مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 952

(122)
جلسة 29 من إبريل سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد عبد العزيز البرادعي المستشارين.

القضية رقم 477 لسنة 6 القضائية

( أ ) جامعات - جامعة عين شمس - القوانين واللوائح الخاصة بالكليات والمعاهد المندمجة في هذه الجامعة والتي يستمر العمل بها مؤقتاً وفقاً للمادة 23 من القانون رقم 93 لسنة 1950 - هي المقابلة لتلك التي أشير إليها في المادة 12 من هذا القانون.
(ب) جامعات - جامعة القاهرة - كلية طب العباسية - تعيين الموظفين من غير أعضاء هيئة التدريس - القواعد التنظيمية التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل و19 من مايو سنة 1946 في شأن تعيين مساعدي المدرسين - سريانها على كلية طب العباسية - عدم ارتقائها إلى مرتبة القوانين واللوائح المشار إليها في المادة 23 من القانون رقم 93 لسنة 1950 بإنشاء جامعة عين شمس - هي ضوابط للترقية من وضع السلطة المختصة بها في ظل القانون رقم 21 لسنة 1933 - سريانها طالما كانت لا تخالف أحكام التوظف المعمول بها بالنسبة لموظفي ومستخدمي الحكومة - عدم التزام الجامعة هذه الضوابط في التطبيق الفردي - يجعل قرارها مخالفاً للقانون.
(ج) جامعات - جامعة عين شمس - كلية طب العباسية - تعيين مساعدي المدرسين بها - القواعد التنظيمية التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل و19 من مايو سنة 1946 في هذا الشأن - عدم سريانها على التعيين في هذه الكلية بعد إلحاقها بجامعة عين شمس - أساس ذلك.
1 - يبين من استعراض نصوص القانون رقم 93 لسنة 1950 الخاص بإنشاء وتنظيم جامعة عين شمس (إبراهيم باشا حينذاك) أن المادة الأولى تضمنت الكليات التي تتكون منها هذه الجامعة ومن بينها كلية الطب وتكون نواتها كلية طب العباسية التابعة لجامعة القاهرة (فؤاد الأول حينذاك) ونص في المادة 11 على اختصاصات مجلس الجامعة ومن بينها تعيين الأساتذة وسائر أعضاء هيئة التدريس وترقيتهم وتأديبهم ونقلهم من الجامعة ثم نص في الفقرة الأولى من المادة 12 على أن "خطط الدراسة وشروط منح الدرجات والدبلومات وشروط توظف أعضاء هيئة التدريس وتأديبهم تنظم بقانون" وبين في الفقرة الثانية من هذه المادة المسائل التي يصدر بها مرسوم بعد أخذ رأي مجلس الجامعة ونص في المادة 20 على أن تسري على جميع موظفي الجامعة ومستخدميها أحكام التوظف العامة لموظفي الحكومة ومستخدميها وذلك مع مراعاة ما تنص عليه اللوائح الخاصة بأعضاء هيئة التدريس، ثم نص في المادة 23 على أن "يستمر العمل بصفة مؤقتة بنصوص القوانين واللوائح الخاصة بالكليات والمعاهد المندمجة في الجامعة ما لم تكن مخالفة لأحكام هذا القانون وذلك إلى أن تصدر التشريعات المنصوص عليها فيه"، ومؤدى هذا النص أن القوانين واللوائح التي قصد المشرع استمرار العمل بها بصفة مؤقتة هي المقابلة لتلك التي أشار إليها في المادة 12 منه التي تنظم بعض المسائل بقانون وبعضها بمرسوم بعد أخذ رأي مجلس الجامعة.
