مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1149

(143)
جلسة 20 من آيار (مايو) سنة 1961

برياسة السيد/ محمد عفت رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل، حسن السيد أيوب، حسني جورجي غبريال، محمد عزت عبد المحسن المستشارين.

القضية رقم 115 لسنة 2 القضائية

( أ ) قرار إداري - ميعاد الإلغاء - القرار السلبي بالامتناع - عدم تقيد دعوى إلغائه بالميعاد المقرر طالما أن الامتناع مستمر - مثال.
(ب) تعويض - صحيفة يومية أو دورية - تعويض صاحب الامتياز الذي يتنازل عن صحيفته طبقاً للقانون رقم 195 لسنة 1958 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتنظيم الصحافة في الإقليم السوري - مقرر للصحيفة القائمة قانوناً - صدور قرار بإلغائها عملاً بالمادة 27 من قانون المطبوعات وعدم الطعن فيه في الميعاد - يؤدي إلى عدم قبول طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن بحث طلب التنازل عن الصحيفة وتقرير التعويض - أساس ذلك.
1 - إذا كان الثابت من الأوراق أن مراد المدعي هو المطالبة بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن بحث طلب التنازل عن مجلته المقدم منه وتقرير تعويض له وفقاً لأحكام القانون رقم 195 لسنة 1958 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتنظيم الصحافة في الإقليم السوري فإن هذا القرار قرار إداري سلبي لا تتقيد المطالبة بإلغائه بميعاد معين طالما أن الامتناع مستمر.
2 - لما كانت الجهة الإدارية قد أبانت أنها أغفلت البحث في تنازل المدعي عن مجلته، لأن قراراً صدر بإلغائها وفقاً للمادة 27 من قانون المطبوعات لعدم انتظام صدورها، وقد استبان أن هذا القرار صدر فعلاً في 11 من يناير سنة 1959 ولم يطعن عليه المدعي في الميعاد ومن ثم قد أصبح حصيناً من الإلغاء، وغدا عقبة قانونية في سبيل بحث التنازل، وبالتالي تقدير التعويض المترتب على هذا التنازل، ذلك أن القانون رقم 195 لسنة 1958 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتنظيم الصحافة في الإقليم السوري، إذ قرر التعويض لصاحب امتياز أي صحيفة يومية أو دورية يتنازل صاحبها عنها في ميعاد معين، إنما يقرره بالنسبة للصحيفة القائمة قانوناً، بشرط توافر الشروط الواردة في القانون المذكور، ومن ثم يكون طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن بحث طلب التنازل عن المجلة وتقرير تعويض للمدعي غير مقبول أيضاً، تبعاً لعدم جواز المطالبة بإلغاء القرار الصادر بإلغاء المجلة لفوات ميعاده وإن كان للمدعي أن يطالب بتعويض عن هذا الإلغاء إن كان له وجه حق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1960 طعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السادة وزراء الداخلية والخزانة والثقافة والإرشاد القومي في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بدمشق بجلسة 14 من يوليه سنة 1960 في الدعوى رقم 14 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ عزة شعلان ضد 1 - وزير الداخلية 2 - وزارة الإرشاد القومي 3 - وزير الخزانة والقاضي "برفض طلب عدم سماع الدعوى أو قبولها شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في التعويض عن تنازله عن امتياز المجلة التي