مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 981

(125)
جلسة 8 من مايو (آيار) سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد عبد العزيز البرادعي المستشارين.

القضية رقم 2 لسنة 3 القضائية

( أ ) دعوى - قبول الدعوى - ميعاد رفع الدعوى - مدة الشهر المنصوص عليها في المادة 23 من القانون رقم 57 لسنة 1950 بتحديد صلاحيات وملاك المحكمة العليا - الرفض الضمني - لا اعتداد به متى كانت الإدارة بصدد بحث التظلم ثم أصدرت قراراً صريحاً بالرفض - حساب الميعاد في هذه الحالة بالاعتداد بالقرار الصريح - مثال.
(ب) موظف - شهادة - قدم - ترفيع - نص المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 لسنة 1947 على ترفيع موظف التعليم الأولي الذي حصل على شهادة أعلى درجة واحدة متى توافرت فيه شروطها - عدم تعارضه مع نص المادة 17 من قانون الموظفين الأساسي على الترفيع بالقدم - أساس ذلك.
1 - إذا كان الثابت أن المطعون ضدها بادرت بطلب تطبيق أحكام المادة 49 من المرسوم التشريعي ذي الرقم 86 لسنة 1947 المتضمن الملاك الخاص للمعارف عليها بعد أن حصلت مباشرة على شهادة أهلية التعليم الابتدائي وأن الوزارة ردت عليها بما يفيد أن طلبها محل بحثها عندما تتوافر الشواغر والاعتمادات في الموازنة أي أنها لم تنكر عليها حقها في الترفيع، وعندما أخطرتها صراحة بعدم أحقيتها في الترفيع طبقاً لنص المادة 49 آنفة الذكر بعد أن رفعتها بالقدم وبهذا الإخطار كشفت الوزارة عن إرادتها الصريحة بعدم أحقية المطعون ضدها في الترفيع المطلوب فما كان لها أن تتخذ من مضي ثلاثين يوماً على أي طلب من الطلبات السابقة قرينة على الرفض إذ موقف الوزارة معها لا يفيد ذلك نظراً لأن الترفيع في نظرها يتوقف على وجود شواغر واعتمادات ثم أخطرتها صراحة بالرفض ولو كانت الوزارة تعتد بمضي المدة في هذا المقام وتتخذ منه قرينة على الرفض لما لجأت إلى إصدار قرار صريح من جانبها ومن ثم يكون المعول عليه في هذا الشأن هو القرار المتضمن الرفض الصريح وإذ أقامت المطعون ضدها دعواها بعد أن تظلمت من القرار في الميعاد الذي حدده القانون فتكون الدعوى مقبولة طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 57 لسنة 1950 بتحديد صلاحيات وملاك المحكمة العليا.
2 - تنص المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 لسنة 1947 المتضمن الملاك الخاص للمعارف على أنه "إذا حصل موظف التعليم الأولي على شهادة أعلى من الشهادة التي يحملها ونجح في مسابقة التعيين الخاصة بحملة تلك الشهادة فإنه يصنف في المرتبة والدرجة اللتين تخوله إياهما شهادته الجديدة، وإذا كان قد بلغ المرتبة والدرجة البدائيتين المخصصتين لتلك الشهادة أو تجاوزهما يرفع درجة واحدة".