2 - إنه ولئن كانت القواعد التنظيمية التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل و19 من مايو سنة 1946 بالنسبة لتعيين مساعدي المدرسين تسري على كلية طب العباسية بعد إنشائها باعتبارها فرعاً من الجامعة المذكورة إلا أن ذلك لا يعني أنها ترقى إلى مرتبة القوانين واللوائح المشار إليها في المادة 23 من القانون رقم 39 لسنة 1950 بإنشاء جامعة عين شمس (إبراهيم باشا) بحيث لا يجوز تعديلها إلا بقانون إذ أن هذه القواعد التنظيمية إن هي إلا ضوابط للترقية وضعتها السلطة المختصة بالترقية بالنسبة لطائفة من الموظفين لا يعتبرون من أعضاء هيئة التدريس الذين حدد القانون رقم 21 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 شروط توظفهم وتأديبهم، وهو من القوانين السارية على جامعة عين شمس بناء على المادة 23 من قانون إنشائها، وبيان ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 21 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 الذي حدد في مادته الأولى أعضاء هيئة التدريس بأنهم ( أ ) الأساتذة ذوو الكراسي (ب) الأساتذة المساعدون (ج) المدرسون وبعد أن بين القانون المذكور في المواد التالية شروط توظف كل فئة من هذه الفئات والقواعد والنظم الخاصة بنقلهم وندبهم وتأديبهم وما إلى ذلك نص في المادة 25 منه المعدلة بالقانون رقم 87 الصادر في 29 من أغسطس سنة 1935 على أنه "يجوز أن يعين في الكليات مساعدو مدرسين ومعيدون ومدرسو لغات حية ورؤساء أعمال تدريبية ومحضرون في المعامل، ويكون تعيينهم بصفة مؤقتة أو بصفة دائمة ويعين وزير المعارف العمومية (التربية والتعليم الآن) مساعدي المدرسين ومدرسي اللغات الحية بناء على طلب مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية المختص. ويعين مدير الجامعة بناء على طلب عميد الكلية المختص المعيدين ورؤساء الأعمال التدريبية والمحضرين في المعامل، وهذه الطائفة من الموظفين لا شأن لها بشروط توظف أعضاء هيئة التدريس وإنما تسري عليها القواعد العامة المتعلقة بشروط التوظف المعمول بها في حق جميع الموظفين والمستخدمين في الحكومة كما تقضي بذلك المادة 20 من القانون رقم 93 لسنة 1950 بإنشاء جامعة عين شمس (إبراهيم باشا) والمادة 16 من القانون رقم 42 لسنة 1927 بإعادة تنظيم جامعة القاهرة (فؤاد) وينبني على ذلك سريان القواعد الخاصة بالترقية التي تسري على الموظفين كافة وللسلطة المفوض لها التعيين أو الترقية أن تضع ضوابط للتعيين والترقية بما لا يخالف أحكام القوانين واللوائح الخاصة بالتوظف ولها أن تعدلها في أي وقت أو تستبدل بها غيرها في الحدود المتقدمة وعليها التزام هذه القاعدة في التطبيق الفردي فإن هي خرجت عليها كان قرارها مخالفاً للقانون.
3 - إن لكل من جامعتي القاهرة وعين شمس استقلالها، ومن ثم فإن الضوابط التي تضعها السلطات المنوط بها التعيين والترقية في غير وظائف هيئة التدريس في إحدى الجامعتين لا تلتزم بها سلطات الجامعة الأخرى حتماً وعلى سبيل اللزوم إذ لكل منهما أن تضع ضوابط التعيين والترقية في هذه الوظائف بما لا يخرج عن أحكام التوظف العامة لموظفي الحكومة ومستخدميها.
