مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1167

(146)
جلسة 20 من مايو سنة 1961

برياسة السيد/ السيد إبراهيم الديواني وكيل المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 227 لسنة 4 القضائية

( أ ) موظف - ترقية - لجنة شئون الموظفين - الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية – القواعد التي تنظم شئون موظفيها – اختصاص مدير عام الهيئة ومجلس إدارتها بالهيمنة عليها وتصريف أمور موظفيها تحت إشراف وزير المواصلات - انعقاد سلطة ترقية الموظفين بالأقدمية لغاية الدرجة الرابعة للمدير العام وبالاختيار والأقدمية لمجلس الإدارة وموافقة الوزير فيما فوق ذلك - اختلاف دور لجنة شئون الموظفين في الهيئة عن دورها في وزارات الحكومة ومصالحها الأخرى - عدم سريان حكم المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية - قيام حكمها على أساس تشريعي يتنافى مع انعدام الصلة المباشرة بين الوزير ومجلس الإدارة ولجنة شئون الموظفين بالهيئة - قيام مدير الهيئة بعرض توصياتها فيما يعرضه من أمور تدخل في اختصاص مجلس الإدارة - سكوت مجلس الإدارة أو عدم اعتراضه دون تسبب على ما أبدت فيه اللجنة رأياً لا يستفاد منه قرار ضمني بالموافقة طبقاً لنص المادة 28 من قانون موظفي الدولة - أساس ذلك.
(ب) ميزانية - أقدمية - ترقية - مصلحة السكك الحديدية - تقسيمها في الميزانية إلى وحدات تستقل كل منها بدرجاتها وموظفيها وأقدمياتهم - اعتبار الإدارة العامة إحدى هذه الوحدات المستقلة – تقسيمها إلى فروع داخلية تشمل مراقبات الميزانية والمشتريات والمباحث والإيرادات والمصروفات والمخازن والإدارة الطبية - لا يعدو مجرد تنظيم للعمل يمكنها من النهوض بالعبء في كل قسم منها - انتظام موظفي فروع الإدارة العامة كشف أقدمية واحد حسب الأسبقية في الحصول على الدرجة المالية - ترقية الأقدم منهم إلى درجة أعلى في فرع آخر من فروع الإدارة العامة - صحيحة لا وجه للطعن عليها بحجة استقلال كل فرع عن الآخر - أساس ذلك - مثال.
1 - إن موظفي السكك الحديدية ومستخدميها وعمالها لا يخرجون عن كونهم من طوائف موظفي الدولة ومستخدميها وعمالها ومن ثم فإنهم يخضعون في الأصل لنظم التوظف التي تحكم زملاءهم في دولاب إدارة الدولة. إنما اقتضى الوضع الخاص لمصلحة السكك الحديدية أن يرد على هذا الأصل استثناء باعتبارها مرفقاً من المرافق التجارية التي يراعى في نظمها عادة أن تكون من المرونة والبساطة بحيث تستجيب لمقتضيات إدارة هذا المرفق الحيوي وذلك على غرار النظم المتبعة في إدارة المشروعات التجارية وقد اقتضى هذا الوضع الخاص حتى قبل 14 من أكتوبر سنة 1956 الخروج على بعض النظم العامة بالنسبة إلى موظفي السكك الحديدية، وقد تضمن كل من المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 1931 والقانون رقم (104) لسنة 1949 استثناءات هامة من قواعد التوظف العامة خاصة في شأن تعيين الموظفين وترقيتهم وغير ذلك من شئون التوظف والحال كذلك في شأن الجهات المختصة بممارسة هذه الاختصاصات الاستثنائية، إذ عهد بها إلى مجلس الإدارة ويقوم السيد مدير عام السكك الحديدية بعرضها عليه على الوجه المبين بالتشريعين السالف ذكر أحكامهما المتعلقة بتنظيم التوظف - والتشريعان الخاصان بهذه المصلحة لا يشير أي منهما إلى لجنة شئون الموظفين وتحديد مهمتها. فلما أن صدر قانون نظام موظفي الدولة وأضحى ساري المفعول من أول يوليو سنة 1952 تضمن في المادة (131) منه نصاً يقضي بعدم سريان أحكامه على طوائف الموظفين الذين تنظم قواعد توظيفهم قوانين خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين. ومن أجل هذا ظلت الاستثناءات المشار إليها نافذة في شأن موظفي السكك الحديدية حتى بعد العمل بالقانون رقم (210) لسنة 1951، آية ذلك صدور المرسوم بقانون رقم (10) لسنة 1953 في أول يناير سنة 1953 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (104) لسنة 1949 باختصاصات مجلس إدارة السكك الحديدية مما يؤكد استمرار سريان هذا القانون على موظفي السكك الحديدية. بل صدرت بعد ذلك قوانين أخرى باستثناء بعض طوائف موظفي السكك الحديدية من أحكام القانون رقم (210) لسنة 1951 بالأقدمية ومن ذلك القانون رقم (478) لسنة 1954 بشأن خدمة القطارات بالمصلحة، وهو يقضي بحساب أقدمية بعض طوائف موظفي السكك الحديدية الذين منحوا أو رقوا أو يرقون إلى درجات أعلى بصفة شخصية بالتطبيق لأي قانون أو قرار على أساس أقدمية التشغيل الفعلية، وهؤلاء هم سائقو ووقادو القطارات ونظار ومعاونو المحطات والتذكرجية والمخزنجية والكمسارية ومستخدمو البلوك والمناورة ومستخدمو الدريسة. ويدخل في مجال هذه الاستثناءات البارزة عدم جواز إعمال حكم المادة (28) من القانون رقم (210) لسنة 1951 التي تنص على أن "لجنة شئون الموظفين ترفع اقتراحاتها إلى الوزير لاعتمادها فإذا لم يعتمدها الوزير ولم يبين اعتراضه عليها خلال شهر من تاريخ رفعها إليه اعتبرت معتمدة وتنفذ" فلا يمكن إعمال حكمها في مصلحة السكك الحديدية، وعلة ذلك واضحة من استعراض نصوص القوانين الخاصة التي نظمت هذه المصلحة. فالسياسة التي قام عليها القانون رقم (104) لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم (10) لسنة 1953 في هذا الخصوص هي اعتبار الصلة مباشرة بين المدير العام للمصلحة ومجلس إدارة هذه المصلحة، فهو الذي له حق المبادأة بالاقتراح وهو الذي عليه أن يعرض، ولا اتصال للجنة شئون الموظفين في ذلك. ويتنافى هذا بحكم اللزوم مع إمكان افتراض صدور قرار ضمني بالموافقة على اقتراح لجنة شئون الموظفين بالتطبيق لنص المادة (28) من القانون رقم (210) لسنة 1951 بمقولة مرور شهر على رفع اقتراحها دون اعتراض الوزير عليه اعتراضاً مسبباً ما دام هذا القانون الخاص بالسكك الحديدية قد نظم تدرج الأمر في نظر الترقيات المشار إليها تدرجاً خاصاً يبدأ من المدير العام الذي يعرض مباشرة على مجلس الإدارة ثم تكون الصلة بعد ذلك مباشرة بين مجلس الإدارة ووزير المواصلات. وقد نظمت المادة الرابعة من قانون (104) لسنة 1949 هذه الصلة فجعلت قرارات مجلس الإدارة في هذا الخصوص غير نافذة إلا بقرار يصدر من وزير المواصلات. ولم تنص على إمكان افتراض موافقة ضمنية على قراراتها لمرور مدة على رفعها إليه دون الاعتراض اعتراضاً مسبباً كما هو الشأن في قوانين أخرى مما يقطع بأن هذا الوضع الخاص يختلف عن الوضع العام في المادة (28) من قانون (210) لسنة 1951. وغني عن البيان هنا أن السياسة التشريعية التي تقوم عليها هذه المادة بين أحكام قانون التوظف العام تفترض أن يكون الاتصال بين لجنة شئون الموظفين وبين الوزير مباشرة حتى يمكن أن يستفاد من سكوت الوزير وعدم اعتراضه اعتراضاً مسبباً على قرار اللجنة، أن يستفاد من ذلك قرار ضمني بالموافقة على توصية اللجنة. وظاهر أن الحال مختلف وأن القياس بعيد بين هذا الوضع من جهة، وبين سير الأمور في التدرج الرئاسي في شأن الترقية إلى الدرجات التي يختص بها مجلس إدارة هيئة السكك الحديدية ومن بعده وزير المواصلات طبقاً للقانون الصادر باختصاصات مجلس إدارة السكك الحديدية سنة 1949. فلئن كان الوضعان متماثلين حتى الدرجة الرابعة التي يكون الاتصال فيها مباشراً بين لجنة شئون الموظفين والمدير العام للسكك الحديدية وهي الترقيات لغاية الدرجة الرابعة شريطة أن يكون المرقى هو أقدم زملائه – الفقرة ( أ ) بند (1) مادة ثانية من قانون سنة 1949 – فإن الوضعين لا شك مفترقان بالنسبة للترقيات إلى الدرجات الأعلى من الرابعة أو بالنسبة للترقية بالاختيار في الدرجات الأولى. كان ذلك دائماً، ولا يزال، من اختصاص مجلس الإدارة، وعلى المدير العام أن يعرضها عليه، وتكون قرارات مجلس الإدارة في هذا الشأن نافذة بقرار يصدره وزير المواصلات.
وتأسيساً على ذلك، لا حق للمدعي أن يتمسك بحكم المادة (28) من قانون موظفي الدولة، ولا يقبل منه القول، في ظل التفسير السليم لهذا النص "أنه لما عادت لجنة شئون الموظفين وقدمت مذكرتها الثالثة رقم (39) في 2 من فبراير سنة 1955 رأى مجلس الإدارة في 3 من فبراير سنة 1955 تأجيل النظر في تلك المذكرة دون أسباب، ومتى كان قد انقضى شهر من تاريخ هذه المذكرة دون أن يعتمد الوزير ما جاء بها أو يبين اعتراضه عليها فتعتبر المذكرة عند ذلك معتمدة وتنفذ ويعتبر المدعي نفسه مرقى إلى الدرجة الأولى من 2 من فبراير سنة 1955" ذلك أن مثل هذا القول يخرج عن مجال التطبيق الصحيح لنص المادة (28) لأن توصيات لجنة شئون الموظفين بالسكة الحديد فيما يتعلق بالترقيات إلى الدرجة الثالثة فما فوقها، إنما يقوم بعرضها المدير العام على مجلس الإدارة، وهي السلطة التي تتخلل العرض على الوزير وبعبارة أخرى فإن توصيات هذه اللجنة أياً كان عدد تكرارها أو كانت درجة إصرارها فإنها لا تعرض على الوزير مباشرة خلافاً لما يجري عليه العمل في باقي مصالح الحكومة ومختلف الوزارات.
