مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 935

(120)
جلسة 29 من إبريل سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي وعبد الفتاح نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 974 لسنة 5 القضائية

مهنة المحاسبة أو المراجعة - الجمع بينها وبين مهنة أخرى أو القيام بعمل تجاري - محظور وفقاً للمادة 27 من القانون رقم 133 لسنة 1951 إلا بترخيص من لجنة القيد في السجل العام إصدار هذه اللجنة قراراً بتطبيق هذه المادة أجازت في الفقرة (ب) منه الجمع بين هذه المهنة وبين مزاولة الأعمال التجارية إذا كان الجمع حاصلاً قبل العمل بالقانون - اشتراطها أن تكون هذه الأعمال في مستوى خاص وألا تؤثر على نشاط المهنة - تمتع اللجنة بسلطة تقديرية في تقدير توافر هذه الشروط بلا معقب عليها ما دام قرارها لا يتسم بسوء استعمال السلطة - سريان ذلك على من كان يجمع بين المهنة ووظيفة بإحدى المؤسسات الأهلية قبل العمل بالقانون - مثال.
تنص المادة 27 من القانون رقم 133 لسنة 1951 في شأن مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة على أنه "لا يجوز لمن قيد اسمه في السجل العام للمحاسبين والمراجعين الاشتغال بمهنة أخرى أو القيام بأي عمل تجاري إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من لجنة القيد" وقد وضعت لجنة القيد بعض قرارات في شأن تطبيق القانون المذكور ومن بينها القرار الخاص بتطبيق المادة 27 سالفة الذكر فقد وضعت اللجنة هذا القرار تحت عنوان "اشتغال المحاسب أو المراجع بمهنة أخرى أو قيامه بعمل تجاري - مادة 27 من القانون" ونصت في الفقرة ( أ ) من ذلك القرار على سبعة أعمال معينة ذكرت أن مزاولتها لا تتعارض مع مهنة المحاسبة والمراجعة ثم نصت في الفقرة (ب) من ذات القرار على أنه "إذا قدم المحاسب أو المراجع للجنة القيد الدليل على أنه - قبل تاريخ العمل بالقانون - كان يجمع فعلاً بين مهنة المحاسبة أو المراجعة وبين مزاولة الأعمال التجارية فإن لجنة القيد تحفظ للطالب حقه المكتسب على شرط أن تكون الأعمال التجارية التي يزاولها في مستوى خاص وألا يؤثر نشاطها على نشاط مهنة المحاسبة أو المراجعة وفي غير هذه الحالة لا ترخص لجنة القيد للمحاسب أو المراجع بمزاولة أي عمل تجاري "ثم نصت الفقرة (ج) من ذلك القرار على أن: يسري الحكم الوارد في الفقرة السابقة على من يشغل وظيفة لدى إحدى المؤسسات الأهلية وقدم الدليل على أنه قبل تاريخ العمل بالقانون - كان يجمع فعلاً بين الوظيفة وبين مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة".
ومقتضى نص الفقرة (ب) هو أنه إذا كان المحاسب أو المراجع يجمع فعلاً قبل العمل بالقانون بين مهنة المحاسبة أو المراجعة وبين مزاولة الأعمال التجارية فإن لجنة القيد تحفظ له حقه المكتسب وإنما بشروط معينة متروكة لتقدير اللجنة وهي أن تكون الأعمال التجارية التي يزاولها في مستوى خاص وألا يؤثر نشاطها على نشاط مهنة المحاسبة أو المراجعة بمعنى أنه لا يكفي أن يقدم المحاسب أو المراجع الدليل على أنه قبل صدور القانون كان يجمع بين المهنة وبين مزاولة الأعمال التجارية حتى تلتزم اللجنة بالترخيص له في الاستمرار في هذا الجمع وأن سلطة اللجنة في ذلك كما ذهب المدعي - مقيدة ومقصورة على تقدير الدليل المقدم من الطالب بحيث إذا اقتنعت بصحة هذا الدليل وجب عليها حتماً أن ترخص في الجمع - ليس هذا هو المقصود بالنص بل أن الأمر متروك أولاً وآخراً لتقدير اللجنة فقد تقتنع بالدليل الذي يقدمه الطالب على أنه قبل صدور القانون كان يجمع بين المهنة وبين مزاولة الأعمال التجارية ومع ذلك ترفض اللجنة الترخيص في هذا الجمع لأنها ترى أن الأعمال التجارية التي يزاولها الطالب ليست في مستوى يسمح بحسب تقديرها بهذا الجمع وكذلك الحال إذا رأت اللجنة أن نشاط الطالب في الأعمال التجارية قد يؤثر على نشاطه في مهنة المحاسبة أو المراجعة - ونصت اللجنة أخيراً في ذات الفقرة على أنها لا ترخص للمحاسب أو المراجع بمزاولة أي عمل تجاري إلا في هذه الحالة وهي حالة ما إذا رأت أن العمل التجاري في مستوى خاص وأن مزاولته لا تؤثر على نشاط المهنة وتقدير ذلك كله متروك للجنة وحدها.