وبناء على ما تقدم فإنه إذا كانت جامعة عين شمس قد وضعت قواعد أخرى للتعيين في وظيفة مساعد مدرس بكلية الطب غير تلك التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل و19 من مايو سنة 1946 فإن القواعد التي وضعتها جامعة عين شمس هي التي تسري بالنسبة لمساعدي المدرسين الذين يعينون فيها دون تلك التي وضعتها جامعة القاهرة كما أنه مما يجب التنبيه إليه أن القواعد التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل و19 من مايو سنة 1946 هي ضوابط للترقية إلى الدرجة الخامسة المالية مع لقب مساعد مدرس وهي ترقية كانت تترخص في تقدير مناسباتها وملاءمتها طبقاً لأحكام كادر سنة 1939 الذي كان نافذ المفعول في ذلك الوقت ولا محل لإعمال هذه القواعد بعد إلغاء الدرجات المالية بالقانون رقم 131 لسنة 1950 بربط درجات أعضاء هيئة التدريس بكليات الجامعات المصرية بدرجات رجال القضاء والنيابة وبمقتضاه أصبح مساعد المدرس يتقاضى المرتب الذي يتقضاه وكيل نيابة من الدرجة الثالثة. ولم يحدد جدول المرتبات الملحق بقانون استقلال القضاء لهذه الوظيفة أو لغيرها من الوظائف المنصوص عليها فيه درجة مالية من درجات الكادر العام.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9 من يناير سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم والسيد مدير جامعة عين شمس سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1959 في القضية رقم 1987 لسنة 2 استئناف والقاضي (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة و(ثانياً) بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في القضية رقم 10982 لسنة 1 القضائية والقاضي باستحقاق المطعون ضدها للدرجة الخامسة مع لقب مساعد مدرس اعتباراً من 16 مارس سنة 1953 بالتطبيق لأحكام القاعدة التنظيمية التي وضعها مجلس جامعة القاهرة بجلستيه المنعقدتين في 7 من إبريل سنة 1946، 19 من مايو سنة 1946 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات.
ويطلب الطاعن للأسباب الواردة في صحيفة الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدها وإلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضدها في 21 من يناير سنة 1960 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5 من مارس سنة 1961 وأخطر بها الطرفان وأجل لجلسة 26 من مارس سنة 1961 لضم المفردات وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 8 من إبريل سنة 1961، وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن وملف خدمة المطعون ضدها - تتحصل في أن المطعون ضدها الدكتورة زينب حلمي حسين حصلت على بكالوريوس العلوم في التشريح ووظائف الأعضاء في سنة 1944 وبكالوريوس في الطب والجراحة في سنة 1948 ودبلوم الأطفال في إبريل سنة 1951 وعينت طبيبة امتياز من أول سبتمبر سنة 1948 لغاية 15 من مارس سنة 1949 بمستشفى كتشنر، ومن 16 من مارس سنة 1949 لغاية 15 من سبتمبر سنة 1949 بمستشفى الأطفال وعينت طبيبة لقسم رعاية الطفل بوزارة الصحة من 16 من سبتمبر سنة 1949 إلى أول ديسمبر سنة 1951 حيث عينت معيدة (ب) بقسم الأقرباذين بكلية طب العباسية اعتباراً من 2 من ديسمبر سنة 1951 ورقيت إلى وظيفة معيدة ( أ ) اعتباراً من 17 من مارس سنة 1953 ثم عينت في وظيفة مدرس لمادة الأقرباذين في 30 من نوفمبر سنة 1958، وقد تقدمت في 8 من يوليه سنة 1953 بتظلم إلى رئيس اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم قيد برقم 10982 لسنة 1 القضائية وأحيل إلى المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم طبقاً