2 - يبين للنظر الفاحص لميزانية وزارة المواصلات في مجلد ميزانية الدولة المصرية لعام (1954/ 1955) – صفحة 688 – وهي السنة السابقة مباشرة للسنة التي صدر فيها القراران المطعون عليهما بالإلغاء وكذلك لميزانية عام (1955/ 1956) – صفحة (594) – وهي الميزانية التي صدر فيها القراران محل الطعن، وكذلك لميزانية عام (1956/ 1957) صفحة (609) وهي السنة المالية اللاحقة مباشرة للميزانية التي صدر في ظلها القراران. يبين من الاطلاع المقارن على هذه الميزانيات الثلاثة أنها جاءت، فيما يتعلق بنقاط هذه المنازعة، صورة مطابقة لأصل واحد لا خلاف فيه. ففي ميزانية (1955/ 1956) لوزارة المواصلات وردت السكك الحديدية تحت فرع (2) ومقسمة إلى سبعة فصول: الفصل الأول من ميزانية السكك الحديدية خاص بالإدارة العامة ويندرج فيها المراقبة العامة للميزانية والمشتريات ثم إدارة المباحث، ثم المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، ثم إدارة عموم المخازن، ثم الإدارة الطبية. ويأتي بعد ذلك قسم آخر هو الفصل (2) وهو خاص بالمصروفات العامة للفروع، ثم يأتي الفصل (3) وهو خاص بقسم هندسة السكك، ثم الفصل (4) خاص بقسم القاطرات والعربات، ثم الفصل (5) خاص بإدارة عموم المخازن والمشتريات (صفحة 638) ثم الفصل (6) الخاص بقسم الحركة ثم الفصل (7) خاص بأعمال جديدة وبذلك تنتهي ميزانية السكك الحديدية التي جاءت تحت فرع (2) ويبدأ الفرع (3) من ميزانية التلغرافات والتليفونات. ومعنى هذا الوضع أن ميزانية مصروفات مصلحة السكك الحديدية كانت في تلك السنة وفي السنة السابقة عليها والسنة اللاحقة لها مقسمة إلى وحدات مستقلة لكل وحدة منها كيان مستقل بها من حيث المصروفات بمختلف أنواعها ومنها الأجور والماهيات والمرتبات التي توضع بشأنها الدرجات الدائمة والمؤقتة والخارجة عن الهيئة وعمال اليومية. وفي مقدمة هذه الوحدات المستقلة تأتي وحدة (الإدارة العامة) قرين عبارة فصل واحد وتحت البند (1) ماهيات وأجور ومرتبات وتأتي المراقبة العامة للميزانية والمشتريات وفيها درجتان أولى إدارية ثم تتسلسل درجات وظائفها نزولاً إلى الدرجة السادسة – ثم تأتي إدارة المباحث ونجد أن أعلى درجة فيها هي الدرجة الثالثة ثم درجات رابعة وخامسة وسادسة – ثم تأتي بعد ذلك المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، ونجد أن أعلى درجة في وظائفها هي الدرجة الثانية وهي درجة واحدة فقط ثم درجات ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة – وتأتي بعد ذلك إدارة عموم المخازن وأعلى درجة فيها هي درجة واحدة لمدير عام (ب) لوظيفة مدير عام المخازن وبعد ذلك تأتي الإدارة الطبية وأعلى درجاتها مدير عام (ب) لوظيفة مدير القسم الطبي. وبذلك ينتهي البند رقم (1) الخاص بالماهيات والأجور والمرتبات ويدخل تحت هذا البند، كما اتضح من الاطلاع، مراقبة الميزانية والمشتريات ثم المباحث ثم الإيرادات والمصروفات ثم المخازن ثم الإدارة الطبية. ولاشك أن هذا الوضع الذي جاءت به الميزانية، والذي يبدو منه جلياً انعدام كل تشكيل هرمي لأي فرع من هذه الفروع الداخلة في البند واحد وفي الفصل واحد الذي تحيط به جميعاً حلقة الإدارة العامة، هذا الوضع يقطع في الدلالة على أن هذه الفروع ليست إلا فصولاً متراصة في غير انتظام أو انسجام داخل دولاب الإدارة العامة وفروعها. وهو وضع لا يغيب عن إدراك المدعي ومصلحة السكك الحديدية، لأن المدعي كان يشغل وظيفة مساعد مراقب الحسابات في الدرجة الثالثة (540/ 720) جنيهاً بالمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، فلما أن خلت درجة ثانية بأقلام الإدارة العامة والديوان العام رقي إليها المدعي ووافق مجلس إدارة السكك الحديدية بجلسته المنعقدة في 29 من أكتوبر سنة 1951 على ما أوصت به مذكرة المصلحة رقم (69) بترقيات الإداريين بأقلام الإدارة العامة. وجاء بها في شأن المدعي "يرقى وديع حنا ترقية قانونية من الدرجة الثالثة بمراقبة الإيرادات والمصروفات إلى الدرجة الثانية بميزانية أقلام الإدارة العامة بالديوان العام مع استمراره في عمله الأصلي وهو يشغل الدرجة الثالثة من أول سبتمبر سنة 1946 وهو أول من عليه الدور للترقية من موظفي الدرجة الثالثة بأقلام الإدارة العامة وقائم بعمله بحالة مرضية. إمضاء مدير عام السكك الحديدية". ومفاد هذا القرار أن المصلحة تعتبر درجات الوظائف الإدارية بالإدارة العامة وفروعها حتى منذ عام 1951 وحدة واحدة يربط بين موظفي فروعها كشف أقدمية واحد ترتب عليه أن رقي المدعي من الدرجة الثالثة بمراقبة الإيرادات والمصروفات إلى الدرجة الثانية بالديوان العام لأنه كان أقدم موظفي الدرجة الثالثة بالإدارة العامة التي تضم في طياتها كلاً من مراقبة الميزانية ومراقبة الإيرادات. وأقطع من ذلك كله في الدلالة على رسوخ هذا الوضع وإطراد المصلحة عليه منذ تنظيم ميزانيتها وتقسيم وظائفها أنها لما أن فكرت، ولأول مرة، عند إعداد ميزانيتها لعام (1955/ 1956) في أن تقلع عما جرت عليه في الماضي، وأن تخلق من كل هذه النصوص المتداخلة وحدة قائمة بذاتها يكون لها درجاتها ووظائفها في كشف واحد خاص بأقدمية موظفيها هي وحدها، صرحت بذلك في مشروع ميزانية (1955/ 1956) وجاء في مذكرتها تحت عنوان الإدارة العامة وفروعها ما يأتي: "كانت ميزانية الإدارة العامة فصل واحد لغاية السنة المالية الحالية (1954/ 1955) تشمل مصروفات أقسام الإدارة العامة، والمخازن، والمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، والقسم الطبي، ونظراً لما استقر عليه الرأي من جعل كل من هذه الأقسام بمثابة وحدة مستقلة، فقد رئي تخصيص ميزانية خاصة لكل منها حتى يمكن حصر كل قسم على حدة، كما وقد نقلت إلى ميزانية هذه الأقسام الاعتمادات التي تخصها وكانت تدرج ضمن فصل (2) مصروفات عامة للفروع". ولكن السلطات الرسمية المختصة، كما هو واضح من الاطلاع على الميزانيات المتعاقبة رفضت الأخذ بهذا الاقتراح الذي جاء مؤكداً أن المراقبة العامة للميزانية والمشتريات إنما تدخل، هي وزميلتها المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، في زمرة الإدارة العامة وفروعها بميزانية المصلحة يؤلف بين درجاتها ووظائفها الإدارية في غير ما تزاحم بين شاغليها، كشف أقدمية واحد تكون العبرة فيه بالأسبقية وحدها في تاريخ الحصول على الدرجة المالية.
وبتطبيق ما تقدم على خصوصية الطلب الأصلي من هذه المنازعة، بعد إذ تحددت السلطة التي انعقدت عندها في الهيئة العامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر ولاية الترقية إلى الدرجات من الثالثة إلى العليا سواء على أساس الأقدمية وحدها أم بالاختيار، كما وقد تلاشى كل خلاف كان يدور حول وحدة الإدارة العامة وفروعها بميزانية السكك الحديدية، يبين أن مجلس إدارة السكك الحديدية قد التزم حدود القانون واللوائح عندما أصدر بجلسته المنعقدة في 29 من مايو سنة 1955 قراره بترقية السيد/ محمد عبد العزيز الشاغل للدرجة الثانية بميزانية مراقبة الإيرادات والمصروفات ترقية قانونية إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات بميزانية الإدارة العامة. وما دام لم يثبت أن المدعي وهو الأحدث في الأقدمية، أكفأ من الأقدم وأجدر منه حقاً فإن ترقية الأقدم والحالة هذه، تكون أمراً مقضياً، والطعن فيه لا يجد له سنداً من القانون. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين إلغاؤه.


إجراءات الطعن

في 24 من فبراير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 227 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الهيئة الثالثة أ بجلسة 26 من ديسمبر سنة 1957 المقامة من وديع حنا ضد وزارة المواصلات – والذي قضى: (برد أقدمية المدعي في الدرجة الأولى إلى 29 من مايو سنة 1955 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة المصروفات). وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه: (قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام رافعها المصروفات). وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 16 من مارس سنة 1958 وإلى الخصم الثالث المتدخل في 24 منه، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 7 من مارس سنة 1959 وجرى تداول الطعن في عدة جلسات متعاقبة لضم ملف خدمة المدعي ثم ملفي خدمة محمد عبد العزيز ومحمد علي إبراهيم. وفي جلسات أخرى طلبت المحكمة من مصلحة السكك الحديدية ووزارة المواصلات بيان الأسباب التي من أجلها أحيل هذان الاثنان وهما من زملاء المدعي إلى المعاش. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن، وضم ملفات الخدمة والبيانات المطلوبة ومذكرة أخيرة بدفاع المدعي انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن، قررت المحكمة بجلسة 4 من فبراير سنة 1961 إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه، أقام الدعوى رقم (4271) لسنة 9 القضائية ضد وزارة المواصلات أمام محكمة القضاء الإداري، بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 27 من سبتمبر سنة 1955 طلب فيها الحكم (بإلغاء قرار 29 من مايو سنة 1955 فيما تضمنه من تركه في الترقية إلى الدرجة الأولى الإدارية وباعتباره مرقى إليها في 2 من مايو سنة 1955 وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الحكومة بالمصروفات، ومقابل الأتعاب، وحفظ جميع الحقوق الأخرى). وقال شرحاً لدعواه إنه حاصل على دبلوم التجارة العليا عام 1924 وعلى ليسانس الآداب عام 1928 والتحق بخدمة الحكومة في 8 من يوليه سنة 1925 وهو يشغل الدرجة الثانية الإدارية من 29 من أكتوبر سنة 1951. وأنه في 17 من أغسطس سنة 1954 نقل إلى الإدارة العامة بمصلحة السكك الحديدية للعمل بوظيفة المراقب العام للميزانية والمشتريات المخصص لها الدرجة الأولى والتي يصرف بماهيته من ربطها منذ 6 من يونيه سنة 1953. وفي أول نوفمبر سنة 1954 طلب مدير عام المصلحة إلى مجلس إدارة السكك الحديدية الموافقة على ترقية المدعي إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة (مراقب عام الميزانية والمشتريات) وهي التي يقوم بعملها منذ 17 من أغسطس سنة 1954 والتي يصرف ماهيته من ربطها منذ 6 من يونيه سنة 1953 لأن المدعي أقام موظفي الدرجة الثانية بالإدارة العامة وأنه قائم بحالة مرضية بأعباء الوظيفة المخصص لها في الميزانية الدرجة الأولى، وأن لجنة شئون الموظفين قد أوصت بترقيته، ولذلك فإن المدير العام يوصي بترقيته قانوناً إلى الدرجة الأولى. ولكن مجلس إدارة السكك الحديدية، بجلسته المنعقدة في 22 من نوفمبر سنة 1954 رأى تأجيل النظر في الموضوع "للاستفسار من ديوان الموظفين عما يقصده من كتابه رقم (18/ 9/ 6 في 27 من يوليه سنة 1954) عن إمكان توحيد أقدمية الموظفين الإداريين جميعاً، واتخاذ ذلك أساساً للترقية، مع ما ورد بالشق الأول من هذا الكتاب من عدم إمكان الموافقة على الاقتراح الخاص بنقل جميع الوظائف الإدارية من فروع المصلحة المختلفة إلى الإدارة العامة. فإذا تضمن الرد باعتبار المصلحة وفروعها وحدة واحدة أحيلت المسألة على لجنة شئون الموظفين لإعادة النظر في قرارها على ضوء هذا الرأي إمضاء رئيس مجلس الإدارة ووزير المواصلات. فتحي رضوان". وفي 18 من ديسمبر سنة 1954 عاد السيد المدير العام فقدم مذكرة ثانية إلى مجلس الإدارة أشار فيها إلى طلبه الأول وإلى قرار المجلس السابق بتأجيل النظر، وأن المصلحة كتبت إلى ديوان الموظفين للاستفسار ولما يرد رده إلى المصلحة أعيد عرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1954 ورأت اللجنة: "أن الخطاب الذي وجه إلى ديوان الموظفين باقتراح نقل جميع الوظائف الإدارية من فروع المصلحة إلى الإدارة العامة، لم يكن بموافقة السيد المهندس المدير العام للمصلحة. ولما كانت ميزانية المصلحة عن عام (1954/ 1955) قد صدرت دون الأخذ بهذا الاقتراح. وحيث إن المصلحة مقسمة إلى فصول مستقلة وأن المصلحة ترى العمل بما جاء بالميزانية في وضعها الحالي. فإن لجنة شئون الموظفين علاوة على ما تقضي به المادة (38) من القانون رقم (210) لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة من أن الترقيات من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى، كلها بالاختيار، فإن اللجنة توصي بترقية وديع حنا ترقية قانونية إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة (مراقب عام الميزانية والمشتريات) القائم بعملها فعلاً، والتي يخصم بماهيته من ربطها، والذي هو أصلح من يقوم بعملها في المصلحة. لذا أرفع الأمر إلى المجلس رجاء الموافقة على ما أوصت به لجنة شئون الموظفين" ولكن على الرغم من ذلك، قرر مجلس الإدارة مرة أخرى في 21 من ديسمبر سنة 1954 تأجيل النظر في هذه المذكرة، وإعادة عرضها على لجنة شئون الموظفين وللمرة الثالثة عرض الأمر على لجنة شئون الموظفين، ثم قدم السيد المدير العام إلى مجلس إدارة السكك الحديدية المذكرة رقم (39) في 2 من فبراير سنة 1955 جاء فيها: "أنه بإعادة عرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين بجلستها في 16 من يناير سنة 1955 رأت اللجنة أنه نظراً لأن الأمر فيما إذا كانت وظائف الإدارة العامة تعتبر وحدة واحدة في عموم الوظائف الإدارية بإدارة المصلحة وفروعها، الأمر الذي طلب من الجهات المختصة البت فيه ولم يصل الرأي بشأنه بعد، ولما كان وديع حنا مطلوب ترقيته إلى وظيفة (مراقب عام الميزانية والمشتريات) المخصص لها الدرجة الأولى الإدارية – 960/ 1140 جنيه - وهي من الوظائف التي تكون الترقية إليها بالاختيار، وبالنظر إلى أنه سواء أخذ بالرأي الأول من اعتبار وظائف الإدارة العامة وحدة واحدة أم لا، فإن وديع حنا معتبر حتى مع التسليم بالرأي الثاني أصلح موظف في المصلحة لشغل هذه الوظيفة وأن الأمر بالنسبة إليه لا يتأثر بالرأي القانوني في المسألة المتقدمة. لذلك توصي اللجنة بالموافقة على ترقيته للوظيفة المذكورة، وتخطي من يسبقه في الأقدمية وهو محمد عبد العزيز حتى مع التسليم في الجدل بالرأي الثاني. والأمر مرفوع إلى المجلس رجاء التفضل بالموافقة على ما أوصت به لجنة شئون الموظفين من ترقية وديع حنا إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات القائم بعملها، والتي يخصم بماهيته من ربطها". ولكن للمرة الثالثة أيضاً يقرر مجلس إدارة السكك الحديدية في 3 من فبراير سنة 1955 تأجيل النظر في هذه المذكرة دون إبداء أسباب. ثم عرض الأمر على قسم الرأي مجتمعاً ليفتي فيما إذا كانت الوظائف الإدارية بمصلحة السكك الحديدية تعتبر وحدة واحدة أم وحدات مستقلة تبعاً للتقسيم الوارد بالميزانية، فأفتى قسم الرأي في 9 من مارس سنة 1955 "بأن كلاً من الإدارة العامة، ومراقبة الإيرادات والمصروفات، وإدارة المخازن، وإدارة التحقيقات يعتبر بذاته وحدة مستقلة إذا انتظم عدداً من الدرجات في تسلسل هرمي". فتقدم السيد المدير العام للمرة الرابعة إلى مجلس الإدارة بمذكرة في 14 من إبريل سنة 1955 مستنداً إلى ما أفتى به قسم الرأي مجتمعاً. ولكن مجلس الإدارة قرر للمرة الرابعة بجلسته المنعقدة في 19 من إبريل سنة 1955 إرجاء النظر في هذه المذكرة وإعادة عرض المذكرة رقم (39) السابق عرضها على هذا المجلس، بالجلسة القادمة لفحص أسباب التوصية بترقية وديع حنا دون زميله محمد عبد العزيز. إمضاء رئيس المجلس ووزير المواصلات فتحي رضوان". فعرض السيد المدير العام على مجلس الإدارة في 26 من مايو سنة 1955 مذكرة خامسة قارن فيها بين المدعي وديع حنا من جهة، وبين محمد عبد العزيز من جهة أخرى فقال "إنه على الرغم من أن عبد العزيز موظف بمراقبة الإيرادات والمصروفات، وهي وحدة مستقلة عن الإدارة العامة التي توجد بها الدرجة الأولى الخالية وبالرغم من أن وديع حنا يقوم بعمل الوظيفة الخالية ويصرف ماهيته من ربطها، وبالرغم من أن لجنة شئون الموظفين والسيد المدير العام قد أوصوا بترقية وديع أكثر من أربع مرات، ليس فقط لأنه أقدم موظفي الدرجة الثانية بالإدارة العامة بل لأنه أصلح موظف في المصلحة كلها لشغل هذه الوظيفة. ثم أوصى المدير بالموافقة على ترقية وديع حنا إلى الدرجة الأولى" – ولكن مجلس الإدارة قرر بجلسته المنعقدة في 29 من مايو سنة 1955 "ترقية محمد عبد العزيز الشاغل للدرجة الثانية (780/ 960 جنيهاً) بميزانية مراقبة الإيرادات والمصروفات ترقية قانونية إلى الدرجة الأولى (960/ 1140 جنيهاً) المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات بميزانية الإدارة العامة وعلى مدير السكة الحديد تنفيذ ما قرره المجلس. إمضاء وزير المواصلات فتحي رضوان" – إزاء ذلك قرر السيد المدير العام في أول يونيو سنة 1955 نقل المدعي من وظيفة (مراقب عام الميزانية والمشتريات) التي كان يشغلها بالإدارة العامة إلى وظيفة (مساعد أول المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات) التي كان يشغلها محمد عبد العزيز. وتستطرد صحيفة الدعوى قائلة، ثم خلت بعد ذلك درجة أولى بالإدارة العامة فصدر القرار رقم (209) في 7 من أغسطس سنة 1955 بترقية محمد علي إبراهيم، وكيل مراقب عام الميزانية والمشتريات إليها باعتباره أقدم موظفي الإدارة العامة، مع أن المدعي وديع حنا أقدم منه وكان رئيساً عليه في الإدارة العامة. وفي إصدار هذا القرار الأخير استندت المصلحة إلى فتاوى قسم الرأي وديوان الموظفين التي أبديت عندما طلبت المصلحة إليهما الرأي بمناسبة اقتراح ترقية وديع حنا إلى الدرجة الأولى. وانتهت تلك الجهات في فتواها إلى أن كل إدارة تعتبر وحدة قائمة بذاتها مستقلة عن غيرها. وبذلك أمكن للمصلحة تخطي المدعي مرتين بالمخالفة لأحكام القانون وقد أساءت المصلحة استعمال سلطتها فتظلم المدعي إلى السيد وزير المواصلات في 9 من يونيو سنة 1955 فقرر السيد مفوض الدولة قبول التظلم شكلاً وموضوعاً. ولكن المصلحة رغم قرار السيد المفوض أحاطت المدعي علماً في 25 من أغسطس سنة 1955 بأن تظلمه قد حفظ. فأقام المدعي هذه الدعوى يطلب فيها إلغاء القرارين المذكورين فيما تضمناه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى واعتبار أقدميته راجعة إلى 2 من فبراير سنة 1955، وأسس طلب إلغاء القرارين على ما يأتي: (أولاً) قرار 29 من مايو سنة 1955 قد قام على قاعدة أن الوظائف الإدارية في مصلحة السكك الحديدية تعتبر وحدة واحدة. وهذا الأساس فاسد لأن كلاً من الإدارة العامة، ومراقبة الإيرادات والمصروفات، وإدارة المخازن، وإدارة التحقيقات والمباحث يعتبر بذاته وحدة مستقلة لها درجاتها الخاصة بالميزانية في تسلسل هرمي، وهذا هو ما قرره قسم الرأي مجتمعاً في فتواه الصادرة في 9 من مارس سنة 1955 الذي أشارت إليه لجنة شئون الموظفين والسيد المدير العام في المذكرة رقم (24) التي قدمت إلى مجلس الإدارة في أول نوفمبر سنة 1955 بالتوصية على ترقية المدعي باعتباره أقدم موظفي الدرجة الثانية بالإدارة العامة، فضلاً عن أنه أصلح موظف بالمصلحة كلها لشغل وظيفة المراقب العام للميزانية والمشتريات. (ثانياً) أن مجلس الإدارة قرر بجلسة 22 من نوفمبر سنة 1955 تأجيل النظر في مذكرة السيد المدير حتى يتم الاستفسار من ديوان الموظفين عما يقصده الديوان من كتابه بشأن إمكان توحيد أقدمية الموظفين الإداريين جميعاً بالمصلحة واتخاذ ذلك أساساً للترقية مع ما ورد بالشق الأول من الكتاب بشأن عدم الموافقة على الاقتراح الخاص بنقل جميع الوظائف الإدارية من فروع المصلحة المختلفة إلى الإدارة العامة ولكن مجلس الإدارة لم يتمهل في ترقية محمد عبد العزيز حتى يصل رد الديوان ولم يقنع بفتوى قسم الرأي مجتمعاً بل أصدر قرار ترقية المطعون على ترقيته في 29 من مايو سنة 1955. وقد ورد رد الديوان في 25 من يوليو سنة 1955 مقرراً أن الإدارة العامة وحدة مستقلة، وأن ترشيح المدعي لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات، صحيح على اعتبار أن المدعي هو أقدم موظفي الدرجة الثانية بالإدارة العامة. (ثالثاً) أن الترقيات من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى كلها بالاختيار دون تقيد بالأقدمية وفقاً لنص المادة 38 فقرة أخيرة من قانون موظفي الدولة. ولما كانت لجنة شئون الموظفين بالمصلحة والسيد المدير العام قد قررا في أربع مذكرات قدماها إلى مجلس الإدارة بأن المدعي هو أصلح موظف بالمصلحة كلها لشغل وظيفة المراقب العام للميزانية والمشتريات، وكان ملفه يزخر بشهادة رؤسائه بكفاءته الممتازة علاوة على ما يتحلى به من أمانة تامة وصفات حميدة، فظاهر إذن أن ترك المدعي في الترقية رغم أنه أقدم وأصلح موظف، ينطوي على إساءة استعمال السلطة. (رابعاً) يؤكد سوء استعمال السلطة أن مجلس الإدارة بترك المدعي وترقية عبد العزيز على أساس أن الوظائف الإدارية بالمصلحة تعتبر وحدة واحدة، عاد بعد نقل المدعي إلى مراقبة الإيرادات والمصروفات، عاد يرقي موظفاً آخر هو (محمد علي إبراهيم) إلى الدرجة الأولى التي خلت بعد ذلك بالإدارة العامة على أساس أنه أقدم موظف في الإدارة العامة التي هي وحدة مستقلة بذاتها عن مراقبة الإيرادات والمصروفات التي نقل إليها المدعي بعد ترقية عبد العزيز إلى الدرجة الأولى، وكان المدعي أقدم موظف في الإدارة العامة وكان رئيساً للموظف محمد علي إبراهيم. (خامساً) تنص المادة (28) من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن لجنة شئون الموظفين ترفع اقتراحاتها إلى الوزير لاعتمادها. فإذا لم يعتمدها الوزير ولم يبين اعتراضه عليها خلال شهر من تاريخ رفعها إليه اعتبرت معتمدة وتنفذ. ولما كانت لجنة شئون الموظفين بالمصلحة قد رفعت اقتراحها بترقية المدعي إلى مجلس الإدارة (الذي له في المصلحة سلطة الوزير) في أول نوفمبر سنة 1954 ثم في 18 من ديسمبر سنة 1954 فرأى بجلسته في 22 من نوفمبر سنة 1954 ثم بجلسته في 21 من ديسمبر سنة 1954 تأجيل النظر فيها للأسباب التي أبداها ولكن لما عادت لجنة شئون الموظفين وقدمت مذكرتها الثالثة رقم (39) في 3 من فبراير سنة 1955 رأى المجلس بجلسته المنعقدة في 3 من فبراير سنة 1955 تأجيل النظر في المذكرة دون أسباب. ولما كان قد انقضى شهر من تاريخ هذه المذكرة دون أن يعتمد الوزير المذكرة أو يبين اعتراضه عليها، فظاهر أنها تعتبر معتمدة وتنفذ، ومن ثم يحق للمدعي أن يعتبر نفسه مرقى إلى الدرجة الأولى من يوم 2 من فبراير سنة 1955 تاريخ المذكرة. وانتهى المدعي في عريضة دعواه إلى طلب الحكم بإلغاء قرار 29 من مايو سنة 1955 فيما تضمنه من تركه في الترقية إلى الدرجة الأولى الإدارية واعتباره مرقى إليها في 2 من فبراير سنة 1955 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة المصروفات. ثم أضاف المدعي، في جلسات المرافعة إلى طلبه الأصلي طلباً احتياطياً، هو إلغاء القرار رقم (209) الصادر في 7 من أغسطس سنة 1955 بترقية محمد علي إبراهيم إلى الدرجة الأولى. وقد ردت مصلحة السكك الحديدية على الدعوى بمذكرة موجزة في 9 من أكتوبر سنة 1955 قالت فيها إن المدعي سبق أن تقدم بالتظلم رقم 196 لمكتب التظلمات بوزارة المواصلات وأرسلت المصلحة ملاحظاتها عليه في 16 من يونيه سنة 1955 ثم في 25 من أغسطس سنة 1955 أخطرت الوزارة المصلحة بأنه قد تقرر حفظ هذا التظلم. وأحالت المصلحة إلى ردها المسهب على تظلم المدعي واكتفت في الرد على صحيفة هذه الدعوى بإضافة دفاع موجز فيما يتعلق بالادعاء بإساءة استعمال السلطة في ترقية محمد عبد العزيز إلى الدرجة الأولى الإدارية فقالت المصلحة إن مجلس إدارة المصلحة هو السلطة المختصة بالبت في ترقيات موظفي المصلحة إلى الدرجات من الثالثة إلى ما فوقها طبقاً لقانون اختصاصه رقم (104) لسنة 1949 والمعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1953. وقالت المصلحة إن مجلس الإدارة قد بحث هذه المسألة بحثاً كاملاً في عدة جلسات وقرر أخذ رأي ديوان الموظفين وكذا قسم الرأي بمجلس الدولة واطلع مجلس إدارة المصلحة على اعتراضات المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات التي كان المطعون في ترقيته الأول عبد العزيز يعمل بها. وكذلك اطلع المجلس على توصيات لجنة شئون الموظفين العامة بالمصلحة وأخيراً قرر المجلس بجلسة 29 من مايو سنة 1955 بما له من سلطة واختصاص قرر ترقية محمد عبد العزيز إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات. هذا وبالرجوع إلى مذكرة المصلحة إلى مكتب التظلمات في 16 من يونيه سنة 1955 تبين أن دفاعها يتلخص من حيث الموضوع في الآتي: (أولاً) المدعي وديع حنا حاصل على دبلوم مدرسة المحاسبة والتجارة العالية سنة 1924 والتحق بخدمة الحكومة في 8 من يوليه سنة 1925 ثم حصل على ليسانس الآداب في سنة 1928 وظل يتدرج في مختلف الوظائف الإدارية إلى أن رقي إلى الدرجة الثانية الإدارية (780/ 960 جنيه) في 29 من أكتوبر سنة 1951. وأنه في 9 من يونيه سنة 1953 صدر القرار الوزاري رقم 433 من السيد وزير المواصلات بعد الاطلاع على كتاب مصلحة البريد وكتاب مصلحة السكة الحديد بالموافقة على نقل المدعي من البريد إلى السكة الحديد وبعد تصديق وزير المواصلات على ذلك قرر أن ينقل وديع حنا الموظف من الدرجة الثانية بمصلحة البريد – والمنتدب للعمل بمصلحة السكة الحديد ينقل اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1953 إلى السكة الحديد بذات درجته وماهيته الحاليتين، على أن يصرف بماهيته، بصفة مؤقتة، من ربط الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة المراقب العام للميزانية والمشتريات الخالية الآن بالإدارة العامة بمصلحة السكة الحديد، إلى أن تسوى حالته بنقله إلى إحدى الدرجات الثانية التي تخلو بالمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات. (ثانياً) – وفي 17 من أغسطس سنة 1954 صدر القرار الوزاري رقم (155) بإلغاء ندب وديع حنا الشاغل للدرجة الثانية بالإدارة العامة للإيرادات والمصروفات للعمل من تاريخ هذا القرار بالإدارة العامة بوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات المخصص لها الدرجة الأولى، والتي يخصم بماهيته على ربطها (ثالثاً) – أوصت لجنة شئون الموظفين