وإذا كانت الفقرة (ج) من ذات القرار نصت على سريان حكم الفقرة (ب) على من يشغل وظيفة لدى إحدى المؤسسات الأهلية وقدم الدليل على أنه قبل تاريخ العمل بالقانون - كان يجمع فعلاً بين الوظيفة وبين مزاولة مهنة المحاسبة أو المراجعة - وهذا النص خاص بمن كان يجمع قبل القانون بين مهنة المحاسبة أو المراجعة وبين شغل وظيفة لدى إحدى المؤسسات الأهلية فإنه في هذه الحالة يسري حكم الفقرة (ب) سالفة الذكر أي أنه لا يكفي أن يقدم الطالب الدليل على أنه كان قبل صدور القانون يجمع بين مزاولة المهنة والوظيفة حتى تلتزم اللجنة بالترخيص له في الاستمرار في الجمع، وأن سلطة اللجنة في ذلك مقيدة ومقصورة على تقدير الدليل المقدم من الطالب بحيث إذا اقتنعت بصحة هذا الدليل وجب عليها حتماً الترخيص في الجمع - ليس هذا هو المقصود بل إن السلطة التقديرية المتروكة للجنة في الفقرة (ب) كما سلف البيان متروكة للجنة في الفقرة (جـ) أيضاً فقد ترى أن الوظيفة ليست من مستوى خاص بحيث يجوز الجمع بينها وبين مهنة المحاسبة أو المراجعة وكذلك قد ترى أيضاً أن نشاط الوظيفة قد يؤثر على نشاط المهنة فإن للجنة أن ترفض الترخيص ومن ثم فإن الأمر في الحالتين الفقرة (ب) والفقرة (ج) مرجعه للسلطة التقديرية للجنة ورأيها في ذلك نهائي بلا معقب عليها ما دام لم يثبت أن قرارها قد صدر مشوباً بسوء استعمال السلطة.
وبناء على ما تقدم فإذا كان الثابت أن اللجنة قد رأت بحسب سلطتها التقديرية المخولة لها في القانون عدم الترخيص للمدعي في الجمع بين المهنة وبين وظيفته كوكيل لإدارة قضايا بنك باركليز ولم يقدم المدعي ما يثبت أن هذا القرار معيب بسوء استعمال السلطة فيكون قرار اللجنة صحيحاً وفقاً للقانون.