للقانون رقم 147 لسنة 1954 وطلبت المدعية الحكم باستحقاقها لوظيفة مساعد مدرس بالدرجة الخامسة من تاريخ تعيينها أو من تاريخ خلو أول درجة واستندت المطعون ضدها في ذلك إلى القرار الصادر من جامعة فؤاد الأول في 7 من إبريل سنة 1946، وقد ردت الجامعة على الدعوى بأن دفعت بعدم قبولها تأسيساً على أن الدعوى في حقيقتها طعن بالإلغاء في القرار الصادر بتعيينها وقد فات ميعاد الطعن، وفي الموضوع قالت إنه لا وجه للاحتجاج بقرار مجلس جامعة القاهرة الصادر في إبريل سنة 1946 لأن لجنة العمداء بجامعة عين شمس وضعت قراراً تنظيمياً في هذا الشأن يقضي بتفضيل المرشحين للترقية لوظائف مدرسين مساعدين على الأسس الآتية: (1) الحاصلون على الماجستير أو دبلوم العلوم الفنية (2) الحاصلون على دبلومات إكلينيكية (3) ثم بالأقدمية المطلقة في الدرجة السادسة فإن تساوت الأقدمية فيفضل الطبيب، وأن هذا القرار لم يتعرض إطلاقاً لتفضيل الحاصلين على بكالوريوس العلوم مع بكالوريوس الطب والجراحة، أما قرار مجلس جامعة القاهرة الصادر في أول إبريل سنة 1946 فإنه لا يسري على كلية طب العباسية التي أنشئت بالقانون رقم 67 لسنة 1947. وبجلسة 22 من مايو سنة 1955 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم حكمها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وباستحقاق المدعية للدرجة الخامسة مع لقب مساعد مدرس اعتباراً من 16 من مارس سنة 1953 بالتطبيق لأحكام القاعدة التنظيمية التي وضعها مجلس جامعة القاهرة بجلستيه المنعقدتين في 7 من إبريل، 19 من مايو سنة 1946 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأقامت قضاءها في رفض الدفع على أن المدعية تؤسس دعواها وطلباتها على تطبيق قرار مجلس جامعة القاهرة الصادر في 7 من إبريل سنة 1946 ويقضي بمنح حملة بكالوريوس الطب بعد بكالوريوس العلوم الدرجة الخامسة في وظيفة مساعد مدرس فهي تطلب الحكم بحقوق قررتها قواعد تنظيمية مقيدة للجهة الإدارية لا تملك إزاءها سلطة تقديرية في منحها أو منعها وبذلك تكون الدعوى من قبيل التسويات التي لا تتقيد بميعاد الستين يوماً المحددة لرفع دعوى الإلغاء، وفي الموضوع أقامت المحكمة الإدارية قضاءها على أن كلية طب العباسية أنشئت في بادئ الأمر كفرع تابع لكلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة وبذلك تسري في شأنها جميع القوانين واللوائح الخاصة بجامعة القاهرة إلى أن أنشئت جامعة عين شمس بالقانون رقم 93 لسنة 1950 الذي نص في مادته الأولى على أنها تتكون من عدة كليات من بينها كلية طب تكون بذاتها كلية طب العباسية التابعة لجامعة القاهرة ونص في المادة 23 من هذا القانون على أن يستمر العمل بصفة مؤقتة بنصوص القوانين واللوائح الخاصة بالكليات والمعاهد المندمجة في الجامعة ما لم تكن مخالفة هذا القانون إلى أن تصدر التشريعات المنصوص عليها فيه، وخلصت المحكمة من ذلك إلى أنه وإن تكن كلية طب العباسية أصبحت تابعة لجامعة عين شمس في يوليه سنة 1950 إلا أنها بقيت خاضعة لقوانينها ولوائحها القديمة الخاصة بجامعة القاهرة إلى أن تصدر التشريعات الخاصة بالجامعة الجديدة عين شمس. وأن مجلس جامعة القاهرة قرر بجلسته المنعقدة في 7 من إبريل سنة 1946 منح الأطباء الحاصلين على درجات علمية مزدوجة من كليتي الطب والعلوم الدرجة الخامسة مع لقب مساعد مدرس، ثم عاد وقرر بجلسته المنعقدة في 19 من مايو سنة 1946 تأكيده للقاعدة السابقة مع اشتراط مضي أربع سنوات في الدرجة السادسة كما قرر بجلسته المنعقدة في 26 من إبريل سنة 1952 تأكيده لهذه القاعدة التنظيمية وفسرها بأنها امتياز قاصر