مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 824

(108)
جلسة 8 من إبريل سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبى ومحمد مختار العزبي وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 1036 لسنة 5 القضائية

حكم - تنفيذه - تنفيذ حكم بالإلغاء النسبي - إلغاء القرار فيما تضمنه من التخطي في الترقية - ليس من مقتضاه إرجاع أقدمية المتخطي إلى وقت صدوره إذا تبين أن الأحكام الصادرة بالإلغاء النسبي تزيد على عدد الدرجات المرقى إليها وأنها أشارت في أسبابها إلى أن هذا الإلغاء لا يستتبع الترقية من تاريخ صدور القرار المطعون فيه ما لم يسفر التنفيذ عن الإبقاء على من يلي الطاعن فيه في الأقدمية.
إن ما أثاره الطاعن من أن من مقتضى إلغاء القرار الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة إرجاع أقدميته فيها إلى وقت صدور القرار المطعون فيه - هذا القول غير سديد بعد أن تبين أن الأحكام الصادرة بالإلغاء النسبي تزيد عن عدد الدرجات المرقى إليها في القرار السالف الذكر، وبالتالي ينهار القرار المذكور بعد أن أصبح الإبقاء على أي ترقية فيه مستحيلاً، وهو ما لم يفت الحكم الصادر للمدعي ولكل من زملائه بإلغاء القرار إلغاء نسبياً حيث أشارت تلك الأحكام في أسبابها إلى أن إلغاء القرار نسبياً لا يستتبع الترقية إلى الدرجة الخامسة من تاريخ القرار المطعون فيه ما لم يسفر تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء على الإبقاء على من يلي الطاعن فيه في الأقدمية.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28 من يونيه سنة 1959 أودع الأستاذ جميل صليب حنا سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29 من إبريل سنة 1959 في القضية رقم 1919 لسنة 10 القضائية في الدعوى المقامة منه ضد وزارة المالية ومصلحة الضرائب والقاضي برفض الدعوى مع إلزامه بمصروفاتها. وطلب للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع الحكم له بطلباته في الدعوى الأصلية مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضدهما في 21 من يوليه سنة 1959، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 30 من أكتوبر سنة 1960، ثم أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا وعين لنظره جلسة 4 من مارس سنة 1961 حيث حدد للحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وحصر طلباته الختامية فيها بإلغاء القرار الصادر من وزير الخزانة في 29 من مايو سنة 1958 بترقيات بعض موظفي مصلحة الضرائب إلى الدرجة الخامسة الفنية ثم إلى الدرجة الرابعة فيما تضمنه من عدم اعتبار أقدميته في الدرجة الخامسة راجعة إلى 17 من ديسمبر سنة 1951 وفي الدرجة الرابعة اعتباراً من 27 من مارس سنة 1956 بصفة أصلية واعتباراً من 31 من مارس سنة 1956 أو من 25 من إبريل سنة 1956 أو من 11 من يوليه سنة 1956 أو من 27 من مارس سنة 1957 أو من 19 من يوليه سنة 1957 بصفة احتياطية. وذكر شرحاً لدعواه أن مصلحة الضرائب أصدرت في 17 من ديسمبر سنة 1951 قراراً بترقية ثلاثة وثلاثين موظفاً من الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة وأنه وزملاء له ممن تخطوا في هذه الحركة أقاموا دعاوى يطلبون فيها إلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطيهم في الترقية وصدر لصالحه ولصالح زملائه أحكام تقضي بإجابتهم إلى طلباتهم، على أنه لما كانت الدعاوى المرفوعة في هذا الشأن تزيد على عدد الدرجات التي شملتها الحركة المطعون فيها فقد صدرت الأحكام الأولى فقط باعتبار أقدمية الطاعنين في الدرجة الخامسة اعتباراً من تاريخ صدور القرار، أما باقي الطعون وهي الغالبية ومنها الطعن المقدم من المدعي فقد صدرت فيها الأحكام بإلغاء القرار نسبياً. ولزيادة عدد المحكوم لصالحهم على الدرجات المرقى إليها في الحركة المطعون عليها لم تجد مصلحة الضرائب بداً من سحب القرار