بالإدارة العامة في 31 من أكتوبر سنة 1954 على ترقية وديع حنا ترقية قانونية بالأقدمية على اعتبار أنه أقدم موظفي الإدارة العامة، الإداريين الشاغلين للدرجة الثانية الإدارية. وعرض موضوع هذه التوصية على مجلس إدارة مصلحة السكة الحديد بالمذكرة رقم (24) ولكن هذا المجلس رأى بجلسته المنعقدة في 22 من نوفمبر سنة 1954 تأجيل النظر فيها، والاستفسار من ديوان الموظفين عما يقصده من خطابه المؤرخ 27 من يوليه سنة 1954 (رقم 181/ 9/ 6) عن إمكان توحيد أقدمية الموظفين الإداريين جميعاً، واتخاذ ذلك أساساً للترقية، مع ما ورد بالشق الأول من هذا الكتاب، من عدم إمكان الموافقة على الاقتراح الخاص بنقل جميع الوظائف الإدارية من فروع المصلحة المختلفة إلى الإدارة العامة. فإذا تضمن الرد باعتبار المصلحة وفروعها وحدة واحدة أحيلت المسألة على لجنة شئون الموظفين لإعادة النظر في قرارها على ضوء هذا الرأي (رابعاً) اتصلت المصلحة بديوان الموظفين وأعيد عرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين بالمصلحة بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1954 فرأت اللجنة أن ميزانية المصلحة عن عام (1954/ 1955) صدرت دون الأخذ بالاقتراح الذي كان مرفوعاً إلى ديوان الموظفين، وأن ميزانية المصلحة مقسمة إلى فصول، وأن اللجنة تقر الوضع الحالي الذي تسير عليه المصلحة لأن صالح المصلحة يقتضي ذلك. وأن المدعي وديع حنا هو أصلح من يقوم بعمل الوظيفة التي يصرف بماهيته من ربطها، والقائم بعملها، وتوصي اللجنة بترقيته إلى الدرجة الأولى. وعلى هذا الأساس أعيد العرض على مجلس إدارة المصلحة بالمذكرة رقم (25) في 18 من ديسمبر سنة 1954 ولكن المجلس للمرة الثانية رأي بجلسته المنعقدة في 21 من ديسمبر سنة 1954 تأجيل النظر في هذه المذكرة، وإعادة عرضها على لجنة شئون الموظفين. (خامساً) – ونظراً لأن الأمر فيما إذا كانت وظائف الإدارة العامة تعتبر وحدة مستقلة بالنسبة للترقية أم أن تلك الوظائف تعتبر وحدة في عموم الوظائف الإدارية بإدارة المصلحة وفروعها فقد طلب من الجهات المختصة البت في هذا الموضوع. ولما لم يصل الرأي بشأنه، فقد أوصت لجنة شئون الموظفين بجلسة 16 من يناير سنة 1955 على ترقية وديع حنا إلى الدرجة الأولى وهي من الوظائف التي تكون الترقية إليها بالاختيار، وسواء أخذ بالرأي الأول من اعتبار وظائف الإدارة العامة وحدة واحدة أو لا فإن وديع حنا معتبر في كلا الحالتين أصلح بالمصلحة كلها لشغل هذه الوظيفة، وتوصي اللجنة بترقيته مع تخطي من يسبقه في الأقدمية وهو محمد عبد العزيز حتى مع التسليم في الجدل بالرأي الثاني أي باعتبار الوظائف الإدارية بجميع فروع المصلحة وحدة واحدة. ورفعت المصلحة موضوع التوصية على المجلس بالمذكرة رقم (39) في 2 من فبراير سنة 1955 فرأى مجلس الإدارة بجلسته المنعقدة في 3 من فبراير سنة 1955 تأجيل النظر فيها. (سادساً) – كتبت المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات بالمصلحة، إلى وزارة المواصلات معترضة على ترقية وديع حنا وقالت إن لجنة شئون الموظفين بالإدارة العامة لم تبين أسباباً لتخطي محمد عبد العزيز الموظف من الدرجة الثانية الإدارية بميزانية المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، وهو أقدم في شغل الدرجة الثانية الإدارية من وديع حنا. وبناء على هذا الاعتراض طلب السيد وزير المواصلات بكتابه السري في 16 من إبريل سنة 1955 عرض موضوع هذه المذكرات وما تضمنته من الاعتراضات على لجنة شئون الموظفين. وتنفيذاً لذلك عرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين بجلستها في 17 من إبريل سنة 1955 وأرسل المحضر إلى سيادة الوزير ورفع الموضوع إلى مجلس الإدارة بالمذكرة رقم (21) على ضوء فتوى قسم الرأي بكتابه المؤرخ 9 من مارس سنة 1955 بأن كلاً من الإدارة العامة والمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات وإدارة المخازن وإدارة التحقيقات يعتبر بذاته وحدة مستقلة إذ انتظم عدداً من الدرجات في تسلسل هرمي، إلا أن مجلس الإدارة قرر بجلسته المنعقدة في 19 من إبريل سنة 1955 إرجاء النظر في هذه المذكرة وإعادة عرض المذكرة رقم (39) السابق عرضها على المجلس في 3 من فبراير سنة 1955 بالجلسة القادمة لفحص أسباب التوصية بترقية وديع حنا دون محمد عبد العزيز. (سابعاً) وتنفيذاً لأمر المجلس أوصت لجنة شئون الموظفين بجلسة 12 من مايو سنة 1955 بإرفاق جميع المذكرات السابق عرضها على المجلس في جلساته السابقة مع مقارنة تفصيلية عن حالة كل من وديع حنا وزميله محمد عبد العزيز ورفع الموضوع إلى مجلس الإدارة بالمذكرة رقم (23) في 26 من مايو سنة 1955 وقد تضمنت هذه المذكرة مقارنة تفصيلية عن حالتيهما. فقالت المصلحة إن وديع حنا مولود في يوليه سنة 1903 ومؤهلاته البكالوريا سنة 1920 ودبلوم مدرسة المحاسبة والتجارة العالية سنة 1924 وليسانس الآداب سنة 1928، أما محمد عبد العزيز فهو مولود في أغسطس سنة 1903 وحاصل على البكالوريا سنة 1924 وعلى ليسانس الآداب قسم التاريخ سنة 1930 – أما عن مدة خدمة كل منهما فإن وديع حنا التحق بخدمة مصلحة الآثار بوزارة الأشغال من يوليه سنة 1925 بمرتب 11 جنيهاً شهرياً وكان قائماً بأعمال حسابات المخازن منذ تعيينه. ثم نقل إلى مصلحة السكة الحديد بوظيفة مفتش حسابات بالدرجة السادسة من أول أغسطس سنة 1926 وتعتبر أقدميته في هذه الدرجة من 8 من يوليه سنة 1925 ثم عين رئيساً لقسم المحاسبة في أول أغسطس سنة 1938 – وفي أول سبتمبر سنة 1942 رقي إلى الدرجة الرابعة المخصصة لوظيفة وكيل إدارة الخزينة مع ندبه للعمل مساعداً لمراقب الحسابات (قسم المصروفات) اعتباراً من 8 من نوفمبر سنة 1942 – وفي أول أكتوبر سنة 1943 نقل مساعداً لمراقب الحسابات تفتيش، ثم في سنة 1946 نقل مساعد مراقب الحسابات للتذاكر، وفي أول مايو سنة 1949 ندب للقيام بأعمال المساعد الأول لمراقب عام الحسابات والمصروفات وأنه يشغل الدرجة الثانية الإدارية من 29 من أكتوبر سنة 1951. وفي أول يوليه سنة 1952 نقل إلى مصلحة البريد بطريق التبادل مع إبراهيم الدسوقي ولم ينفذ النقل إذ بقى يعمل بالمصلحة بطريق الندب في وظيفته الأصلية بمراقبة الإيرادات والمصروفات. وفي 6 من يونيه سنة 1953 سويت حالته بنقله إلى مصلحة السكك الحديدية على أن يصرف بماهيته من ربط الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة المراقب العام للميزانية والمشتريات التي كانت خالية وقتئذ بميزانية الإدارة العامة. وفي 17 من أغسطس سنة 1954 نقل للإدارة العامة للعمل بوظيفة المراقب العام للميزانية والمشتريات المخصصة لها الدرجة الأولى التي يصرف بماهيته من ربطها – أما عن مدة خدمة محمد عبد العزيز فإنه التحق بالخدمة في يوليه سنة 1924 بوظيفة مستخدم بمصلحة المساحة بماهية (6 جنيهات) شهرياً في الدرجة (72/ 216). وفي 21 من يناير سنة 1926 نقل إلى الديوان العام لوزارة المواصلات بنفس الوظيفة، وندب للعمل بمصلحة البريد في أول مارس سنة 1931 بسكرتيرية إدارة بريد القاهرة. وبمناسبة حصوله على ليسانس الآداب سنة 1930 صدر قرار بتعيينه في الدرجة السادسة من أول إبريل سنة 1931 الخالية بقسم التحرير والترجمة بمصلحة البريد. وفي 31 من أكتوبر سنة 1935 نقل إلى مصلحة السكك الحديدية بمكتب الشكاوى والتحقيقات. وفي 5 من نوفمبر سنة 1936 نقل رئيساً لقسم المتنوعات بالإدارة العامة. وفي 14 من يوليه سنة 1940 نقل إلى إدارة عموم المخازن بالمصلحة. وفي 11 من إبريل سنة 1942، ندب للعمل بالإدارة العامة. وفي أول أغسطس سنة 1942 نقل إلى وظيفة مساعد مراقب قسم المستخدمين بالحسابات. وفي 29 من مايو سنة 1948 عين مساعداً لمراقب عام الإيرادات والمصروفات بهيئة السكة والأشغال وفي 21 من يوليه سنة 1951 رقي إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة مساعد أول مراقب عام الحسابات للإشراف على مراقبة الإيرادات والمصروفات وإدارة المستخدمين. هذا وقد جاء في هذه الدراسة المقارنة لحالة كل منهما تحت فقرة تاريخ التدرج في الدرجات أن وديع حنا رقي إلى الخامسة في أول أغسطس سنة 1938 بينما رقي إليها عبد العزيز في أول مايو سنة 1937، ورقي وديع إلى الرابعة في 30 من سبتمبر سنة 1942 بينما رقي عبد العزيز إليها في أول أغسطس سنة 1942 ورقي وديع إلى الثالثة في أول سبتمبر سنة 1946 بينما رقي إليها عبد العزيز في أول أغسطس سنة 1946، ثم رقي وديع حنا إلى الدرجة الثانية من 29 من أكتوبر سنة 1951 في حين أن محمد عبد العزيز رقي إليها في 21 من يوليه سنة 1951. وخلصت المذكرة من هذه المقارنة إلى القول: "والأمر مرفوع إلى مجلس الإدارة رجاء التفضل بالموافقة على ترقية السيد/ وديع حنا إلى الدرجة الأولى". ولكن مجلس إدارة السكة الحديد قرر بجلسته المنعقدة في 29 من مايو سنة 1955 ترقية محمد عبد العزيز الشاغل للدرجة الثانية (780/ 960 جنيهاً) بميزانية مراقبة الإيرادات والمصروفات ترقية قانونية إلى الدرجة الأولى (960/ 1140 جنيهاً) المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات بميزانية الإدارة العامة مع منحه بمناسبة هذه الترقية العلاوة القانونية وقدرها 101 جنيهاً و250 مليماً سنوياً لرفع ماهيته السنوية من 825 جنيهاً إلى 926 جنيهاً و250 مليماً من أول يونيه سنة 1955 وعلى مدير السكة الحديد تنفيذ ما قرره مجلس الإدارة "إمضاء وزير المواصلات" (ثامناً) تنفيذاً لقرار مجلس الإدارة الذي اعتمده السيد وزير المواصلات أوصت لجنة شئون الموظفين بنقل محمد عبد العزيز الذي رقي من الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة مساعد أول للمراقب بالمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات إلى الإدارة العامة ليعمل مراقباً عاماً للميزانية والمشتريات المخصص لها الدرجة الأولى وبنقل وديع حنا إلى المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات مقيداً على الدرجة الثانية التي تخلو عن محمد عبد العزيز وصدر بذلك القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1955 والقرار الإداري رقم 125 في 2 من يونيه سنة 1955 وقد تسلم كل منهما عمله الجديد في 4 من يونيه سنة 1955 وانتهت مصلحة السكة الحديد إلى طلب رفض التظلم كما خلصت بدفاعها إلى طلب الحكم برفض دعوى وديع حنا. وفي 19 من يناير سنة 1956 قدم المطعون عليه محمد عبد العزيز مذكرة أمام محكمة القضاء الإداري طلب فيها قبوله خصماً ثالثاً في الدعوى لأنه صاحب مصلحة فيها وطلب في موضوعها رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات لأن القرار صدر صحيحاً ممن يملك إصداره وقال إنه رقي في 29 من مايو سنة 1955 إلى الدرجة الأولى الإدارية وعين مراقباً عاماً للميزانية والمشتريات بمصلحة السكة الحديد وقد استند مجلس الإدارة في ترقيته إلى سببين: الأول - أنه أقدم موظفي المصلحة في الدرجة الثانية الإدارية لأنه رقي إليها في 21 من يوليه سنة 1951 بينما وديع حنا رقي إلى الثانية الإدارية في 29 من أكتوبر سنة 1951 وفضلاً عن أقدميته فإنه يتمتع بكفاية ممتازة في عمله طوال مدة خدمته الحكومية وذلك ظاهر من ملف خدمته. وقد جرت أحكام القضاء الإداري على اعتبار وظائف الكادر الإداري في ذات المصلحة متشابهة في طبيعتها وأن الأصل في الدرجات هو اعتبار المصلحة وحدة واحدة فيما يختص بترقية موظفيها في مختلف فروعها كما وأن الترقيات في الكادر الإداري تجرى على أساس التوحيد بين مختلف فروع المصلحة والأعمال الإدارية ذات صفة متشابهة وقال الخصم الثالث أن المختص بالفصل في الترقيات بمصلحة السكة الحديد هو مجلس الإدارة أما المدير فإنه لا يملك ذلك ومجلس الإدارة قرر ترقيته بعد أن استوثق من كفاءته ومن أنه أقدم من وديع حنا في الدرجة الثانية الإدارية وليس أدل على عدم امتياز وديع حنا من أن موظفاً آخر أحدث منه في الأقدمية هو محمد علي إبراهيم قد تخطاه أيضاً في الترقية إلى الدرجة الأولى بالقرار رقم 609 الصادر في 7 من أغسطس سنة 1955. وقررت المحكمة قبول محمد عبد العزيز خصماً ثالثاً في الدعوى. وبجلسة 26 من ديسمبر سنة 1957 حكمت محكمة القضاء الإداري – الهيئة الثالثة ( أ ) – "برد أقدمية المدعي في الدرجة الأولى إلى 29 من مايو سنة 1955 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات" وأقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كانت الوظائف الإدارية بمصلحة السكك الحديدية في مختلف الإدارات لا تختلف بعضها عن البعض الآخر من حيث النوع أو التأهيل المطلوب لكل منها إلا أنه لما كان متوافراً لكل إدارة من هذه الإدارات عدد كاف من الدرجات المنسقة في ترتيب تصاعدي وقد قصد من تقسيمها وترتيب الوظائف والدرجات فيها، كفالة حسن أداء العمل الذي يقوم عليه كل قسم من هذه الأقسام، فلا جدال في أن إدماج هذه الدرجات مع غيرها من الدرجات المخصصة لباقي أقسام المصلحة عند إجراء حركة الترقيات يؤدي إلى الإخلال بهذا الترتيب المقصود لذاته إذ يكون من شأنه أن تمنح بعض الدرجات المخصصة لقسم بعينه إلى موظفين في أقسام أخرى، ولا اعتداد بما ذهب إليه الخصم الثالث من الاستناد إلى حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 68 لسنة 1 القضائية إذ أن موضوع تلك الدعوى كان خاصاً بالمصالح التابعة للديوان العام بوزارة المالية، وهي مصالح تختلف عن المصالح التابعة لمصلحة السكك الحديدية موضوع هذه المنازعة. وجاء أيضاً في أسباب هذا الحكم المطعون فيه أن ما يدعيه الخصم الثالث محمد عبد العزيز من أن المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات المعين عليها هو، لا توجد بها درجات أولى بينما توجد درجتان أولى في الإدارة العامة ومن ثم فلا تعتبر الإدارتان مستقلتين عن بعضهما، هذا الإدعاء من جانب الخصم الثالث مردود عليه بأنه إذا ما وصل الموظف إلى قمة الدرجات في المصلحة أو الإدارة المعين عليها، فإنه يمكن فتح باب الترقيات أمامه إلى الدرجات الأعلى بنقله إلى المصلحة أو الإدارة التي توجد بها مثل هذه الدرجات وذلك بطريق النقل وفقاً لنص المادة 47 من قانون 210 لسنة 1951 وهذا لا يغير الوضع من أن كل إدارة تعتبر مستقلة بذاتها وتأسيساً على ذلك يكون المدعي في نظر الحكم المطعون فيه، أحق من المطعون في ترقيته إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة المراقب العام للميزانية والمشتريات طالما أنه أقدم موظف في هذه المراقبة ثم استطردت المحكمة قائلة إنه على فرض اعتبار الإدارتين المذكورتين وحدة واحدة فإنه بمقارنة حالة المدعي بحالة المطعون عليه يتضح من الأوراق أن المدعي حاصل على دبلوم التجارة العليا سنة 1924 وليسانس الآداب سنة 1928 وكان قائماً طوال مدة خدمته بأعمال الحسابات أما المطعون عليه فإنه حائز على ليسانس الآداب سنة 1930 ولم يعهد إليه بأعمال الحسابات إلا منذ عام 1942، الأمر الذي يستفاد منه أن المدعي أحق منه بالترقية المطعون فيها ثم خلصت المحكمة لما تقدم إلى أن القرار المطعون فيه الصادر في 29 من مايو سنة 1955 بترقية محمد عبد العزيز يكون قد صدر مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الأولى. على أنه لما كان المدعي وديع حنا قد رقي بالفعل إلى الدرجة الأولى بمقتضى القرار الوزاري رقم 73 في 7 من أكتوبر سنة 1957 اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1957 فإنه يكفي لدفع الغبن الذي أصابه أن ترد أقدميته في الدرجة الأولى إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن مجلس إدارة السكك الحديدية هو صاحب السلطة في مسائل الموظفين بالمصلحة لا يقيده في ذلك قيد من القيود أو الإجراءات الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951 وإذا كان السيد المدير العام للمصلحة قد جرى على أخذ رأي لجنة شئون الموظفين بها في المسائل التي يعرضها على مجلس الإدارة فليس ذلك إلا من قبيل الاستئناس فقط، فلمجلس الإدارة أن يأخذ برأيها أو أن يطرحه أو أن يؤجل النظر فيما تقترحه هذه اللجنة دون أن يلتزم في ذلك باتباع شكليات معينة من تلك التي وردت في قانون موظفي الدولة. وعلى ذلك فإن مجلس الإدارة إذ رفض الأخذ برأي لجنة شئون الموظفين حين رأى شغل الدرجتين محل الترقيتين المطعون فيهما بالسيدين/ محمد عبد العزيز ثم محمد علي إبراهيم دون ترقية المدعي فإنه لم يفعل سوى أنه استعمل سلطته على الوجه الموضح بالقانون لا يختلف الرأي في ذلك أن اعتبرت الإدارة العامة بالسكة الحديد بفروعها المختلفة وحدة واحدة أم لم تعتبر كذلك إذ ليس ثمة ما يمنع مجلس الإدارة من أن يشغل هاتين الدرجتين وهما من درجات الوظائف العليا وثيقة الصلة بتنظيمات المرفق الرئيسية من بين الموظفين الأكفاء في أي فرع من هذه الفروع بطريق النقل من الفرع التابع له بل إن هذا هو مما تجيزه أيضاً المادة 47 من قانون موظفي الدولة طالما أن الترقية في درجات الاختيار حيث لا تتطلب الترقية في هذه الحالة قضاء فترة معينة في الجهة المنقول إليها الموظف قبل الترقية. ويضيف تقرير الطعن أنه يبدو من أسباب الحكم المطعون فيه أن المحكمة ترى أن الترقيات المطعون فيها مشوبة أيضاً بعيب إساءة استعمال السلطة مستخلصة ذلك مما تكشف لها في مجال المقارنة التي عقدتها بين المدعي والمطعون عليه الأول – عبد العزيز – وهذا الذي انتهت إليه المحكمة لا تقرها عليه هيئة المفوضين إذ ليس من وظيفة المحكمة أن تتناول المرشحين للترقية بالمفاضلة والمقارنة لأن هذا هو صميم اختصاص الإدارة، إنما لها فقط أن تستنبط من بحث حالاتهم قرائن إساءة استعمال السلطة إذا وجدت ثم عززتها شواهد أخرى تنهض دليلاً كافياً لإثباتها. الأمر المنتفي في واقعة هذه الدعوى إذ ليس في الأوراق شبه قرينة تجعل الادعاء بانحراف مجلس الإدارة عن الحيدة المفروضة في أعضائه بحكم تشكيله أمراً قريب الاحتمال، ومن ثم يكون القراران المطعون فيهما براء من أي عيب مما كان يتعين معه رفض الدعوى التي تهدف إلى طلب الحكم بإلغاء القرارين، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه طلب الحكم بإلغائه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.
ومن حيث إنه يبين من التفصيل المتقدم وخاصة بعد الاطلاع على الأوراق، والمستندات وملفات خدمة كل من المدعي والمطعون في ترقيتهما، أن وقائع الدعوى لا خلاف عليها لا بين أطراف المنازعة ولا من جانب مصلحة السكك الحديدية وإنما الخلاف شديد بينهم من حيث التكييف القانوني السليم لبعض نواحي المنازعة كما تباينت إلى حد بعيد وجهات النظر التي أخذ بها الحكم المطعون فيه وتلك التي نادى بها تقرير هذا الطعن. وأول ما يتعين المبادرة إلى بحثه على ضوء أحكام القوانين واللوائح هو تحديد السلطة التي تملك ولاية ترقية الموظفين في مصلحة السكك الحديدية وبوجه خاص في الوقت الذي صدر فيه القراران محل الطعن بالإلغاء: القرار الأول في 29 من مايو سنة 1955 بترقية محمد عبد العزيز إلى الدرجة الأولى الإدارية من دون المدعي. والقرار الثاني في 7 من أغسطس سنة 1955 بترقية محمد علي إبراهيم إلى الدرجة الأولى الإدارية أيضاً من دون المدعي: هل يدخل ذلك في ولاية السيد المدير العام للمصلحة، وما هي مهمة لجنة شئون الموظفين بمصلحة السكك الحديدية وعلاقتها بالسيد وزير المواصلات في هذا الشأن أم أن سلطة الترقية هي، ابتداء من درجة مالية معينة، تكون من اختصاص مجلس إدارة السكك الحديدية بعد اعتماد السيد وزير المواصلات؟ وثاني ما يتعين بحثه هو التعرف أولاً على حقيقة وضع الإدارة وفروعها بمصلحة السكك الحديدية بالنسبة إلى باقي أقسام المصلحة الأخرى ثم التعرف بعد ذلك على وضع فروع الإدارة العامة فيما بينها، وهل يعتبر كل فرع من هذه الفروع بمثابة وحدة مستقلة ينتظم في هيكله عدداً من الدرجات تندرج في تسلسل مخروطي متجانس من القاعدة إلى القمة، شأنها في ذلك شأن الأقسام مثل قسم الهندسة وقسم القاطرات وقسم الحركة أم أنها على خلاف ذلك تماماً ليست إلا فروعاً داخلة في الإدارة العامة وأنها أبعد ما تكون عن التناسق التدريجي، والتشكيل الهرمي المنتظم؟ وما هو حكم القانون، وما هي أوضاع الميزانية، وما الذي سبق أن قضت به في ذلك هذه المحكمة.
ومن حيث إن أول تنظيم تشريعي لشئون الموظفين والمستخدمين والعمال بمصلحة السكك الحديدية كان بالمرسوم بقانون رقم 35 الصادر في 26 من فبراير سنة 1931 بإنشاء مجلس إدارة للسكك الحديدية والتلغرافات والتليفونات ويؤلف من وزير المواصلات رئيساً ووزير المالية والأشغال العمومية والمدير العام لمصلحة السكك الحديدية والتلغرافات والتليفونات ووكيل وزارة المالية ووكيل وزارة المواصلات ومن آخرين.. أعضاء). وحددت المادة الثانية منه اختصاصات المدير العام فقالت: (يقوم المدير العام تحت إشراف وزير المواصلات بإدارة السكك الحديدية والتلغرافات وبتصريف شئونها الاعتيادية، وذلك مع مراعاة أحكام هذا القانون. وله على الأخص أن يبت ضمن حدود القوانين واللوائح في المسائل الآتية وهي: (1) فيما يتعلق بالموظفين والمستخدمين الداخلين هيئة العمال: ( أ ) التعيينات الجديدة، والترقيات غير الاستثنائية للموظفين والمستخدمين لغاية الدرجة الخامسة. (ب) نقل الموظفين والمستخدمين لغاية الدرجة الثانية. (جـ) جميع المسائل الأخرى الخاصة بالموظفين والمستخدمين الداخلين هيئة العمال كالإجازات والعقوبات وغيرها. (2) كافة المسائل الخاصة بالمستخدمين الخارجين عن هيئة العمال). ونظمت المادة الثالثة اختصاصات مجلس الإدارة وصلة المدير العام به فجرت بالآتي: (تكون المسائل الآتية من اختصاص مجلس الإدارة، وعلى المدير العام أن يعرضها عليه: (1) ....... (2). إلخ... الفقرة (9) اللوائح الخاصة المتعلقة بالتعيينات والترقيات والتأديبات والرفت والتعويض والمكافأة لموظفي المصلحة ومستخدميها والفقرة (10) كل اقتراح خاص بموظفي المصلحة ومستخدميها مما يخرج من اختصاص المدير العام طبقاً للمادة الثانية). ويستفاد من أحكام هذا المرسوم بقانون أن سلطة المدير العام مقيدة في الترقيات لغاية الدرجة الخامسة. ويدخل ما عدا ذلك في اختصاص مجلس الإدارة وعلى المدير العام أن يعرضها عليه – ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 104 لسنة 1949 باختصاصات مجلس إدارة السكك الحديدية والتلغرافات والتليفونات، المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1953 وظلت أحكامه سارية المفعول حتى ألغي في 14 من أكتوبر سنة 1956 تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 366 لسنة 1956 بإنشاء هيئة عامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر. وفي ظل القانون رقم 104 لسنة 1949 معدلاً بالقانون رقم 10 لسنة 1953 صدر خلال عام 1955 القراران المطعون عليهما في دعوى الإلغاء هذه.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 104 لسنة 1949 نصت على أن (ينشأ مجلس إدارة للسكك الحديدية والتلغرافات والتليفونات ويؤلف كما يأتي: وزير المواصلات رئيساً، ووزير المالية ووزير الحربية والبحرية ووزير الأشغال العمومية ووزير التجارة والصناعة والمدير العام لمصلحة السكك الحديدية والتلغرافات والتليفونات، ووكيل مجلس الدولة لقسمي الرأي والتشريع ووكيل وزارة المالية ووكيل وزارة المواصلات أعضاء.... ولا تكون قرارات المجلس صحيحة إلا إذا حضر الاجتماع خمسة أعضاء على الأقل منهم الرئيس، وتصدر القرارات بأغلبية الحاضرين). وتحدد المادة الثانية اختصاصات المدير العام: (يقوم المدير العام تحت إشراف وزير المواصلات بإدارة السكك الحديدية والتلغرافات والتليفونات وتصريف شئونها الاعتيادية. وذلك مع مراعاة أحكام هذا القانون. وله على الأخص أن يبت ضمن حدود القوانين واللوائح في المسائل الآتية وهي:
(1) فيما يتعلق بالموظفين والمستخدمين الداخلين هيئة العمال والمؤقتين: ( أ ) التعيينات الجديدة للموظفين والمستخدمين لغاية الدرجة السادسة، وترقياتهم ترقية غير استثنائية لغاية الدرجة الخامسة، وكذلك ترقيتهم إلى الدرجة الرابعة ترقية غير استثنائية
بشرط أن يكون المرقى أقدم زملائه - (ب) النقل لغاية الدرجة الثانية ....). ونظمت المادة الثالثة اختصاصات مجلس الإدارة وعلاقة المدير العام بالمجلس في شأنها فقالت: (تكون المسائل الآتية من اختصاص مجلس الإدارة، وعلى المدير العام أن يعرضها عليه: (1) مشروع الميزانية السنوية.. ثم الفقرة 10 كانت قبل تعديلها بالقانون رقم 10 لسنة 1953 تجرى كالآتي: "الترقيات والعلاوات الاستثنائية للمستخدمين الخارجين عن هيئة العمال، والعمال، ومنحهم مكافآت تشجيعية على أعمال ممتازة في حدود مرتب شهرين في السنة". ثم أصبحت هذه الفقرة بعد تعديلها كالآتي: "الترقيات والعلاوات الاستثنائية للموظفين الداخلين في الهيئة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة، ومنحهم مكافآت تشجيعية على أعمال ممتازة في حدود مرتب شهرين في السنة" وكانت الفقرة 11 من قانون رقم 104 لسنة 1949 قبل تعديلها بالقانون رقم 10 لسنة 1953 تجرى بالآتي: "الترقيات والعلاوات الاستثنائية للموظفين والمستخدمين الداخلين هيئة العمال والمؤقتين، ومنحهم مكافآت تشجيعية على أعمال ممتازة في حدود مرتب شهرين في السنة". فأصبحت الفقرة (11) بعد تعديلها تنص على أن "جميع مسائل الموظفين الأخرى عدا المنصوص عليه بالمادة السابقة" – يقصد بالمادة الثانية السالف ذكر نصها. وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 10 لسنة 1953 الذي أدخل هذين التعديلين على الفقرتين العاشرة والحادية عشرة من قانون رقم 104 لسنة 1949 ما يأتي: "أعطى القانون رقم 104 لسنة 1949 لمدير عام السكك الحديدية اختصاصاً في بعض مسائل الموظفين. ولما كان القانون رقم 137 لسنة 1952 بنظام وكلاء الوزارات الدائمين يجعل وكيل الوزارة الدائم مختصاً بتعيين الموظفين والمستخدمين وترقيتهم ومنحهم العلاوات، وفي توزيعهم على المصالح التابعة للوزارة. وبما أن المصلحة تقتضي أن يكون الاختصاص في ذلك بالنسبة إلى مصلحة السكك الحديدية والتلغرافات والتليفونات لمجلس إدارتها لأنه ينبغي – وللمصلحة المذكورة شيء من الاستقلال في أعمالها مما اقتضى أن يكون لها مجلس