مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1245

(151)
جلسة 3 من يونيه سنة 1961

برياسة السيد/ سيد إبراهيم الديواني نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف والدكتور ضياء الدين صالح وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 985 لسنة 5 القضائية

كادر العمال - مهنة "خراطة العجل" - تقدير اللجنة الفنية المنوط بها تطبيق أحكام الكادر اختلاف مستواها الفني عن مهنة "خراط" الواردة بالكشف رقم 6 من كشوف (ب) الملحقة به - اعتبارها في درجة صانع غير دقيق لا درجة صانع دقيق - لا وجه للتعقيب على هذا التقدير من جانب القضاء.
إن اللجنة المعهود إليها بتطبيق أحكام كادر العمال على طوائف العمال بسكك حديد القباري وفي ضوء طبائع الحرف التي تزاولها كل طائفة من هذه الطوائف، وعلى هدي المستوى الفني للمهارة التي تفتقر إليها كل حرفة من الحرف، لم تقبل أن تسلك وظيفة خراط العجل في عداد الحرف التي انتظمتها كشوف (ب) رقم 6 الملحقة بكادر العمال، وقد قدرت أن حرفة "الخراط" تعلو حرفة المدعين علواً كبيراً في المستوى ودرجة الحذق المطلوبة، ولهذا لم تشأ أن ترقى بها إلى مراقي الصانع غير الدقيق في الفئة (200/ 360)، وهذا الذي ذهبت إليه اللجنة الفنية المختصة، لا وجه للتعقيب عليه ومراجعته من جانب القضاء.


إجراءات الطعن

في 20 من يونيه سنة 1959 أودع السيد/ محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هيئة المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 985 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 16 من إبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 362 لسنة 4 القضائية المقامة من المرحوم علي هدية عبد الله والسيد/ باسيلي عبد المسيح ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والقاضي بتسوية حالة كل من علي هدية الله وباسيلي عبد المسيح في درجة صانع دقيق من الفئة (300/ 500) م اعتباراً من أول مايو سنة 1928 وفي درجة صانع دقيق ممتاز من أول مايو سنة 1934 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتباراً من الخمس السنوات السابقة على تاريخ تقديمهما الشكوى الإدارية المؤرخة 7 من مارس سنة 1954 وألزمت الوزارة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلبت الحكومة للأسباب التي استندت إليها في صحيفة طعنها "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضدهما مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. عن الدرجتين"، وقد أعلن هذا الطعن إلى ورثة المطعون عليه الأول في 5 من أكتوبر سنة 1959 وإلى المطعون عليه الثاني في 26 من سبتمبر سنة 1959 وفي 20 من يوليه سنة 1960 أبلغ الخصوم بجلسة 23 من أكتوبر سنة 1960 المحددة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها أخيراً جلسة 21 من مايو سنة 1961. وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما تبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعيين المرحوم علي هدية عبد الله والسيد/ باسيلي عبد المسيح أقاما دعواهما رقم 362 لسنة 4 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بعريضة أودعاها سكرتيرية تلك المحكمة في 3 من إبريل سنة 1957 وطلبا فيها الحكم بتسوية حالتهما على أساس استحقاقهما درجة صانع دقيق بعد خمس سنوات من تعيينهما في وظيفتي "خراط" اعتباراً من أول مايو سنة 1928 أي بأجر