مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1238

(150)
جلسة 3 من يونيه سنة 1961

برياسة السيد/ محمد عفت رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 1012 لسنة 6 القضائية

إنصاف – ذوو المؤهلات من عمال اليومية – تقرير كتاب المالية الدوري الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 بتنفيذ قواعد الإنصاف رفع أجورهم إلى ما يعادل الرواتب المقررة لمؤهلاتهم دون منحهم درجات شخصية – ليس فيه مخالفة لأحكام قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 بقواعد الإنصاف – أساس ذلك.
إن القول بأن كتاب وزارة المالية الدوري الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 مخالف لما جاء في قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 بالنسبة لذوي المؤهلات من عمال اليومية، وهو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مردود بأنه يبين من استعراض مذكرة اللجنة المالية التي عرضت على مجلس الوزراء فوافق في 30 من يناير سنة 1944 على المبادئ الواردة فيها مع بعض قيود ارتآها، يبين أنه لا اللجنة المالية في مقترحاتها ولا مجلس الوزراء فيما أقره من قواعد قد قصدا إلى منح ذوي المؤهلات من عمال اليومية درجات في الميزانية، وآية ذلك أن المذكرة استهلت بالإشارة إلى الكادرات المختلفة من تعديل الدرجات في سنة 1921 إلى كادر سنة 1931 إلى كادر سنة 1939 وهذه كلها لا شأن لعمال اليومية بها، كما أنه عندما تحدثت مذكرة اللجنة المالية عن درجات ذوي المؤهلات أشارت إلى رفع الدرجات التي يشغلونها والتي تقل عن الدرجات المقترحة لمؤهلاتهم وعندما تحدثت مذكرة اللجنة المالية عن عمال اليومية أشارت إلى رفع أجورهم إلى ما يعادل الرواتب المقررة لمؤهلاتهم، ويخلص من ذلك أنه ليس لمن كان معيناً باليومية من ذوي المؤهلات قبل 9 من ديسمبر سنة 1944 أن يطالب بالدرجة الشخصية المقررة لمؤهله بدعوى أن هذا حق يستمدونه من قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 إذ أن كل ما أنشأه مجلس الوزراء لهذه الطائفة من حق إنما هو تسوية أجورهم اليومية على أساس ما هو مقرر لزملائهم من المعينين على درجات.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14 من مارس سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد مدير عام الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بالإقليم المصري بصفته، سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر بجلسة 14 من يناير سنة 1960 من المحكمة الإدارية بالإسكندرية في القضية رقم 358 لسنة 6 القضائية المرفوعة من محمد عبد القادر أحمد شحاته ضد الهيئة والقاضي باستحقاق المدعي تسوية حالته باعتباره في الدرجة التاسعة بمرتب قدره خمسة جنيهات اعتباراً من تاريخ تعيينه في 7 من ديسمبر سنة 1934 طبقاً لقواعد الإنصاف وترقيته إلى الدرجة الثامنة بصفة شخصية من 18 من ديسمبر سنة 1952 طبقاً للمرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952 مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية عن الخمس السنوات السابقة على تقديم طلب المعافاة في 30 من يونيه سنة 1959 وإلزام الحكومة بالمصروفات.
وتطلب الطاعنة للأسباب الواردة في صحيفة طعنها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات عن الدرجتين.
أعلنت صحيفة الطعن للمدعي في 22 من نوفمبر سنة 1960 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14 من مايو سنة 1961 وأخطر بها الطرفان وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 3 من يونيه سنة 1960 وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم لآخر الجلسة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي رفع هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بصحيفة قال فيها إنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عام 1929 والتحق بالهيئة العامة للسكك الحديدية في 7 من ديسمبر سنة 1934 في وظيفة كتابية هي مصدر مهمات باليومية وظل كذلك حتى أول أكتوبر سنة 1942 حيث نقل إلى وظيفة كاتب أجرية وفي 25 من فبراير سنة 1959 منح الدرجة التاسعة براتب قدره ستة جنيهات شهرياً وأن حالته سويت في 30 من يناير سنة 1944 طبقاً لقواعد الإنصاف إذ منح أجراً قدره خمسة جنيهات من بدء تعيينه فوصل أجره إلى 320 مليماً يومياً واستمر كذلك حتى عين في الدرجة التاسعة في 25 من فبراير سنة 1959 وأن حقه في الدرجة مقرر لا من 25 من فبراير سنة 1959 ولكن منذ التحاقه بالخدمة في 7 من ديسمبر سنة 1934 وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من أغسطس سنة 1950، كان يستحق الترقية إلى الدرجة الثامنة بعد خمسة عشر عاماً والفروق المترتبة على هذا وطلب الحكم له بأحقيته للدرجة التاسعة اعتباراً من 7 من ديسمبر سنة 1934 وللدرجة الثامنة بعد مرور خمسة عشر عاماً من التاريخ السابق وأحقيته في الفروق المترتبة على ذلك.
وقد أجابت الجهة الإدارية على الدعوى في ردها على طلب المعافاة بمذكرة قالت فيها إن المدعي عمل بالهيئة فاعل ظهورات من 7 من ديسمبر سنة 1934 ثم عين بوظيفة مصدر مهمات من أول يونيه سنة 1935 ويوزع أجره اليومي على بند الاعتمادات المؤقتة الخاصة بالعمليات التي يعمل بها وتنفيذاً لقواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 أذاعت وزارة المالية الكتاب الدوري رقم ف 234 - 1/ 202 المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1944 وقد ورد بالبند العاشر منه والخاص بحملة الشهادات الابتدائية ما نصه "الموجودون الآن في الخدمة في درجة أقل من التاسعة يمنحون هذه الدرجة بصفة شخصية وتسوى ماهياتهم على أساس افتراض أنهم عينوا ابتداء بماهية قدرها خمسة جنيهات شهرياً زيدت بمقدار 500 مليم كل ثلاث سنوات... إلخ". وجاء بالبند الثالث عشر الخاص بالمعينين على اعتمادات ما نصه "حملة الشهادات المتقدم ذكرها المعينون على اعتمادات مقسمة إلى وظائف يعاملون المعاملة المتقدمة" وجاء بالبند الرابع عشر ما نصه "المعينون باليومية من حملة الشهادات المتقدمة تزاد أجورهم على أساس أنهم دخلوا الخدمة بأجور توازي الماهية المقررة لشهاداتهم ثم منحوا زيادة في الأجور توازي العلاوات التي يمنحها المعينون على درجات وفقاً للقواعد المبينة في البنود السابقة" ولما كان المدعي وقت صدور قواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 حاصلاً على الشهادة الابتدائية وكان معيناً باليومية صرفاً على بند الاعتمادات المؤقتة غير المقسمة إلى وظائف فقد قامت الهيئة بتسوية حالته طبقاً للبند الرابع عشر من كتاب وزارة المالية الدوري المشار إليه من تاريخ تعيينه مصدر مهمات في أول يونيه سنة 1935 وأضافت الهيئة إلى ما تقدم أن قواعد الإنصاف لا تنص بالنسبة لعمال اليومية إلا على منحهم أجوراً توازي ما هو مقرر لمؤهلاتهم ولم توجب وضعهم في درجات من تاريخ تعيينهم الأول ولم يشغل المدعي الدرجة التاسعة إلا في 25 من فبراير سنة 1959 ولم يصدر قرار بضم مدة خدمته السابقة في أقدمية الدرجة طبقاً للتعليمات الصادرة في هذا الشأن وعلى ذلك فإنه لا يفيد من تطبيق المادة 40 مكرراً من القانون 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له لعدم استكماله شروط تطبيق هذه المادة، وطلبت رفض الطلب واحتياطياً دفعت بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية بالإسكندرية أصدرت في 14 من يناير سنة 1960 حكمها المطعون فيه وهو يقضي باستحقاق المدعي تسوية حالته باعتباره في الدرجة التاسعة بمرتب قدره خمسة جنيهات اعتباراً من تاريخ تعيينه في 7 من ديسمبر سنة 1934 طبقاً لقواعد الإنصاف وترقيته إلى الدرجة الثامنة بصفة شخصية من 8 من ديسمبر سنة 1952 طبقاً للمرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية عن الخمس السنوات السابقة على تقديم طلب المعافاة في 30 من يونيه سنة 1959 وألزمت الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أنه يبين من استطلاع حالة المدعي من واقع ملف خدمته أنه التحق بخدمة الجهة الإدارية المدعى عليها في 7 من ديسمبر سنة 1934 بوظيفة فاعل ظهورات بأجر يومي قدره خمسون مليماً ثم عين بوظيفة مصدر مهمات في أول يونيه سنة 1935 بأجر يومي قدره ستون مليماً وكان حاصلاً على الشهادة الابتدائية سنة 1921 وقد سويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 بمنحه أجراً يومياً قدره 200 مليم في حدود خمسة جنيهات شهرياً من أول يونيه سنة 1935 تاريخ تعيينه مصدر مهمات وتدرج بالعلاوات حتى بلغ 240 مليماً في أول مايو سنة 1942 بواقع الشهر خمسة وعشرين يوماً بحيث لا يصرف أكثر من ستة جنيهات شهرياً ثم عين بالدرجة التاسعة من 25 من فبراير سنة 1959 بمرتب شهري قدره ستة جنيهات، وأن قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 لم يلغها القانون رقم 371 لسنة 1953 ويفيد منها من ينطبق عليه أحكامها وأنه يبين من المذكرة المالية التي بني عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 والخاص بقواعد الإنصاف أنها تقضي في البند ثالثاً على أن حاملي شهادة الدراسة الثانوية (القسم الثاني) وما يعادلها الموجودون الآن في الخدمة في أقل من الدرجة الثامنة يمنحون هذه الدرجة فوراً ويسوى ماضي خدمتهم على هذا الأساس كما نص في البند رابعاً على أن حاملي شهادة الدراسة الثانوية القسم الأول (الكفاءة) وما يعادلها يعاملون نفس المعاملة المقررة لحملة هذه الشهادة من القسم الثاني، كما نص في البند الثامن على أن حاملي شهادة الدراسة الابتدائية يعاملون نفس المعاملة المتقدمة مع جعل الماهية الأولية خمسة جنيهات في الدرجة التاسعة. واستطردت المحكمة إلى القول بأن مفاد هذه القواعد أنها تقضي بمعاملة حاملي الشهادة الابتدائية نفس المعاملة المقررة لحاملي شهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني مع جعل الماهية الأولية خمسة جنيهات في الدرجة التاسعة. ولما كانت القواعد بالنسبة لحاملي شهادة الدراسة الثانوية هي عدم جواز تعيين أحدهم في درجة أقل من الدرجة المقررة لمؤهله فإنه يتعين سريان هذه القاعدة على حملة الشهادة الابتدائية الموجودين في الخدمة قبل 9 من ديسمبر سنة 1944 بحيث تسوى حالتهم في الدرجة التاسعة بماهية قدرها خمسة جنيهات اعتباراً من تاريخ تعيينهم أو من تاريخ حصولهم على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، وأنه لا محل للاستناد إلى البند 14 من كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 1/ 302 المؤرخ 6 سبتمبر سنة 1944 بتنفيذ قواعد الإنصاف والذي يقضي بأن تسوى حالة المعينين باليومية من حملة الشهادات الواردة بالإنصاف على أساس أنهم دخلوا الخدمة بأجور توازي الماهية المقررة لشهادتهم ثم يمنحون زيادة في الأجر توازي العلاوات التي منحها المعينون على درجات لأن الكتاب الدوري سالف الذكر صادر من وزارة المالية وهي سلطة أدنى من مجلس الوزراء فلا تملك وضع قيود على قرارات لسلطة عليا أو أن تعدل أي حكم قررته، وقد جاءت قواعد الإنصاف عامة ومطلقة من كل قيد وغير مقصور تطبيقها على المعينين على درجات دون المعينين باليومية، وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن المدعي يعتبر في الدرجة التاسعة تاريخ التحاقه بالخدمة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 دون غيره بالقرارات أو الكتب الدورية الصادرة من وزارة المالية ورتبت على ذلك اعتبار المدعي في الدرجة الثامنة من تاريخ نفاذ القانون رقم 329 لسنة 1952 أي من 18 ديسمبر سنة 1952 ولا محل لتطبيق المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 1953 للأسباب التي أشارت إليها في حكمها كما قصرت صرف الفروق على الخمس السنوات السابقة على تقديم المدعي طلب المعافاة في 30 من يونيه سنة 1959 لعدم اتخاذه أي إجراء قاطع للتقادم الخمسي قبل ذلك.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه باستقراء قواعد إنصاف حملة الشهادات الدراسية الصادر بها قرارات مجلس الوزراء في 30 من يناير، 12، 29 من أغسطس سنة 1944 والمذاعة بكتاب دوري المالية ملف رقم ف 234/ 1/ 202 المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1944 يبين أنها قسمت الموظفين حملة الشهادات إلى فريقين الفريق الأول كان يتقاضى ماهيات شهرية في درجة أقل من الدرجة التي قررتها هذه القواعد لمؤهلاتهم أو كان معيناً على اعتمادات مقسمة إلى وظائف وأفراد هذا الفريق قضت تلك القواعد بأن يمنحوا الدرجات المقررة لمؤهلاتهم مع تسوية ماهياتهم على الدرجة المبينة بها، والفريق الثاني وهو فريق المعينين باليومية وهؤلاء نصت القواعد المذكورة على زيادة أجورهم على أساس أنهم دخلوا الخدمة بأجور توازي الماهية المقررة لشهادتهم ثم يمنحون زيادة في الأجر توازي العلاوات الدورية التي يمنحها المعينون من نظرائهم في درجات، وعلى هذا فإن قاعدة منح الدرجة المقررة للمؤهل مقصورة التطبيق على الموظفين الذين كانوا موجودين بالخدمة في درجة أقل من الدرجة المقررة لمؤهلاتهم، وأضافت الحكومة أنه مما يؤكد ذلك أن قواعد الإنصاف تردد في كل بند من بنودها "الموظفون الموجودون في درجة أقل من الدرجة ( ) يمنحون هذه الدرجة فوراً...." فإذا كان الموظف الحاصل على هذا المؤهل من أرباب اليومية فإنه لا تسري في شأنه هذه القاعدة وإنما تطبق في شأنه قاعدة منح الأجر الموازي للماهية المقررة لمؤهله دون الدرجة المالية. وقد سويت حالة المدعي على هذا الأساس باعتبار أنه كان معيناً باليومية فزيد أجره ومنح أجراً يومياً قدره 200 مليم في حدود خمسة جنيهات من بدء تعيينه ودرج أجره بالعلاوات حتى بلغ 240 مليماً في أول مايو سنة 1942 بواقع الشهر 25 يوماً وهو إجراء سليم متفق مع القانون.
ومن حيث إن نقطة النزاع في هذه الدعوى تنحصر في مدى ما منحه قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 من حقوق لعمال اليومية من ذوي المؤهلات وهل خرجت وزارة المالية بكتابها الدوري رقم ف 234/ 1/ 302 المؤرخ 6/ 9/ 1944 بالنسبة لهذه الطائفة من العمال على مقتضى قرار مجلس الوزراء المشار إليه فيما أورده بالنسبة لهم في البند الرابع عشر من هذا الكتاب.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت في الطعن رقم 1829 لسنة 2 ق بجلسة 20 من نوفمبر سنة 1957 أنه باستقراء قواعد الإنصاف في ضوء الظروف والملابسات التي أحاطت بها يبين أنها رمت إلى إنصاف بعض طوائف الموظفين ذوي المؤهلات الدراسية ممن كانوا في الخدمة حتى 9 من ديسمبر سنة 1944 بمنحهم الدرجات والمرتبات المقررة لمؤهلاتهم وما يترتب على ذلك في الحدود والأوضاع التي بينتها واقتصر منح الدرجات على من كانوا في سلك الدرجات سواء داخل الهيئة أو خارجها، أما من لم يكن في سلك الدرجات، وإنما كان باليومية كما هو شأن المدعي فهؤلاء يمنحون أجراً موازياً للمرتب المقرر لمؤهلهم كما يتضح من كتاب المالية الدوري الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 بتنفيذ قواعد الإنصاف، وعلى هذه الأسس – في شأن هؤلاء وأولئك – دبرت الاعتمادات المالية التي يقتضيها تنفيذ تلك القواعد.
ومن حيث إن القول بأن كتاب وزارة المالية الدوري الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 مخالف لما جاء في قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 بالنسبة لذوي المؤهلات من عمال اليومية، وهو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مردود بأنه يبين من استعراض مذكرة اللجنة المالية التي عرضت على مجلس الوزراء فوافق في 30 من يناير سنة 1944 على المبادئ الواردة فيها مع بعض قيود ارتآها يبين أنه لا اللجنة المالية في مقترحاتها ولا مجلس الوزراء فيما أقره من قواعد قد قصدا إلى منح ذوي المؤهلات من عمال اليومية درجات في الميزانية، وآية ذلك أن المذكرة استهلت بالإشارة إلى الكادرات المختلفة من تعديل الدرجات في سنة 1921 إلى كادر سنة 1931 إلى كادر سنة 1939 وهذه كلها لا شأن لعمال اليومية بها، كما أنه عندما تحدثت مذكرة اللجنة المالية عن درجات ذوي المؤهلات أشارت إلى رفع الدرجات التي يشغلونها والتي تقل عن الدرجات المقترحة لمؤهلاتهم وعندما تحدثت مذكرة اللجنة المالية عن عمال اليومية أشارت إلى رفع أجورهم إلى ما يعادل الرواتب المقررة لمؤهلاتهم، ويخلص من ذلك أنه ليس لمن كان معيناً باليومية من ذوي المؤهلات قبل 9 من ديسمبر سنة 1944 أن يطالب بالدرجة الشخصية المقررة لمؤهله بدعوى أن هذا حق يستمده من قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944، إذ أن كل ما أنشأه مجلس الوزراء لهذه الطائفة من حق إنما هو تسوية أجورهم اليومية على أساس ما هو مقرر لزملائهم من المعينين على درجات.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ استجاب لطلبات المدعي قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون ويتعين إلغاؤه وفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.