إجراءات الطعن

في 20 من يونيه سنة 1959 أودع السيد/ السيد محمود قبطان سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 974 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 21 من إبريل سنة 1959 في الدعويين رقمي 1371، 3918 لسنة 9 القضائية المقامتين من الطاعن ضد وزارة التجارة والصناعة والقاضي بما يأتي "قررت المحكمة ضم هذه الدعوى رقم 3918 لسنة 9 القضائية إلى الدعوى رقم 1371 لسنة 9 القضائية لارتباطهما ويصدر فيهما حكم واحد" وحكمت في موضوع الدعوى المذكورة "برفضها وفي الدعوى رقم 3918 سنة 9 القضائية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، وفي الموضوع برفضها، وألزمت المدعي بمصروفات الدعويين". وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم الصادر في الدعويين المنضمتين رقم 1371 لسنة 9 القضائية ورقم 3918 لسنة 9 القضائية وفي الموضوع أولاً: بإلغاء قرار مجلس تأديب المحاسبين والمراجعين الصادر بتاريخ 16 من نوفمبر سنة 1954 فيما قضى به من توقيع عقوبة الإنذار على الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: إلغاء قرار لجنة قيد المحاسبين والمراجعين الصادر بتاريخ 15 من مارس سنة 1954، فيما قضى به من عدم الموافقة على التصريح للطاعن بالجمع بين المهنة والوظيفة، ومع تقرير أحقيته في هذا الجمع مع ما يترتب على ذلك من آثار، ومع إلزام وزارة التجارة والصناعة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن مرحلتي التقاضي"، وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التجارة في 21 من يوليه سنة 1959، وإلى وزارة الصناعة في 27 منه، وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، وقد تدوول في الجلسات أمام هذه المحكمة، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات؛ قررت في جلسة 25 من مارس سنة 1961 إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1371 لسنة 9 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة التجارة والصناعة طلب فيها الحكم بإلغاء قرار مجلس تأديب المحاسبين الصادر في 16 من نوفمبر سنة 1954 فيما قضى به من توقيع عقوبة الإنذار على المدعي مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه في 15 من سبتمبر سنة 1951 صدر القانون رقم 133 لسنة 1951 الخاص بمزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة ونص في المادة 27 منه على أنه لا يجوز لمن قيد اسمه في السجل العام للمحاسبين والمراجعين الاشتغال بمهنة أخرى أو القيام بأي عمل تجاري إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من لجنة القيد، وقد وضعت هذه اللجنة عدة قرارات في شأن تطبيق هذا القانون ومنها ما يتعلق بتطبيق المادة 27 ومفاد هذه القرارات أنه إذا قدم المحاسب أو المراجع إلى لجنة القيد الدليل على أنه قبل العمل بالقانون كان يجمع فعلاً بين الاشتغال بوظيفة لدى إحدى المؤسسات الأهلية وبين مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة فإن لجنة القيد تحفظ له حقه المكتسب في الجمع بين مزاولة المهنة والاشتغال بالوظيفة واستناداً إلى هذه القاعدة قدم المدعي طلباً إلى رئيس لجنة القيد التمس فيه الترخيص له بالجمع بين مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة التي زاولها منذ سنة 1940 وبين الاشتغال بوظيفة وكيل إدارة القضايا ببنك باركليز بالإسكندرية التي يشغلها منذ سنة 1942، وفي شهر إبريل سنة 1954 فوجئ المدعي باستدعائه للحضور أمام لجنة قيد المحاسبين والمراجعين منعقدة بهيئة مجلس تأديب