مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى القسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة الثانية عشرة (من أول أكتوبر سنة 1957 إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 172

(اللجنة الثالثة للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع - إدارة الفتوى والتشريع
لوزارة المالية - فتوى رقم 286 في 6 من فبراير سنة 1958)
(150)

المؤسسة الاقتصادية - رأس مال المؤسسة الاقتصادية - العناصر التي يتكون منها - دخول أنصبة الحكومة في رءوس أموال الشركات المساهمة في رأس مال المؤسسة الاقتصادية بقوة القانون دون حاجة إلى استصدار قرار من رئيس الجمهورية بذلك - عدم التفرقة في هذا الخصوص بين الشركات التي أسهمت الحكومة في رأسمالها قبل صدور القانون رقم 20 لسنة 1957 وتلك التي تسهم فيها بعده - مدى التزام المؤسسة بأداء قيمة الأسهم التي تكتتب الحكومة فيها بعد صدور القانون - مثال.
إن المادة الثانية من القانون رقم 20 لسنة 1957 في شأن المؤسسة الاقتصادية تنص على أنه:
"يتكون رأس مال المؤسسة من:
( أ ) أنصبة الحكومة في رءوس أموال الشركات المساهمة.
(ب) رؤوس أموال المؤسسات العامة التي يكون من أغراضها مباشرة النشاط التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو العقاري والتي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية.
ويجوز زيادة رأس المال بقرار من رئيس الجمهورية".
يخلص من هذا النص أن أنصبة الحكومة في رءوس أموال الشركات المساهمة تدخل في رأس مال المؤسسة دون حاجة إلى صدور قرار من رئيس الجمهورية بذلك على عكس رءوس أموال المؤسسات العامة المذكورة، وفي ذلك تقول المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور".. على أنه قد روعي ألا ينص على انتقال رءوس أموال المؤسسات العامة الاقتصادية إلى ملكية المؤسسة الاقتصادية بقوة القانون، بل ترك أمر تحديد المؤسسات العامة التي تنتقل أموالها إلى المؤسسة الجديدة إلى قرار يصدر من رئيس الجمهورية.." مما يفهم منه أن القانون قد فرق بين نوعي رأس المال المذكورين في البند "أ" و"ب" من المادة الثانية سالفة الذكر، فيدخل الأول في رأس مال المؤسسة بقوة القانون أما الثاني فيلزم لإدخاله صدور قرار من رئيس الجمهورية.
ولا ينال من هذا الرأي القول بأن المقصود بأنصبة الحكومة في رءوس أموال الشركات المساهمة هو الأنصبة الموجودة عند صدور القانون، إذ أن القاعدة أن القانون يسري على جميع الوقائع التي تتم في ظله سواء بدأت قل صدوره وتكونت بعد العمل به، أو بدأت وتكونت في ظل هذا العمل، وعلى ذلك فإنه طبقاً لحكم المادة الثانية تنتقل أنصبة الحكومة في رءوس أموال الشركات المساهمة إلى المؤسسة الاقتصادية سواء أسهمت الحكومة في رأس مال الشركة قبل صدور القانون رقم 20 لسنة 1957 أم بعد ذلك.
ومما يعزز هذا الرأي الوقوف على الأغراض التي أنشئت من أجلها المؤسسة الاقتصادية وفي ذلك تقول المادة الرابعة من القانون المذكور أغراض المؤسسة هي:
( أ ) تنمية الاقتصاد القومي عن طريق النشاط التجاري والصناعي والزراعي والمالي.
(ب) وضع سياسة استثمار أموال المؤسسة وتوجيهها في المنشآت المشار إليها في المادة الثانية.
(جـ) القيام نيابة عن الحكومة بالتوجيه والإشراف على المؤسسات الأخرى التي يصدر بتعيينها قرار من رئيس الحكومة وذلك بما يحقق مصلحة الاقتصاد القومي ووضع البرامج الكفيلة بتنظيم مشاركة الحكومة والهيئات العامة الخاصة في هذا النشاط.
فهذا النص يبين بوضوح أن الغرض الأساسي من إنشاء المؤسسة هو قيامها برسم سياسة استغلال أموال الحكومة في النشاط الاقتصادي في مختلف صوره، للوصول إلى التنمية الاقتصادية للدولة، وبعبارة أخرى أن المقصود من هذا الإنشاء هو تركيز ووضع سياسة نشاط الدولة في الميدان الاقتصادي في هيئة واحدة، حتى لا تتعارض الاتجاهات الاقتصادية المتعلقة بذلك النشاط، وبذلك يؤتي ثمرته المرجوة من التنمية الاقتصادية.
والقول بغير ما تقدم من شأنه قيام الدولة ببعض النشاط الاقتصادي عن طريق وحداتها الإدارية وقيام المؤسسة بباقي أوجه ذلك النشاط، الأمر الذي يتعارض مع الغرض من إصدار قانون المؤسسة.
وتطبيقاً للمبادئ السابقة فإن الحصة التي اشتركت بها الحكومة في رأس مال الشركة المصرية لتكرير البترول وتجارته، بمقتضى القرار الجمهوري رقم 110 لسنة 1957 الذي نص على أنه "يؤذن لوزير المالية والاقتصاد في أن يأخذ من الأموال الموجودة تحت يد الحكومة مبلغ 300.000 ج (ثلاثمائة ألف جنيه) قيمة مساهمة الحكومة في رأس مال الشركة المصرية لتكرير البترول وتجارته "شركة مساهمة مصرية" بمقدار 20%".
هذه الحصة تؤول بصدور القانون رقم 20 لسنة 1957 وبقوة القانون إلى المؤسسة الاقتصادية، ومن ثم يتعين إصدار الأسهم التي تمثل تلك الحصة باسم المؤسسة.
أما بالنسبة إلى مدى التزام المؤسسة الاقتصادية بأداء قيمة تلك الأسهم فإنه باستقراء نصوص القانون رقم 20 لسنة 1957 يتبين أنه قد سكت - عندما تعرض لبيان عناصر رأس مال المؤسسة في المادة الثانية منه - عن وجوب قيام المؤسسة بأداء أي مقابل نظير أيلولة تلك العناصر إليها، ومنها حصص الحكومة في رءوس أموال شركات المساهمة، فتئول تلك العناصر إلى المؤسسة بدون مقابل، والمؤسسة إنما تقوم بنشاطها في الواقع نيابة عن الحكومة، فقد دعا إلى إنشائها ما تبين على أن "الحاجة قد أصبحت ماسة إلى إنشاء مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة وذمة مالية خاصة تنتقل إليها ملكية أنصبة الحكومة في رءوس أموال شركات المساهمة وكذلك رءوس أموال المؤسسات العامة التجارية أو الصناعية أو الزراعية أو العقارية حتى يمكن لهذه المؤسسة أن تتولى إدارة تلك الأموال إدارة كفيلة بالسير بالاقتصاد القومي في الطريق السليم ووضع خطط موحدة للنشاط الاقتصادي للدولة بدلاً من أن تتعدد الجهات التي تتولى رسم السياسة الاقتصادية". ومفهوم ذلك أن انتقال تلك الحصص يتم دون مقابل، إذ المقصود بها تكوين رأس مال للمؤسسة من مجموع تلك الحصص.
ولكل ما تقدم فقد انتهى الرأي إلى أيلولة الأسهم التي اكتتبت بها الحكومة في رأس مال الشركة المصرية لتكرير البترول وتجارته طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 120 لسنة 1957 إلى المؤسسة الاقتصادية دون أن تلتزم المؤسسة أداء قيمة تلك الأسهم إلى الحكومة.