على من يعملون في كلية الطب وعلى ذلك فإن هذه القاعدة تسري على كلية طب العباسية إبان تبعيتها لجامعة القاهرة وتظل سارية عليها حتى بعد تتبعها لجامعة عين شمس وأن المدعية تتوافر فيها شروط هذه القاعدة التنظيمية إذ أنها حصلت على بكالوريوس كلية العلوم في التشريح ووظائف الأعضاء سنة 1944 وعلى بكالوريوس في الطب والجراحة في سنة 1948 ودبلوم طب الأطفال في سنة 1951 وعينت في وظيفة طبيبة امتياز بتاريخ 16 من مارس سنة 1949 ثم طبيبة في قسم رعاية الطفل في الدرجة السادسة اعتباراً من 16 من مارس سنة 1949 إلى أن عينت معيدة بكلية طب العباسية في 2 من ديسمبر سنة 1951 وأن مدة الامتياز تحسب في أقدمية الدرجة السادسة بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1940 وبذلك يكون قد مضى على المدعية أربع سنوات في الدرجة السادسة اعتباراً من 16 من مارس سنة 1953 ويستحق الدرجة الخامسة مع لقب مساعد مدرس من هذا التاريخ، ولا حق للمدعية في المطالبة بهذا اللقب والدرجة من تاريخ تعيينها. وقد استأنفت الحكومة هذا الحكم في 24 من إبريل سنة 1955 بصحيفة قالت فيها إن هذا الحكم أعلن للجامعة في 25 من يناير سنة 1955 وثابت من كتاب جامعة عين شمس رقم 162 المؤرخ 20 من إبريل سنة 1955 لإدارة قضايا الحكومة بطلب استئناف الحكم المقدم بحافظة مستنداتها أن الحكم المطلوب استئنافه أبلغ للجامعة بكتاب المحكمة رقم 2774 المؤرخ 22 فبراير سنة 1955 وورد للجامعة في 25 من فبراير سنة 1955 برقم 103 وقد تمسكت الحكومة في صحيفة استئنافها بالدفع بعدم قبول الدعوى وبنت استئنافها في الموضوع على ذات الأسباب التي كانت قد أثارتها أمام المحكمة الإدارية وأضافت إليها أن القانون رقم 67 لسنة 1947 الخاص بإنشاء كلية طب العباسية قد حدد القوانين والمراسيم التي يعمل بأحكامها فيها ولم يرد ضمنها قرار مجلس جامعة القاهرة الذي تستند إليه المستأنف ضدها في دعواها وقد عينت المستأنف ضدها بجامعة عين شمس في ديسمبر سنة 1951 فتعامل بالقواعد المعمول بها في شأن تعيين وترقية المعيدين في هذه الجامعة والتي صدر بشأنها القانون رقم 131 لسنة 1950 بربط درجات رجال الجامعات بدرجات رجال القضاء والنيابة الأمر الذي ترتب عليه عدم وجود درجات خامسة مخصصة لمساعدي مدرسين في سنة 1951. وانتهت الحكومة في صحيفة استئنافها إلى طلب الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم المحكمة الإدارية وإلزام المستأنف ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد دفعت المستأنف ضدها بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة إذ أن المستأنف هو وزارة التربية والتعليم والجهة المختصة بتقديم الاستئناف هي جامعة عين شمس. وبجلسة 9 من نوفمبر سنة 1959 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه وهو يقضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعه من غير ذي صفة وثانياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها بالنسبة لرفض الدفع على أنه وإن كان وزير التربية والتعليم يعتبر الرئيس الأعلى للجامعات بحكم منصبه إلا أنه ليس له أن ينوب عنها أمام القضاء، وبعد أن استعرضت المحكمة المراحل التي مرت بها الدعوى من بدايتها حتى صدور الحكم فيها وأشارت إلى كتاب (الجامعة - الشئون القانونية والتشريعية) لإدارة قضايا الحكومة المؤرخ 20 من إبريل سنة 1955 بطلب الطعن في الحكم والذي سردت فيه حالة المستأنف ضدها والقانون الذي يحكم حالتها وأن الحكم أبلغ للجامعة بالكتاب رقم 2774 المؤرخ 22 من فبراير سنة 1952، وأنه ورد للجامعة في 25 من مارس سنة 1955 برقم 