المطعون فيه والقرارات الأخرى المترتبة عليه وإجراء حركة ترقيات جديدة بمراعاة الأحكام الصادرة للطاعنين فأصدرت في 29 من مايو سنة 1958 قراراً جديداً يشمل الترقيات إلى الدرجة الخامسة وإلى ما فوقها من درجات. ولما كان هذا القرار الأخير لم ينصف المدعي تنفيذاً للحكم الصادر له وذلك بعدم إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 17 من ديسمبر سنة 1951 ثم إلى الدرجة الرابعة في سنة 1956 فقد اضطر لرفع هذه الدعوى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى المدعي استناداً إلى أن الحركة المطعون عليها قد أخذت بالأقدمية المطلقة عند الترقية إلى الدرجة الخامسة وأن المدعي قد رقي نتيجة لذلك في دوره اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1953 وأن الترقيات إلى الدرجة الرابعة في سنتي 1956 و1957 لم تكن لتصيب المدعي لا في الأقدمية ولا في نسبة الاختيار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون عليه قد أخطأ الصواب، لأن الإدارة عند سحبها للقرار الصادر في 11 من ديسمبر سنة 1951 وإجرائها للحركة الجديدة في 29 من مايو سنة 1958 تنفيذاً للأحكام الصادرة بالإلغاء قد خرجت من ناحية على مقتضى الأحكام الصادرة بالإلغاء إذ أن تنفيذها يقتضي إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء نسبياً وإعادة أقدمية المدعي وزملائه في الدرجة الخامسة التي كانوا قد رقوا عليها عند تنفيذ الحكم إلى تاريخ الحركة المطعون فيها أي إلى 17 من ديسمبر سنة 1951 لا أن تلغي المصلحة الحركة المطعون فيها وتجري حركة جديدة يترتب عليها حرمانه (أي المدعي) من حقه في الأقدمية في الدرجة الخامسة من 17 من ديسمبر سنة 1951 وتجعلها راجعة إلى 31 من أكتوبر سنة 1953 فقط، إذ أن هذا الوضع قد ترتب عليه حرمانه من الترقية إلى الدرجة الرابعة في سنة 1956 وعلى الأكثر في سنة 1957 - ومن ناحية أخرى فإن مصلحة الضرائب وقد ألغت القرار المطعون فيه إلغاء شاملاً فإنها لم تلتزم هذا الوضع بالنسبة لجميع الطاعنين وإنما استثنت من هذا الوضع ستة من الطاعنين أرجعت أقدميتهم في الدرجة الخامسة إلى 17 من ديسمبر سنة 1951 من بين هؤلاء الستة الأستاذ سعد الدين السعيد أحمد الألفي الذي تلا المدعي في ترتيب الأقدمية في الدرجة السادسة، معللة هذا الاستثناء بأنه تنفيذاً للأحكام الصادرة لهؤلاء الستة بحيث قضى الحكم الصادر لصالح كل منهم بإرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 17 من ديسمبر سنة 1951 مع أن هذه العلة غير صحيحة طالما أن القرار المطعون عليه قد ألغي إلغاء شاملاً.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي وآخرين، ومن بينهم الأستاذ سعد الدين أحمد السعيد الألفي الذي كان يلي المدعي في الأقدمية في الدرجة السادسة، قد طعنوا على الحركة التي أجرتها مصلحة الضرائب بموجب القرار الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951 والتي كانت تشمل ترقية ثلاثة وثلاثين موظفاً من الدرجة السادسة إلى الخامسة ولما كانت هذه الطعون تزيد على عدد الدرجات التي تمت الترقية فيها إلى الدرجة الخامسة لذا فإن الأحكام الصادرة في هذه الطعون، وإن كانت غالبيتها قد صدرت بإلغاء القرار إلغاء نسبياً للطاعن وآخرين، فإنها أشارت إلى أن عدد الدرجات في الحركة المطعون فيها يقصر عن استيعاب جميع الطاعنين وأن تنفيذ الأحكام الصادرة لهم لا يستتبع حتماً ترقيتهم إلى الدرجة الخامسة من تاريخ القرار المطعون فيه ما لم يسفر تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء نسبياً عن ترقية من يلي أياً من الطاعنين في الأقدمية. أما باقي الطعون فقد عدل المدعون فيها، ومنهم الأستاذ سعد الدين أحمد السعيد الألفي، وقد رقوا إلى الدرجة الخامسة أثناء نظر دعاواهم، إلى طلب إرجاع أقدميتهم في الدرجة الخامسة إلى تاريخ الحركة المطعون فيها، وقد أجيب هؤلاء المدعون إلى طلباتهم وصدرت