مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى القسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة الثانية عشرة (من أول أكتوبر سنة 1957 إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 118

(إدارة الفتوى والتشريع لوزارة المالية - فتوى رقم 193 بتاريخ 25 من يناير سنة 1958)
(96)

ضريبة - الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية - شروط سريانها - القصد إلى الربح - توافره بالنسبة للعمليات التجارية التي تباشرها في مصر مكاتب تابعة لحكومات أجنبية تتولى في بلادها إدارة المشروع التجاري الذي تتصل به هذه العمليات - مثال.
إن ثمة شروطاً متفقاً عليها لسريان ضريبة الأرباح التجارية، تتحصل في أن يشتغل الممول لحسابه، وأن يحترف نشاطاً تخضع أرباحه للضريبة، وأن يقوم بذلك بقصد الربح، وثمت شرط أخير هو أن يمارس نشاطه في مصر. وتطبيقاً لذلك فإنه متى ثبت أن "مكتب الخطوط الجوية العربية السعودية" يشتغل باسمه ولحسابه وليس لحساب غيره، وأنه يقوم بنشاطه في مصر منذ يناير سنة 1947. وأنه يزاول هذا النشاط على وجه الاعتياد والاستمرار بما يدل على أن المكتب المذكور يمارس عمليات النقل، وهي عمليات تعتبر بالنسبة إليه عملاً تجارياً، فإنه ترتيباً على ذلك يمكن القول بأن المكتب المذكور هو في حقيقة الأمر منشأة تقوم بنشاط تجاري في مصر.
ولما كان هذا النشاط يسفر عن ربح، فإنه يجب إخضاعه للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في مصر، إذ اجتمعت في نشاط المكتب المذكور سائر الشروط اللازمة لسريان تلك الضريبة، فالمكتب يشتغل لحسابه، ويزاول نشاطاً تجارياً في مصر، كما أنه ليس في الأوراق ما يدل على أن المكتب لا يبغي الكسب من وراء نشاطه، أما القول بأن الخطوط الجوية السعودية قد أنشئت بقصد تدبير سبل المواصلات داخل أنحاء المملكة السعودية وربط بلادها بجاراتها من الأقطار العربية والشرقية، أي القيام بخدمة عامة وليس مرماها الكسب، فإنه - أي هذا القول يجانب الصواب، ذلك أن فكرة المرفق العام والخدمة العامة باعتبار الأول مشروعاً تنشئه الدولة أو تشرف على إدارته وتعمل بانتظام واستمرار - مستعينة بسلطان الإدارة - لتزويد الجمهور بالحاجات العامة التي يتطلبها (الخدمة العامة) لا بقصد الربح، هذه الفكرة إنما تجد مداها في بلاد الدولة ذاتها، لا تتعداها إلى غيرها، فهذا هو حدها الطبيعي إذ المقصود أصلاً هو خدمة المصالح العامة في الدولة وجمهور الدولة ذاتها. فهذه الفكرة، أي فكرة المرفق العام إنما تستند إلى سلطان الدولة فيما تهدف إليه من إشباع حاجات عامة، وغني عن البيان أن الدولة لا يدخل في حدود سلطتها إشباع حاجات في غير نطاق إقليمها، فالتلازم قائم إذاً بين فكرة المرفق العام وبين سلطان الدولة على إقليمها من حيث إشباع الحاجات بل هما وجهان لصورة واحدة ومن ثم يرد نشاط المكتب المذكور في مصر إلى الصورة العادية، شأنه في ذلك شأن سائر الخطوط الجوية الأخرى التي تقوم بخدمات في مصر فينظر إلى نشاطه في مصر، والنتيجة المالية التي يسفر عنها هذا النشاط من حيث الكسب والخسارة، فإذا أسفر عن كسب، كان حقيقاً بإخضاعه للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.