103، انتهت المحكمة من ذلك إلى القول إنه يبين من كل ذلك أن الجامعة هي المدعى عليها في كافة مراحل الدعوى وأن الحكم صدر في مواجهتها وهي التي طلبت الطعن فيه ولم يرد بالأوراق أن لوزارة التربية والتعليم صلة بالموضوع ومن ثم فإن ذكر اسم وزير التربية والتعليم في صحيفة الاستئناف بدلاً من الجامعة هو من قبيل الخطأ المادي مما يتعين معه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها. وفي الموضوع أقامت قضاءها برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف على ذات الأسباب التي أقيم عليها الحكم المستأنف.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن استناد الحكم المطعون فيه إلى المادة 23 من القانون رقم 93 لسنة 1950 بإنشاء وتنظيم جامعة إبراهيم (عين شمس) والتي تنص على أن "يستمر العمل بصفة مؤقتة بنصوص القوانين واللوائح الخاصة بالكليات والمعاهد المندمجة في الجامعة ما لم تكن مخالفة لأحكام هذا القانون وذلك إلى أن تصدر التشريعات المنصوص عليها فيه"، أن استناد الحكم إلى هذا النص ليقرر سريان حكم القاعدة التنظيمية التي قررها مجلس جامعة القاهرة على أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب التابعة لجامعة إبراهيم (عين شمس) استناد غير سليم لأن قرار مجلس الجامعة ليس من قبيل القوانين أو اللوائح التي نص القانون على استمرار العمل بها، إذ المقصود بذلك اللوائح التشريعية التي تصدر تنفيذاً لنص وارد في القانون ذاته - أما المسألة المعروضة فلم ينظمها قانون أو لائحة وتركت لتقدير السلطات المختصة التي رأت أن تقيد نفسها عند مباشرة هذه السلطة بقاعدة تنظيمية معينة ومثل هذه القاعدة لا ترقى إلى مرتبة اللوائح التشريعية. وبذلك يكون لجامعة عين شمس سلطة كاملة في وضع القواعد التنظيمية فيما لا يتعارض مع نصوص القوانين أو اللوائح المعمول بها وقت الاندماج. وقد قررت جامعة عين شمس القاعدة التنظيمية بشأن أسس تفضيل المرشحين للتعيين في وظائف مدرسين مساعدين بكلية الطب على النحو الآتي (1) الحاصلون على الماجستير أو دبلوم العلوم الفنية، (2) ثم الحاصلون على دبلومات إكلينيكية، (3) ثم الأقدمية المطلقة في الدرجة السادسة فإن تساوت الأقدمية فيفضل الطبيب. ولم تتعرض هذه الأسس في قيام الأفضلية للحاصلين على بكالوريوس العلوم مع بكالوريوس الطب والجراحة كما هو الحال فيما يتعلق بقرار مجلس جامعة القاهرة الذي طبقه الحكم المطعون فيه، ولما كان القانون رقم 21 لسنة 1933 بشأن شروط توظف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المصرية لم يتعرض لذكر قواعد معينة للتعيين في وظائف المدرسين المساعدين إذ أنهم لم يكونوا ضمن أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وإنما نصت المادة 9 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1935 على أنه "يجوز أن يعين في جميع الكليات مساعدو مدرسين ويكون تعيينهم بصفة مؤقتة أو بصفة دائمة" ولذلك فإن جامعة عين شمس تترخص في وضع القواعد التنظيمية التي ترى السير عليها في تعيين هؤلاء الموظفين دون التقيد بما أصدره مجلس جامعة القاهرة من قرارات سابقة في هذا الشأن ليس لها قوة الإلزام بالنسبة لجامعة عين شمس.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الدعوى هو مدى سريان القاعدة التنظيمية التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل، 19 من مايو سنة 1946 بالنسبة للتعيين في وظيفة مساعد مدرس بها وهل تسري حتماً على كلية طب العباسية بعد إلحاقها بجامعة عين شمس بمقتضى القانون رقم 93 لسنة 1950 استناداً إلى نص المادة 23 منه أم لا.