إدارة خاص – أن تحتفظ بهذا الاستقلال وألا يؤدي تطبيق القانون رقم 137 لسنة 1952 سالف الذكر إلى أن تنتقل السلطة في مسائل الموظفين من الوزير إلى وكيل الوزارة الدائم، بل إلى مجلس الإدارة لأن قراراته في هذه المسائل تكون خاضعة لموافقة الوزير وفقاً لحكم المادة الرابعة من القانون رقم 104 لسنة 1949. والمصلحة تقتضي أن تمر هذه المسائل في دراستها على مدير المصلحة فمجلس الإدارة فالوزير. ولما كان الاتجاه في العهد الجديد إلى نظام اللامركزية ليخفف العبء عن الحكومة المركزية تمكيناً لها من حصر نشاطها في المسائل العليا للدولة فقد تضمن المشروع المرافق تعديلاً للمادة الرابعة من القانون رقم 104 لسنة 1949 مقتضاه أن تكون قرارات مجلس الإدارة نافذة بعد موافقة الوزير عليها فيما عدا ما يقتضي إصدار قانون أو مرسوم. وقد كانت بعض هذه المسائل مما يجب عرضه على مجلس الوزراء. وقد روعي في تعديل هذا الحكم أيضاً أن مجلس إدارة السكة الحديد والتلغرافات والتليفونات، يضم خمسة من الوزراء هم بحكم مناصبهم أكثر الوزراء دراية بشئون هذا المرفق". ومفاد هذه النصوص والأحكام وحاصل مذكراتها الشارحة أن مجلس إدارة السكك الحديدية هو صاحب السلطة الفعالة في شئون موظفي تلك المصلحة. وظل الحال كذلك إلى 14 من أكتوبر سنة 1956 تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 366 لسنة 1956 بإنشاء هيئة عامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر الذي أكد هذا الاتجاه، وقد نص في المادة 15 منه على إلغاء القانونين رقم 104 لسنة 1949 ورقم 10 لسنة 1953. ونصت المادة الرابعة منه على أن مجلس الإدارة يختص بالنظر في جميع المسائل التي يرى وزير المواصلات عرضها عليه وكذلك في المسائل الآتية وقد ورد ذكرها في ثلاثة عشر بنداً. وجاء في البند 8 من هذه المادة "اقتراح وضع لوائح خاصة بموظفي الهيئة ومستخدميها وعمالها تنظم قواعد تعيينهم وترتيب أقدميتهم والتقارير الخاصة بهم وترقيتهم وتحدد وظائفهم أو درجاتهم كما تحدد رواتبهم وعلاواتهم وتنظم قواعد نقلهم وندبهم وإعارتهم وبعثاتهم وإجازاتهم الدراسية ومصروفات الانتقال وكذلك قواعد إجازاتهم وتأديبهم وإنهاء خدمتهم وذلك مع مراعاة أحكام قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 بالنسبة للعمال، وباقي أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 بالنسبة لمن عداهم. وتصدر اللائحة بقرار من رئيس الجمهورية". وجاءت في الأحكام الوقتية من هذا القانون المادة 12 تنص على أن "تسري في شأن موظفي الهيئة ومستخدميها القوانين واللوائح والقواعد التنظيمية المطبقة حالياً. كما تسري جميع القواعد القانونية الحالية المنظمة لشئون السكك الحديدية وذلك حتى يتم إصدار غيرها". وإيضاحاً لهذا الاتجاه الذي ترجع أصوله، ليس فقط إلى تاريخ صدور القانون رقم 104 لسنة 1949 وإنما أيضاً، إلى تاريخ صدور المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1931 فقالت في ذلك المذكرة التفسيرية للقانون الجديد: "ولقد رأى المشرع رغبة منه في الإفادة من الجمع بين رأي مجلس الإدارة، ورأى وزير المواصلات بصفته المهيمن على جميع مرافق النقل في الدولة والمسئول عنها، أن يخول الأخير، ولصفته هذه فوق رئاسته للمجلس، سلطة التصديق على جميع قرارات المجلس. كما جعل له بنص المادة الرابعة أن يتولى بترخيص من رئيس الجمهورية الاختصاصات المنصوص عليها في هذه المادة دون عرضها على مجلس الإدارة. ولقد استهدف المشرع من ذلك إعطاء سلطة إيجابية للوزير كما استهدف من ناحية إيجاد سلطة تتميز بسرعة البت لمواجهة الظروف التي قد تتطلب ذلك...." ثم استطردت ذاكرة: "أنه على الرغم من حرص المشرع على منح الهيئة المشرفة على السكك الحديدية سلطة التحرر من النظم واللوائح الإدارية والمالية المتبعة في المصالح الحكومية غير أنه لم ينس أن هذه الهيئة، وهي بصدد تنظيم روابطها بموظفيها ومستخدميها وعمالها لا تزال تدور في الفلك العام للهيئة التنفيذية مما اقتضاه النص في البند الثامن من المادة الرابعة على أن تصدر اللوائح الخاصة بهذه الروابط بقرار من رئيس الجمهورية"، وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من هذا القانون الجديد على أن يكون للسكك الحديدية مدير يعين بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير المواصلات ويقوم المدير تحت إشراف وزير المواصلات بإدارة السكك الحديدية وتصريف شئونها، وله على الأخص فيما يتعلق بالموظفين والعمال سلطة التعيين والنقل والترقية والتأديب وما إلى ذلك من شئونهم، وله أن ينيب غيره في بعضها، وذلك كله في حدود القوانين واللوائح. وتحدد اختصاصات المدير بقرار من وزير المواصلات.
ومن حيث إن الذي لا شك فيه أن موظفي السكك الحديدية ومستخدميها وعمالها لا يخرجون عن كونهم من طوائف موظفي الدولة ومستخدميها وعمالها ومن ثم فإنهم يخضعون في الأصل لنظم التوظف التي تحكم زملاءهم في دولاب إدارة الدولة. إنما اقتضى الوضع الخاص لمصلحة السكك الحديدية أن يرد على هذا الأصل استثناء باعتبارها مرفقاً من المرافق التجارية التي يراعى في نظمها عادة أن تكون من المرونة والبساطة بحيث تستجيب لمقتضيات إدارة هذا المرفق الحيوي وذلك على غرار النظم المتبعة في إدارة المشروعات التجارية. وقد اقتضى هذا الوضع الخاص حتى قبل 14 من أكتوبر سنة 1956 الخروج على بعض نظم التوظف العامة بالنسبة إلى موظفي السكك الحديدية، وقد تضمن كل من المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1931 والقانون رقم 104 لسنة 1949 استثناءات هامة من قواعد التوظف العامة خاصة في شأن تعيين الموظفين وترقيتهم وغير ذلك من شئون التوظف والحال كذلك في شأن الجهات المختصة بممارسة هذه الاختصاصات الاستثنائية، إذ عهد بها إلى مجلس الإدارة ويقوم السيد مدير عام السكك الحديدية بعرضها عليه على الوجه المبين بالتشريعين السالف ذكر أحكامها المتعلقة بتنظيم التوظف – والتشريعان الخاصان بهذه المصلحة لا يشير أي منهما إلى لجنة شئون الموظفين وتحديد مهمتها. فلما أن صدر قانون نظام موظفي الدولة وأضحى ساري المفعول من أول يوليه سنة 1952 تضمن في المادة 131 منه نصاً يقضي بعدم سريان أحكامه على طوائف الموظفين الذين تنظم قواعد توظيفهم قوانين خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين. ومن أجل هذا ظلت الاستثناءات المشار إليها نافذة في شأن موظفي السكك الحديدية حتى بعد العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951، آية ذلك صدور المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 1953 في أول يناير سنة 1953 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 104 لسنة 1949 باختصاصات مجلس إدارة السكك الحديدية مما يؤكد استمرار سريان هذا القانون على موظفي السكك الحديدية. بل صدرت بعد ذلك قوانين أخرى باستثناء بعض طوائف موظفي السكك الحديدية من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بالأقدمية ومن ذلك القانون رقم 478 لسنة 1954 بشأن خدمة القطارات بالمصلحة، وهو يقضي بحساب أقدمية بعض طوائف موظفي السكك الحديدية الذين منحوا أو رقوا أو يرقون إلى درجات أعلى بصفة شخصية بالتطبيق لأي قانون أو قرار على أساس أقدمية التشغيل الفعلية، وهؤلاء هم سائقو ووقادو القطارات ونظار ومعاونو المحطات والتذكرجية والمخزنجية والكمسارية ومستخدمو البلوك والمناورة ومستخدمو الدريسة. ويدخل في مجال هذه الاستثناءات البارزة عدم جواز إعمال حكم المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على "أن لجنة شئون الموظفين ترفع اقتراحاتها إلى الوزير لاعتمادها فإذا لم يعتمدها الوزير ولم يبين اعتراضه عليها خلال شهر من تاريخ رفعها إليه اعتبرت معتمدة وتنفذ". فلا يمكن إعمال حكمها في مصلحة السكك الحديدية، وعلة ذلك واضحة من استعراض نصوص القوانين الخاصة التي نظمت هذه المصلحة، فالسياسة التي قام عليها القانون رقم 104 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1953 في هذا الخصوص هي اعتبار الصلة مباشرة بين المدير العام للمصلحة ومجلس إدارة هذه المصلحة، فهو الذي له حق المبادأة بالاقتراح، وهو الذي عليه أن يعرض، ولا اتصال للجنة شئون الموظفين في ذلك. ويتنافى هذا بحكم اللزوم مع إمكان افتراض صدور قرار ضمني بالموافقة على اقتراح لجنة شئون الموظفين بالتطبيق لنص المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بمقولة مرور شهر على رفع اقتراحها دون اعتراض الوزير عليه اعتراضاً مسبباً ما دام هذا القانون الخاص بالسكك الحديدية قد نظم تدرج الأمر في نظر الترقيات المشار إليها تدرجاً خاصاً يبدأ من المدير العام الذي يعرض مباشرة على مجلس الإدارة، ثم تكون الصلة بعد ذلك مباشرة بين مجلس الإدارة ووزير المواصلات. وسبق أن قدمنا أن المادة الرابعة من قانون 104 لسنة 1949 قد نظمت هذه الصلة فجعلت قرارات مجلس الإدارة في هذا الخصوص غير نافذة إلا بقرار يصدر من وزير المواصلات، ولم تنص على إمكان افتراض موافقة ضمنية على قراراتها لمرور مدة على رفعها إليه دون الاعتراض اعتراضاً مسبباً كما هو الشأن في قوانين أخرى مما يقطع بأن هذا الوضع الخاص يختلف عن الوضع العام في المادة 28 من قانون رقم 210 لسنة 1951. وغني عن البيان هنا أن السياسة التشريعية التي تقوم عليها هذه المادة بين أحكام قانون التوظف العام تفترض أن يكون الاتصال بين لجنة شئون الموظفين وبين الوزير مباشرة حتى يمكن أن يستفاد من سكوت الوزير وعدم اعتراضه اعتراضاً مسبباً على قرار اللجنة قرار ضمني بالموافقة على توصية اللجنة. وظاهر أن الحال مختلف وأن القياس بعيد بين هذا الوضع من جهة، وبين سير الأمور في التدرج الرئاسي في شأن الترقية إلى الدرجات التي يختص بها مجلس إدارة هيئة السكك الحديدية ومن بعده وزير المواصلات طبقاً للقانون الصادر باختصاصات مجلس إدارة السكك الحديدية سنة 1949، فلئن كان الوضعان متماثلين حتى الدرجة الرابعة التي يكون الاتصال فيها مباشراً بين لجنة شئون الموظفين والمدير العام للسكك الحديدية وهي الترقيات لغاية الدرجة الرابعة شريطة أن يكون المرقى هو أقدم زملائه – الفقرة ( أ ) بند (1) مادة ثانية من قانون سنة 1949 – فإن الوضعين لا شك مفترقان بالنسبة للترقيات إلى الدرجات الأعلى من الرابعة أو بالنسبة للترقية بالاختيار في الدرجات الأولى. كان ذلك دائماً، ولا يزال، من اختصاص مجلس الإدارة، وعلى المدير العام أن يعرضها عليه، وتكون قرارات مجلس الإدارة في هذا الشأن نافذة بقرار يصدره وزير المواصلات. وتأسيساً على ذلك، لا يحق للمدعي أن يتمسك بحكم المادة 28 من قانون نظام موظفي الدولة، ولا يقبل منه القول، في ظل التفسير السليم لهذا النص "أنه لما عادت لجنة شئون الموظفين وقدمت مذكرتها الثالثة رقم (39) في 2 من فبراير سنة 1955 رأى مجلس الإدارة في 3 من فبراير سنة 1955 تأجيل النظر في تلك المذكرة دون أسباب، ومتى كان قد انقضى شهر من تاريخ هذه المذكرة دون أن يعتمد الوزير ما جاء بها أو يبين اعتراضه عليها فتعتبر المذكرة عند ذاك معتمدة وتنفذ ويعتبر المدعي نفسه مرقى إلى الدرجة الأولى من 2 من فبراير سنة 1955" ذلك أن مثل هذا القول يخرج عن مجال التطبيق الصحيح لنص المادة (28) لأن توصيات لجنة شئون الموظفين بالسكة الحديد، فيما يتعلق بالترقيات إلى الدرجة الثالثة فما فوقها، إنما يقوم بعرضها المدير العام على مجلس الإدارة، وهي السلطة التي تتخلل العرض على الوزير وبعبارة أخرى فإن توصيات هذه اللجنة أياً كان عدد تكرارها أو كانت درجة إصرارها فإنها لا تعرض على الوزير مباشرة خلافاً لما يجري عليه العمل في باقي مصالح الحكومة ومختلف الوزارات.
ومن حيث إن المدعي ينعى على القرار الوزاري رقم (125) الصادر في 29 من مايو سنة 1955 بترقية محمد عبد العزيز، الشاغل للدرجة الثانية (بميزانية الإيرادات والمصروفات) ترقية قانونية إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة (مراقب عام الميزانية والمشتريات) من دون المدعي الذي كان يقوم بأعمال هذه الوظيفة الأخيرة، ينعى عليه أنه قام على أساس فاسد من مقتضاه أن الوظائف الإدارية في مصلحة السكك الحديدية تعتبر وحدة واحدة. في حين أنه يرى، أن كلاً من الإدارة العامة، ومراقبة الإيرادات والمصروفات وإدارة المخازن وإدارة التحقيقات والمباحث، يعتبر بذاته وحدة مستقلة لها درجاتها الخاصة بالميزانية في تسلسل هرمي. وقد اعتنق الحكم المطعون فيه وجهة نظر المدعي هذه وقضى بأن وديع حنا هو أحق من المطعون في ترقيته محمد عبد العزيز، بالدرجة الأولى المخصصة لوظيفة (مراقب عام الميزانية والمشتريات) طالما أن المدعي وديع حنا هو أقدم موظف في هذه المراقبة التي اعتبرها الحكم المطعون فيه وحدة إدارية مستقلة عن المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات والتي كان يشغل فيها محمد عبد العزيز وظيفة مساعد أول المراقب في الدرجة الثانية الإدارية التي كان قد رقي إليها في تاريخ أسبق من تاريخ حصول المدعي على الدرجة الثانية.
ومن حيث إنه يتعين التنبيه، بادي ذي بدء، إلى أن مثار هذه المنازعة، لا ينصرف إلى معرفة ما إذا كانت مصلحة السكك الحديدية تعتبر بجميع فروعها وحدة إدارية واحدة ينتظم موظفيها كشف أقدمية واحد أم أن كل قسم من أقسام هذه المصلحة يعتبر وحدة مستقلة ينفرد موظفوه بأقدمية خاصة فيما بينهم .. كما وأن البحث لا ينصرف إلى معرفة ما إذا كانت الوظائف الإدارية في مصلحة السكك الحديدية تعتبر وحدة واحدة تربطها أقدمية موحدة للموظفين الإداريين وحدهم جميعاً. هذا الغموض في الفكرة والتصوير هو الذي أدى إلى الخلط الذي أشارت إليه صحيفة الدعوى وأساءت بسببه فهم الفتوى الصادرة من قسم الرأي مجتمعاً في 9 من مارس سنة 1955 في صدد وقائع هي جد مختلفة عن موضوع هذه المنازعة. ولا يختلف الحال عن ذلك أيضاً فيما ارتآه ديوان الموظفين في كتابه المؤرخ 2 من يوليو سنة 1955 إلى السيد مدير عام مصلحة السكك الحديدية. وإنما ينحصر البحث على وجه التحديد، فيما إذا كانت (الإدارة العامة) بمصلحة السكك الحديدية، تعتبر هي والمراقبة العامة للميزانية والمشتريات، وكذلك المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، وكذلك إدارة المخازن ثم إدارة التحقيقات، بمثابة وحدة واحدة فيما يتعلق بالوظائف والدرجات الإدارية، أم أن كلاً من هذه الفروع، يعتبر في حد ذاته، إدارة مستقلة قائمة بذاتها، على عكس ما تقدم.
ومن حيث إن قضاء محكمة القضاء الإداري، كان قد استقر قبل العمل بأحكام القانون رقم (210) لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة على ضرورة التزام تقسيمات الميزانية واعتبار كل قسم من أقسام المصلحة الواحدة، وحدة مستقلة في الترقيات ما دامت الميزانية قد جعلت له كياناً قائماً بذاته من حيث تقسيم الوظائف والدرجات، وقد أقامت تلك المحكمة قضاءها على الحكم المستفاد من نص المادة الأولى من التعليمات المالية رقم (34) ومقتضاها أنه متى كان ترتيب الدرجات في وزارة أو مصلحة ما مقسماً في الميزانية إلى أقسام قائمة بذاتها فلا يجوز استعمال وظيفة في قسم ما لتعيين مرشح فيها يشتغل في قسم آخر أو لترقية موظف في قسم آخر، ولا يجوز الخصم براتب موظف في قسم ما على وظيفة خالية في قسم آخر. وتأسيساً على ذلك كانت المصلحة تعتبر وحدة واحدة في الترقيات كلما استبان من الميزانية أن الدرجات الموجودة في هذه المصلحة تقابل وظائف المصلحة كوحدة دون تمييز لكل إدارة أو قسم من أقسامها على حدة. على أن استقرار أحكام القضاء الإداري، قبل يوليو سنة 1952 تاريخ نفاذ مفعول قانون موظفي الدولة، في هذا الاتجاه لم يمنع بعضاً من الأحكام الإدارية عن أن تنتهج نهجاً مخالفاً لذلك فقالت إن الأصل هو اعتبار المصلحة وحدة واحدة في الترقيات، وأن مجرد تخصيص الميزانية درجات معينة لكل قسم من أقسام الميزانية لا يكفي لاعتبار كل من هذه الأقسام وحدة مستقلة بذاتها، لأن هذا التخصيص إذا لم يكن تنفيذاً لقانون أو مرسوم أو قرار إداري صادر من سلطة مختصة باعتبار كل قسم وحدة مستقلة فهو لا يعدو مجرد بيان عن توزيع الوظائف والدرجات على نواحي النشاط المختلفة بالمصلحة اقتضاه وضع الميزانية بشكل يسهل معه مراجعتها عند فحصها. وظاهر مما تقدم أن القضاء الذي كان سائداً قبل العمل بأحكام القانون رقم (210) لسنة 1951 والقانون رقم (165) لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة وإنشاء المحكمة الإدارية العليا الرأي السائد يومذاك كان وجوب التزام تقسيم الميزانية لدرجات المصلحة الواحدة واعتبار كل قسم وحدة قائمة بذاتها مع عدم الإخلال بحق الإدارة – إلى ما قبل صدور قانون نظام موظفي الدولة – في النقل من قسم إلى آخر تمهيداً للترقية بشرط القيام بعمل الوظيفة المخصصة لها الدرجة وفي حدود حسن استعمال السلطة. فلما أن صدر القانون رقم (210) لسنة 1951 بما تضمنه من أحكام المواد (27)، (40)، (47) وغيرها اصطدم الأخذ بمفهوم هذه النصوص مع تقسيم الميزانية وما يراعى فيقتضي ترتيب الوظائف والدرجات في بعض المصالح على نحو يكفل حسن أداء العمل الذي يقوم عليه كل قسم من أقسام المصلحة الواحدة. الأمر الذي لا يتأتى إلا إذا توافر لهذا القسم عدد معين من الوظائف والدرجات التي تنسق في ترتيب تصاعدي مرسوم. ولا شك أن إدماج هذه الدرجات مع غيرها من الدرجات المخصصة لباقي أقسام المصلحة عند إجراء الترقيات يؤدي إلى الإخلال بهذا الترتيب المقصود لذاته إذ يكون من شأنه أن تمنح بعض الدرجات المخصصة لقسم بعينه إلى موظفين في أقسام أخرى، ويبرز هذا التعارض بوضوح فيما يتعلق بالوظائف الفنية. ومن أجل هذا كله اختلفت بطبيعة الحال، وجهات نظر بعض أحكام محكمة القضاء الإداري إزاء المستفاد من تعارض أحكام قانون التوظف مع قواعد أساسية واعتبارات لا يمكن إهدارها.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة، وهي صاحبة التعقيب النهائي على جميع الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية، وكلمتها القول الفصل في فهم القانون الإداري وتأصيل أحكامه، وتنسيق مبادئه واستقرارها ومنع تناقض الأحكام، أن قضت بأن تحديد ميزانية الدولة للوظائف المختلفة، وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة أو مصلحة، إنما يقوم على أساس من المصلحة العامة، وفقاً لاحتياجات المرافق وبما يكفل سيرها على الوجه الأمثل. وأنه قد بان للمحكمة بوجه خاص من ميزانية الدولة في السنة التي صدرت فيها القرارات التي كان مطعوناً فيها أمامها في تلك الدعوى، أن الديوان العام بوزارة المالية بفروعه المختلفة، ومن بينها حسابات الوزارة والمصالح والتفتيش، وحدة واحدة فينبغي مراعاة ذلك في ترتيب الأقدمية وفي الترقية، وقضت أيضاً بأن ميزانية ديوان الموظفين، بحسب أوضاعها التي استقرت عليها منذ السنة المالية (1953/ 1954) انتظمت طائفتين من الموظفين تكون كل منهما وحدة قائمة بذاتها مستقلة ومنفصلة عن الأخرى: أولاهما وحدة موظفي الديوان العام، والثانية وحدة مراقبي ورؤساء ووكلاء أقسام مستخدمي الوزارات والمصالح. ومقتضى هذا التقسيم، الذي يقوم أساساً على اختلاف نوع وطبيعة العمل، هو استقلال كل من الوحدتين المشار إليهما بوظائفه ودرجاته وأقدميات الموظفين الذين ينتمون إليه. ومتى كان الأمر كذلك، فإن كل وحدة من هاتين الوحدتين تنفرد – عند إجراء حركة الترقية – بدرجاتها ووظائفها التي لا يزاحم أفراد الوحدة الأخرى موظفيها في الترقية إلى الدرجات الشاغرة بها، فإذا خلت درجة في إحدى الوحدتين، فليس لموظفي الوحدة الأخرى أي حق في الترقية إليها أو الأمل فيها. إذ يقتصر حقهم المشروع على الترقية إلى الدرجات التي تخلو بالوحدة التي يتبعونها، فلا امتزاج ولا إدماج بين درجات الوحدتين عند الترقية. كما قضت هذه المحكمة أيضاً بأنه يبين من الاطلاع على ميزانية وزارة التربية والتعليم عن السنة المالية (1953/ 1954) إنما مقسمة إلى فروع عشرة: الفرع الأول ويشمل الديوان العام والمناطق، والفرع الثاني ويشمل معاهد المعلمين والمعلمات، والفرع الثالث ويشمل التعليم الفني، والفرع الرابع ويشمل التعليم الثانوي، والفرع الخامس ويشمل التعليم الابتدائي، والفرع السادس ويشمل الثقافة العامة، والفرع السابع ويشمل الصحة المدرسية، والفرع الثامن ويشمل البعثات العلمية، والفرع التاسع ويشمل مصلحة الآثار، والفرع العاشر ويشمل مجمع فؤاد الأول للغة العربية، وقالت المحكمة أنه يتضح من استعراض كل من هذه الفروع – عدا الفروع التي لا تتصل بمرفق التعليم وهي الفروع السابعة والتاسعة والعاشرة – إنها لا تعتبر وحدات قائمة بذاتها مستقلة عما سواها بوظائفها ودرجاتها في تدرج هرمي بحيث تسمح بالترقية من درجة إلى أخرى دون حاجة إلى الاستعانة بالدرجات الأخرى الواردة في باقي الفروع، ذلك لأن ميزانية هذه الفروع أبعد ما تكون عن التناسق والانسجام الهرمي، بل إن التناسق منعدم في الدرجات داخل حدود الفرع الواحد إذا نظر إلى كل فرع منها على أنه وحدة مستقلة بذاتها، ومتى كان الأمر كذلك وكانت هذه الفروع ليست وحدات مستقلة قائمة بذاتها فلا تثريب على الوزارة إذا ما نقلت موظفي أحد الفروع إلى فرع آخر، ورقتهم على درجات في هذا الفرع أو ذاك لاستكمال النقص. وفي حكم حديث آخر أصدرته أيضاً هذه المحكمة العليا بجلسة 18 من فبراير سنة 1961 جاء فيه "أنه قد بان لهذه المحكمة من الاطلاع على ميزانية الهيئة العامة للسكك الحديدية للسنة المالية (1955/ 1956) والتي صدر في ظلها القرار المطعون فيه رقم (167) الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 – في تلك الدعوى – أن وظائف المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، التي يتبعها المدعي، قد وردت هي ووظائف المراقبة العامة للميزانية والمشتريات تحت بند واحد في الفصل الأول من ميزانية السكك الحديدية. ووظائف الإدارة العامة تعتبر جميعاً وحدة واحدة في الترقية، ولا ينقص من هذه الوحدة ما ورد داخل فرع الديوان العام من تقسيمات داخلية؛ إذ لا ترقى هذه التقسيمات إلى مصاف الوحدات الإدارية المتميزة والمستقلة إدارياً ومالياً. ولا يحتمل مثل هذا التقسيم أكثر من كونه مجرد ترتيب وتنظيم للعمل روعي فيه تشكيل القوة التي تستطيع أن تنهض بالعبء في كل قسم على حدة. وعلى هذا المقتضى لا يستساغ أن تقتصر الوظائف الإدارية بالمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات على أن تبدأ أعلاها بوظيفة من الدرجة الثانية ويحرم موظفوها من الترقية إلى الدرجة الأولى فما فوقها من الدرجات في أقسام الإدارة العامة المدرجة تحت بند واحد من الفرع واحد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه يكون، على ضوء ما تقدم من أصول وأحكام، قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيما ذهب إليه من أن مصلحة السكك الحديدية مقسمة إلى وحدات إدارية هي الإدارة العامة وإدارة التحقيقات والمباحث والمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات وإدارة عموم المخازن وإدارات أخرى مختلفة وأن الوظائف الإدارية الخاصة بالإدارة العامة تنتظم درجات متسلسلة في تدرج هرمي من شأنها أن تجعل كلاً من المراقبة العامة للميزانية والمشتريات ثم المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات وحدة مستقلة قائمة بذاتها، ومن ثم يكون المدعي وهو أقدم موظف في الدرجة الثانية الإدارية في هرم المراقبة العامة للميزانية والمشتريات التي هي وحدة منفصلة عن وحدة مراقبة الإيرادات والمصروفات، أحق من الخصم الثالث بالترقية إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة المراقب العام للميزانية والمشتريات.