وهذه المادة تمنح ميزة لموظف التعليم الأولي إذا حصل على شهادة أعلى من شهادته هي أن يرفع درجة واحدة متى توافرت فيه الشروط التي ذكرتها وهذه الميزة منشؤها هذا النص ولا تتعارض مع الحق الناشئ من قانون الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 والتعديلات التي أدخلت عليه سنة 1952 إذ تقضي المادة 17 من القانون الأخير بأن يكون الترفيع درجة درجة في المرتبة الواحدة ومن الدرجة الأولى في المرتبة الأولى إلى الدرجة الأخيرة في المرتبة الأعلى وأن يتوقف الترفيع من مرتبة إلى مرتبة أعلى على وجود شواغر في الملاك واعتمادات في الموازنة، أما الترفيع من درجة إلى درجة في مرتبة واحدة فلا يتوقف على وجود شواغر، وهذا النص يقرر الأحقية في الترفيع بالقدم بالشروط التي نص عليها وينبغي عدم الخلط بين الأحقية التي قررتها المادة 49 السالف ذكرها وتلك التي أساسها القدم وآية ذلك أن المادة 49 وردت في المرسوم التشريعي رقم 86 لسنة 1947 بعد العمل بقانون الموظفين الأساسي الصادر سنة 1945 ولم تشر إليه من قريب أو بعيد الأمر الذي يدل دلالة واضحة على أن الحق الذي تمنحه تلك المادة يقوم استقلالاً عن الحق الذي ينبثق من القانون الأساسي ولا يتعارض معه.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10 من أكتوبر (تشرين أول) سنة 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بوصفه وكيلاً عن السيد وزير الخزانة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن عن الحكم الصادر في أول سبتمبر (أيلول) سنة 1960 من المحكمة الإدارية في القضية رقم 43 لسنة 2 القضائية المرفوعة من السيدة كوثر بنت محمد كفا مراد ضد وزير التربية والتعليم ومدير التربية والتعليم في حمص القاضي بأحقية المدعية في ترفيعها درجة واحدة تطبيقاً لأحكام المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 بتاريخ 30 من يونيه سنة 1947 وإلزام الطاعنة المصروفات وعشرين ليرة سورية مقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد الطاعن من هذه المحكمة اعتماداً على الأسباب التي ذكرها في عريضة طعنه أن تقضي بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني واحتياطياً برفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقد أعلن الطعن لوكيل المطعون ضدها في 15 من أكتوبر سنة 1960 وتعين لنظره أولاً جلسة 21 فبراير (شباط) 1961 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر ذوو الشأن بتلك الجلسة ومنها سمعت تلك الدائرة الملاحظات التي أبداها ذوو الشأن ثم قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره في دور مقبل ثم عينت له جلسة أول مايو (آيار) 1961 وأخطر ذوو الشأن بها في 18 من إبريل سنة 1961، وقد سمعت المحكمة ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظات طرفي المنازعة ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - كما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت دعواها أمام المحكمة الإدارية بعريضة أودعتها قلم كتاب تلك المحكمة في 12 من فبراير سنة 1960، وقد قيدت في جدولها برقم 43 لسنة 2 القضائية. وذكرت تبياناً لدعواها أنها عينت بتاريخ 2 من أكتوبر سنة 1946 معلمة مساعدة في المرتبة العاشرة والدرجة الثانية أثر نجاحها في مسابقة خاصة أجريت لحملة الشهادة الدراسية المتوسطة وذلك بالقرار الصادر من محافظة حمص ذي الرقم 223 ثم صنفت بتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1948 في المرتبة التاسعة والدرجة الثانية نتيجة لحصولها على شهادة الدراسة الثانوية ونجاحها في مسابقة التعيين الخاصة بحملة هذه الشهادة ورفعت عام 1954 إلى المرتبة الثامنة والدرجة الثانية بالقدم أيضاً ثم حصلت على شهادة أهلية التعليم الابتدائي في عام 1956 فأصدر محافظ حمص بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1956 القرار ذا الرقم 34 بتصنيفها في المرتبة الثامنة والدرجة الأولى بالقدم ولكن وزارة المعارف لم تصدق على هذا القرار وأعادته بتاريخ 