ومن حيث إنه يبين من استعراض نصوص القانون رقم 93 لسنة 1950 الخاص بإنشاء وتنظيم جامعة عين شمس (إبراهيم باشا حينذاك) أن المادة الأولى تضمنت الكليات التي تتكون منها هذه الجامعة ومن بينها كلية الطب وتكون نواتها كلية طب العباسية التابعة لجامعة القاهرة (فؤاد الأول حينذاك) ونص في المادة 11 على اختصاصات مجلس الجامعة ومن بينها تعيين الأساتذة وسائر أعضاء هيئة التدريس وترقيتهم وتأديبهم ونقلهم من الجامعة، ثم نص في الفقرة الأولى من المادة 12 على أن خطط الدراسة وشروط منح الدرجات والدبلومات وشروط توظف أعضاء هيئة التدريس وتأديبهم تنظم بقانون وبين في الفقرة الثانية من هذه المادة المسائل التي يصدر بها مرسوم بعد أخذ رأي مجلس الجامعة ونص في المادة 20 على أن تسري على جميع موظفي الجامعة ومستخدميها أحكام التوظف العامة لموظفي الحكومة ومستخدميها، وذلك مع مراعاة ما تنص عليه اللوائح الخاصة بأعضاء هيئة التدريس، ثم نص في المادة 23 على أن يستمر العمل بصفة مؤقتة بنصوص القوانين واللوائح الخاصة بالكليات والمعاهد المندمجة في الجامعة ما لم تكن مخالفة لأحكام هذا القانون وذلك إلى أن تصدر التشريعات المنصوص عليها فيه، ومؤدى هذا النص أن القوانين واللوائح التي قصد المشرع استمرار العمل بها بصفة مؤقتة هي المقابلة لتلك التي أشار إليها في المادة 12 منه التي تنظم بعض المسائل بقانون وبعضها بمرسوم بعد أخذ رأي مجلس الجامعة. ولقد بينت المادة الثانية من القانون رقم 67 الصادر في 24 من يونيه سنة 1947 بإنشاء كلية طب العباسية في جامعة القاهرة، (فؤاد الأول حينذاك) القوانين والمراسيم التي تسري على هذه الكلية.
ومن حيث إنه ولئن كانت القواعد التنظيمية التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل، 19 من مايو سنة 1946 بالنسبة لتعيين مساعدي المدرسين تسري على كلية طب العباسية بعد إنشائها باعتبارها فرعاً من الجامعة المذكورة إلا أن ذلك لا يعني أنها ترقى إلى مرتبة القوانين واللوائح المشار إليها في المادة 23 من القانون رقم 39 لسنة 1950 بإنشاء جامعة عين شمس (إبراهيم باشا) بحيث لا يجوز تعديلها إلا بقانون كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه إذ أن هذه القواعد التنظيمية إن هي إلا ضوابط للترقية وضعتها السلطة المختصة بالترقية بالنسبة لطائفة من الموظفين لا يعتبرون من أعضاء هيئة التدريس الذين حدد القانون رقم 21 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 شروط توظفهم وتأديبهم وهو من القوانين السارية على جامعة عين شمس بناء على المادة 23 من قانون إنشائها. وبيان ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 21 الصادر في 30 من إبريل سنة 1933 الذي حدد في مادته الأولى أعضاء هيئة التدريس بأنهم: ( أ ) الأساتذة ذو الكراسي، (ب) الأساتذة المساعدون، (ج) المدرسون، وبعد أن بين القانون المذكور في المواد التالية شروط توظف كل فئة من هذه الفئات للقواعد والنظم الخاصة بنقلهم وندبهم وتأديبهم وما إلى ذلك نص في المادة 35 منه المعدلة بالقانون رقم 87 الصادر في 29 من أغسطس سنة 1935 على أنه "يجوز أن يعين في الكليات مساعدو مدرسين ومعيدون ومدرسو لغات حية ورؤساء أعمال تدريبية ومحضرون في المعامل، ويكون تعيينهم بصفة مؤقتة أو بصفة دائمة. ويعين وزير المعارف العمومية (التربية والتعليم الآن) مساعدي المدرسين ومدرسي اللغات الحية بناء على طلب مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية المختص. ويعين مدير الجامعة بناء على طلب عميد الكلية المختص المعيدين ورؤساء الأعمال التدريبية والمحضرين في المعامل، وهذه الطائفة من الموظفين لا شأن لها بشروط توظف أعضاء هيئة التدريس، وإنما تسري عليها القواعد العامة المتعلقة بشروط التوظف المعمول بها في حق جميع الموظفين والمستخدمين في الحكومة، كما تقضي بذلك المادة 20 من القانون رقم 93 لسنة 1950 بإنشاء جامعة عين شمس (إبراهيم باشا) والمادة 16 من القانون رقم 42 لسنة 1927 بإعادة تنظيم جامعة القاهرة (فؤاد) وينبني على ذلك سريان القواعد الخاصة بالترقية التي تسري على الموظفين كافة وللسلطة المفوض لها التعيين أو الترقية أن تضع ضوابط للتعيين والترقية بما لا يخالف أحكام القوانين واللوائح الخاصة بالتوظف ولها أن تعدلها في أي وقت أو تستبدل بها غيرها في الحدود المتقدمة وعليها التزام هذه القاعدة في التطبيق الفردي فإن هي خرجت عليها كان قرارها مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه ما دام أن لكل من جامعتي القاهرة وعين شمس استقلالها فإن الضوابط التي تضعها السلطات المنوط بها التعيين والترقية في غير وظائف هيئة التدريس في إحدى الجامعتين لا تلتزم بها سلطات الجامعة الأخرى حتماً وعلى سبيل الإلزام إذ لكل منهما أن تضع ضوابط التعيين والترقية في هذه الوظائف بما لا يخرج عن أحكام التوظف العامة لموظفي الحكومة ومستخدميها.