يملكها وألزمت الحكومة المصروفات" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلاً واستطراداً برفض الدعوى مع إلزام المدعي المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقد أبلغ هذا الطعن إلى المطعون ضده في 17 من سبتمبر سنة 1960 وأخطر الطرفان في 23 من يناير سنة 1961 بالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون في 14 من فبراير سنة 1961 حيث قررت هذه الدائرة بجلسة 25 من فبراير سنة 1961 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا. وقد أخطر الطرفان في 18 من إبريل سنة 1961 بالجلسة التي حددت لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في 8 من مايو سنة 1961 حيث أجلت لجلسة 13 من مايو سنة 1961 لتقدم الحكومة بياناً بالصحف التي قدمت عنها طلبات التعويض وتاريخ تقديم هذه الطلبات ومدى اعتراف الحكومة بتقديم الطلبات في الميعاد من عدمه. وقدمت الحكومة هذا البيان بالجلسة المذكورة وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام هذه الدعوى يقول فيها إنه وهو صاحب امتياز مجلة "الطالب العربي" تقدم في 27 من ديسمبر سنة 1958 بطلب إلى المديرية العامة للدعاية والأنباء يقرر فيه بتنازله عن امتياز هذه المجلة لقاء تعويض يدفع إليه وفقاً لأحكام القانون رقم 195 لسنة 1958. إلا أنه بدلاً من تقدير التعويض وصرفه إليه صدر قرار جمهوري في 11 من يناير سنة 1959 باعتبار مجلته ضمن جرائد ومجلات أخرى ملغاة. ولكن لما كان هذا القرار لا يؤثر على حقه بعد تقديمه طلب التنازل وبعد توقف المجلة عن الصدور نتيجة لهذا التنازل فقد تقدم في 29 من يونيه سنة 1959 بتظلمه من عدم البت في أمر التعويض المستحق له ولما لم تجب الجهة الإدارية على هذا التظلم أقام دعواه الحالية يطلب قبول الدعوى شكلاً والحكم بإلغاء قرار الرفض الضمني وبتقدير التعويض وتضمين الجهة المدعى عليها جميع الرسوم والمصاريف والأتعاب.
دفعت الجهة الإدارية الدعوى طالبة رد الدعوى شكلاً استناداً إلى أن القرار الصادر في 11 من يناير سنة 1959 بإلغاء مجلة المدعي يتضمن رفضاً صريحاً لطلب التعويض والمدعي لم يتظلم من هذا القرار في الموعد القانوني كما طلبت رد الدعوى موضوعاً استناداً إلى أن اللجنة البدائية المشكلة بالقانون رقم 195 لسنة 1958 قررت إجراء حصر عام للجرائد والمجلات عن الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 1958 لمعرفة ما إذا كان صدورها في تلك الفترة يتفق وقانون المطبوعات أم لا، وتبين لها من هذا الحصر أن مجلة الطالب وجرائد ومجلات أخرى يبلغ عددها ثلاثاً وعشرين قد خالفت قانون المطبوعات فأصدرت قراراً باعتبارها ملغاة طبقاً لحكم المادة 27 من قانون المطبوعات. وكان الأمر بالنسبة لمجلة المدعي هو عدم صدورها في الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 1958 مع أنها مجلة نصف شهرية وكان يتعين حتى لا تعتبر ملغاة طبقاً لحكم المادة 27 من قانون المطبوعات أن يصدر منها أعداد بمعادل قدره الثلثان أما وأنها لم تصدر إطلاقاً في الشهور الثلاثة سالفة الذكر فتعتبر ملغاة ولا يعفيها من هذا الحكم ما قدمه المدعي بعد ذلك من أعداد ثلاثة لمجلة تدعى مجلة المجتمع لأن هذه المجلة تختلف اسماً وشكلاً عن مجلة الطالب العربي.
وقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها استناداً إلى أن المدة المحددة لتقديم طلب التنازل والتعويض هي تحديد تنظيمي لا جزاء للتأخر عن بالحرمان من التعويض أو عدم قبول التنازل، كما قضى في موضوع الدعوى باستحقاق المدعي للتعويض تأسيساً على أن مثار المنازعة ليس الطعن على قرار بالإلغاء وإنما على استحقاق أو عدم استحقاق للتعويض وأن المدعي وهو صاحب مجلة دورية تصدر بشكل منتظم يكون مستحقاً للتعويض الذي تقدره اللجان المشار إليها في القانون رقم 195 لسنة 1958 ولا يقدح في ذلك أن الأعداد الثلاثة الأخيرة الصادرة في الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 1958 لا تتفق مع ما سبقها من ناحية الشكل والعنوان ما دام أنه واضح من الأعداد المذكورة أن اسم مجلة الطالب العربي قد ورد بجانب اسم مجلة المجتمع.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أوجه ثلاثة أولها عدم قبول الدعوى تأسيساً على أن القرار الصادر في 11 من يناير سنة 1959 هو بمثابة رفض لطلب التنازل وكان يتعين على المدعي أن يقيم دعواه خلال ستين يوماً من تاريخ صدور هذا القرار أما وهو لم يقم دعواه إلا في 27 من أكتوبر سنة 1959 أي بعد فوات الميعاد فتكون دعواه غير مقبولة، وثانيهما سقوط حق المدعي في المطالبة بالتعويض بعدم تقديمه طلب التنازل في المدة التي حددها القانون وهي خمسة عشر يوماً من يوم نشر القانون رقم 195 لسنة 1958 والذي نشر بالجريدة الرسمية في العدد 37 مكرر غير اعتيادي الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1958 في حين أن المدعي لم يتقدم بطلب التنازل إلا في 27 من ديسمبر سنة 1958، وثالثها: رفض الدعوى استناداً إلى أن المجلة ألغيت بالقرار الصادر في 11 من يناير سنة 1959 لأنه لم يصدر منها في الشهور الثلاثة السابق الإشارة إليها إلا ثلاثة أعداد وهي تقل عن ثلثي الأعداد المقررة لها قانوناً، وبالتالي يجرى عليها حكم الإلغاء طبقاً لنص المادة 27 من قانون المطبوعات، هذا على فرض أن الأعداد الثلاثة المقدمة من المدعي هي أعداد لمجلة الطالب العربي ذاتها وليست لمجلة المجتمع التي تختلف عن المجلة الأولى من ناحية الشكل ومن ناحية العنوان الذي تحمله.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول وهو عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فإنه مردود بأن الثابت من الأوراق أن مراد المدعي هو المطالبة بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن بحث التنازل المقدم منه وتقرير تعويض له ولاشك أن هذا القرار قرار إداري سلبي لا تتقيد المطالبة بإلغائه بميعاد معين طالما أن الامتناع مستمر.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني فهو دفع موضوعي يتعلق بموضوع التنازل، ويتعين إرجاء البت فيه إلى حين معرفة ما إذا كان امتناع الجهة الإدارية عن بحث طلب التنازل له ما يبرره أم لا.
ومن حيث إنه لما كانت الجهة الإدارية قد أبانت أنها أغفلت البحث في تنازل المدعي عن مجلته، لأن قراراً صدر بإلغائها وفقاً للمادة 27 من قانون المطبوعات لعدم انتظام صدورها، وقد استبان أن هذا القرار صدر فعلاً في 11 من يناير سنة 1959 ولم يطعن عليه المدعي في الميعاد ومن ثم فقد أصبح حصيناً من الإلغاء، وغدا عقبة قانونية في سبيل بحث التنازل، وبالتالي تقدير التعويض المترتب على هذا التنازل، ذلك أن القانون رقم 195 لسنة 1958 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتنظيم الصحافة في الإقليم السوري، إذ قرر التعويض لصاحب امتياز أي صحيفة يومية أو دورية يتنازل صاحبها عنها في ميعاد معين، إنما يقرره بالنسبة للصحيفة القائمة قانوناً، بشرط توافر الشروط الواردة في القانون المذكور، ومن ثم يكون طلب إلغاء القرار السلبي المطعون فيه غير مقبول أيضاً، تبعاً لعدم جواز المطالبة بإلغاء القرار الصادر بإلغاء المجلة لفوات ميعاده وإن كان للمدعي أن يطالب بتعويض عن هذا الإلغاء إن كان له وجه حق.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب هذا المذهب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه والحكم بعدم قبول الدعوى مع إلزام المدعي (المطعون ضده) بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.