أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1144

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر نائب رئيس المحكمة ومسعود السعداوي وطلعت الاكيابى ومحمود عبد العال.

(208)
الطعن رقم 3221 لسنة 55 القضائية

(1) قتل خطأ. إصابة خطأ. قانون "تفسيره". مرور.
متى يجوز لقائد مركبة خلفية أن يتجاوز مركبة أمامه؟
(2) قتل خطأ. إصابة خطأ. جريمة "أركانها". رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". خطأ. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
صحة الحكم في جريمتي القتل والإصابة الخطأ. تستوجب بيان وقائع الحادث وكيفية حصوله. وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم وما كان عليه موقف المجني عليه والمتهم.
رابطة السببية كركن من أركان جريمتي القتل والإصابة الخطأ. تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها. طالما تتفق والسير العادي للأمور.
الدفع بانقطاع رابطة السببية. جوهري. يترتب على ثبوته انتفاء مسئولية المتهم الجنائية والمدنية.
عدم امتداد أثر الطعن لمن قضى بعدم جواز استئنافه.
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جريمتي قتل وإصابة خطأ.
1 - من المقرر أنه وإن جاز لقائد عربة خلفية أن ينحرف إلى اليسار رغبة منه في أن يتقدم عربة أمامه فإن هذه المجاوزة مشروط فيها أن تحصل مع التبصر والاحتياط وتدبر العواقب كيلا يحدث من ورائها تصادم يؤدي بحياة شخص آخر فإذا لم يأخذ القائد حذره كان تصرفه مشوباً بخطأ من نوع ما يوأخذ عليه القانون وهو ما أكدته المادة 39 من قرار وزير الداخلية بتنفيذ أحكام القانون رقم 66 لسنة 1973 بشأن السيارات وقواعد المرور إذ أوجبت على قائد السيارة إن أراد أن يسبق سيارة أخرى متقدمة أن يكون ذلك من يسارها وبعد التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك.
2 - لما كان من المقرر أنه يجب قانوناً لصحة الحكم في جريمتي القتل والإصابة الخطأ أن يبين فيه وقائع الحادث وكيفية حصوله وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم وما كان عليه موقف كل من المجني عليه والمتهم حين وقوع الحادث، وكانت رابطة السببية كركن من أركان هاتين الجريمتين تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت متفقة والسير العادي للأمور. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد ما قال به الشاهد من أن الطاعن سمح لقائد السيارة الأخرى بالمرور ثم انحرف نحوه ما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر كيفية سلوك قائد السيارة أثناء القيادة ومدى اتساع الطريق أمامه، وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح له أن يتقدم بسيارته التي أمامه والتي يقودها الطاعن ليستبين مدى قدرة الطاعن على تلافي الحادث من عدمه، خاصة - وقد أقدم المتهم الثاني على المرور من الجانب الأيمن لسيارة الطاعن وبيان أثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركن الخطأ ورابطة السببية التي دفع الطاعن - على ما جاء بمدونات الحكم وأقوال الشاهد..... بمحضر جلسة المحاكمة - بانقطاعها وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوته انتفاء مسئولية الطاعن الجنائية والمدنية فإنه لا يكون قد بين الواقعة وكيفية حصولها بياناً كافياً يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة دون أن يمتد أثر هذا الطعن إلى المتهم الثاني الذي قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز استئنافه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... (طاعن) (2)..... بأنهما: المتهم الأول: أولاً: تسبب خطأ في موت.... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد محركة آلية بحال ينجم عنها الخطر على الأرواح بأن صدم السيارة رقم...... ملاكي غربية بعد أن تخطى سيارته مما أدى إلى اندفاعها إلى الطريق العكسي واصطدامها بالسيارة رقم..... أتوبيس عام غربية مما أدى إلى وقوع الحادث وإصابة المجني عليها سالفة الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. ثانياً: تسبب خطأ في إصابة..... و..... على النحو المبين بالتهمة الأولى ثالثاً. قاد مركبة آلية بحالة ينجم عنها الخطر على الأرواح والأموال. المتهم الثاني: تخطى السيارة التي تتقدمه من يمينه. وطلبت عقابهما بالمادتين 238/ 1، 244/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 77، 78، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 210 لسنة 1980 ولائحته التنفيذية. وادعى المتهم الثاني ضد المتهم الأول مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز طنطا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم الأول بالحبس سنة مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ مع إلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وبتغريم المتهم الثاني مائة قرش. استأنف المحكوم عليهما ومحكمة طنطا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم الأول - الطاعن - ستة أشهر وتأييده فيما عدا ذلك وعدم جواز الاستئناف بالنسبة للمتهم الثاني.
فطعن الأستاذ..... المحامي عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن دفع بانتفاء رابطة السببية بين الخطأ والضرر لأن السبب المباشر في وقوع الحادث هو خطأ المتهم الثاني وحده باندفاعه بسيارته فجأة من خلف سيارة الطاعن من الجانب الأيمن واصطدامه بسيارة الأتوبيس وقد تأيد دفاعه بأقوال شاهد النفي إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع دون أن يبين عناصر الخطأ بياناً كافياً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى أخذاً بأقوال شاهد الرؤية بما مجمله أن الطاعن كان يسير بسيارته النقل في الجهة اليسرى من الطريق وبعد أن سمح لقائد السيارة الملاكي التي كان يستقلها المجني عليهم بالمرور من الجانب الأيمن عاد الطاعن وانحرف بسيارته نحوه مما حدا بالأخير إلى تخطي الجزيرة الوسطى والاصطدام بسيارة الأتوبيس التي كان يستقلها الشاهد فحدثت إصابات المجني عليهم، ثم أقام الحكم قضاءه بإدانة الطاعن وإلزامه بالتعويض استناداً إلى أنه هو المخطئ وقد سمح لقائد السيارة الأخرى بالمرور ثم قام بالانحراف نحوه. كما أن تقدم المتهم الثاني بالسيارة التي كان يستقلها لسيارة الطاعن من يمينها يشكل خطأ في جانبه هو عدم المرور من الجانب الأيسر للسيارة الأمامية مخالفاً بذلك قوانين وقواعد المرور. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن جاز لقائد عربة خلفية أن ينحرف إلى اليسار رغبة منه في أن يتقدم عربة أمامه فإن هذه المجاوزة مشروط فيها أن تحصل مع التبصر والاحتياط وتدبر العواقب كيلا يحدث من ورائه تصادم يؤدي بحياة شخص آخر فإذا لم يأخذ القائد حذره كان تصرفه مشوباً بخطأ من نوع ما ويوأخذ عليه القانون وهو ما أكدته المادة 39 من قرار وزير الداخلية بتنفيذ أحكام القانون رقم 66 لسنة 1973 بشأن السيارات وقواعد المرور إذ أوجبت على قائد السيارة أن أراد أن يسبق سيارة أخرى متقدمة أن يكون ذلك من يسارها وبعد التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك. وكان من المقرر أنه يجب قانوناً لصحة الحكم في جريمتي القتل والإصابة الخطأ أن يبين فيه وقائع الحادث وكيفية حصوله وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم وما كان عليه موقف كل من المجني عليه والمتهم حين وقوع الحادث، وكانت رابطة السببية كركن من أركان هاتين الجريمتين تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت متفقة والسير العادي للأمور. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد ما قال به الشاهد من أن الطاعن سمح لقائد السيارة الأخرى بالمرور ثم انحرف نحوه ما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر كيفية سلوك قائد السيارة أثناء القيادة ومدى اتساع الطريق أمامه، وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح له أن يتقدم بسيارته السيارة التي أمامه والتي يقودها الطاعن ليستبين مدى قدرة الطاعن على تلافي الحادث من عدمه، خاصة وقد أقدم المتهم الثاني على المرور من الجانب الأيمن لسيارة الطاعن وبيان أثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركن الخطأ ورابطة السببية التي دفع الطاعن - على ما جاء بمدونات الحكم وأقوال الشاهد..... بمحضر جلسة المحاكمة - بانقطاعها وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوته انتفاء مسئولية الطاعن الجنائية والمدنية فإنه لا يكون قد بين الواقعة وكيفية حصولها بياناً كافياً يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة دون أن يمتد أثر هذا الطعن إلى المتهم الثاني الذي قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز استئنافه.