مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة الثانية والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 17

فتوى رقم 1164 بتاريخ 9/ 11/ 1967 جلسة 18 من أكتوبر سنة 1967
(9)
جلسة 18 من أكتوبر سنة 1967

عقد ضمان - عقد قرض - دستور - السلطة التشريعية - ترتيب المصالح - ضمان الحكومة للهيئات والمؤسسات العامة فيما تحصل عليه من قروض - نص الدستور على حظر إبرام عقد قرض أو الارتباط بمشروع يترتب عليه إنفاق مبالغ بدون موافقة مجلس الأمة - عدم جواز قياس عقد الضمان على عقد القرض أو الارتباط بمشروع - إسناد هذا الضمان إلى وزير الخزانة - جائز ويكفي فيه قرار من رئيس الجمهورية استناداً إلى سلطته الدستورية في ترتيب المصالح (1).
إن دستور سنة 1923 كان يحظر انفراد السلطة التنفيذية بإجراء عقد قرض أو تعهد قد يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة في سنة أو سنوات مقبلة إلا بموافقة السلطة التشريعية، إلا أن الدساتير التي جاءت بعد دستور سنة 1923 قد غايرت في صياغة نص الحظر الوارد في المادة 137 من دستور سنة 1923 وجاءت بصيغة جديدة لهذا الحكم فقضت المادة 72 من دستور 25 من مارس سنة 1964 بأنه لا يجوز للحكومة عقد قرض أو الارتباط بمشروع يترتب عليه إنفاق مبالغ من خزانة الدولة في سنة أو سنوات مقبلة إلا بموافقة مجلس الأمة - والذي يسترعى النظر في هذا المقام أن المشرع الدستوري استبدل بعبارة "ولا تعهد قد يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة في سنة أو سنوات مقبلة" التي وردت في المادة 137 عن دستور سنة 1923 العبارة الآتية "أو الارتباط بمشروع يترتب عليه إنفاق.." وهذه المغايرة لها دلالتها في اختلاف الحكم إذ أن المذكور في دستور سنة 1923 يشير إلى التصرفات التي يترتب عليها التزام السلطة التنفيذية بدين ما في حين أن "المشروع" المشار إليه في المادة 72 من الدستور الحالي إنما يشير إلى إنشاء عمل له في الغالب كيان ملموس.
ولما كان عقد القرض من عقود القانون المدني له أركانه الخاصة التي تميزه عن الضمان الذي هو نوع من عقد الكفالة - لذلك كان من المتعين الوقوف عند صراحة نص المادة 72 من الدستور الحالي - وإذا كان المحظور إبرامه بدون موافقة مجلس الأمة هو عقد القرض فلا يجوز قياس الضمان عليه وإلا لكان من السهل على المشرع الدستوري في سنة 1964 أن يتخذ نفس نص المادة 137 من دستور سنة 1923 وهو لم يفعل فخرج بذلك الضمان الذي تعطيه وزارة الخزانة على نص المادة 72 من دستور سنة 1964 فلا محل للعرض - والحالة هذه - على مجلس الأمة - وقد أخذت بهذا الرأي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في أول أغسطس سنة 1964.
ولما كانت المادة 121 من الدستور الصادر في مارس سنة 1964 تنص على أن "يصدر رئيس الجمهورية القرارات اللازمة لترتيب المصالح العامة".
ولما كان القصد بعبارة "ترتيب المصالح العامة" بحسب الرأي الراجح في الفقه الدستوري إنشاء الوزارات ووكالات الوزارات والمصالح العامة وكذلك إلغاؤها وتنظيمها وتحديد أعمالها واختصاصاتها ونقل هذه الاختصاصات من جهة إلى أخرى وغير ذلك مما يستتبعه التنظيم والترتيب وأن ضمان الحكومة للهيئات والمؤسسات العامة فيما تعقده من قروض يعتبر داخلاً في مهام السلطة التنفيذية بوجه عام ومن ثم يجوز لرئيس الجمهورية استناداً إلى سلطته في ترتيب المصالح العامة وتحديد اختصاصاتها أن يعهد بالاختصاص المشار إليه إلى وزارة الخزانة ممثلة في وزيرها باعتبار أن هذا هو الذي يتفق مع التخصص النوعي لهذه الوزارة - وقد أخذت بهذا الرأي أيضاً الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 15 من يونيه سنة 1966.
لذلك انتهى رأي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع إلى أن الضمان لا يقاس على القرض وعلى الارتباط بمشروع يترتب عليه إنفاق مبالغ ووافقت الجمعية العمومية على الاكتفاء في هذا الخصوص بإسناد هذا الضمان إلى وزير الخزانة بقرار من رئيس الجمهورية استناداً إلى سلطته الدستورية في ترتيب المصالح.


(1) راجع في هذا الشأن فتوى الجمعية السابق صدورها بجلسة 1/ 8/ 1964 والصادرة برقم 713 في 10/ 8/ 1964 منشورة بمجموعة السنة 18 مبدأ (137/ جـ) وكذلك فتواها الصادرة بجلسة 15/ 6/ 1967.