مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة الثانية والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 100

(فتوى رقم 511 بتاريخ 19/ 5/ 1968 - جلسة 15 من مايو سنة 1968)
(53)
جلسة 15 من مايو سنة 1968

استيراد - القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد - نص المادة السادسة من هذا القانون على عدم سريان أحكامه على السلع التي تستوردها الحكومة مباشرة دون وسيط - معنى عبارة الحكومة الواردة في الاستثناء المنصوص عليه في المادة السادسة من القانون رقم 9 لسنة 1959 - شمولها الهيئات العامة دون المؤسسات العامة - أساس ذلك التمييز الذي استحدثه المشرع بين المؤسسات العامة والهيئات العامة بالقانونين رقم 60 لسنة 1963 ورقم 61 لسنة 1961 والذي حل القانون رقم 32 لسنة 1966 محل أولهما (1).
إن المادة السادسة من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد تنص على أن "لا تسري أحكام هذا القانون على السلع التي يتقرر إعفاؤها من أحكامه بمقتضى قوانين أو قرارات عامة من وزير الاقتصاد أو معاهدات أو اتفاقيات دولية تكون الجمهورية العربية المتحدة أحد الأطراف فيها وكذلك لا تسري على ما يأتي:
( أ ) السلع التي تستوردها الحكومة مباشرة دون وسيط.
واستناداً إلى هذا القانون أصدر وزير الاقتصاد القرار الوزاري رقم 9 لسنة 1959 ببيان السلع والبضائع التي يحظر استيرادها من الخارج والمعدل بالقرار الوزاري رقم 737 لسنة 1964.
ومن حيث إن الإدارة العامة للاستيراد تطلب بكتابها سالف الذكر ما إذا كانت عبارة الحكومة المشار إليها في القانون رقم 9 لسنة 1956 تشمل الهيئات العامة والمؤسسات العامة وأشارت إلى أن الجمعية العمومية للمجلس سبق أن أيدت بجلستها المنعقدة في 24/ 1/ 1961 أن هذه العبارة تشمل الهيئات العامة والمؤسسات العامة.
ومن حيث إنه بعد فتوى الجمعية العمومية سالفة الذكر صدر القانون رقم 60 لسنة 1963 بإصدار قانون المؤسسات العامة ورقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة وقد ميز هذان القانونان بين المؤسسات العامة والهيئات العامة ووضعا لكل منهما ضوابط وأحكام مميزة وقد كشفت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 60 لسنة 1961 عن هذا التمييز فقد جاء فيها "أن المؤسسات العامة في الغالب مرافق عامة اقتصادية أو زراعية أو صناعية أو مالية مما كان يدخل أصلاً في النشاط الخاص ورأت الدولة أن تتولاها بنفسها عن طريق المؤسسات العامة، في حين أن الهيئات العامة في الأغلب الأعم مصالح عامة حكومية منحها المشرع الشخصية الاعتبارية. كذلك تمارس المؤسسة العامة نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو زراعياً أو مالياً وتمارس هذا النشاط أساساً بواسطة ما تنشئه أو تساهم فيه من شركات مساهمة أو منشآت أو جمعيات تعاونية، أما الهيئة العامة فتقوم أصلاً بخدمة عامة ولا تقوم بنشاط مالي أو تجاري أو زراعي أو صناعي، فالأصل أن الخدمات العامة كانت تقوم بها الدولة إلا أنه رؤى في النظام الاشتراكي أن يعهد ببعضها إلى هيئة مستقلة لما يمتاز به هذا النظام من مرونة في الإدارة. وفضلاً عن ذلك فإن المؤسسات العامة لها ميزانية مستقلة وتوضع على نمط ميزانيات المشروعات التجارية وأرباح المؤسسة العامة بحسب الأصل تؤول إليها كما تواجه المؤسسة العجز أو الخسارة أصلاً عن طريق ما تعقده من قروض، أما الهيئة العامة فإنها وإن كانت لها ميزانية خاصة إلا أنها تلحق بميزانية الدولة وتجري عليها أحكامها وتتحمل الدولة عجزها ويؤول لميزانية الدولة ما قد تحققه من أرباح. وبالإضافة إلى ما تقدم فإن رقابة الدولة على المؤسسات العامة تختلف عن رقابتها للهيئات العامة فهي أكثر اتساعاً في الحالة الأخيرة، وهذا أمر يستوجبه طبيعة نشاط الهيئة واختلافه عن نشاط المؤسسة. فالهيئة العامة إما أن تكون مصلحة حكومية رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن الروتين الحكومي، وإما أن تنشئها الدولة بداءة لإدارة مرفق من مرافق الخدمات العامة، وهي في الحالين وثيقة الصلة بالحكومة، أما قرارات المؤسسة العامة وإن كانت بدورها تخضع لاعتماد الجهة الإدارية المختصة، إلا أنه لما كانت المؤسسة لا تدير بنفسها بل عن طريق شركات وجمعيات تعاونية لكل منها شخصيتها وكيانها المستقل ولها حرية العمل تحت توجيه وإشراف المؤسسة، فإن النتيجة الحتمية لذلك هي أن رقابة الدولة على المرفق الذي تقوم عليه المؤسسة أقل من رقابتها على المرفق الذي تقوم عليه الهيئة.
ومن حيث إنه يترتب على هذه التفرقة التي أوجدها المشرع بين الهيئات العامة والمؤسسات العامة مغايرة في الأحكام التي تنطبق على كل منهما فإن جاز أن تشمل عبارة الحكومة الواردة في الاستثناء المنصوص عليه في المادة السادسة من القانون رقم 9 لسنة 1959 الهيئات العامة فإن هذا الاستثناء لا يمتد ليشمل المؤسسات العامة.
ولا يغير من هذا النظر صدور القانون رقم 32 لسنة 1966 الذي حل محل القانون رقم 60 لسنة 1963.
لهذا انتهى رأي الجمعية العمومية إلى أنه بعد التمييز الذي استحدثه المشرع بين المؤسسات العامة والهيئات العامة بالقانونين رقم 60 لسنة 1963، رقم 61 لسنة 1963 والذي حل القانون رقم 32 لسنة 1966 محل أولهما فإن الاستثناء الذي تضمنته المادة 6 من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد بالنسبة للحكومة يشمل الهيئات العامة دون المؤسسات العامة.


(1) قارن الفتوى الصادرة من الجمعية العمومية بجلستها المنعقدة في 24 من يناير سنة 1961 - منشورة بمجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية، السنتان الرابعة عشرة والخامسة عشرة، قاعدة رقم 206، ص 414.