لمحاكمته تأديبياً عن الجمع بين مزاولة المهنة وبين الاشتغال بوظيفة ببنك باركليز دون الحصول على ترخيص بذلك من لجنة القيد، وفي جلسة 15 من يونيه سنة 1954 قررت الهيئة غيابياً حرمان المدعي من مزاولة المهنة لمدة شهر فعارض في هذا القرار، وبجلسة 16 من نوفمبر سنة 1954 قررت الهيئة حضورياً تعديل القرار السابق والاكتفاء بتوقيع عقوبة الإنذار على المدعي بمقولة إنه لم يبين الوظيفة التي كان يشغلها في الأوراق التي قدمها عند طلب قيد اسمه بجدول المحاسبين والمراجعين فتظلم من هذا القرار ولكن بلا جدوى فاضطر إلى رفع هذه الدعوى طالباً إلغاء هذا القرار لأنه يشوبه. أولاً: عيب في الشكل ذلك لأن القرار المطعون فيه أسس قضاءه على تهمة جديدة هي عدم بيان الوظيفة في الأوراق المقدمة عند طلب القيد يضاف إلى ذلك أن الوزارة أعلنت المدعي بمنطوق القرار فقط دون أسبابه على خلاف ما يقضي به القانون. ثانياً: أن القرار أخطأ في تطبيق القانون إذ أن القانون لا يعاقب على الجريمة التي استند إليها القرار المطعون فيه. ثالثاً: انطوى القرار على إساءة استعمال السلطة ذلك لأن المجلس أغفل دفاع المدعي في التهمة الأصيلة ولم يفصل في موضوعها وإنما لفق تهمة أخرى ليبرر بها توقيع العقوبة مما يدل على أن المحاكمة قصد بها الإضرار بالمدعي خاصة وأن لجنة القيد ما زالت ممتنعة عن الترخيص للمدعي بالجمع بين المهنة والوظيفة رغم أنه كان يجمع بينهما قبل صدور القانون. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي قدم في 18 من نوفمبر سنة 1951 طلباً لقيد اسمه بالجدول وأرفق إقراراً بأنه لا يزاول مهنة أخرى خلاف الخبرة في الحسابات وشئون الضرائب والمسائل القانونية فوافقت لجنة القيد في 2 من إبريل سنة 1952 على قيد اسمه على أساس أنه غير موظف بالحكومة أو بإحدى المؤسسات طبقاً لما جاء في إقراره بيد أن الوزارة علمت بعد ذلك أنه يشغل وظيفة وكيل إدارة القضايا ببنك باركليز بجانب مهنة المحاسبة فأجرت معه تحقيقاً اعترف فيه بذلك ولما كان القانون ينص في المادة 27 منه على أنه لا يجوز لمن قيد اسمه في السجل العام للمحاسبين والمراجعين الاشتغال بمهنة أخرى إلا بعد الحصول على إذن بذلك من لجنة القيد، كما تنص المادة 29 من القانون على أن يحاكم تأديبياً كل من يزاول المهنة على وجه يخالف أحكام القانون لذلك أحيل المدعي إلى مجلس التأديب فقرر في 15 من يونيه سنة 1954 غيابياً بحرمان المدعي من مزاولة المهنة لمدة شهر لجمعه بين الوظيفة والمهنة مخالفاً بذلك أحكام المادة 27 سالفة الذكر فعارض المدعي في هذا القرار فقرر المجلس في 16 من نوفمبر سنة 1954 تعديل القرار السابق والاكتفاء بإنذار المدعي لأنه لم يبين الوظيفة التي يشغلها في الأوراق التي قدمها عند طلب القيد وفي أول فبراير سنة 1955 قدم المدعي طلباً للترخيص له في الجمع بين الوظيفة والمهنة فقررت لجنة القيد في 15 من مارس سنة 1955 رفض طلبه استناداً إلى الرخصة المخولة لها في المادة 27 من القانون، وطلبت الوزارة رفض الدعوى - كذلك أقام المدعي الدعوى رقم 3918 لسنة 9 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد ذات الوزارة طلب فيها الحكم بإلغاء قرار لجنة قيد المحاسبين والمراجعين الصادر في 15 من مارس سنة 1955 فيما قضى به من عدم الموافقة على التصريح للمدعي بالجمع بين مهنة المحاسبة والمراجعة وبين الاشتغال في وظيفة وكيل إدارة قضايا بنك باركليز مع إلزام الوزارة بالمصروفات، وقال المدعي أن هذا القرار مشوب بعيب في الشكل وذلك لأن لجنة القيد وهي منعقدة بهيئة مجلس تأديب حين قضت بعدم إدانته في تهمة