما هو مقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد الأول وبصحة تصويره للواقعة، فإن رمى الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشاهد المذكور بمقولة إنها غير صحيحة وملفقة غير مقبول، إذ هو في حقيقته جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن بأنه لا مصلحة له في الاشتراك في التزوير إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمد عليها في حكمها. ومن ثم، فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الواقعة التي أشار إليها بأسباب طعنه وهي من بعد واقعة ثانوية يريد الطاعن لها معنى لا تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. لما كان ذلك، وكان لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم بالقصور في التدليل على جريمة استعمال المحرر المزور ما دامت العقوبة التي أنزلها به مبررة بثبوت الجريمة الأشد وهي تقليد أختام جهات ومصالح حكومية. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله. وإذ كان البين من مطالعة محضر الجلسة أن الطاعن لم يثر أنه سبق القضاء نهائياً في القضية التي أشار إليها بأسباب طعنه. وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
ومن حيث إنه لا جدوى للطاعن من نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لتهمة الاتفاق الجنائي والقضاء ببراءته منها - بعد قضاء المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بتاريخ 2 من يونيه سنة 2001 في الدعوى رقم 114 لسنة 21 ق دستورية، بعدم دستورية نص المادة 48 من قانون العقوبات، مما يخرج الواقعة التي كانت مؤثمة بمقتضاها عن نطاق التجريم طالما أن السند التشريعي في تجريمها قد ألغي - ما دام الحكم قد دانه بالجرائم التسع المسندة إليه وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة - السجن لمدة ثلاث سنوات - وهي العقوبة المقررة لجريمة تقليد أختام جهات ومصالح حكومية باعتبارها الجريمة الأشد التي أثبتها في حقه. ومن ثم، فإنه لا مصلحة للطاعن في تبرئته من تهمة الاتفاق الجنائي. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.