الأحكام بإرجاع أقدميتهم في الدرجة الخامسة إلى تاريخ الحركة المطعون فيها. ورأت المصلحة، وقد بلغ من تخطتهم الحركة المطعون فيها المائتين وأن الأحكام الصادرة بالإلغاء تزيد على عدد الدرجات المرقى إليها في الحركة المطعون فيها، أن تسحب هذا القرار بل وأن تسحب القرارات التالية له والمترتبة عليه نتيجة لزعزعة المراكز القانونية في هذه الحركات واعتبار الترقيات التي تمت بمقتضى هذه القرارات جميعها كأن لم تكن ثم إجراء ترقيات من جديد على النحو الذي اعتقدت أنه الوضع السليم طبقاً للقواعد العامة وتنفيذاً للأحكام الصادرة ضدها، ولذا أصدرت قراراً جديداً في 29 من مايو سنة 1958 ضمنته حركة ترقيات ابتداء من 17 من ديسمبر سنة 1951 التزمت فيه الأقدمية المطلقة بالنسبة إلى الترقيات إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 31 أكتوبر سنة 1953 وكان ترتيب المدعي أسبق من ترتيب الأستاذ سعد الدين الألفي، كما أجرت المصلحة ترقيات إلى الدرجة الرابعة والثالثة ترتيباً على حركة الترقية إلى الدرجة الخامسة ولم يصب المدعي ولا الأستاذ سعد الدين الألفي أي ترقية فيها. ثم بعد أن تمت جميع الترقيات صدر في ذيل الحركة قرار بتعديل أقدمية ستة من موظفي الدرجة الخامسة من بينهم سعد الدين الألفي وجعلها راجعة إلى 17 من ديسمبر سنة 1951 وذلك تنفيذاً للأحكام الصادرة لصالحهم في هذا الشأن فأقام المدعي عقب هذه الحركة دعواه الحالية، كما أقام الأستاذ سعد الدين أحمد السعيد الألفي الدعوى رقم 33 لسنة 13 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري يطعن على القرار الصادر في 29 من مايو سنة 1958 لأنه لم يرتب أي أثر على إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 17 من ديسمبر سنة 1951 إذ أن إرجاع أقدميته إلى هذا التاريخ تؤدي إلى ترقيته إلى الدرجة الرابعة في أي من حركات سنة 1956 أو سنة 1957 على الأكثر، ثم عدل الأستاذ سعد الدين الألفي طلباته أثناء نظر دعواه - وكان قد رقي فعلاً إلى الدرجة الرابعة - إلى طلب إرجاع أقدميته في هذه الدرجة إلى أي من الحركات الصادرة في سنة 1956 وسنة 1957 وصدر الحكم في تلك الدعوى بجلسة 16 من مارس سنة 1960 ويقضي باعتبار أقدمية الأستاذ سعد الدين الألفي راجعة إلى 11 من يوليه سنة 1956 ولم يطعن على هذا الحكم.
ومن حيث إنه بالنسبة لما أثاره الطاعن من أن من مقتضى إلغاء القرار الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة إرجاع أقدميته فيها إلى وقت صدور القرار المطعون فيه - هذا القول غير سديد بعد أن تبين أن الأحكام الصادرة بالإلغاء النسبي تزيد عن عدد الدرجات المرقى إليها في القرار السالف الذكر وبالتالي ينهار القرار المذكور بعد أن أصبح الإبقاء على أي ترقية فيه مستحيلاً وهو ما لم يفت الحكم الصادر للمدعي ولكل من زملائه بإلغاء القرار إلغاء نسبياً، حيث أشارت تلك الأحكام في أسبابها إلى أن إلغاء القرار نسبياً لا يستتبع الترقية إلى الدرجة الخامسة من تاريخ القرار المطعون فيه ما لم يسفر تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء على الإبقاء على من يلي الطاعن فيه في الأقدمية. وشيء من هذا لم يحدث بالنسبة للمدعي أو بالنسبة لغيره.
ومن حيث إنه بالنسبة لما ذكره الطاعن من أن أقدميته على الأستاذ سعد الدين أحمد السعيد الألفي في الدرجة السادسة تستتبع أسبقيته عليه في الدرجات التالية - هذا القول مردود بأن أقدمية الأستاذ سعد الدين الألفي المطعون عليه إنما كانت تنفيذاً للحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 33 لسنة 13 القضائية وهذا الحكم قد أصبح نهائياً وله حجيته مما يمتنع معه التعرض له في الدعوى الحالية.
ومن حيث إنه لذلك، ولما جاء في الحكم المطعون فيه من أسباب تعتبرها هذه المحكمة أسباباً لها يكون الطعن في غير محله متعيناً رفضه مع إلزام الطاعن بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.