الجمع بين المهنة والوظيفة تكون قد اعترفت بحقه المكتسب في الجمع ولا تملك إصدار قرار جديد برفض هذا الجمع كما أن اللجنة رفضت طلب المدعي دون استدعائه لسماع أقواله ودون إبداء أسباب لهذا الرفض خلافاً للقاعدة الواردة بالمادة 17 من القانون كما أن قرار اللجنة قد شابه عيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لأنه جاء على خلاف القرار الذي وضعته اللجنة تنفيذاً لحكم المادة 27 من القانون وهو يقضي بأنه إذا قدم المحاسب إلى لجنة القيد الدليل على أنه كان قبل صدور القانون يجمع بين المهنة والاشتغال بإحدى المؤسسات فإن اللجنة تحفظ له حقه المكتسب في هذا الجمع، وكذلك فإن القرار المطعون فيه ينطوي على إساءة استعمال السلطة، ذلك لأنه ليست للجنة سوى تقدير الدليل على قيام الجمع قبل صدور القانون وقد قدم لها المدعي هذا الدليل، كما أنها وهي بهيئة مجلس تأديب لم تحاكمه على هذا الجمع ولكنها أنكرت حقه المكتسب ورفضت طلبه بسبب شكوى كان قد تقدم بها واعتبرتها اللجنة ماسة بها - وقد ردت الوزارة على هذه الدعوى بمذكرة رددت فيها الوقائع السابق لها إبداؤها في الرد على الدعوى الأولى - وبجلسة 21 من إبريل سنة 1959 قضت محكمة القضاء الإداري بضم القضية الثانية وهي رقم 3918 لسنة 9 القضائية إلى القضية الأولى رقم 1371 لسنة 9 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد للارتباط وحكمت في الدعوى رقم 1371 لسنة 9 القضائية برفضها مع إلزام المدعي بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس التأديب الصادر غيابياً في 15 من يونيه سنة 1954 تضمن ما يفيد أن المدعي جمع بين المهنة والوظيفة دون أن يخطر بذلك لجنة القيد سواء عند طلب القيد أو بعده لكي ترخص له في الجمع، ثم جاء القرار المطعون فيه مشيراً إلى ذات التهمة بعبارة تفيد أيضاً أن المدعي جمع بين المهنة والوظيفة دون أن يخطر بذلك لجنة القيد عند طلب القيد حتى تفصل اللجنة في القيد والترخيص معاً لأنه معترف بأنه كان يجمع بين المهنة والوظيفة من قبل صدور القانون، فكان يجب عليه أن يطلب الترخيص له في الجمع عند تقديمه طلب القيد وإلا كان مخالفاً لنص المادة 27 من القانون؛ ومن ثم فإن القرار المطعون فيه لم يأت بتهمة جديدة كما يرى المدعي ثم إن المدعي أعلن بمنطوقه المتضمن سببه القانوني وأخيراً فإن المدعي لم يقدم أي دليل على صدور هذا القرار عن غرض أو هوى ولذلك فإنه يكون قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون، وفيما يتعلق بالدعوى رقم 3918 لسنة 9 ق فقد قضت محكمة القضاء الإداري بحكمها المطعون فيه برفضها، وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه في هذه الدعوى وهو الصادر من لجنة القيد في 15 من مارس سنة 1955 بعدم الموافقة على الترخيص للمدعي قد بني على أساس من القانون - وقد طعن المدعي في هذا الحكم. وقال بالنسبة للدعوى رقم 1371 لسنة 9 القضائية أن الحكم المطعون فيه معيب لثلاثة أسباب: أولاً - أخطأ من حيث إنه لم يعتبر العقوبة الخاصة بالإنذار هي عن تهمة جديدة تخالف التهمة الأولى التي رفعت الدعوى التأديبية بشأنها فإن الاتهام الأول هو عن الجمع بين الوظيفة ببنك باركليز وبين مزاولة المهنة في حين أن الاتهام الثاني أساسه أن المدعي لم يبين الوظيفة التي يشغلها في الأوراق التي قدمها عند طلب القيد، وثانياً - لا يوجد أي نص في القانون يلزم طالب القيد بأن يطلب الترخيص بالجمع في وقت طلب القيد كما قال بذلك الحكم المطعون فيه، بل إن العمليتين مختلفتان، ثالثاً - أن الواقعة الجديدة التي عوقب المدعي من أجلها تأديبياً