13 من فبراير سنة 1957 ثم رفعت إلى المرتبة الثامنة والدرجة الأولى بالقدم. وأضافت إلى ما تقدم أنه بتاريخ 3 من فبراير سنة 1959 أصدر مدير التربية والتعليم في حمص القرار ذا الرقم 34 بترفيعها إلى المرتبة السابعة والدرجة الثالثة ولكن وزارة المعارف لم تصدق عليه وأعادته إلى المديرية بحاشيتها المؤرخة 5 من فبراير سنة 1959 ذاكرة فيها أنه لا يمكن ترفيعها إلى المرتبة الثامنة والدرجة الأولى بعد حصولها على شهادة أهلية التعليم الابتدائية عام 1956 إذ أنها رفعت فعلاً بالقدم ثم استطردت المدعية ذاكرة أنها لم تبلغ بهذه الحاشية ولكنها اطلعت عليها في 29 من ديسمبر سنة 1959 في أثناء مراجعتها لمديرية التربية والتعليم، وفي نفس اليوم بادرت بتقديم عريضة إلى الوزارة طالبت فيها بترفيعها درجة واحدة طبقاً لحكم المادة 49 من ملاك وزارة المعارف وطبقاً للقانون 74 المؤرخ 30 من يونيه سنة 1959 فرفضت الوزارة طلبها وأبلغتها ذلك في 16 من ديسمبر سنة 1959 فاعترضت على هذا الرفض في اليوم نفسه مؤكدة حقها في الترفيع درجة واحدة لنيلها شهادة أهلية التعليم الابتدائي، ولما أصرت الوزارة على موقفها منها بادرت بإقامة دعواها طالبة فيها إلغاء حاشيتي وزارة التربية والتعليم المؤرختين 10 من ديسمبر سنة 1959 و3 من فبراير سنة 1960 المتضمنتين رفض ترفيعها ورفض تظلمها والحكم بإلزام الجهة المدعى عليها بترفيع المدعية درجة واحدة إضافية تسوية لوضعها مع مراعاة الترفيعات التي نالتها بالقدم وذلك إعمالاً لأحكام المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 والمادة 34 من القرار الجمهوري رقم 1532. فردت إدارة قضايا الحكومة على هذه الدعوى بمذكرة قدمتها إلى تلك المحكمة برقم 278 وتاريخها 9 من إبريل سنة 1960 تركت تقدير أمر قبولها للمحكمة ولكنها طالبت برفضها موضوعاً للأسباب الآتية:
(1) أن موازنة عام 1957 ما كانت تسمح بالترفيع لعدم وجود الاعتماد.
(2) رفعت المدعية في مطلع عام 1958 عندما وجد الاعتماد ووجد الشاغر في الملاك وفقاً لقواعد الترفيع العادية ووفقاً للمادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 المؤرخ 30 من يونيه سنة 1947 أي ترفيعاً خاصاً لنيل شهادة التعليم الابتدائي وسواء تم ترفيعها بالقدم أو لنيلها الشهادة فالنتيجة واحدة ولابد لها من أن تتربص سنتين للترفيع المقبل.
(3) تشترط المادة 34 من الملاك الجديد الصادر بالقرار الجمهوري رقم 1532 في 2 من سبتمبر سنة 1959 لجواز التصنيف أن يكون تعيين المعلم قد جرى على أساس الدراسة الثانوية والمدعية عينت على أساس الشهادة المتوسطة وليس للملاك الجديد من مفعول رجعي إذ اعتبر نافذاً من 29 من سبتمبر سنة 1959 أي بعد حصولها على الشهادة.
(4) لم تلغ المادة 4 من القانون رقم 174 الصادر بتاريخ 30 من يونيه سنة 1959 الأحكام السابقة المتعلقة بدور المعلمين والمعلمات في وزارة التربية والتعليم بل أبقتها بنص صريح.
وبعد أن ذكرت ما تقدم انتهت إلى القول بأن القرار المطعون فيه لا تشوبه شائبة وجاء موافقاً للأصول والقانون وبجلسة أول سبتمبر (أيلول) 1960 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعية في ترفيعها درجة واحدة تطبيقاً لأحكام المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 بتاريخ 30 من يونيه سنة 1947 وبإلزام الطاعنة المصروفات وعشرين ليرة سورية مقابل أتعاب المحاماة وأقامت قضاءها على أن الدعوى تعتبر دعوى تسوية وأن كيفتها المدعية خطأ بأنها دعوى إلغاء تخضع لمواعيد معينة حددها القانون لرفعها وأن هذا التكييف الخاطئ من جانبها لا يمنع المحكمة من التكييف الصحيح لها وإذ هي تستند إلى المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 المؤرخ 30 من يونيه سنة 1947 فتبغي الحصول على مركز قانوني ينشأ من القانون نفسه متى توافرت الشروط التي نص عليها ومن ثم تكون دعواها تسوية وبهذه المثابة لا تخضع لمواعيد معينة يجب مراعاتها بل تخضع للتقادم العادي فقط وهو لم يمض بعد ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً.