يومي مقداره 300 مليم اعتباراً من أول مايو سنة 1933 واستحقاق كل منهما لدرجة "صانع ممتاز" في أول مايو سنة 1939 وقالا شرحاً لدعواهما أنهما ألحقا في وظيفة "عتال" بورش عربات القباري في عام 1920 وفي أول مايو سنة 1928 نقلا إلى وظيفة خراط عجل، بعد تأدية امتحان فني اتضحت منه لياقتهما الفنية لهذه الحرفة. وعند صدور قواعد كادر عمال الحكومة سوت الإدارة حالتهما باعتبارهما في الدرجة (140/ 240) المخصصة لحرفة عتال داخل الورش، منذ بدء دخولهما في الخدمة وباعتبارهما في الدرجة (200/ 360) مليماً المخصصة لدرجة صانع غير دقيق منذ أول مايو سنة 1928 وقالا إن هذه التسوية تخالف أحكام كادر العمال وما استقر عليه القضاء الإداري في هذا الصدد وقالا إن نقلهما إلى الدرجة (200/ 360) مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1928 يعتبر ترقية والترقية تقوم مقام الامتحان لأن الترقية تثبت صلاحية العامل للدرجة المرقى لها، وأضافا إلى ما تقدم أنه لا فرق البتة بين حرفة خراط عجل "ومهنة خراط" إذ يجمعهما مهنة الخراطة، وأوضحا أن حرفة الخراطة واردة في الكشوف رقم 6 الملحقة بكادر العمال ومقررة لها الفئة (300/ 500) م يومياً يرقى شاغلها حتمياً إلى درجة الصانع الدقيق الممتاز بعد ست سنوات واستشهد بكتاب المالية الدوري رقم م 88 – 31/ 17 مؤقت المؤرخ 12 من يناير سنة 1947 في شأن عمال مصلحة السكك الحديدية وهو الكتاب الذي بموجبه يستحق الصانع بالسكك الحديدية الذي يدخل الخدمة بدون امتحان وغير حاصل على الشهادة الابتدائية تسوية حالته أسوة بمساعد الصانع أي على أساس منحه درجة الصانع الدقيق في التاريخ التالي لانقضاء خمس سنوات من بدء الخدمة تزاد بطريق العلاوات الدورية.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعيين إنما عينا في وظائف "عتالين" بورش عربات القباري ثم تغيرت وظيفتهما إلى "خراطي عجل". وقد سويت حالتاهما طبقاً لقواعد كادر العمال لوضعهما في الدرجة (140/ 240) م من تاريخ تعيينهما في وظيفة عتالين وأنهما منحا بعد ذلك الدرجة (200/ 360) م المخصصة للصانع غير الدقيق من تاريخ تغير وظيفتهما إلى "خراطي عجل" واعتمدت هذه التسوية من الإدارة العامة وبمناسبة صدور قرار من مجلس الوزراء في 17 من مايو سنة 1950 الخاص بإعادة التسويات التي بها أخطاء كتابية أو حسابية أو التي اعتمدت على خلاف ما تقضي به قواعد كادر العمال أرسلت إلى مراقبة الإيرادات والمصروفات كشوف تسوية معدلة على أساس وضع المدعيين في درجة صانع دقيق (300/ 500) من تاريخ شغلهما وظيفتي خراطي عجل إلا أن مراقبة الإيرادات والمصروفات لم توافق على هذا التعديل واعتمدت فيما اعتمدت عليه على أنه لم يستدل بملفي خدمة المدعين أنهما أديا امتحاناً فنياً بنجاح لوظيفتي خراط عجل. ولما عاد المدعيان إلى التظلم وعادت المصلحة إلى القول بأن وظيفة "خراط العجل" تدخل في ضمن وظيفة الخراطة الواردة في الكشف رقم 6 حرف (ب) اعترضت مراقبة الإيرادات والمصروفات بأن هذا الرأي يتعارض مع ما سبق أن قررته اللجنة الفنية التي شكلت في سنة 1946 عند تطبيق كادر العمال والتي اعتمدها السيد مدير عام الإيرادات والمصروفات وقتئذ بتاريخ 16 من إبريل سنة 1946 – ويقضي قرار اللجنة الفنية المشار إليها باعتبار حرفة "خراط العجل" من الوظائف التي لا تحتاج إلى دقة حسب مستواها الفني، ولما أصرت الإدارة للمرة الثالثة على وجهة نظرها، أعادت مراقبة الإيرادات التسويتين