مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السنة الثانية والثلاثون (من أول أكتوبر سنة 1977 إلى آخر سبتمبر سنة 1978) - صـ 261

(فتوى رقم 525 بتاريخ 31 / 5/ 1978 - ملف رقم 32/ 2/ 618)
(90)
جلسة 3 من مايو سنة 1978

عاملون مدنيون بالدولة "عهدة - التأمين عليها - سقوط الحق"(صندوق التأمين الحكومي لضمان أرباب العهد).
نص المادة 8 من لائحة إنشاء الصندوق إذ تقرر سقوط الحق في المطالبة بالتعويض بمضي سنة من اكتشاف العجز - العبرة في بدء سريان هذه المدة ليس مجرد اكتشاف وقوع عجز وإنما تحديد مقدار وسبب العجز تحديداً نهائياً وتوفر المستندات الدالة على ذلك - ليس للصندوق أن يدفع بتراخي جهة الإدارة في إخطار الصندوق العجز الموجب للتعويض للقول بسقوط مسئوليته - أساس ذلك - ليس للمؤمن أن يدفع مسئوليته بوقوع إهمال من جانب المستفيد طالما أن الأخير لم يرتكب فعلاً عمداً قاصداً به حدوث المخاطر موضوع التأمين - أساس ذلك من المبادئ العامة للتأمين.
إن لائحة إنشاء صندوق التأمين الحكومي لضمانات أرباب العهد الصادرة بقرار مجلس الوزراء في الثامن من فبراير سنة 1950 - والمعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1520 لسنة 1973 - تنص في مادتها الرابعة على أن الغرض من إنشاء صندوق التأمين الحكومي لضمانات أرباب العهد تكوين مال احتياطي يستخدم لضمان موظفي الحكومة ومستخدميها الذين تتطلب منهم اللوائح والتعليمات تقديم ضمان عما بعهدتهم من نقود أو أوراق دمغة أو أدوات أو مهمات أو غيرها.
كما تنص المادة السابعة على أن يقوم الصندوق بسداد كل خسارة مادية تلحق عهدة الموظف المضمون من النقود أو أوراق الدمغة وكذلك كل عجز في عهدة المهمات والأدوات بما يزيد على خمسة جنيهات وذلك في حدود قيمة الضمان التي سدد عنها الرسم سواء أكانت الخسارة ناشئة عن ضياع أو سرقة ارتكبها الموظف المضمون أو غش أو خيانة أمانة أو تبديد أو اختلاس أو إهمال، ويكون التعويض الذي يدفعه الصندوق عن كل حادث في حدود قيمة العهدة المشمولة بالضمان وهي التي سدد عنها رسم الاشتراك عن الستة شهور التي وقع فيها الحادث على إلا يجاوز مبلغ التعويض عشرة آلاف جنيه.
وتقضي المادة الثامنة بأنه "على الوزارة أو المصلحة التابع لها الموظف أن تخطر الصندوق عن كل عجز تطالب بالتعويض عنه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ اكتشافه على أن يرفق بالإخطار كافة البيانات والمستندات الدالة على وقوع العجز وتحديد مقداره وسببه ويقوم الصندوق بدفع التعويض وفقاً للشروط المنصوص عليها في المادة السابعة دون انتظار أية إجراءات جنائية أو تأديبية قبل الموظف المضمون، ويسقط حق الوزارة أو المصلحة المختصة في مطالبة الصندوق بمقدار التعويض بمضي سنة على تاريخ اكتشاف العجز".
ومن حيث إنه يبين من النصوص المتقدمة أن الهدف من إنشاء صندوق التأمين الحكومي هو تكوين رأس مال احتياطي لضمان موظفي الدولة الذين تلزمهم القوانين واللوائح المالية تقديم ضمان لما بعهدتهم من نقود أو أدوات أو مهمات، ويكون هذا الصندوق مسئولاً عن تعويض الخسارة المادية أو العجز الناشئ في عهدة الموظف المضمون نتيجة الضياع أو السرقة أو خيانة الأمانة أو التبديد أو الاختلاس أو الإهمال طالما أن قيمة الخسارة أو العجز قد تجاوزت خمسة جنيهات وبغض النظر عما إذا كانت هذه الأفعال قد وقعت من الموظف عمداً أو نتيجة إهماله، ويكون هذا التعويض في حدود قيمة العهدة المضمونة والتي سدد عنها رسم الاشتراك عن الستة أشهر التي وقع خلالها الحادث بشرط ألا تتجاوز قيمة التعويض مبلغ عشرة آلاف جنيه.