ومن حيث الموضوع - فإن المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 المؤرخ 30 من يونيه سنة 1947 المتضمن الملاك الخاص بوزارة التربية والتعليم تجعل لمن يحصل من موظفي التعليم الابتدائي على شهادة أعلى من الشهادة التي يحملها حقاً في تسوية حالته بوضعه في المرتبة والدرجة المقررتين لشهادته الجديدة على التفصيل الوارد في المادة 42 من ذات المرسوم، ومن لم يكن قد بلغ المرتبة والدرجة المقررتين في هذه المادة الأخيرة تجعل له حقاً في الترفيع درجة تعلو درجته الحالية وكل ذلك مناطه أن يكون ثمة درجات شاغرة في ملاك وزارة التربية والتعليم وأن تتوافر الاعتمادات والمخصصات في الموازنة وأن عدم استجابة الوزارة إلى طلب المدعية عام 1959 مع أن الثابت من كتابها رقم 2306 المؤرخ 5 من يوليه سنة 1960 أن المخصصات في موازنة ذلك العام كانت كافية لترفيع المستحقين حسب نص المادة 49 لا سند له من القانون إذ الترفيع طبقاً للمادة 49 يختلف عن الترفيع العادي حسب قانون الموظفين الأساسي وفيه مصادرة لما هدف إليه المشرع من رغبته في منح مزية لحامل الشهادة حتى يبلغ الدرجة المقررة لشهادته أو يتعداها إن كان قد بلغها أو تجاوزها دون أن يؤثر ذلك على حقه في الترفيع العادي في موعده بل يجب الجمع بينهما إذ الترفيع حسب نص المادة 49 آنف الذكر حتمي ومن ثم يكون حقها في الترفيع درجة واحدة ثابتاً الأمر الذي يجب القضاء بأحقيتها فيه.
ومن حيث إن الطعن بني على أن الدعوى من حيث الشكل:
رفعت بعد الميعاد القانوني مع التسليم بصحة التكييف الذي ذهبت إليه المحكمة الإدارية واعتبارها الدعوى دعوى تسوية. ذلك أن القانون الواجب تطبيقه على الدعوى عند رفعها هو القانون رقم 57 لسنة 1950 (قانون المحكمة العليا سابقاً) الذي كانت أحكامه تسوى بين جميع الأعمال والقرارات الإدارية دون تفرقة بين نوع وآخر فيها، وإذ صدر القرار المطعون فيه في ظلاله فهو الواجب إعماله وليس القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة الذي يفرق بين دعوى الإلغاء ودعوى التسوية ولا يتطلب في الدعوى الأخيرة موعداً خاصاً يجب مراعاته والذي جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أن العبرة بالقانون الواجب التطبيق على الدعوى هو القانون النافذ وقت صدور القرار المطعون فيه (يراجع الحكم الصادر في 26 من إبريل (نيسان) سنة 1960 رقم 20 لسنة 2 ق)، وإذ تقرر المدعية أنها لم تبلغ بقرار الوزارة الصريح برفضها التوقيع بعد أن طلبت ذلك فإن سكوت الإدارة لمدة شهر عن تصنيفها حسب طلبها يكون بمثابة قرار ضمني بالرفض وكان لها أن تطعن فيه وذلك تطبيقاً للفقرة الرابعة من المادة 19 من القانون رقم 57 لسنة 1950 التي نصت على أنه "يعتبر سكوت السلطة الإدارية خلال شهر من تاريخ استلامها العريضة قراراً ضمنياً بالرفض يجوز للمتضرر الطعن فيه" وأن المادة 23 من قانون المحكمة العليا نصت على أن تقام دعوى الإلغاء في خلال شهر من اليوم الذي يفترض فيه أن المدعي عرف قانوناً بالقرار أو بالمرسوم وبالنسبة للقرارات الضمنية يبدأ الميعاد منذ انتهاء الشهر المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 19 ولا عبرة بتبليغ المدعية رفض طلباتها بمنحها درجة إضافية لأنه لا يعتد به في حساب المواعيد ولا يغير من ذلك أن تكون جهة الإدارة قد أعلنتها برفض صريح يؤكد الرفض الضمني المستفاد من سكوتها الشهر السالف الذكر وهو الذي يجب حساب ميعاد رفع الدعوى بعد انقضائه، ومن ثم يكون الدفع على أساس سليم من القانون، وإذ اعتبر الحكم الدعوى من دعاوى التسوية التي لا يسري عليها الميعاد المقرر لرفع دعاوى الإلغاء يكون قد بني على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله.