ومن حيث إنه يبين للنظر الفاحص لميزانية وزارة المواصلات في مجلد لميزانية الدولة المصرية لعام (1954/ 1955) – صفحة 688 – وهي السنة السابقة مباشرة للسنة التي صدر فيها القراران المطعون عليهما بالإلغاء وكذلك لميزانية عام (1955/ 1956) – صفحة (594) – وهي الميزانية التي صدر في ظلها القراران محل الطعن، وكذلك لميزانية عام (1956/ 1957) - صفحة (609) - وهي السنة المالية اللاحقة مباشرة للميزانية التي صدر في ظلها القراران، يبين من الاطلاع المقارن على هذه الميزانيات الثلاثة أنها جاءت، فيما يتعلق بنقاط هذه المنازعة، صورة مطابقة لأصل واحد لا خلاف فيه. ففي ميزانية (1955/ 1956) لوزارة المواصلات وردت السكك الحديدية تحت فرع (2) ومقسمة إلى سبعة فصول: الفصل الأول من ميزانية السكك الحديدية خاص بالإدارة العامة ويندرج فيها المراقبة العامة للميزانية والمشتريات ثم إدارة المباحث، ثم المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، ثم إدارة عموم المخازن، ثم الإدارة الطبية. ويأتي بعد ذلك قسم آخر هو الفصل (2) وهو خاص بالمصروفات العامة للفروع. ثم يأتي الفصل (3) وهو خاص بقسم هندسة السكك، ثم الفصل (4) خاص بقسم القاطرات والعربات ثم الفصل (5) خاص بإدارة عموم المخازن والمشتريات (صفحة 638) ثم الفصل (6) خاص بقسم الحركة ثم الفصل (7) خاص بأعمال جديدة وبذلك تنتهي ميزانية السكك الحديدية التي جاءت تحت فرع (2) ويبدأ الفرع (3) عن ميزانية التلغرافات والتليفونات. ومعنى هذا الوضع أن ميزانية مصروفات مصلحة السكك الحديدية كانت في تلك السنة وفي السنة السابقة عليها والسنة اللاحقة لها مقسمة إلى وحدات مستقلة لكل وحدة منها كيان مستقل بها من حيث المصروفات بمختلف أنواعها ومنها الأجور والماهيات والمرتبات التي توضع بشأنها الدرجات الدائمة والمؤقتة والخارجة عن الهيئة وعمال اليومية. وفي مقدمة هذه الوحدات المستقلة تأتي وحدة (الإدارة العامة) قرين عبارة فصل واحد وتحت البند (1) ماهيات وأجور ومرتبات تأتي المراقبة العامة للميزانية والمشتريات وفيها درجتان أولى إدارية ثم تتسلسل درجات وظائفها نزولاً إلى الدرجة السادسة – ثم تأتي إدارة المباحث وأعلى درجة فيها هي الدرجة الثالثة ثم درجات رابعة وخامسة وسادسة – ثم تأتي بعد ذلك المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات وأن أعلى درجة في وظائفها هي الدرجة الثانية وهي درجة واحدة فقط ثم درجات ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة – وتأتي بعد ذلك إدارة عموم المخازن وأعلى درجة فيها هي درجة واحدة لمدير عام (ب) لوظيفة مدير عام المخازن - وبعد ذلك تأتي الإدارة الطبية وأعلى درجاتها مدير عام (ب) لوظيفة مدير القسم الطبي. وبذلك ينتهي البند رقم (1) الخاص بالماهيات والأجور والمرتبات ويدخل تحت هذا البند، كما اتضح من الاطلاع، مراقبة الميزانية والمشتريات ثم المباحث ثم الإيرادات والمصروفات ثم المخازن ثم الإدارة الطبية.
ولا شك أن هذا الوضع الذي جاءت به الميزانية، والذي يبدو منه جلياً انعدام كل تشكيل هرمي لأي فرع من هذه الفروع الداخلة في البند واحد وفي الفصل واحد الذي تحيط به جميعاً حلقة الإدارة العامة، هذا الوضع يقطع في الدلالة على أن هذه الفروع ليست إلا فصوصاً متراصة في غير انتظام أو انسجام داخل دولاب الإدارة العامة وفروعها. وهو وضع لا يغيب عن إدراك المدعي ومصلحة السكك الحديدية، لأن المدعي كان يشغل وظيفة مساعد مراقب الحسابات في الدرجة الثالثة (540/ 720) جنيهاً بالمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، فلما أن خلت درجة ثانية بأقلام الإدارة العامة بالديوان العام رقي إليها المدعي ووافق مجلس إدارة السكك الحديدية بجلسته المنعقدة في 29 من أكتوبر سنة 1951 على ما أوصت به مذكرة المصلحة رقم (69) بترقيات الإداريين بأقلام الإدارة العامة. وجاء بها في شأن المدعي "يرقى وديع حنا ترقية قانونية من الدرجة الثالثة بمراقبة الإيرادات والمصروفات إلى الثانية بميزانية أقلام الإدارة العامة بالديوان العام مع استمراره في عمله الأصلي وهو يشغل الدرجة الثالثة من أول سبتمبر سنة 1946 وهو أول من عليه الدور للترقية من موظفي الدرجة الثالثة بأقلام الإدارة العامة وقائم بعمله بحالة مرضية. إمضاء: مدير عام السكك الحديدية". ومفاد هذا القرار أن المصلحة تعتبر درجات الوظائف الإدارية بالإدارة العامة وفروعها حتى منذ عام (1951) وحدة واحدة يربط بين موظفي فروعها كشف أقدمية واحد ترتب عليهما رقي المدعي من الدرجة الثالثة بمراقبة الإيرادات والمصروفات إلى الدرجة الثانية بالديوان العام لأنه كان أقدم موظفي الدرجة الثالثة بالإدارة العامة التي تضم في طياتها كلاً من مراقبة الميزانية ومراقبة الإيرادات. وأقطع من ذلك كله في الدلالة على رسوخ هذا الوضع وإطراد المصلحة عليه منذ تنظيم ميزانيتها وتقسيم وظائفها أنها لما أن فكرت، ولأول مرة، عند إعداد ميزانيتها لعام (1955/ 1956) في أن تقلع عما جرت عليه في الماضي، وأن تخلق من كل هذه الفصوص المتداخلة وحدة قائمة بذاتها يكون لها درجاتها ووظائفها في كشف واحد خاص بأقدمية موظفيها هي وحدها، صرحت بذلك في مشروع ميزانية (1955/ 1956) وجاء في مذكرتها تحت عنوان الإدارة العامة وفروعها ما يأتي: "كانت ميزانية الإدارة العامة فصل واحد لغاية السنة المالية الحالية (1954/ 1955) تشمل مصروفات أقسام الإدارة العامة، والمخازن، والمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، والقسم الطبي. ونظراً لما استقر عليه الرأي من جعل كل من هذه الأقسام بمثابة وحدة مستقلة، فقد رئي تخصيص ميزانية خاصة لكل منها حتى يمكن حصر مصروفات كل قسم على حدة، كما وقد نقلت إلى ميزانية هذه الأقسام الاعتمادات التي تخصها وكانت تدرج ضمن فصل (2) مصروفات عامة للفروع. ولكن السلطات الرسمية المختصة، كما هو واضح من الاطلاع على الميزانيات المتعاقبة، رفضت الأخذ بهذا الاقتراح الذي جاء مؤكداً أن المراقبة العامة للميزانية والمشتريات إنما تدخل، هي وزميلتها المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، في زمرة الإدارة العامة وفروعها بميزانية المصلحة، يؤلف بين درجاتها ووظائفها الإدارية في غير ما تزاحم بين شاغليها، كشف أقدمية واحد تكون العبرة فيه بالأسبقية وحدها في تاريخ الحصول على الدرجة المالية.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على خصوصية الطلب الأصلي من هذه المنازعة، بعد إذ تحددت السلطة التي انعقدت عندها في الهيئة العامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر ولاية الترقية إلى الدرجات من الثالثة إلى العليا سواء على أساس الأقدمية وحدها أم بالاختيار، كما وقد تلاشى كل خلاف كان يدور حول وحدة الإدارة العامة وفروعها بميزانية السكك الحديدية، يبين أن مجلس إدارة السكك الحديدية قد التزم حدود القانون واللوائح عندما أصدر بجلسته المنعقدة في 29 من مايو سنة 1955 قراره بترقية السيد/ محمد عبد العزيز الشاغل للدرجة الثانية بميزانية مراقبة الإيرادات والمصروفات ترقية قانونية إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات بميزانية الإدارة العامة – وقد لازم التوفيق مجلس الإدارة إذ أعرض عن المذكرات الخمس التي تقدم بها السيد المدير العام للمصلحة في تواريخ متلاحقة بين شهري نوفمبر سنة 1954 ومايو سنة 1955 بترشيح المدعي للترقية إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات ولم يوافق المجلس على توصيات لجنة شئون الموظفين بالمصلحة المذكورة ٍبترقية المدعي إلى تلك الدرجة على أساس الاختيار. وقد فات اللجنة أن الترقية بالاختيار تجد حدها الطبيعي في المبدأ الإداري العادل الذي يقضي بعدم جواز تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير أكفأ. أما عند التساوي في الكفاية فيتعين ترقية الأقدم وبغير ذلك تكون الترقية عرضة للتحكم والأهواء. ولقد ثبت لمجلس الإدارة من واقع المذكرة الخامسة التي تقدم بها السيد المدير العام للمصلحة إلى مجلس الإدارة في 26 من مايو سنة 1955 والتي تضمنت بناء على طلب المجلس إجراء مقارنة صحيحة دقيقة من واقع ملفات خدمة كل من المدعي والخصم الثالث عبد العزيز أن هذا الأخير كان أقدم من المدعي في جميع الدرجات التي رقي كل منهما إليها: عبد العزيز رقي إلى الخامسة في أول مايو سنة 1937 وإلى الرابعة في أول أغسطس سنة 1942 وإلى الثالثة في أول أغسطس سنة 1946 وإلى الثانية في 21 من يوليو سنة 1951 أما المدعي فقد رقي إلى الخامسة في أول أغسطس سنة 1938 وإلى الرابعة في أول سبتمبر سنة 1942 وإلى الثالثة في أول سبتمبر سنة 1946 وإلى الثانية في 29 من أكتوبر سنة 1951. أما عن كفاية كل منهما فإن ملف خدمة كل يشهد لصاحبه بالكفاية والجدارة وأنه خليق بالتقدير والترقية. ولئن كانت مذكرات لجنة شئون موظفي المصلحة التي قدمها السيد المدير العام إلى مجلس الإدارة قد أكدت أن المدعي الذي رشحته للترقية هو أصلح من يقوم بعمل تلك الوظيفة في المصلحة كلها، إلا أن الثابت من الاطلاع على ملف خدمة عبد العزيز أنه يتمتع بثناء متكرر وتقدير متواتر من أغلب من عمل تحت رئاستهم وثابت في تقريره السنوي عن عام 1953 بأنه يؤدي واجباته (بكفاية ممتازة وجدارة تامة يستحق من أجلها الترقية بالكفاية الممتازة) – مستند رقم (153) من ملف خدمته – وجاء في تقرير آخر موقع عليه من السيد المدير العام في 23 من يوليو سنة 1943. (أن حضرته قد تدرج في مختلف الوظائف فقام بأعبائها خير قيام إلى أن عهد إليه بوظيفة مساعد مراقب عام الحسابات، وهي من الوظائف ذات المسئولية الخطيرة بالمصلحة. وكان للمجهود الذي يبذله في هذه الوظيفة أثر ملموس في دقة العمل ونظامه خصوصاً في ظروف الحرب). مستند رقم (49) بملف خدمته – وما دام لم يثبت أن المدعي وهو الأحدث في الأقدمية، أكفأ من الأقدم وأجدر منه حقاً فإن ترقية الأقدم والحالة هذه، تكون أمراً مقضياً، والطعن فيه لا يجد له سنداً من القانون. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين لذلك إلغاؤه.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم أيضاً على خصوصية الطلب الاحتياطي من هذه المنازعة وهو طلب الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم (209) لسنة 1955 والذي يقضي "بأنه اعتباراً من 7 من أغسطس سنة 1955 يرقى محمد علي إبراهيم الشاغل للدرجة الثانية الإدارية بميزانية الإدارة العامة، ترقية قانونية إلى الدرجة الأولى الإدارية الخالية بميزانية الإدارة العامة والمخصصة لوظيفة مراقب الإدارة العامة والقائم بعملها فعلاً" فإنه يبين أن مجلس إدارة السكك الحديدية قد خالف هذه المرة، الأوضاع السليمة التي سبق له أن التزم بها في قرار 29 من مايو سنة 1955، وفات المجلس هنا أن الإدارة العامة وفروعها إنما هي وحدة مستقلة قائمة بذاتها وتدخل في تكوينها كل من المراقبة العامة للميزانية والمراقبة العامة للإيرادات ومن ثم فلا يمكن عند إجراء حركة الترقيات في درجاتها، ولا سيما العليا منها، التجاوز عن ترتيب الأقدميات بالكشف الموحد الذي يجمع بينها. وثابت من الاطلاع المقارن بين ملف خدمة المدعي والمطعون احتياطياً في ترقيته السيد/ محمد علي إبراهيم، أن المدعي وديع حنا أقدم من هذا الأخير في جميع الدرجات من السادسة إلى الثانية، فبينما حصل المدعي على الدرجة السادسة في أول أغسطس سنة 1927 فإن إبراهيم حصل عليها في 9 من مايو سنة 1935 (مستند رقم 218 من ملف خدمة إبراهيم) وكذلك حصل إبراهيم على الخامسة في سنة 1939 وعلى الرابعة في سنة 1943 وعلى الثالثة في سنة 1947 وعلى الدرجة الثانية الإدارية في 26 من أغسطس سنة 1952 بينما حصل عليها المدعي في 26 من أكتوبر سنة 1951. وحاصل ذلك أن وديع حنا أقدم من محمد علي إبراهيم وهما معاً في وحدة إدارية واحدة، هي الإدارة العامة وفروعها بمصلحة السكك الحديدية. ولئن كانت الترقية بالاختيار هي في الأصل من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة بما لا معقب عليها من القضاء الإداري ما دام خلا هذا التقدير من إساءة استعمال السلطة، إلا أن هذا الاختيار، كما قدمنا، يجد حده الطبيعي في أنه لا يجوز تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان هذا الأخير هو الأصلح. ولم يقم ثمة دليل من تصفح ملف خدمة السيد/ محمد علي إبراهيم على أنه أجدر وأكفأ من زميله الأقدم منه وديع حنا. ومن أجل هذا يكون هذا القرار رقم (209) لسنة 1955 الصادر بترقية محمد علي إبراهيم إلى الدرجة الإدارية الأولى متخطياً المدعي قد وقع مخالفاً للقانون وأغفل ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أصول الترقية بالاختيار لأنه تخطى الأقدم إلى الأحدث دون أن يثبت أن هذا الأخير أكفأ حقاً من الأول وأجدر. وهو أصل قويم عادل يسري حتى بالنسبة للموظفين الذين لا يخضعون لنظام التقارير السنوية. ولما كان المدعي قد رقي بالفعل إلى الدرجة الأولى الإدارية بميزانية الإدارة المالية اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1957، بمقتضى القرار الوزاري رقم (73) الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1957 والمرفق صورته بأوراق الطعن، فإنه يتعين على نحو ما تقدم، إلغاء الحكم المطعون فيه وإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الأولى الإدارية إلى 7 من أغسطس سنة 1955 تاريخ صدور القرار الوزاري رقم (209) لسنة 1955 مع ما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي رد أقدميته في الدرجة الأولى الإدارية إلى 7 من أغسطس سنة 1955 وألزمت الحكومة المصروفات.