لا تكون جريمة تأديبية ذلك لأن الجريمة التأديبية يجب أن تكون عن مخالفة متصلة بمزاولة المهنة ومتعلقة بعمل من أعمال المهنة وليس عن عمل سابق على تمام القيد فعلاً بالمهنة، إذ أن قيد المدعي في جدول المحاسبين والمراجعين قد تم فعلاً ولا مطعن على سلامة هذا القيد، ومن ثم فإن محاولة عقاب المدعي تأديبياً بزعم وجود بيان ناقص في طلب القيد وبعد أن تم القيد فعلاً ومع عدم وجود اعتراض على سلامة القيد يكون إجراء مخالفاً للقانون ومشوباً بعيب التعسف في استعمال السلطة - ثم قال المدعي بالنسبة للدعوى رقم 3918 لسنة 9 القضائية أن الحكم المطعون فيه معيب لثلاثة أسباب أيضاً أولاً - أن الحكم أخطأ عندما قرر أن المادة 27 من القانون رقم 133 لسنة 1951 قد حرمت الجمع بين مزاولة المهنة والاشتغال بوظيفة بصورة مطلقة فإن نص المادة 27 المذكورة لا يجعل المنع مطلقاً كما ذهب الحكم المطعون فيه وإنما أباحه بشرط الحصول على ترخيص من لجنة القيد، ثانياً - أن الحكم أخطأ عندما قرر أن لجنة القيد وضعت قواعد عامة تخرج عن حكم القانون إذ أن اللجنة لم تفعل سوى تنظيم الترخيص الذي وضعه المشرع بين يديها، ثالثاً - من المسلم أنه إذا قيدت الجهة الإدارية نفسها بنفسها بقاعدة تنظيمية عامة معينة فإن هذه القاعدة تصبح واجبة الانطباق في حق كل شخص تتوافر فيه شروطها وأن المدعي يستمد حقه في هذه الحالة من القاعدة التنظيمية مباشرة وليس للجنة القيد إلا التحقق من صحة الدليل الذي يقدمه المدعي لاستعمال رخصته في الجمع بين المهنة والوظيفة، وليس للجنة القيد بعد ثبوت الدليل أن تترخص في المنع أو المنح إذ أن سلطتها في هذه الحالة تصبح سلطة مقيدة وليست سلطة تقديرية.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدعوى رقم 1371 لسنة 9 القضائية فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما قضى به من رفضها للأسباب التي استند إليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدعوى رقم 3918 لسنة 9 القضائية فإن المادة 27 من القانون رقم 133 لسنة 1951 في شأن مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة نصت على أنه "لا يجوز لمن قيد اسمه في السجل العام للمحاسبين والمراجعين الاشتغال بمهنة أخرى أو القيام بأي عمل تجاري إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من لجنة القيد". وقد وضعت لجنة القيد بعض قرارات في شأن تطبيق القانون المذكور ومن بينها القرار الخاص بتطبيق المادة 27 سالفة الذكر فقد وضعت اللجنة هذا القرار تحت عنوان "اشتغال المحاسب أو المراجع بمهنة أخرى أو قيامه بعمل تجاري - مادة 27 من القانون" ونصت في الفقرة أ من ذلك القرار على سبعة أعمال معينة ذكرت أن مزاولتها لا تتعارض مع مهنة المحاسبة والمراجعة ثم نصت في الفقرة ب من ذات القرار على أنه "إذا قدم المحاسب أو المراجع للجنة القيد الدليل على أنه - قبل تاريخ العمل بالقانون - كان يجمع فعلاً بين مهنة المحاسبة أو المراجعة وبين مزاولة الأعمال التجارية فإن لجنة القيد تحفظ للطالب حقه المكتسب على شروط أن تكون الأعمال التجارية التي يزاولها في مستوى خاص وألا يؤثر نشاطها على نشاط مهنة المحاسبة أو المراجعة وفي غير هذه الحالة لا ترخص لجنة القيد للمحاسب أو المراجع بمزاولة أي عمل تجاري" ثم نصت الفقرة ج من ذلك القرار على أن "يسري الحكم الوارد في الفقرة السابقة على من يشغل وظيفة لدى إحدى المؤسسات الأهلية وقدم الدليل على أنه - قبل تاريخ العمل بالقانون - كان يجمع فعلاً بين الوظيفة وبين مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة.