وقد اشترطت المادة الثامنة ضرورة إخطار الصندوق عن كل عجز تطالب بالتعويض عنه خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ اكتشافه وأنه يتعين أن يرفق بهذا الإخطار البيانات والمستندات الدالة على وقوع العجز وتحديد مقداره وسبب وقوعه ويسقط حق الجهة الإدارية في المطالبة بالتعويض بانقضاء سنة من تاريخ اكتشاف العجز.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن تقرير اللجنة المشكلة لفحص أعمال المذكور قد انتهى إلى ثبوت اختلاسه لمبلغ قدره 75490.94 ديناراً جزائرياً على دفعات اعتباراً من 11 ديسمبر سنة 1964 (تاريخ تسلمه الأعمال المالية والحسابية لسفارتنا بالجزائر) وحتى الخامس من نوفمبر سنة 1965 (تاريخ قيامه بالأجازة الدورية التي لم يعد منها) وتأيد ذلك بالحكم الصادر ضده من محكمة الجنايات بجلسة 27 يونيه سنة 1975 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وعزله من وظيفته وتغريمه مبلغ 5124 جنيه و253 مليم ورد مثل هذا المبلغ لوزارة الخارجية، كما ثبت أيضاً أن وزارة الخارجية كانت قد أخطرت الصندوق بهذا الاختلاس في الخامس عشر من فبراير سنة 1967.
ومن حيث إنه لا وجه للقول بسقوط حق الوزارة في المطالبة بالتعويض لمضي أكثر من سنتين على تاريخ اكتشاف العجز، بينما تقضي المادة الثامنة من لائحة إنشاء صندوق التأمين الحكومي لضمانات أرباب العهد - بسقوط الحق في التعويض بمضي سنة من تاريخ اكتشاف العجز، لأن اكتشاف العجز الذي يبدأ منه سريان مدة سقوط الحق في التعويض ليس مجرد اكتشاف وقوع عجز، وإنما يتعين أن يكون قد تم تحديد مقدار العجز وسببه تحديداً نهائياً، كما يلزم أن تكون المستندات والبيانات الدالة على وقوع العجز وتحديد مقداره وسببه قد توافرت، فعند ذلك فقط يتسنى للجهة الإدارية الإخطار عن العجز، ويتسنى أيضاً للصندوق أن يراقب ويراجع تلك المستندات قبل أداء التعويض وذلك هو مقتضى نص المادة الثامنة المشار إليها حيث يوجب على الوزارة أن ترفق بإخطارها عن العجز كافة البيانات والمستندات الدالة على وقوع العجز وتحديد مقداره وسببه، ومن ثم فإن مدة سقوط الحق في التعويض عن العجز تبدأ من تاريخ اكتشافه بصفة نهائية.
ومن حيث إنه وقد تبين أن العجز وتحديد مقداره وسببه قد اكتشف بصفة نهائية في الثالث من يوليه سنة 1967 - وهو تاريخ انتهاء اللجنة المشكلة لفحص المشكل المذكور وتقديم تقريرها - فمن ثم فإن مدة السقوط - ومقدارها سنة - لا تبدأ إلا من هذا التاريخ، بيد أن الثابت أن وزارة الخارجية قد عجلت بهذا الإخطار وأجرته في الخامس عشر من فبراير سنة 1967 أي قبل ابتداء مدة السقوط المشار إليها وبالتالي فلا وجه للاحتجاج قبلها بسقوط حقها في التعويض لعدم قيامها بالإخطار بالعجز خلال سنة من تاريخ اكتشافه.
ومن حيث إنه لا يقدح في هذه النتيجة أيضاً ما جاء بكتاب صندوق الضمان الحكومي من أن وزارة الخارجية قامت بمناقشة السفارة المصرية بالجزائر تباعاً عن جميع المخالفات المالية التي تكشفت خلال مراجعة الحسابات الشهرية للسفارة وأن آخر مناقشة كانت في شهر نوفمبر سنة 1965 ورغم ذلك فإن الوزارة قد تراخت في إخطار الصندوق حتى الخامس عشر من فبراير سنة 1967 الأمر الذي يترتب عليه سقوط حقها في التعويض - لأنه وفقاً للمبادئ العامة في التأمين ليس للمؤمن أن يدفع مسئوليته بوقوع إهمال من جانب المستفيد طالما أن المستفيد لم يرتكب فعلاً عمداً قاصداً به حدوث المخاطر موضوع التأمين، وهذا المبدأ يتفق وطبيعة التأمين في قيامه على مخاطر محتملة الوقوع إذ لو تطلب المؤمن حرص المستفيد غاية الحرص لأصبح الخطر موضوع التأمين مستحيلاً أو على الأقل غير محتمل الوقوع.
ومن حيث إن وزارة المالية وهي المستفيدة من التأمين لم تشأ حدوث الاختلاس الذي وقع من الموظف المضمون ولم تعمل عمداً على وقوعه فإن مسئولية الصندوق تكون محققة وليس للصندوق أن يدفعها محتجاً بوقوع إهمال من جانبها، ومن ثم فإن صندوق الضمان الحكومي يلتزم بسداد مبلغ 5124 جنيه و253 مليم لوزارة الخارجية قيمة المبالغ التي اختلسها.........

من أجل ذلك

انتهى رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى التزام صندوق الضمان الحكومي بسداد مبلغ 5124 جنيه و253 مليم لوزارة الخارجية، قيمة المبالغ التي اختلسها السيد/....... .