ومن حيث إن الطعن مبني من حيث الموضوع على أنه ليس للمطعون عليها حق في الترفيع درجة إضافية إذ الشهادة التي حصلت عليها عام 1956 تتيح لها التعيين في المرتبة الثامنة والدرجة الأولى.
ولم تتمكن الإدارة من تصنيفها في عامي 1956، 1957 لعدم وجود الاعتمادات والشواغر فيهما وفي مطلع عام 1958 رفعت إلى المرتبة الثامنة والدرجة الأولى وبذلك لم يضع عليها إلا فرق الراتب بين المرتبة الثامنة والدرجة الأولى وبين المرتبة الثامنة والدرجة الثانية لمدة سنة وعلة ذلك عدم وجود الاعتمادات في الموازنة وسواء تم الترفيع بالقدم أو بسبب الشهادة فالنتيجة واحدة ولابد من انتظار سنتين للترفيع المقبل وقد تم ترفيعها إلى المرتبة السابعة والدرجة الثالثة في مطلع عام 1960 ولم يعد في الإمكان منحها الدرجة الإضافية التي تطالب بها، حسبما استقر عليه قضاء المحكمة العليا سابقاً (طعن رقم 468 لسنة 1957) أما استنادها في المطالبة بالدرجة الإضافية إلى المادة 34 من القرار الجمهوري رقم 1532 تاريخ 2 من سبتمبر سنة 1959 فلا محل له ذلك أنها حصلت على الشهادة عام 1956 قبل صدور القرار الجمهوري وليس له من أثر رجعي كما أنه ليس لها أن تستفيد من أحكام القانون رقم 174 الصادر بتاريخ 30 من يونيه سنة 1959 إذ نصت المادة الرابعة منه على إلغاء الأحكام المغايرة له عدا ما يتعلق بوزارتي الحربية ودور المعلمين والمعلمات في وزارة التربية والتعليم فبقيت الأحكام السابقة على حالها وهي لا تجيز منحها درجة إضافية لعدم وجود الاعتماد في الموازنة وإذ نص الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضدها في ترفيعها درجة واحدة تطبيقاً لحكم المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 بتاريخ 30 من يونيه سنة 1947 يكون حكماً مخالفاً للقانون ويتعين بالتالي إلغاؤه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني في هذه المنازعة ذهبت فيه إلى تأييد ما جاء في الحكم المطعون فيه للأسباب التي بني عليها الحكم ورفض الطعن بعد أن ذكرت أنه ليس هناك ما يحول دون مطالبة المطعون ضدها بتسوية درجتها وراتبها إذا توافر اللازم في الموازنة.
ومن حيث إن المطعون ضدها قدمت مذكرة رداً على ما جاء في الطعن ضمنتها أن دعواها تسوية هدفت منها إلى الإفادة من مركز قرره القانون، ومن ثم لا تسري عليها مواعيد دعوى الإلغاء بل يسري عليها التقادم الطويل فقط وهو أمر لم يحصل. وقالت عن الموضوع أن الوزارة خلطت بين الترفيع الحكمي والترفيع بالقدم وإذا لم يكن في استطاعتها أن ترفعها عام 1956 بعد أن حصلت على شهادتها لعدم وجود الاعتماد في الموازنة فكان عليها أن ترفعها عام 1959 حيث وجد الاعتماد ولا يمنعها من ذلك ترفيعها بالقدم إذ الأول حتمي بنص القانون ثم انتهت فيها إلى طلب رد الطعن وتصديق الحكم وإلزام الطاعنة بالمصروفات والأتعاب.