بتاريخ 9 من مايو سنة 1955 موضحة بأنها ما زالت عند رأيها السابق، خصوصاً وأن ما قررته اللجنة هو ما اتبعته المصلحة في تسوية حالات أفراد هذه الطائفة طبقاً لكادر العمال حتى الآن. وخلال نظر الدعوى توفي المدعي الأول المرحوم علي هدية عبد الله بتاريخ 12 من يوليه سنة 1957، وحل محله ورثته الشرعيون بعد تدخلهم في الدعوى - بموجب إعلان شرعي مثبت لصفاتهم، وبجلسة 16 من إبريل سنة 1959 حكمت المحكمة الإدارية بالإسكندرية "بتسوية حالة كل من علي هدية عبد الله وباسيلي عبد المسيح في درجة صانع دقيق من الفئة (300/ 500) مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1928، وفي درجة صانع دقيق ممتاز من أول مايو سنة 1934 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتباراً من الخمس السنوات السابقة على تاريخ تقديمهما الشكوى للإدارة المؤرخة 7 من مارس سنة 1954 وألزمت الإدارة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت قضاءها على أنه "لم يرد في الكشف رقم 4 الخاص بالصناع أو العمال الفنيين في الوظائف التي لا تحتاج إلى دقة والمقرر لهم الدرجة (200/ 360) أي ذكر لوظيفة خراط عادي أو وظيفة خراط عجل" وعلى أنه "قد وردت وظيفة خراط في الكشف رقم 6 المخصص للوظائف المقرر لها درجة صانع دقيق بالفئة (300/ 500) مليماً ولم ترد في الكشف المذكور وظيفة خراط عجل وأن حكم العام أنه يجرى على إطلاقه ما لم يكن ثمة نص مخصص يحد من هذا الإطلاق" وعلى أن "يتعين من ثم اعتبار وظيفة خراط الواردة بالكشف رقم 6 مما تشمل وظيفة خراط عجل أيضاً" كما أقامت قضاءها على أن ترقية المدعيين من تاريخ وضعهما في وظيفتي "خراط عجل" تقوم مقام امتحانهما في مجال إثبات استحقاق العامل لدرجة صانع دقيق لأن كليهما ثبتت صلاحيته للدرجة المرقى إليها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن وظيفة خراط عجل لم ترد ضمن الوظائف المنصوص عليها في الكشف رقم 6 الخاص بالصناع من درجة "صانع دقيق" وعلى أن اللجنة الفنية المشكلة في عام 1946 عند تطبيق كادر العمال قررت أن الوظيفة التي يشغلها كل من المدعيين من الوظائف التي لا تحتاج إلى دقة. وعلى أن المدعيين لم يؤديا الامتحان المقرر لوظيفتهما.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق، أن المرحوم السيد/ علي هدية عبد الله عين في وظيفة "عتال" بورش الوابورات القباري اعتباراً من 22 من أكتوبر سنة 1921 بأجر يومي مقداره 95 مليماً ثم نقل إلى وظيفة "خراط عجل" اعتباراً من أول مايو سنة 1928 ورفع أجره اليومي إلى 135 مليماً وقد تدرج أجره اليومي حتى بلغ في نوفمبر سنة 1955 - 440 مليماً كما تبين من الصفحة (68) من ملف خدمة المرحوم/ علي هدية عبد الله أن اللجنة الفنية التي شكلت في عام 1949 لتطبيق كادر العمال كانت قد قررت 1 - أن وظيفة خراط العجل هي في ضمن الوظائف التي لا تحتاج إلى دقة حسب مستواها الفني وأنها توضع في الدرجة (200/ 360) مليماً، كما قد تبين لهذه المحكمة من واقع ملفي خدمة السيد/ باسيلي عبد المسيح أنه عين في 16 من سبتمبر سنة 1920 في وظيفة عتال مؤقت بورش القباري بأجر يومي قدره 96 مليماً واعتمد (عتال تملي) من أول مارس سنة 1921 ثم عين في وظيفة خراط عجل اعتباراً من أول مايو سنة 1928 وتدرج راتبه حتى بلغ 500 مليم في أول مايو سنة 1960 وفصل من الخدمة في 23 من نوفمبر سنة 1960 لبلوغه السن القانونية وأجره اليومي الأخير هو خمسمائة مليم.