ومن حيث إن جامعة عين شمس قد وضعت قواعد أخرى للتعيين في وظيفة مساعد مدرس بكلية الطب غير تلك التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل و19 من مايو سنة 1946 فإن القواعد التي وضعتها جامعة عين شمس هي التي تسري بالنسبة لمساعدي المدرسين الذين يعينون فيها دون تلك التي وضعتها جامعة القاهرة، كما أنه مما يجب التنبيه إليه أن القواعد التي وضعتها جامعة القاهرة في 7 من إبريل، 19 من مايو سنة 1946 هي ضوابط للترقية إلى الدرجة الخامسة المالية مع لقب مساعد مدرس وهي ترقية كانت تترخص في تقدير مناسبتها وملاءمتها طبقاً لأحكام كادر سنة 1939 الذي كان نافذ المفعول في ذلك الوقت ولا محل لإعمال هذه القواعد بعد إلغاء الدرجات المالية بالقانون رقم 131 لسنة 1950 بربط درجات أعضاء هيئة التدريس بكليات الجامعات المصرية بدرجات رجال القضاء والنيابة وبمقتضاه أصبح مساعد المدرس يتقاضى المرتب الذي يتقاضاه وكيل نيابة من الدرجة الثالثة. ولم يحدد جدول المرتبات الملحق بقانون استقلال القضاء لهذه الوظيفة أو لغيرها من الوظائف المنصوص عليها فيه درجة مالية من درجات الكادر العام.
ومن حيث إن المدعية عينت بكلية الطب بجامعة عين شمس في 2 من ديسمبر سنة 1951 بوظيفة معيدة بقسم الأقربازين وهي من الوظائف خارج هيئة التدريس وتطالب باستحقاقها لوظيفة مساعد مدرس وهي أيضاً من الوظائف خارج هيئة التدريس ومنحها الدرجة الخامسة تطبيقاً للقاعدة التي وضعتها جامعة القاهرة في هذا الشأن في سنة 1946، في حين أن جامعة عين شمس وضعت قواعد أخرى في حدود سلطاتها للتعيين في هذه الوظيفة لا تنطبق على المدعية كما أنه لا وجه لما تطالب به المدعية من استحقاقها للدرجة الخامسة بعد أن أصبحت وظائف مساعدي المدرسين والمعيدين شأنها شأن وظائف أعضاء هيئة التدريس غير مرتبطة بدرجات مالية من درجات الكادر العام طبقاً للقانون رقم 131 لسنة 1950.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى باستحقاق المدعية للدرجة الخامسة مع لقب مساعد مدرس من 16 من مارس سنة 1953 تطبيقاً للقاعدة التنظيمية التي وضعها مجلس جامعة القاهرة في 7 من إبريل، 19 من مايو سنة 1946 قد انطوى على مخالفة للقانون ويتعين إلغاؤه ورفض الدعوى وإلزام المدعية بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات.