أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 961

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان، نير عثمان، أحمد عبد القوي أحمد وحمد عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة.

(185)
الطعن رقم 652 لسنة 62 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بوفاة المتهم".
وفاة الطاعن. يوجب القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية. المادة 14 إجراءات.
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
انقضاء الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها. لا أثر له على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها. المادة 259 إجراءات.
وفاة أحد طرفي الخصومة بعد تهيئ الدعوى للحكم في موضوعها. لا يمنع من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية. المادة 131 مرافعات.
متى تعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض؟
(3) سب وقذف. قانون "تفسيره". محكمة دستورية. مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة".
الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 195 عقوبات وسقوط الفقرة الثانية منها. مؤداه: عدم مسئولية رئيس تحرير الجريدة عما ينشر بها. أساس ذلك؟
(4) دعوى مدنية. اختصاص. دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". تعويض. ارتباط.
اختصاص محكمة الجنح والمخالفات بنظر الدعوى المدنية. استثناء. قيامه على الارتباط بين الدعويين الجنائية والمدنية ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما. مؤدى ذلك؟
المحكمة الجنائية لا ولاية لها في الفصل في الدعوى المدنية. متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية مناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً. أثر ذلك؟
1 - لما كان الطاعن قد توفي إلى رحمة الله بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب في الميعاد، فإنه يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كانت المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها". ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه، فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة معها. لما كان ذلك، وكانت وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع - على ما تقضي به المادة 131 مرافعات من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية - وتعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض بحصول التقرير بالطعن وتقديم الأسباب في الميعاد القانوني كما هو الحال في هذا الطعن.
3 - لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بالحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 18 ق بتاريخ 1/ 2/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات - وكذلك بسقوط الفقرة الثانية منها والتي كانت تتضمن معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر وكذلك حالات الإعفاء من تلك المسئولية. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد نصت على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة....... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن....". لما كان ذلك، وأنه على فرض صحة ما يدعيه الطاعن في أسباب طعنه يكون غير ذي موضوع إذ أن الفعل المسند إليه يكون بمنأى عن التأثيم إذ أنه لم يكن فاعلاً أصلياً في الجريمة المدعى بارتكابها وإنما ادعى المطعون ضده مسئوليته الجنائية عنها باعتباره رئيساً لتحرير الجريدة ارتكاناً إلى نص المادة 195 من قانون العقوبات وهي ما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها في الدعوى الدستورية سالفة البيان بما مفاده بطريق اللزوم أنه لا جريمة يمكن إسناد فعلها إليه بما يستوجب مسئوليته عنها.
4 - من المقرر طبقاً لنص المادتين 220، 235 من قانون الإجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر في الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من القاعدة مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا تكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية والمرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ومن ثم فإن المحكمة الجنائية لا تكون مختصة تبعاً لذلك بنظر الدعوى المدنية بعد أن انحسر عنها الاختصاص بالدعوى الجنائية لانتفاء قيام الجريمة التزاماً بحكم المحكمة الدستورية سالف الذكر، مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فيها وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح....... ضد الطاعن بوصف أنه سب وقذف في حقه وشرفه بطريق النشر بالصحف. وطلب معاقبته بالمواد 187، 193/ 1، 195، 302، 306 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام. أولاً: - برفض الدفع المبدى من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بعدم قبول الدعوى وقبولها. ثانياً: - بتغريم المتهم مائة جنيه وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنف. ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدولها برقم..... لسنة 55 ق. وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة....... الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة استئنافية مغايرة - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية"... إلخ.


المحكمة

لما كان الطاعن قد توفي إلى رحمة الله بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب في الميعاد، فإنه يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على انه: "وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها. "ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه، فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة معها. لما كان ذلك، وكانت وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع - على ما تقضي به المادة 131 مرافعات من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية - وتعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض بحصول التقرير بالطعن وتقديم الأسباب في الميعاد القانوني كما هو الحال في هذا الطعن. لما كان ذلك، وكانت الدعوى قد أقامها المطعون ضده بطريق الادعاء المباشر قبل الطاعن وذكر شرحاً لدعواه أن الجريدة التي يرأس الطاعن تحريرها تعمدت نشر خبر يسيء إليه مما يعد سباً وقذفاً في حقه، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بتغريم الطاعن مائة جنيه وإلزامه بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، فاستأنف وقضي حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إن هذه المحكمة تشير - في بادئ الأمر - إلى أن المعروض عليها الدعوى المدنية دون الدعوى الجنائية التي انقضت بوفاة الطاعن ومن ثم فإن الطعن يكون مقصور على الدعوى المدنية التي رفعت تبعاً للدعوى الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر طبقاً لنص المادتين 220، 235 من قانون الإجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر في الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من القاعدة مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا تكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية والمرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ومن ثم فإن المحكمة الجنائية لا تكون مختصة تبعاً لذلك بنظر الدعوى المدنية بعد أن انحسر عنها الاختصاص بالدعوى الجنائية لانتفاء قيام الجريمة التزاماً بحكم المحكمة الدستورية سالف الذكر، مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فيها وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها.