مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1202

(147)
جلسة 20 من مايو سنة 1961

برياسة السيد/ سيد إبراهيم الديواني وكيل المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 239 لسنة 5 القضائية

موظف - مسئولية إدارية - نطاقها - الموظف مسئول تأديبياً عما يرتكبه من مخالفات في مباشرته وظيفته الرسمية، وعما يصدر منه خارج نطاقها بوصفه فرداً من الناس - المخالفات التي يرتكبها رئيس أقسام المساعدات والهيئات التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية الذي اختير للعمل بفرع معونة الشتاء أثناء عمله بهذا الفرع - مسئوليته عنها إدارياً - التحدي بأنه عين بهذا الفرع بصفته الشخصية لا بوصفه موظفاً - في غير محله - أساس ذلك.
إن حجاج المدعي رداً للمسئولية الإدارية عنه - بأنه إنما كان يعمل بفرع معونة الشتاء بكفر الشيخ بصفته الشخصية لا بوصفه موظفاً حكومياً في غير محله، ذلك أن هذه الصفة التي يدعيها ليس من شأنها على أية حال أن ترفع عنه المسئولية الإدارية كموظف عام لأنه وهو يشغل مهام رئاسة أقسام المساعدات والهيئات منوط به أصالة، وقبل أي موظف آخر بوزارة الشئون الاجتماعية إثبات المخالفات لأحكام القانونين رقمي (49) لسنة 1945 الخاص بالجمعيات الخيرية، (152) لسنة 1949 الخاص بالأندية والقوانين المعدلة لهما والقرارات المنفذة لأحكامهما وله في هذا الشأن صفة رجال الضبط القضائي التي تلازمه حيثما يتواجد في منطقة عمله الرسمي وخاصة في مجال نشاط فرع معونة الشتاء بكفر الشيخ. ومن ثم فإن أي خطأ يصدر منه في هذا المجال أو أي تقصير أو إهمال يعزى إليه يكون بمثابة الإخلال بواجبات وظيفته مما يترتب عليه مساءلته إدارياً.... وغني عن القول أن الموظف الحكومي لا تقتصر مسئوليته عما يرتكبه من أعمال في مباشرته لوظيفته الرسمية بل إنه قد يسأل كذلك تأديبياً عما يصدر منه خارج نطاق عمله وبوصفه فرداً من الناس. فهو مطالب على الدوام بالحرص على اعتبار الوظيفة التي ينتمي إليها حتى ولو كان بعيداً عن نطاق أعمالها ولا يجوز أن يصدر منه ما يمكن أن يعتبر مناقضاً للثقة الواجبة فيه والاحترام المطلوب له والذي هو عدته في التمكين لسلطة الإدارة وبث هيبتها في النفوس.


إجراءات الطعن

في 27 من يناير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 239 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من هيئة المنازعات الخاصة بالفصل بغير الطريق التأديبي وقرارات الإحالة إلى المعاش والاستيداع وكذلك القرارات الخاصة بالتعيين والترقية، بمحكمة القضاء الإداري بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 1275 لسنة 11 القضائية المقامة من لويز حلمي تادرس ضد وزارة الشئون الاجتماعية ومراقب هذه الوزارة بكفر الشيخ، والذي قضى "بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الحكومة مصاريف الدعوى". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام رافعها المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 11 من فبراير سنة 1959 وإلى المطعون عليه في 17 منه. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من فبراير سنة 1960 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 2 من إبريل سنة 1960 وفيها أمرت المحكمة بضم بعض أوراق التحقيق وملف الخدمة، وقد تحمل الفصل في الطعن عدة تأجيلات لتنفيذ القرار السابق، وبجلسة 28 من يناير سنة 1961 طلب المطعون عليه التأجيل لتقديم مذكرة جديدة في الطعن قدمها في 20 من فبراير سنة 1961 انتهى فيها إلى طلب تأييد الحكم ورفض الطعن، وبجلسة أول إبريل سنة 1961 قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1275 لسنة 11 القضائية أمام هيئة المنازعات الخاصة بالفصل بغير الطريق التأديبي، وقرارات الإحالة إلى المعاش والاستيداع وكذلك القرارات الخاصة بالتعيين والترقية بمحكمة القضاء الإداري ضد السيد وزير الشئون الاجتماعية والسيد مراقب هذه الوزارة بكفر الشيخ، وذلك بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 28 من أغسطس سنة 1957 طالباً الحكم "بإلغاء القرار الصادر من مراقب الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ، باستقطاع ثلاثة أيام من راتبه مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه إنه في 9 من فبراير سنة 1957 صدر القرار المطعون فيه بخصم ثلاثة أيام من راتبه لأنه مسئول عن عدم أخذ موافقة مجلس إدارة اللجنة الفرعية لمعونة الشتاء بكفر الشيخ على مشروع ميزانية الفرع قبل إرساله إلى اللجنة العليا، وعلى صرف المكافآت الخاصة للسادة توفيق خليل ومحمد حسن الطحان الموظفين بالمراقبة، وعلى تشكيل لجنتي الدعاية والمشتريات من بعض موظفي المراقبة وترك الحبل على غاربه يتصرفون دون رقيب أو حسيب، ومسئول عن شراء بعض المشتريات بدون مناقصة، وعن التأشير على مستندات بأجر نقل الماكينات بمبلغ ثلاثة جنيهات مع أن قلم مرور كفر الشيخ أفاد بعدم صحة هذه المأمورية، فتظلم المدعي من هذا القرار في 4 من مايو سنة 1957، ويستطرد المدعي فيقول إنه قد شكل مجلس إدارة اللجنة الفرعية لمعونة الشتاء بكفر الشيخ، وهي جمعية خيرية مسجلة طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 الخاص بالجمعيات الخيرية من عضوية بعض القائمين بالخدمات الاجتماعية ومن المدعي وذلك بمقتضى أمر من السيد رئيس اللجنة العليا لمعونة الشتاء، وكان ذلك عن موسم سنة 1960. ويقول المدعي إنه قام بعمله بهذه الصفة في الجمعية وتصرف فيها طبقاً لمشروع ميزانيتها المعتمدة من السيد رئيس اللجنة العليا والذي تم التصديق عليه بجلسة إدارة الفرع في 11 من مارس سنة 1956 ومنها الأعمال التي اعتبرها السيد المراقب مخالفة. علماً بأن هذه الأعمال أداها المدعي، بصفته الشخصية، أي بصفته عضواً بمجلس إدارة تلك الهيئة، لا بصفته الحكومية، وهذه الأعمال لا تمت بصلة للأعمال الحكومية، ولا تخضع للقوانين المنظمة لها كالقانون رقم (480) لسنة 1954 الخاص بالنيابة الإدارية والقانون رقم (210) لسنة 1951 الخاص بموظفي الدولة. وبالإضافة إلى ذلك فإن التهم التي وجهت إلى المدعي، على حد قوله، هو منها براء، لما يأتي من أسباب: (1) عن مشروع الميزانية فإنه معتمد من اللجنة العليا، وهي الجهة المهيمنة على الفرع ولم يتم الصرف بمقتضاه إلا بعد موافقة مجلس الإدارة (2) عن شراء بعض المشتريات دون مناقصة وصرف مكافآت للبعض، فإن هذه المشتريات صغيرة واللوائح الحكومية لم تنص على الشراء بمناقصات في مثل هذه المبالغ. علماً بأن هذه المشتريات قد اعتمدها مجلس إدارة الفرع. وإن وجد غير ذلك فهي مشتريات بسيطة اقتضتها الضرورة. أما المكافآت فهي أجور بسيطة ينطبق عليها ما ذكر عن المشتريات. (3) عن تشكيل اللجان فإن ذلك قد كان بمعرفة مجلس الإدارة وبرئاسة السيد رئيس اللجنة الفرعية لمعونة الشتاء بكفر الشيخ، وهو في الوقت نفسه مراقب الشئون الاجتماعية بها، وهو الذي يملك تكليف الموظفين بما يراه من الأعمال. والمدعي ليس له هذه السلطة ولم يعين أحداً (4) عن التأشير على مستندات أجر نقل الماكينات بمبلغ ثلاثة جنيهات. فهذه المنقولات ثابت فعلاً أنها قد نقلت وسلم الأجر بمعرفة الموظف المختص لمن قام بنقلها وليس له أن يصرف أكثر من ذلك. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء قرار الجزاء الذي أصابه. ردت وزارة الشئون الاجتماعية على الدعوى بمذكرة في 16 من نوفمبر سنة 1957 جاء فيها أن النيابة الإدارية أجرت تحقيقاً مع المدعي وأثبتت فيه إدانته. وأنه مسئول عن بعض المخالفات التي قدم بها صحيفة دعواه ولم يفلح المدعي في إنكارها. وقالت الوزارة إن المدعي كان عضواً في اللجنة الفرعية لمعونة الشتاء بحكم وظيفته، وليس كما يقول، بصفته الشخصية. وكان المدعي يشغل وقتذاك وظيفة (مدير قسم المساعدات) ويعتبر مندوباً للمراقبة في اللجنة، وهو بحكم وظيفته مسئول عن كل مخالفة ترتكبها الجمعية لأنه هو المنفذ للقانون رقم (49) لسنة 1945 الخاص بالجمعيات والمؤسسات الخاصة وكان عليه أن يوقف أي قرار لا يتفق وأغراض الجمعية لأنه مسئول عن مراقبة تنفيذ لوائح الهيئات والإشراف الفني عليها فإذا ما قصر في المراقبة والإشراف أو تدخل في شأن من شئون هذه الهيئات مستغلاً سلطة وظيفته أو شارك في ارتكاب مخالفات فيها، فإنه يكون بذلك قد خالف واجبات وظيفته، ويسأل إدارياً عن ذلك متى ثبت قيامه بالفعل الذي أسند إليه. وهذا هو ما وقع من المدعي. فصدر القرار المطعون فيه متضمناً مجازاة المدعي بناء على ما ثبت من التحقيق من أنه استغل وظيفته وتعدى اختصاصه، وسلك مسلكاً معيباً بعبثه بأموال لجنة معونة الشتاء. وقد وقع الجزاء عليه بعد تحقيق دفاعه واتخاذ كافة الإجراءات القانونية مما يؤكد أن الأمر المطعون فيه قد قام على أسس مستمدة من عناصر ثابتة في الأوراق أدت إلى النتيجة التي انتهى إليها. والإدارة قد ترخصت في حدود سلطتها التأديبية في تقدير الجزاء الذي رأته مناسباً لما ارتكبه المدعي، بلا معقب عليها في هذا الشأن ما دامت هي لم تخالف القانون وقدرت الجزاء في الحدود القانونية وصدر الجزاء ممن يملك إصداره. ثم أبانت الإدارة أن المدعي تقدم بالتظلم الإداري رقم (1) لسنة 3 القضائية في 4 من مايو سنة 1953 وكان موضوعه هو ذات موضوع هذه الدعوى، ولكن السيد مفوض الدولة قد رأى رفضه. وخلصت الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وبجلسة 3 من ديسمبر سنة 1958 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى وقضت "بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الحكومة مصاريف الدعوى". وأقامت قضاءها على أن المدعي قد وقع الاختيار عليه ليكون عضواً في مجلس إدارة اللجنة الفرعية لمعونة الشتاء بكفر الشيخ، لا بحكم منصبه كمدير للمساعدات في المراقبة، وإنما بصفته الشخصية، وهو أياً كان مركزه في هذا المجلس لا يخرج عن كونه عضواً عادياً أو سكرتيراً أو غيره، لا يعد مسئولاً عن أية مخالفات قد تقع في أعمال ذلك المجلس أمام وزارته، لأنه ليس ممثلاً لهذه الوزارة ولا مندوباً عنها، ولا تربطه بعمله داخل المجلس أية رابطة. وقد نص القانون النظامي لفرع كفر الشيخ على أن يتكون مجلس إدارته من السيد مراقب الشئون الاجتماعية بالمديرية رئيساً وتسعة أعضاء يرشحهم ويعتمد الرئيس الأعلى للجنة العليا لمعونة الشتاء اختيارهم ويكون من هؤلاء التسعة خمسة على الأقل من غير موظفي الحكومة، والمدعي قد عين في المجلس بصفته هذه، وهي صفة خاصة، ومن ثم فلا يكون الخطأ الذي ارتكبه إخلالاً بواجباته الحكومية، وإنما هو خطأ صدر منه كفرد عادي. ولما كانت المخالفات التي أسندت إلى المدعي هي مخالفات وقعت أثناء مباشرة مجلس الإدارة المذكور لأعماله فإنها لا تعد بالنسبة للمدعي مخالفات في تأدية واجباته أو بمقتضياتها مما يجدر مؤاخذته عنها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه إذ جازى المدعي عنها فإنه يكون قد قام على سبب غير صحيح مما يتعين معه إلغاؤه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا خلاف بين طرفي المنازعة، وحسبما استظهره الحكم، على أن المدعي قد ارتكب الأخطاء التي جوزي عليها، وإنما انحصر البحث كله في الصفة التي ارتكب بها مثل هذا الخطأ. أهي بصفته فرداً من الأفراد أم وقعت منه بوصفه موظفاً حكومياً، وذلك باعتباره (مندوباً للمراقبة في اللجنة) ويكون مسئولاً بحكم أعماله عن كل مخالفة ترتكبها الجمعية لأنه المنفذ للقانون رقم (49) لسنة 1945 الخاص بالجمعيات والمؤسسات، وكان عليه أن يقف أي قرار لا يتفق وأغراض الجمعية لأنه مسئول عن مراقبة تنفيذ لوائح الهيئات والإشراف عليها كما أبدت ذلك الوزارة في مذكرتها المتضمنة دفاعها. ويرى تقرير طعن هيئة المفوضين أن الموظف الحكومي لا تقتصر مسئوليته على ما يرتكبه من أعمال في مباشرته لوظيفته بل إنه قد يسأل تأديبياً عن عمل يرتكبه بصفته فرداً خارج نطاق أعماله الوظيفية فعليه أن يحترم وظيفته حتى في خارج نطاقها الرسمي، وألا يصدر منه فعل يعتبر مناقضاً للثقة الواجبة فيه والاحترام المطلوب له والذي هو عدته في التمكين لسلطة الإدارة وبث هيبتها في النفوس، وبوجه خاص إذا كان عمله الذي يمارسه كفرد عادي من نوع ما هو مطلوب منه كموظف. وهذا هو وضع المدعي في وقائع هذا الطعن. ولا يجوز أن يكون الموظف بوصفه فرداً عادياً أمثولة سيئة تشكك الناس في أعمال الإدارة وتثير سخطهم عليها واستهانتهم بها. ومن أجل ذلك كانت أسباب الحكم المطعون فيه غير منتجة لأنها اقتصرت على البحث فيما إذا كان المدعي قد عين في مجلس إدارة فرع كفر الشيخ بصفته الوظيفية أم أنه قد عين بصفته الفردية. بل إنه قد تبين من مناقشة هيئة المفوضين للوزارة المدعى عليها أنه قد صدر القرار رقم (41) لسنة 1955 من السيد وزير الشئون الاجتماعية والعمل بندب بعض موظفي مراقبات الشئون الاجتماعية لإثبات ما يقع من مخالفات لأحكام بعض القوانين والقرارات المنفذة لها، فإذا صدرت المخالفات من المدعي نفسه، وله هذه الصفة في حماية تطبيق القانون، فإنه يكون قد أخل بواجبات وظيفته بمعناها الخاص، ما دامت التصرفات التي نسبت إليه، قد ثبتت في حقه بالتحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية واستخلص الجزاء الموقع عليه بسببها استخلاصاً سائغاً من الأوراق، ووقعه عليه السيد مراقب الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعي مع إلزامه بمصروفاتها.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق وبوجه خاص ملفات التحقيقات المصلحية والإدارية المرفقة بهذا الطعن، أن الإدارة العامة لشئون المراقبات بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، كانت قد شكلت لجنة إدارية مالية لمراجعة حسابات أموال مشروع معونة الشتاء بمديرية كفر الشيخ. فقدمت اللجنة تقريرها في 25 من أغسطس سنة 1956 متضمناً وقوع عدة مخالفات خطيرة في إيرادات ومصروفات هذا المشروع الخيري العام سنتي (1954/1955، 1955/1956) وسجل التقرير تفصيلاً للمخالفات القانونية والإدارية، كما فصل المخالفات الحسابية والمالية. ومما جاء بهذا التقرير أنه كان من بين إيرادات المشروع تحصيل مبالغ من مستحقي الدفعة الواحدة من بند المساعدات وفي ذلك خروج على الأغراض التي أعطيت من أجلها هذه المساعدات يضاف إلى ذلك عدم إمكان الوصول إلى حقيقة المبالغ التي استقطعت، فما من دليل يمكن أن يتخذ أساساً للتسليم بصحة هذه المبالغ، ومن ذلك أيضاً أنه استقطع من أموال معونة الشتاء مبلغ (55) جنيهاً للاشتراك والتبرع لمعسكر الشباب الدائم ببلطيم وإجراء مصروفات عديدة على هذا الغرار مما لا يتفق وأهداف مشروع معونة الشتاء، كما ثبت استغلال أموال هذا المشروع في أعمال لا علاقة لها بالمشروع، مثال ذلك (30) جنيهاً ثمن بويات ونقوش ولمبة ولوح بللور لغرفة المراقب السابق وبدون فاتورة ومنها تسعة جنيهات في 7 من إبريل سنة 1956 أجرة دهان حجرتي معونة الشتاء، مع أن هذا الإيجار من الباطن من السيد/ لويز حلمي مدير المساعدات السابق بالمراقبة (المدعي) كما جرى صرف مكافآت بواقع مرتب نصف شهر لبعض موظفي مشروع بر رمضان، وهذا العمل لا يتمشى مع النظم والأوضاع الحكومية لأنه بالإضافة إلى أن الأمر كان يتطلب أخذ ترخيص سابق لهؤلاء الموظفين بمزاولة أعمال غير حكومية، وهو ما لم يحدث بالفعل، فإن إقرار مجلس إدارة الفرع لهذه المكافآت والمرتبات في نوفمبر سنة 1955، وفي مارس سنة 1956 لا يعفي مراقبة الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ من المسئولية لأن المكافآت لا يمكن أن تصرف بغير ترخيص سابق من اللجنة العليا لمشروع معونة الشتاء وصدرت تعليمات بتحديدها، ولأن المكافآت التي صرفت قد جاوزت نسبة (25%) من المرتب، وكونت المراقبة لجنة الدعاية من بين موظفي المراقبة مع ما في ذلك من مخالفة لنص اللائحة الأساسية لفرع مشروع معونة الشتاء بكفر الشيخ. وقد قدم مشروع الميزانية إلى اللجنة العليا من السيد/ أحمد رفعت المراقب السابق ومن السيد/ لويز حلمي رئيس قسم المساعدات ومن السيد/ إبراهيم الفقي الموظف الكتابي بالمراقبة، وتم ذلك دون أن يقدم مشروع الميزانية من مجلس إدارة الفرع وهو صاحب الولاية في إعداد المشروع وفقاً لأحكام اللائحة الأساسية. وجاء في تقرير اللجنة أنه ثبت لها من الدراسة والبحث أن كافة التصرفات الإدارية والمخالفات القانونية قد صدرت من أربعة موظفين بمراقبة كفر الشيخ هم السادة: (1) لويز حلمي مدير المساعدات (2) محمد طه (3) إبراهيم الفقي (4) محمود الشوره. وقد اعتمد السيد المراقب السابق كافة تصرفاتهم التي ثبت خطؤها. وقال رئيس اللجنة في تقريره هذا "وأود أن أسجل أن هؤلاء الموظفين الأربعة فيما عدا الأول منهم - لويز حلمي - لا يشغلون وظائف فنية وكان يتعين عدم إسناد أي عمل من هذه الأعمال إلى مثل تلك اللجنة التي يجب أن يتفرغ أعضاؤها إلى أعمالهم الكتابية الموكلة إليهم، لا أن يتوغلوا في أعمال فنية لا ارتباط ولا علم لهم بها ولا بقوانينها، الأمر الذي كان من ورائه حدوث مخالفات عديدة على جانب من الخطورة ومن ذلك أنها تدخلت في إجراء مشتريات لمعونة الشتاء ومعسكر بلطيم، وأعمال فنية تعتبر من صميم عمل قسمي المساعدات والإشراف بمراقبة الشئون الاجتماعية، من ذلك عمل محاضر حصر للتذاكر والكارتات الخاصة بالحفلات السينمائية والسحرية والاعتماد عليها في تصفية العمليات مما يؤكد حصول تلاعب فيها وقد تطرق الشك إلى كافة تصرفاتها". وجاء في بند المخالفات الحسابية التي سجلها التقرير أنه كان يكتفي باستعمال دفتر حسابي واحد لإثبات الإيرادات والمصروفات بحيث لا يمكن الوصول إلى نتائج قاطعة واضحة بسبب عمل استكمال المستندات المؤيدة للوقائع وفي مقدمتها مستندات إيداع أموال مشروع معونة الشتاء في البنك. وبالإضافة إلى هذه المخالفات فقد أثبت فحص المستندات أن اعتماد المصروفات لم يتم عن طريق أمين الصندوق، كما أن حصيلة الإيراد لم تعرض على مجلس الإدارة ليقف على تطوراتها وأرقامها النهائية. وثبت للجنة المراجعة أن بعض المشتريات قد تمت دون إجراء مناقصات وبعضها قد تم دون تفويض سابق من مجلس الإدارة وتولت إجراءاتها اللجنة الحكومية بالمراقبة، وتفصيلات أرقام هذه العمليات واضحة في محضر مجلس الإدارة في 7 من مارس سنة 1956. وجاء في بند المخالفات المالية أن هناك مبالغ قد جرى صرفها بغير وجه حق ويتعين إعادتها إلى إيرادات المشروع فوراً من ذلك (84) جنيهاً انتقالات ثبت عدم حصولها وفقاً لكتاب قلم المرور رقم (8059 في 7 من أغسطس سنة 1956)، (72) جنيهاً مكافآت الموظفين بالمخالفة للوائح، (112) جنيهاً طرف مركز دسوق باقي ثمن تذاكر حفلات جرى بيعها ولم تورد بعد، (61) جنيهاً مساعدات خصمت من مستحقي الدفعة الواحدة قيل أن اللجنة قد أعدمت بما يقابلها طوابع، (12) جنيهاً عهدة سكرتير وحدة الغنيمي ثمن طوابع لم تورد بعد وقالت لجنة المراجعة إن هذا قليل من كثير يدل على سوء استغلال أموال هذا المشروع بطرق غير مشروعة فضلاً عن سوء الإدارة والرقابة فيه. والأمر يتطلب إجراء مراجعة دقيقة فعلية في كل فرع من الفروع من جانب المسئولين عن هذه العملية باللجنة العليا للاطمئنان إلى كافة التصرفات ولكشف ما قد تظهره المراجعة من أخطاء لو تركت على حالها، لأودت بالمشروع وهدمت أركانه، وقد أرفقت لجنة المراجعة بتقريرها هذا، تقريري المراجعة في 9، 19 من أغسطس سنة 1956 وكذلك ملف التحقيقات الفرعية التي أجريت في 9، 18، 19 من أغسطس سنة 1956.
ومن حيث إن السيد وزير الشئون الاجتماعية والعمل، بادر إلى التأشير في 3 من سبتمبر سنة 1956 على صلب التقرير بإحالة الموضوع برمته إلى النيابة الإدارية للتحقيق وتحديد المسئولية في المخالفات المنسوبة إلى بعض موظفي مراقبة الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ في مشروع معونة الشتاء. فقيدت النيابة الإدارية هذا الموضوع برقم (237) لسنة 1956 وبدأت فيه التحقيق في 21 من أكتوبر سنة 1956 مع السادة أحمد رفعت المراقب السابق بكفر الشيخ ومحمد طه ولويز حلمي - المدعي - وإبراهيم الفقي ومحمود الشوره وجميعهم من موظفي المراقبة بتلك المحافظة. وانتهى تحقيق النيابة الإدارية في 15 من يناير سنة 1957 وبلغت صفحات تحقيقاتها في هذا الموضوع (253) صفحة. وثابت من أوراق التحقيق أن المدعي - لويز حلمي تادرس - قد حضر بنفسه إجراءات التحقيق وأدلى بأقواله ودفاعه عن المخالفات الإدارية والمالية المنسوبة إليه (في صفحة التحقيق من 16/23 ومن 27/35) وأجاب على سؤال النيابة الإدارية "ماذا كان عملك في مشروع معونة الشتاء بكفر الشيخ عن سنة 1955/1956؟ - قال: صدر أمر من رئيس اللجنة العليا لمعونة الشتاء بإلحاقي عضواً باللجنة الفرعية لهذا المشروع. وبجلسة مجلس الإدارة في 30 من نوفمبر سنة 1955 تقرر تعييني سكرتيراً لها ثم عينت مديراً فنياً للفرع بجلسة 5 من إبريل سنة 1956 وذلك لتحديد اختصاصي وصلتي بتلك الهيئة. وفي الوقت نفسه طلبت أن أفصل من مجلس الإدارة حيث إن الإدارة الفنية تتعارض مع العمل الإداري بمجلس الإدارة". وفي صفحة (33) من تحقيق النيابة وجه السيد المحقق إلى المدعي السؤال التالي: "ما قولك في أنه بوصفك عضواً في اللجنة الفرعية لمشروع معونة الشتاء ثم مديراً فنياً للفرع بكفر الشيخ تعتبر مسئولاً عن (1) إسناد الأعمال الفنية كحصر التذاكر وتصفيتها لموظفين كتابيين بالمراقبة، خلافاً لما جاء باللائحة الأساسية من أن اللجان الدائمة والمؤقتة يكون تشكيلها من اختصاص مجلس الإدارة. (2) تقديم مشروع الميزانية دون عرضه على مجلس إدارة الفرع وفقاً لتعليمات اللائحة. (3) صرف مكافآت للموظفين بدون أخذ موافقة اللجنة العليا وكذلك صرف مكافآت دون الحصول على موافقة الفرع. (4) القيام ببعض مشتريات للمشروع بدون مناقصات. (5) عدم اعتماد الصرف من أمين صندوق اللجنة الفرعية. (6) عدم مراجعة مستندات الصرف قبل توقيعك عليها باعتماد الصرف مما ترتب عليه صرف مبالغ مجموعها ستون جنيهاً دون وجه حق. (7) صرف بعض مبالغ من معونة الشتاء لغير الأغراض التي جمعت من أجلها كما حدث بالنسبة لمعسكر بلطيم مثلاً". وقد أجاب المدعي على كل من هذه الأسئلة ودافع عن تصرفاته وفقاً لوجهة نظره فيها. وفي 15 من يناير سنة 1957 قدم السيد وكيل النيابة الإدارية مذكرة مسهبة ترك فيها لوزارة الشئون الاجتماعية أمر البت في مسئولية الموظفين السابق ذكرهم - وفي مقدمتهم المدعي - وطريقة تحصيل المبالغ التي استولوا عليها بدون وجه حق وبالمخالفة للقوانين واللوائح. وقد كان نصيب المدعي من تحديد مسئوليته الإدارية في تقرير النيابة الإدارية ما جاء عنه في صفحة (20) "أن السيد/ لويز حلمي تادرس رئيس قسم المساعدات السابق بمراقبة كفر الشيخ، وسكرتير اللجنة الفرعية لمعونة الشتاء، ومفتش منطقة غرب البحيرة حالياً - وهو موظف من الدرجة الخامسة، مسئول عن عدم أخذ موافقة مجلس إدارة اللجنة الفرعية مقدماً على مشروع ميزانية الفرع قبل إرساله إلى اللجنة العليا، ومسئول عن صرف المكافآت الخاصة ببعض الموظفين بالمراقبة ومسئول عن تشكيل لجنة الرعاية والمشتريات من بعض موظفي المراقبة، ومسئول أيضاً عن شراء بعض المشتريات دون مناقصات ومسئول عن التأشير على بعض المستندات الخاصة بأجرة سيارة النقل مع أن قلم مرور كفر الشيخ أفاد بعدم صحة هذه المأمورية". وخلصت مذكرة النيابة الإدارية التي رفعتها إلى السيد وزير الشئون الاجتماعية إلى أن الأمر يقتضي تكييف الوضع القانوني للجنة العليا لمعونة الشتاء وفروعها بالأقاليم وصفة أموالها وعلاقاتها بالموظفين العموميين الذين انتدبوا للعمل بها، وذلك على ضوء اللوائح الأساسية للجنة العليا وفروعها وقانون الجمعيات.
ومن حيث إن الإدارة العامة لشئون المراقبات بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل بعد اطلاعها على مذكرة لجنة المراجعة وعلى أوراق تحقيق النيابة الإدارية ومذكرتها الختامية أحالت الموضوع إلى مراقبة الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ للنظر والتصرف بالنسبة لمسئولية الموظفين الذين انتهى التحقيق إلى مساءلتهم إدارياً واتخاذ اللازم نحو تحصيل المبالغ المتبقية لدى بعضهم وكذلك تشكيل اللجنة المقترحة لمراجعة التبرعات العينية وفحص توزيع البطاطين على أن تخطر اللجنة العليا لتمثيلها فيها وإعادة الأوراق إلى الوزارة للنظر في مسئولية المراقب السابق بكفر الشيخ السيد/ أحمد رفعت. وفي 9 من إبريل سنة 1957 أصدر السيد المراقب الجديد بكفر الشيخ الأمر الإداري رقم (84) بعد اطلاعه على أوراق التحقيق وعلى مذكرة السيد وكيل النيابة الإدارية في القضية رقم (237) لسنة 1956 شئون اجتماعية. وجاء في ديباجة هذا الأمر أن جميع الإجراءات التي أحاطت مشروع معونة الشتاء، ذلك المشروع الجليل، قد مكنت عناصر السوء من النيل منه. وأن ما أتاه هؤلاء الموظفون يعتبر نقضاً للعهد وسفهاً في مال الفقير، فإن هذا المال قد جمع من أيدي المحسنين ليصل إلى الفقراء والمعوزين، فكل يد تمتد إليه بالإثم فقد حق عليها حكم القانون. ولما كان هؤلاء الموظفون قد خرجوا على مقتضيات وظيفتهم وأوغلوا في استهتارهم لذلك تقرر: مجازاة السيد/ لويز حلمي تادرس بخصم ثلاثة أيام من راتبه، ومحمد طه بخصم خمسة أيام من راتبه. ومحمد طه بخصم خمسة أيام من راتبه، وإبراهيم الفقي بخصم خمسة أيام من راتبه، وعبد الكريم بخصم خمسة أيام من راتبه والزعفراني بخصم يوم واحد من راتبه، وإبراهيم رفعت بخصم يومين من راتبه. وتكليف بعض هؤلاء الموظفين برد المبالغ التي استولوا عليها بدون وجه حق. وقد وقع هذا الأمر الجزائي السيد مراقب مراقبة الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ. وفي 27 من يونيو سنة 1957 أصدر السيد وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل القرار الإداري رقم (352) بتوقيع جزاء بخصم يومين من مرتب السيد/ أحمد رفعت المراقب السابق بكفر الشيخ لتقصيره، بوصفه مراقباً للشئون الاجتماعية بكفر الشيخ في الحصول على ترخيص من الوزارة بشأن تكليف بعض موظفي المراقبة في أعمال المشروع وهو عمل إضافي إلى عملهم الوظيفي، كما أنه خصم من مستحقي الدفعة الواحدة بجهة دسوق مبالغ من استحقاقهم وخصم بقيمتها طوابع دون أن يسلمها إليهم، وكذا ارتكابه بعض المخالفات الإدارية بوصفه رئيساً للجنة الفرعية لمشروع معونة الشتاء والتي تناولها تحقيق النيابة الإدارية في القضية رقم 237 لسنة 1956.
ومن حيث إن المدعي أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار الإداري رقم 84 الصادر من السيد مراقب الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ في 9 من إبريل سنة 1957 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه. وهو ينعى على هذا القرار التأديبي أنه لا يقوم على سبب يسوغ تدخل جهة الإدارة لإحداث أثر قانوني في حق الموظف هو توقيع الجزاء عليه للغاية التي استهدفها القانون وهي الحرص على حسن سير العمل ولا يكون ثمة سبب للقرار إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ هذا التدخل من جانب جهة الإدارة. وأن سبب القرار التأديبي هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجاباً أو سلباً أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه وما دام المدعي قد اختير في عضوية مجلس إدارة معونة الشتاء، لا بحكم منصبه كمدير للمساعدات في المراقبة وإنما بصفته الشخصية فإنه لا يعد مسئولاً عن أية مخالفات قد تقع في أعمال ذلك المجلس أمام وزارته لأنه ليس ممثلاً لهذه الوزارة ولا مندوباً عنها ولا تربطه بعمله داخل المجلس أية رابطة.
ومن حيث إن أعمال البر والإحسان كانت في مقدمة الأمور التي دفعت الدولة إلى أن تنشئ وزارة الشئون الاجتماعية بالمرسوم الصادر في 20 من أغسطس سنة 1939 فقد اقتضى تطور الحياة في البلاد، وجعل من أمس الضرورات أن تخص الشئون الاجتماعية بأقصى ما يستطاع من العناية اتقاء لخطر ترك الأمور لحكم الصدقة ولتضارب التيارات المختلفة والنزعات المتعارضة. وعملاً على توجيه تلك الشئون توجيهاً صحيحاً قوياً، وسعياً لتحقيق أعلى مستوى لحياة الفرد والأسرة، اقتضى ذلك كله إنشاء وزارة تقوم على تلك الشئون، ومن أهمها نظام الجمعيات، تجمع أشتاتها وتنسق وحداتها وتبلغ بها ما ترجوه البلاد من خير ورقي. ثم صدر في 28 من سبتمبر سنة 1939 مرسوم بإنشاء مجلس أعلى للشئون الاجتماعية برئاسة رئيس مجلس الوزراء ووزير الشئون الاجتماعية ووزير الداخلية والمعارف والمالية وغيرهم من رجالات الدولة وتكون مهمة هذا المجلس الأعلى تحري كل ما من شأنه أن يعين بأي وجه من الوجوه على تقدم البلاد وتطورها الاجتماعي، ويؤخذ رأي هذا المجلس في السياسة العامة لوزارة الشئون الاجتماعية ومشروعاتها وفي كل مشروع قانون أو لائحة ذات صفة أو مرمى اجتماعي أو من شأنه التأثير في أحوال البلاد الاجتماعية. وكان من أبرز نشاط هذا الجهاز الجديد أن صدر في 12 من يوليو سنة 1945 القانون رقم 49 بتنظيم الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية والتبرع للوجوه الخيرية. وجاء في أحكامه أن كل جماعة من الأفراد تسعى إلى تحقيق غرض من أغراض البر سواء أكان ذلك عن طريق المعاونة المادية أو المعنوية، تعتبر جمعية خيرية. كما تعد مؤسسة اجتماعية تنشأ بمال يجمع كله أو بعضه من الجمهور سواء أكانت هذه المؤسسة تقوم بأداء خدمة إنسانية أو دينية أو علمية أو فنية أو اجتماعية أو زراعية أو رياضية أم بأي غرض آخر من أغراض البر أو النفع العام، واشترط هذا القانون في جميع الأحوال ألا يقصد إلى ربح مادي للأعضاء. واقتضى القانون حتى تثبت الشخصية المعنوية للجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية القائمة عند صدور هذا القانون أو التي تنشأ بعد صدوره، أن تشكل وتسجل طبقاً لأحكامه ونبه القانون على الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية إخطار وزارة الشئون الاجتماعية بكل تعديل في لائحة نظامها الأساسي لإقراره وتسجيله ولا يكون للتعديل أثر إلا من وقت التسجيل. ونصت المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1945 على أن: "لوزارة الشئون الاجتماعية حق الإشراف المالي والتفتيش على الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية للتثبت من أن غلة أموالها وما تجمعه من اشتراكات وتبرعات يصرف في أوجه البر أو في الأغراض الاجتماعية المحددة في لائحة نظامها الأساسي" وجاء في المادة 15 منه: "لا يجوز للأفراد أو الجماعات غير المسجلة جمع تبرعات من الجمهور بأي وسيلة كانت بقصد إنفاقها في أحد وجوه البر أو النفع العام إلا بعد الحصول على ترخيص سابق من وزارة الشئون الاجتماعية قبل بدء الجمع بشهر على الأقل. كما لا يجوز للجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية المسجلة جمع هذه التبرعات إلا في حدود الأغراض التي تعمل لها وبعد الحصول على ترخيص سابق من وزارة الشئون الاجتماعية قبل بدء الجمع بشهر على الأقل، ولا يجوز إدخال أي تعديل في الغرض من جمع المال ولا في نظامه، ولا في سبيل إنفاقه المرخص بها إلا بعد الحصول على موافقة وزارة الشئون الاجتماعية.. ويكون للوزارة حق التفتيش على حساب التبرعات وعلى نظام جمع المال للوقوف على سبل جمعه وإنفاقه أو التبرعات ومطابقتها للأغراض التي منح الترخيص من أجلها". وبينت المادة 17 العقوبات التي توقع على كل مخالفة لأحكام المادة الخامسة عشرة. كما نصت المادة 18 على أن "يتولى إثبات المخالفات لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، الموظفون الذين يندبهم وزير الشئون الاجتماعية لهذا الغرض ويكون لهم صفة رجال الضبطية القضائية". وناط المشرع بوزير الشئون الاجتماعية تنفيذ هذا القانون وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه. وقد عدل هذا القانون رقم 49 لسنة 1945 بالقانون رقم 66 الصادر في 26 من إبريل سنة 1951 في شأن الجمعيات، واقتضى هذا التعديل بقاء صور أخرى لجمعيات لم تكن من قبيل الجمعيات الخيرية فتخضع للقانون رقم 49 لسنة 1945 كما لا تخضع لأي قانون آخر فظلت بمنأى عن رقابة السلطة التنفيذية فكان من واجب المشرع أن ينظم كيفية استعمال حق تكوين الجمعيات ويكفل مراقبة الحكومة لنشاطها بالقدر الذي يستوجبه حفظ النظام العام وتقضي به ضرورة القيام والسهر على الأمن العام والآداب العامة وجعل هذا التشريع المستحدث حل الجمعية مهما انحرفت عن القانون من اختصاص القضاء وحده، ثم صدر بعد ذلك المرسوم بقانون رقم 357 لسنة 1952 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 فيما يتعلق بإجراءات انتخابات مجالس إدارة الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية وهيئاتها التنفيذية وضرورة إخطار وزارة الشئون الاجتماعية بهذه العمليات ويعتبر الاجتماع باطلاً إذا كان قد انعقد بالمخالفة لأحكام النظام الأساسي. كما خول التعديل الجديد لوزير الشئون الاجتماعية أن يعين مجلس إدارة، مؤقتاً، للجمعية الخيرية أو المؤسسة الاجتماعية في حالات نص عليها قانون التعديل وفي 29 من أكتوبر سنة 1956 صدر القانون رقم 384 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة ونص في المادة السادسة من قانون إصداره على إلغاء القوانين رقم 49 لسنة 1945 ورقم 66 لسنة 1951 وكل نص يخالف أحكام هذا القانون الجديد - ونصت المادة الرابعة من قانون إصداره على أنه "تعتبر مجالس إدارة الجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام القائمة وقت العمل بهذا القانون وكذلك هيئاتها التنفيذية منحلة. ويجب إعادة تشكيلها وفقاً لأحكام القانون الجديد المرافق في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ شهرها". واشترطت المادة الثالثة من قانون الجمعيات الجديد أن يوضع عند إنشاء الجمعية نظام مكتوب لها. ونصت المادة 16 من هذا القانون على أنه "لا يجوز للجمعية أن تجاوز في نشاطها الغرض الذي أنشئت من أجله". ونصت المادة 18 على أنه "على الجمعية أن تنفق أموالها فيما يحقق أغراضها. وتنظم اللائحة التنفيذية الأحوال والشروط التي يجوز بمقتضاها استغلال هذه الأموال". وقضت المادة 22 بأنه "لا يجوز جمع تبرعات من الجمهور إلا عن طريق الجمعيات وبالأوضاع والشروط التي تبينها اللائحة التنفيذية". وللجمعية أن تنشئ فروعاً لها ويجوز شهر هذه الفروع ويكون لها حينئذ شخصية اعتبارية مستقلة على ألا يكون للفرع تعديل نظامه الداخلي فيما يتعلق بالتزاماته قبل الجمعية الأصلية وكذلك فيما يتعلق بالسياسة العامة والتوجيه إلا بموافقة الجمعية الأصلية. ويجب أن يكون لكل جمعية مجلس إدارة يبين نظامها اختصاصه وطرق تعيين أعضائه وانتهاء عضويتهم ويتولى مجلس الإدارة إدارة شئون الجمعية. وجاء في الباب الثاني من هذا القانون الأحكام التي تنظم الجمعيات ذات النفع العام. فنصت المادة 41 على أنه "تعتبر جمعية ذات نفع عام كل جمعية يقصد بها تحقيق مصلحة عامة ويصدر قرار من رئيس الجمهورية باعتبارها كذلك. كما يجوز بقرار من رئيس الجمهورية سحب صفة النفع العام من الجمعية". والمادة 44 على أنه "تخضع الجمعيات ذات النفع العام لرقابة الجهة الإدارية المختصة وتتناول هذه الرقابة فحص أعمال الجمعية والتحقق من مطابقتها للقوانين ونظام الجمعية وقرارات الجمعية العمومية ويتولى هذه الرقابة مفتشون يعينهم الوزير المختص وترفع تقاريرهم إلى الجهة الإدارية المختصة". وحدد الباب الثالث من هذا القانون الأحكام الخاصة ببعض الجمعيات فنصت المادة 52 منه على أن "تعد جمعية خيرية كل جمعية تتكون لتحقيق غرض أو أكثر من أغراض البر أو الرعاية الاجتماعية قصر نفعها على أعضائها أو لم يقصر عليهم. وإذا باشرت جمعية غير خيرية غرضاً من أغراض البر أو الرعاية الاجتماعية عن طريق هيئات داخلية فيها خضعت هذه الهيئات لأحكام الجمعيات الخيرية. ولا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الإدارة والعمل للجمعية بأجر". وتكلم الكتاب الثالث من هذا القانون عن العقوبات فنصت المادة 71 منه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلاً من الأفعال المذكورة في البنود السبعة التي أشارت إليها هذه المادة. كما نصت المادة التالية لها على أن كل مخالفة أخرى لأحكام هذا القانون أو لائحته التنفيذية أو القرارات الصادرة في شأنه يعاقب مرتكبها بغرامة لا تجاوز عشرين جنيهاً. وأشارت المادة (72) من القانون على أن "يكون أعضاء مجلس الإدارة ومدير الجمعية أو المؤسسة معيناً كان أو منتخباً أو منتدباً مسئولين عن الجرائم السابقة ويعاقبون بنفس العقوبات المقررة لها. فإذا أثبت أيهم أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع الجريمة اقتصرت العقوبة على الغرامة". ولا يخل تطبيق الأحكام المتقدمة بتوقيع أية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر. وفي 28 من إبريل سنة 1957 صدر قرار رئيس الجمهورية باللائحة التنفيذية للقانون رقم 384 ونص في المادة الثالثة منه على أن "للمؤسسين عند إعداد نظام الجمعية مراعاة الأحكام الواردة في القانون وفي هذه اللائحة". وجاء باللائحة أنه يعتبر جمعاً للمال من الجمهور كل قصد للجمهور للتبرع بأية وسيلة كانت. ولا يجوز جمع المال من الجمهور إلا عن طريق الجمعيات والاتحادات المشهرة التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الشئون الاجتماعية والعمل وترخص لها الجهة المختصة بذلك. ونصت المادة 15 من هذه اللائحة على أنه "على الجمعية أن تطلع الجهة المختصة بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل على حصيلة المال المجموع" ويخضع جمع المال من الجمهور لرقابة وزارة الشئون الاجتماعية والعمل ولها في ذلك وضع النظم التي تكفل تنظيم وسائل جمع المال وإنفاقه ومطابقتها للأغراض التي منح الترخيص من أجلها، والتفتيش على حساب التبرعات وتحديد نسبة المصروفات الإدارية التي تنفق في جمع المال. وقضت المادة 25 من اللائحة على أنه "تخضع المؤسسات لرقابة وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بصفة عامة ولها في ذلك ما يأتي: ( أ ) فحص أعمال المؤسسات وقرارات مديريها والتحقق من مطابقتها للقانون وللسند المنشئ لها. ويتولى ذلك مفتشون يندبهم وزير الشئون الاجتماعية والعمل. (ب) تعيين ممثل أو أكثر للوزارة في مجالس إدارة المؤسسات التي تنشأ بمال جمع كله أو بعضه من الجمهور". وقالت المادة 27 أنه "يعهد لوزير الشئون الاجتماعية والعمل بوضع النماذج المشار إليها في هذه اللائحة". ويختص وزير الشئون الاجتماعية والعمل بتنفيذ أحكام القانون رقم 384 لسنة 1956.
ومن حيث إنه في ظل هذه القواعد والأحكام وفي إطار هذا التنظيم القانوني للجمعيات والمؤسسات الخاصة، أنشئت بجمهورية مصر هيئة باسم (معونة الشتاء) مركزها الرئيسي مدينة القاهرة ولها الشخصية الاعتبارية. وتتكون من لجنة عليا مركزها مدينة القاهرة وفروع في المحافظات والمديريات ويتبعها شعب ووحدات ومنشآت ومؤسسات في أنحاء الجمهورية. وتقوم معونة الشتاء بتحقيق الأغراض الآتية: ( أ ) تنظيم وسائل البر والاستفادة منه ورسم السياسة لتعميم مبدأ الزكاة بالتدريج. (ب) العناية بشئون الأسرة عامة، وتخفيف الأعباء عن المحتاجين بتقديم المساعدات المالية والعينية للوقاية من برد الشتاء خاصة أو بالعمل على توفير احتياجات محدودي الدخل بأثمان تتناسب مع دخولهم. (ج) تقديم الإعانة في النكبات الطارئة والأوقات الاستثنائية مع تحديد مبدأ أولويتها عموماً. (د) تدريب المجتمع على البذل ببث روح البر والتضامن الاجتماعي بين المواطنين. وللهيئة في سبيل ذلك أن تنشئ الأجهزة والمؤسسات اللازمة لتحقيق هذه الأغراض ولها أن تدير أو تشترك في إدارة أو تضم الهيئات أو المؤسسات المعنية بها. ونصت المادة الثالثة من نظام اللجنة العليا لمعونة الشتاء على أنه: "لا يمنح أعضاء اللجنة العليا أو فروعها أو هيئاتها المختلفة أية مكافأة أو مرتب عن عضويتهم أو عن الأعمال التي توكل إليهم". وتتكون اللجنة العليا من السيد وزير الشئون الاجتماعية رئيساً ومن وكيل هذه الوزارة ممثلاً لها ونائباً للرئيس ومن أعضاء يختارهم الوزير ممن لهم نشاط ملحوظ في ميدان الخدمة الاجتماعية ويمكنهم المساهمة بصورة فعالة في تنفيذ أغراض اللجنة ومشروعاتها وتختص اللجنة العليا بوضع السياسة العامة لجمع التبرعات وإدارة أموالها بالوسائل التي تحقق أهداف الجمعية كما تضع اللوائح والأنظمة الداخلية اللازمة للعمل، وتقوم بإعداد تقرير سنوي يتضمن نشاطها وحالتها المالية كما تقوم بإعداد مشروع الميزانية وتعتمد تكوين فروع اللجنة في المحافظات والمديريات وأنظمتها ولوائحها والإشراف عليها في حدود هذا النظام. وتختار المصرف الذي تودع فيه أموال الجمعية. ونصت المادة 9 من نظام اللجنة العليا على أنه "يجب أن يتضمن نظام الفرع المبادئ الآتية: (1) أن يرتبط باللجنة العليا ويعمل على تحقيق مقاصدها وأغراضها بالتعاون معها ووفقاً لتعليماتها وإرشاداتها (2) أن يقدم حساباته السنوية للجنة لاعتمادها. (3) أن يقدم للجنة العليا التقارير التي تطلبها بصفة دورية. (4) أن يدفع للجنة كل سنة نسبة مئوية تحددها اللجنة. (5) أن يقدم للجنة المعونة في حالات الحوادث والنكبات العامة. (6) أن يمكن اللجنة من التفتيش الاجتماعي والمالي على أعماله. (7) أن يتولى إدارة الفرع مجلس إدارة برئاسة مراقب الشئون الاجتماعية بالإقليم مندوباً عن وزارة الشئون الاجتماعية، وتسعة أعضاء يرشحهم المراقب يعتمدون من الرئيس الأعلى للجنة على أن يكون خمسة منهم على الأقل من غير موظفي الحكومة. ويختار المجلس في أول اجتماع له الوكيل والسكرتير وأمين الصندوق ومدة العضوية هي ثلاث سنوات في الفروع ويجدد تعيين الثلث من الأعضاء. ويعتبر محافظ أو مدير الإقليم رئيس شرف للفرع. ويكون لمندوب وزارة الشئون الاجتماعية حق الاعتراض على القرارات في ظرف 15 يوماً". ونصت المادة 11 من نظام اللجنة العليا على أن "يكون لمندوب وزارة الشئون الاجتماعية في المحافظات أو المديريات حق الاعتراض على أي قرار يصدر من مجلس إدارة الفرع أو الجمعية العمومية في ظرف 15 يوماً من تاريخ صدوره مع بيان الأسباب، فإذا لم يعترض خلال المدة المذكورة اعتبر القرار نهائياً". ويكون للفرع شخصية اعتبارية مستقلة ويسجل نظامه في مراقبة الشئون الاجتماعية المختصة بعد اعتماده من اللجنة العليا. وتتكون مالية اللجنة العليا من الإعانات والهبات والوصايا ومن الإعانات الحكومية، ومن اشتراكات الفروع ومن أوجه الإيراد الأخرى التي يقررها مجلس الإدارة. وقد وقع هذا النظام السيد وزير الشئون الاجتماعية والسيد وزير الأوقاف ووكيل وزارة الحربية للمصانع وبعض توقيعات أخرى في 7 من فبراير سنة 1955. وقد سجلت هذه الهيئة تحت رقم (1169) في 16 من فبراير سنة 1955 ثم في 19 من فبراير سنة 1957 صدر قرار رئيس الجمهورية في شأن الجمعيات ذات النفع العام (منشور بالوقائع عدد 16 في 21 من فبراير سنة 1957) ونصت المادة الأولى منه على أنه "تعتبر الجمعيات الآتية ذات نفع عام: اللجنة العليا لمعونة الشتاء وفروعها في جميع أنحاء جمهورية مصر" وجاء في المادة الثانية "تتمتع الجمعيات ذات النفع العام المذكورة في المادة الأولى بخصائص السلطة العامة الآتية: (1) عدم جواز الحجز على أموالها (2) عدم جواز تملك أموالها بمضي المدة. (3) جواز قيام وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بنزع الملكية للمنفعة العامة التي تقوم بها الجمعية. ويشترط للتمتع بهذه الخصائص أن يعتمد وزير الشئون الاجتماعية والعمل نظم هذه الجمعيات على أن تشتمل هذه النظم على نص يخول وزير الشئون الاجتماعية والعمل سلطة تعيين ممثلين للوزارة أو أحد الجهات الإدارية الأخرى أعضاء في مجالس إدارتها". وفي 2 من يونيو سنة 1957 أصدر السيد وزير الشئون الاجتماعية والعمل القرار رقم 105 باعتماد النظام النموذجي الذي يجوز للجمعيات وفروعها اتباعه في تحضير نظمها. وجاء في المادة الثالثة من النظام الأساسي للجنة الفرعية لمعونة الشتاء "تقوم اللجنة الفرعية بالعمل على نشر مبادئ التضامن الاجتماعي بين جميع المواطنين وتخفيف الأعباء عنهم وجمع المساعدات النقدية والعينية وتقديم المعونة لمن يتعرضون للنكبات. وتعاون وتشترك مع اللجنة العليا بالقاهرة في تنفيذ أغراضها بالوسائل التي تراها تلك اللجنة وبغيرها من الوسائل التي تناسب ظروف الإقليم". ونظمت المادة الخامسة من هذا النموذج مجلس الإدارة فنصت على أن يكون "المحافظ رئيس شرف اللجنة، ويعتبر مراقب الشئون الاجتماعية مندوب الوزارة باللجنة ويتكون مجلس إدارة اللجنة الفرعية من: (1) مراقب الشئون الاجتماعية بالمحافظة أو المديرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس اللجنة (2) ثم تسعة أعضاء يرشحهم مراقب الشئون الاجتماعية ويعتمد اختيارهم الرئيس الأعلى للجنة العليا لمعونة الشتاء. منهم خمسة على الأقل من غير موظفي الحكومة. (3) ثم عضوان يختارهما مجلس الإدارة".
ومن حيث إنه فضلاً عما يستفاد من مجموع النصوص المتقدمة العامة منها والخاصة بمعونة الشتاء من شديد الارتباط بين اللجان الفرعية بالمحافظات واللجنة العليا لمعونة الشتاء التي يرأسها السيد وزير الشئون الاجتماعية، ومن وثيق الصلة وإحكام الرقابة في شتى صورها الإدارية والمالية بين وزارة الشئون الاجتماعية المهيمنة بحكم قانون إنشائها وطبيعة رسالتها على جميع أنواع الجمعيات وخاصة منها ذات النفع العام وعلى وجه أخص تلك التي تستهدف تحقيق أعمال البر والإحسان، فالصلة وثيقة لا شك بين هذه الوزارة وبين تلك الجمعيات ورقابة الوزارة شديدة محكمة عليها، فإنه فضلاً عن ذلك كله، ليس في محاضر اجتماعات مجلس إدارة فرع معونة الشتاء بكفر الشيخ ما يدل على أن اختيار المدعي، من جانب السيد مراقب الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ ليكون عضواً بمجلس إدارة الفرع لمشروع معونة الشتاء، كان على حد قول المدعي، مراعى فيه صفته الشخصية دون أي اعتبار للوظيفة الرئيسية التي كان يشغلها بكفر الشيخ وهي وظيفة رئيس أقسام المساعدات والهيئات وهي من الوظائف الهامة الفنية التي تندرج في دولاب مراقبات وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بالأقاليم. فالمدعي بحكم شغله مهام هذه الوظيفة بكفر الشيخ مكلف قانوناً بإثبات ما يقع مخالفاً لأحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1945 وما أدخل عليه من تعديلات والقانون رقم 384 لسنة 1956 الذي ألغى الأول وحل محله، وكذلك القانون رقم 152 لسنة 1949 الخاص بالأندية. وهذا التكليف واقع عليه لا محالة بمقتضى القرار الوزاري رقم 41 لسنة 1955 الصادر في أواخر عام 1955 من وزير الشئون الاجتماعية والعمل فقد نصت المادة الأولى منه على أن "يندب موظفو مراقبات الشئون الاجتماعية الموضحون فيما بعد، كل في دائرة اختصاصه، لإثبات ما يقع مخالفاً لأحكام القوانين المذكورة أمام كل منهم، والقرارات المنفذة لها، ويكون لهم في هذا الشأن صفة رجال الضبط القضائي وهم: ( أ ) المراقبون (القوانين أرقام 49 لسنة 1945، 58 لسنة 1944، 152 لسنة 1949، 223 لسنة 1955 والقوانين المعدلة لها). (ب) رؤساء أقسام الإشراف على الوحدات المشرفون والمراجعون والمسجلون بها ورؤساء الوحدات (القوانين أرقام 49 لسنة 1945، 58 لسنة 1944، 152 لسنة 1949 والقوانين المعدلة لها). (ج) رؤساء أقسام المساعدات والهيئات، وأخصائيو الهيئات بها (القانونان رقما 49 لسنة 1945، 152 لسنة 1949 والقوانين المعدلة لهما). (د) رؤساء أقسام التعاون بالخدمة الريفية والأخصائيون الاقتصاديون والأخصائيون الاجتماعيون بها (القانونان رقما 58 لسنة 1945، 49 لسنة 1945 والقوانين المعدلة لهما). (هـ) أخصائيون التعاون بأقسام التعاون والخدمة الريفية (القانون رقم 45 لسنة 1944 والقوانين المعدلة له). (و) رؤساء أقسام رعاية الشباب (القوانين أرقام 152 لسنة 1949، 49 لسنة 1945، 223 لسنة 1955، 12 لسنة 1941 والقوانين المعدلة لها). (ز) المفتشون الطبيون (القانونان رقما 49 لسنة 1945، 58 لسنة 1944 والقوانين المعدلة لهما). مادة ثانية "يلغى كل قرار سابق في هذا الشأن". والمادة الثالثة من هذا القرار توجب على مراقبات الشئون الاجتماعية تنفيذ هذا القرار، ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. وإعمالاً لأحكام هذا القرار الصريح، اختار مراقب الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ السيد رئيس قسم المساعدات والهيئات بتلك المنطقة، وهو المدعي ليكون أولاً عضواً بمجلس إدارة فرع معونة الشتاء ثم تحولت صفته من 5 من إبريل سنة 1956 تاريخ محضر الجلسة رقم (3) لانعقاد مجلس الإدارة برئاسة السيد/ أحمد رفعت مراقب الشئون الاجتماعية بكفر الشيخ. وفي هذا الاجتماع الذي حضره المدعي بوصفه عضواً في مجلس الإدارة، تقرر تعيينه مديراً فنياً للفرع بدون أجر على أن يقوم بهذا العمل في غير أوقات العمل الرسمية، فيشرف على تنظيمه وتحقيق رسالته. وقد آثر سيادته بناء على ذلك الاعتذار عن عضوية مجلس الإدارة كي يتفرغ لتحقيق أهداف معونة الشتاء متمشياً مع اللائحة الأساسية للجنة الفرعية، وجاء في محضر هذه الجلسة "أن المجلس يضطر آسفاً إلى قبول هذه الاستقالة مغتبطاً في الوقت نفسه بهذا التعيين على أن يعين بدلاً منه في مجلس الإدارة السيد/ محمد الزعفراني (موظف) مع رفع الأمر للسيد رئيس اللجنة العليا لاعتماده". مستند رقم 14 من ملف خدمة المدعي.
ومن حيث إن المدعي يحتج بأنه إنما كان يعمل في هذه اللجنة الفرعية بصفته الشخصية وهذه الصفة التي يدعيها ليس من شأنها على أية حال أن ترفع عنه المسئولية الإدارية كموظف عام؛ لأنه وهو يشغل مهام رئاسة أقسام المساعدات والهيئات منوط به أصالة، وقبل أي موظف آخر بوزارة الشئون الاجتماعية إثبات المخالفات لأحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1945 الخاص بالجمعيات الخيرية، 152 لسنة 1949 الخاص بالأندية والقوانين المعدلة لهما والقرارات المنفذة لأحكامهما وله في هذا الشأن صفة رجال الضبط القضائي التي تلازمه حيثما يتواجد في منطقة عمله الرسمي وخاصة في مجال نشاط فرع معونة الشتاء بكفر الشيخ. ومن ثم فإن أي خطأ يصدر منه في هذا المجال أو أي تقصير أو إهمال يعزى إليه يكون بمثابة الإخلال بواجبات وظيفته مما يترتب عليه مساءلته إدارياً.. وغني عن القول أن الموظف الحكومي لا تقتصر مسئوليته عما يرتكبه من أعمال في مباشرته لوظيفته الرسمية، بل إنه قد يسأل كذلك تأديبياً عما يصدر منه خارج نطاق عمله وبوصفه فرداً من الناس. فهو مطالب على الدوام بالحرص على اعتبار الوظيفة التي ينتمي إليها حتى ولو كان بعيداً عن نطاق أعمالها ولا يجوز أن يصدر منه ما يمكن أن يعتبر مناقضاً للثقة الواجبة فيه والاحترام المطلوب له والذي هو عدته في التمكين لسلطة الإدارة وبث هيبتها في النفوس.
ومن حيث إن الجزاء الذي يطالب المدعي بإلغائه، قد صدر ممن يملك إصداره عليه وهو مدير المراقبة وذلك بالتطبيق لحكم المادة الخامسة من القانون رقم 237 لسنة 1954 بتنظيم وزارة الشئون الاجتماعية، وقام قرار الجزاء على سببه وفي حدود السلطة التي نظمها المشرع فإنه يكون قد صدر صحيحاً وفقاً لأحكام القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً لما تقدم يكون الطعن فيه قد قام على أساس سليم من القانون ويتعين قبوله والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.