ومن حيث إنه يتبين مما سلف أن كلاً من المدعيين عين في حرفة عتال داخل الورش الوارد ذكرها في الكشف رقم 1 الملحق بكادر العمال، وهو الكشف الخاص بطوائف العمال العاديين؛ ومن ثم فلا صلة لحرفة كليهما بحرف الصناع ولا وجه للقول بتحقيق ترقية لصالح أيهما عند تعيينه في أول مايو سنة 1928 في وظيفة خراط عجل، لأن الترقية تقتضي ترفيعاً إلى وظيفة عليا في مدارج المهنة الواحدة ذات الطبيعة المتجانسة.
ومن حيث إن اللجنة المعهود إليها بتطبيق أحكام كادر العمال على طوائف العمال بسكك حديد القباري، وفي ضوء طبائع الحرف التي يزاولها كل طائفة من هذه الطوائف، وعلى هدي المستوى الفني للمهارة التي تفتقر إليها كل حرفة من الحرف، لم تقبل أن تسلك وظيفة خراط العجل في عداد الحرف التي انتظمتها كشوف (ب) رقم 6 - الملحقة بكادر العمال، وقد قدرت أن حرفة "الخراط" تعلو حرفة المدعيين علواً كبيراً في المستوى ودرجة الحذق المطلوبة، ولهذا لم تشأ أن ترقى بها إلى مراقي الصانع غير الدقيق في الفئة (200/ 360) مليماً، وهذا الذي ذهبت إليه اللجنة الفنية المختصة، لا وجه للتعقيب عليه ومراجعته من جانب القضاء.
وأنه لا غناء فيما تمسك به المدعيان في صحيفة دعواهما من أن كتاب المالية الدوري رقم 88 - 31/ 17 مؤقت المؤرخ 12 من يناير سنة 1947 في شأن عمال مصلحة السكك الحديدية - وفي ضمنهم المدعيان - يقرر لصالح هؤلاء العمال استثناء من القواعد العامة التي أرساها كادر العمال مقتضاه اعتبار الصانع الذي دخل الخدمة بدون امتحان ولم يكن حاصلاً على الشهادة الابتدائية أسوة بمساعد الصانع أي يمنح ثلاثمائة مليم يومياً في درجة صانع دقيق (300/ 500) مليماً من التاريخ التالي لانقضاء خمس سنوات عليه من بدء دخوله الخدمة تزاد بطريق العلاوة الدورية، لأن هذه الميزة الاستثنائية التي خص بها عمال السكك الحديدية لا يمكن تطبيقها إلا على من ينتمي منذ بدء خدمته إلى طائفة الصناع بالنظر إلى الحرفة التي يمارسها، بقطع النظر عن أهمية العمل الذي يوكل إليه، فإذا كانت حرفة المدعيين - بحسب التقدير الذي خلعته عليها لجنة تطبيق الكادر، لم تعتبر من حرف الصناع الدقيقين - طبقاً لتكييف هذه اللجنة - لم يجز للمدعيين طلب الانتفاع بالميزة الاستثنائية المخولة لعمال السكك الحديدية والتي خلعها عليه كتاب المالية الدوري المشار إليه لا منذ بدء الخدمة - لأن كليهما عين ابتداء في وظيفة عامل عادي - لا اعتباراً من أول مايو سنة 1928، لأن أياً منهما لم يعين في إحدى الوظائف التي تحتاج إلى دقة، بل عين في وظيفة منبتة الصلة بالوظيفة السابقة وهي وظيفة "خراط عجل" دون أن يؤدي امتحاناً أو يكون حاصلاً على الشهادة الابتدائية.
ومن حيث إنه إذا لم يستدل - فضلاً عما تقدم - في ملف كل من المدعيين - على ما يثبت تأديته الامتحان اللازم لاستحقاقه درجة الصانع الدقيق وكانت حرفته غير واردة يقيناً في الكشوف (ب) رقم 6 الملحقة بكادر العمال، فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من تسوية حالة المدعيين على أساس استحقاقهما درجة الصانع الدقيق منذ أول مايو سنة 1928 ما ذهب إليه من ذلك يكون مخالفاً للقانون ويتعين من ثم إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون عليهم بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعيين بالمصروفات.