ومن حيث إن مقتضى نص الفقرة ب هو أنه إذا كان المحاسب أو المراجع يجمع فعلاً قبل العمل بالقانون بين مهنة المحاسبة أو المراجعة وبين مزاولة الأعمال التجارية فإن لجنة القيد تحفظ له حقه المكتسب وإنما بشروط معينة متروكة لتقدير اللجنة وهي أن تكون الأعمال التجارية التي يزاولها في مستوى خاص وألا يؤثر نشاطها على نشاط مهنة المحاسبة أو المراجعة بمعنى أنه لا يكفي أن يقدم المحاسب أو المراجع الدليل على أنه قبل صدور القانون كان يجمع بين المهنة وبين مزاولة الأعمال التجارية حتى تلتزم اللجنة بالترخيص له في الاستمرار في هذا الجمع، وأن سلطة اللجنة في ذلك - كما ذهب المدعي - مقيدة ومقصورة على تقدير الدليل المقدم من الطالب بحيث إذا اقتنعت بصحة هذا الدليل وجب عليها حتماً أن ترخص في الجمع - ليس هذا هو المقصود بالنص بل إن الأمر متروك أولاً وآخراً لتقدير اللجنة فقد تقتنع بالدليل الذي يقدمه الطالب على أنه قبل صدور القانون كان يجمع بين المهنة وبين مزاولة الأعمال التجارية، ومع ذلك ترفض اللجنة الترخيص في هذا الجمع لأنها ترى أن الأعمال التجارية التي يزاولها الطالب ليست في مستوى يسمح بحسب تقديرها بهذا الجمع وكذلك الحال إذا رأت اللجنة أن نشاط الطالب في الأعمال التجارية قد يؤثر على نشاطه في مهنة المحاسبة أو المراجعة - ونصت اللجنة أخيراً في ذات الفقرة على أنها لا ترخص للمحاسب أو المراجع بمزاولة أي عمل تجاري إلا في هذه الحالة وهي حالة ما إذا رأت أن العمل التجاري في مستوى خاص وأن مزاولته لا تؤثر على نشاط المهنة وتقدير ذلك كله متروك للجنة وحدها.
ومن حيث إن الفقرة (ج) من ذات القرار نصت على سريان حكم الفقرة (ب) على من يشغل وظيفة لدى إحدى المؤسسات الأهلية وقدم الدليل على أنه - قبل تاريخ العمل بالقانون - كان يجمع فعلاً بين الوظيفة وبين مزاولة مهنة المحاسبة أو المراجعة. وهذا النص خاص بمن كان يجمع قبل القانون بين مهنة المحاسبة أو المراجعة وبين شغل وظيفة لدى إحدى المؤسسات الأهلية فإنه في هذه الحالة يسري حكم الفقرة (ب) سالفة الذكر أي أنه لا يكفي أن يقدم الطالب الدليل على أنه كان قبل صدور القانون يجمع بين مزاولة المهنة والوظيفة حتى تلتزم اللجنة بالترخيص له في الاستمرار في الجمع، وأن سلطة اللجنة في ذلك مقيدة ومقصورة على تقدير الدليل المقدم من الطالب بحيث إذا اقتنعت بصحة هذا الدليل وجب عليها حتماً الترخيص في الجمع - ليس هذا هو المقصود بل إن السلطة التقديرية المتروكة للجنة في الفقرة (ب) كما سلف البيان متروكة للجنة في الفقرة (جـ) أيضاً، فقد ترى أن الوظيفة ليست من مستوى خاص بحيث يجوز الجمع بينها وبين مهنة المحاسبة أو المراجعة وكذلك قد ترى أيضاً أن نشاط الوظيفة قد يؤثر على نشاط المهنة فإن للجنة أن ترفض الترخيص؛ ومن ثم فإن الأمر في الحالتين الفقرة (ب) والفقرة (ج) مرجعه للسلطة التقديرية للجنة ورأيها في ذلك نهائي بلا معقب عليها ما دام لم يثبت أن قرارها قد صدر مشوباً بسوء استعمال السلطة.
ومن حيث إن اللجنة قد رأت بحسب سلطتها التقديرية المخولة لها في القانون عدم الترخيص للمدعي في الجمع بين المهنة وبين وظيفته كوكيل لإدارة قضايا بنك باركليز ولم يقدم المدعي ما يثبت أن هذا القرار معيب بسوء استعمال السلطة فيكون قرار اللجنة صحيحاً وفقاً للقانون.
ومن حيث إنه لذلك تكون الدعوى رقم 3918 لسنة 9 ق غير مستندة إلى أساس سليم من القانون ويتعين الحكم برفضها للأسباب المتقدمة وللأسباب الأخرى الواردة في الحكم المطعون فيه، ومن ثم فيتعين الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.