ومن حيث إنه فيما يختص بالدفع بعدم القبول فالثابت من الأوراق ومما جاء في محضر الجلسة على لسان الحاضر عن الحكومة أن المطعون ضدها بادرت بطلب تطبيق أحكام المادة 49 من المرسوم التشريعي ذي الرقم 86 لسنة 1947 عليها بعد أن حصلت مباشرة على شهادة أهلية التعليم الابتدائي وأن الوزارة ردت عليها بما يفيد أن طلبها محل بحثها عندما تتوافر الشواغر والاعتمادات في الموازنة أي أنها لم تنكر عليها حقها في الترفيع، وعندما أخطرتها صراحة بعدم أحقيتها في الترفيع طبقاً لنص المادة 49 آنفة الذكر بعد أن رفعتها بالقدم وبهذا الإخطار كشفت الوزارة عن إرادتها الصريحة بعدم أحقية المطعون ضدها في الترفيع المطلوب فما كان لها أن تتخذ من مضي مدة ثلاثين يوماً على أي طلب من الطلبات السابقة قرينة على الرفض إذ موقف الوزارة معها لا يفيد ذلك نظراً لأن الترفيع في نظرها يتوقف على وجود شواغر واعتمادات ثم أخطرتها صراحة بالرفض ولو كانت الوزارة تعتد بمضي المدة في هذا المقام وتتخذ منه قرينة على الرفض لما لجأت إلى إصدار قرار صريح من جانبها، ومن ثم يكون المعول عليه في هذا الشأن هو القرار المتضمن الرفض الصريح وإذ أقامت المطعون ضدها دعواها بعد أن تظلمت من القرار في الميعاد الذي حدده القانون فتكون الدعوى مقبولة طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 57 لسنة 1950 بتحديد صلاحيات وملاك المحكمة العليا، ومن ثم يكون الدفع على غير أساس وخليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 لسنة 1947 المتضمن الملاك الخاص للمعارف تنص على أنه "إذا حصل موظف التعليم الأولي على شهادة أعلى من الشهادة التي يحملها ونجح في مسابقة التعيين الخاصة بحملة تلك الشهادة فإنه يصنف في المرتبة والدرجة اللتين تخوله إياهما شهادته الجديدة، وإذا كان قد بلغ المرتبة والدرجة البدائيتين المخصصتين لتلك الشهادة أو تجاوزهما يرفع درجة واحدة".
ومن حيث إن القانون رقم 174 ذي التاريخ 30 من يونيه سنة 1959 بشأن منح خريجي المدارس المسلكية أو المراكز التدريبية درجة أو درجتين إضافيتين، نص في المادة الرابعة منه، على إلغاء جميع الأحكام المخالفة له عدا ما يتعلق بوزارتي الحربية ودور المعلمين والمعلمات في وزارة التربية والتعليم ومدارس الشرطة في وزارة الداخلية.
ومن حيث إن مفاد هذا القانون أن حكم المادة 49 من المرسوم التشريعي رقم 86 لسنة 1947 لا يزال قائماً، ومن ثم يكون واجب التطبيق في شأن المطعون ضدها.
ومن حيث إن هذه المادة تمنح ميزة لموظف التعليم الأولي إذا حصل على شهادة أعلى من شهادته هي أن يرفع درجة واحدة متى توافرت فيه الشروط التي ذكرتها وهذه الميزة منشؤها هذا النص ولا تتعارض مع الحق الناشئ من قانون الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 والتعديلات التي أدخلت عليه سنة 1952 إذ تقضي المادة 17 من القانون الأخير بأن يكون الترفيع درجة درجة في المرتبة الواحدة ومن الدرجة الأولى في المرتبة الأولى إلى الدرجة الأخيرة في المرتبة الأعلى وأن يتوقف الترفيع من مرتبة إلى مرتبة أعلى على وجود شواغر في الملاك واعتمادات في الموازنة، أما الترفيع من درجة إلى درجة في مرتبة واحدة فلا يتوقف على وجود شواغر، وهذا النص يقرر الأحقية في الترفيع بالقدم بالشروط التي نص عليها وينبغي عدم الخلط بين الأحقية التي قررتها المادة 49 السالف ذكرها وتلك التي أساسها القدم وآية ذلك أن المادة 49 وردت في المرسوم التشريعي رقم 86 لسنة 1947 بعد العمل بقانون الموظفين الأساسي الصادر سنة 1945 ولم تشر إليه من قريب أو بعيد الأمر الذي يدل دلالة واضحة على أن الحق الذي تمنحه تلك المادة يقوم استقلالاً عن الحق الذي ينبثق من القانون الأساسي ولا يتعارض معه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه بتقرير هذه الأحقية للمطعون ضدها لتوافر الشرائط القانونية التي استلزمتها المادة 49 آنفة الذكر للترفيع يكون حكماً سديداً ومتفقاً مع أحكام القانون وتفسيره الصحيح ويكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبتأييد الحكم المطعون فيه وبإلزام الحكومة المصروفات.