مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى القسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة الثانية عشرة (من أول أكتوبر سنة 1957 إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 211

(إدارة الفتوى والتشريع لوزارة الحربية - فتوى رقم 1181 في 8 من أكتوبر سنة 1957)
(187)

ميزانية - مصانع حربية - اختصاص مجلس إدارة المصانع الحربية - المواد 3، 5، 15 من القانون رقم 619 لسنة 1953 - سلطة مجلس الإدارة بالتطبيق لهذه المواد في إصدار قرار بتقرير علاوة خطر لموظفي المصانع الحربية - إمكان الخصم بقيمة هذه العلاوة على وفور البنود المختصة دون ما ضرورة لإدراج اعتماد جديد في الميزانية - أدلة ذلك من نصوص الدستور وأحكام اللائحة المالية للميزانية والحسابات ومن السوابق المالية والعرف.
تنص المادة الثالثة من القانون 619 لسنة 1953 بإنشاء مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات المعمول به وقت تقرير علاوة الخطر على أن "مجلس الإدارة هو السلطة العليا المهيمنة على المصانع التابعة لوزارة الحربية وهو المشرف على تصريف الأمور طبقاً لهذا القانون دون التقيد بالنظم الإدارية والمالية المتبعة في مصالح الحكومة".
وينص البند 15 من المادة الرابعة من القانون على أن المجلس يختص "بإصدار اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات ومستخدميها وعمالها وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم دون التقيد بالقوانين واللوائح والنظم الخاصة بموظفي الحكومة".
وتنص المادة الخامسة على أنه "تكون قرارات المجلس نافذة بمجرد التوقيع عليها، ولوزير الحربية أن يرفع الأمر إلى مجلس الوزراء في المسائل المنصوص عليها في المادة السابقة إذا صدر قرار مجلس إدارة المصانع فيها مخالفاً لرأيه ويوقف تنفيذ القرار في هذه الحالة إلى أن يفصل فيه مجلس الوزراء".
وليس ثمة شك في أن مجلس الإدارة يملك وفقاً لهذه النصوص إصدار قرار بمنح موظفي المصانع الحربية، ومصانع الطائرات وعمالها علاوة خطر باعتبار هذه العلاوة مرتباً من مرتبات هؤلاء الموظفين والعمال، ولا حاجة بالتالي إلى استصدار قرار جمهوري بتقرير هذه العلاوة.
كما أن قرار المجلس بتقرير هذه العلاوة يعتبر نافذاً بمجرد التوقيع عليه ما دام أن وزير الحربية لم يعترض عليه، وذلك وفقاً لنص المادة الخامسة ويمكن لمجلس الإدارة تحديد المصرف المالي لهذه العلاوة من وفور البنود المختلفة، دون أن يكون ثمة محل للاحتجاج بأن ميزانية المصانع الحربية لم تتضمن اعتماداً مخصصاً لعلاوة الخطر، مما يقتضي القول بأن مجلس إدارة المصانع الحربية لا يملك إقرار صرف هذه العلاوة على وفورات البنود المختصة، الأمر الذي يستوجب إدراج الاعتماد اللازم لها بالميزانية تطبيقاً للمادة 103 من دستور عام 1956 (التي تقابلها المادة 143 من دستور عام 1923) - لا وجه للاحتجاج بذلك للأسباب الآتية: -
أولاً - إن المادة 138 من الدستور الملغى نصت على أن "الميزانية تقر باباً بابا".
ونصت المادة 143 على أن "كل مصروف غير وارد بالميزانية أو زائد على التقديرات الواردة بها يجب أن يأذن به البرلمان، ويجب استئذانه كذلك كلما أريد نقل مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية".
ويقابل هذين النصين نصا المادتين 101، 102 من الدستور الجديد، وتقضي الأولى منهما بأن "الميزانية تقر باباً بابا"، وتقضي الثانية بأنه "يجب موافقة مجلس الأمة على نقل أي مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية وكذلك على كل مصروف غير وارد بها أو زائد على تقديراتها".
وواضح من هذه النصوص أن القاعدة التي أخذ بها واضع الدستور الملغى والدستور الجديد هي أن السلطة التشريعية تقر الميزانية باباً بابا، فهي لا تعتمد الميزانية بنداً بندا، وكذلك لا تعتمد كل قسم من أقسام البنود، وإنما توافق على ربط كل باب من أبواب الميزانية باعتمادات إجمالية حتى توفر المرونة اللازمة للسلطة التنفيذية داخل نطاق كل باب بما يتمشى مع الصالح العام وأوجه الإنفاق في حدود رقابة السلطة التشريعية.
وعلى ضوء ما تقدم ينبغي تفسير وجوب الحصول على موافقة مجلس الأمة على كل مصروف غير وارد بالميزانية أو زائد على تقديراتها، فالمقصود هنا وجوب الحصول على موافقة مجلس الأمة على كل نفقة لم يرد لها أصل بالميزانية أو تزيد على اعتماد الباب بمعنى أن إنفاقها يؤدي إلى تجاوز في ربط الباب المختص.
ومؤدى ذلك أنه لما كان قرار مجلس إدارة المصانع الحربية بتقرير علاوة الخطر هو قرار صحيح ونافذ بحكم القانون، وكانت وفور البنود المختصة بميزانية المصانع الحربية تسمح بصرف هذه العلاوة فللمجلس أن يقرر استخدام هذه الوفور لمواجهة الاستحقاق المتولد من القواعد التي أقرها، دون أن يحتج عليه بأي نص دستوري.
ثانياً - تقضي المادة 3 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات بأن "تقسم ميزانية إيرادات ومصروفات الدولة إلى أبواب يقرها البرلمان، وتقسم هذه الأبواب إلى بنود وأقسام وأقسام بنود، ويقرر هذا التقسيم الأخير بمعرفة وزارة المالية. ولا يجوز إدخال أي تعديل عليه إلا بعد الترخيص بذلك من وزارة المالية".
وتقضي المادة 12 بأنه "يجوز لرؤساء المصالح أن يتصرفوا في المبالغ المربوطة لأقسام كل بند بدون استئذان، على حسب احتياجات المصلحة بشرط عدم تجاوز مجموعة الاعتماد المقدر لذلك البند.
ولا يجوز إصدار إذن بمصروف يتجاوز مقدار بند الميزانية الخاص به إلا إذا كان في سائر البنود من الباب نفسه وفر كافٍ، وبعد أن يصدر ترخيص بذلك وفقاً للشروط الآتية: -
إذا كان المربوط لا يزيد على 10.000 جنيه يجوز لوزارة المالية أن ترخص بالتجاوز إذا كان مقداره لا يتعدى 2500 ج. أما إذا زاد ربط البند على 10.000 ج فيجوز لوزارة المالية أيضاً أن ترخص بالتجاوز في حدود ربع قيمة الاعتماد وبحد أقصى قدره 25000 ج.
وفي غير ما تقدم من الحالات يجب أن يوافق مجلس الوزراء على ترخيص وزارة المالية. ولتطبيق هذا النص يعامل معاملة البند المستقل أقسام الأجور أو أي قسم آخر من أقسام الباب الأول.... إلخ".
ويخلص من النصين المتقدمين أن تقسيم البنود والأقسام داخل الباب يمكن تعديله بموافقة وزارة المالية، وأنه يجوز مجاوزة بند من بنود الميزانية من الوفور الموجودة في سائر البنود بمعنى أنه يجوز الإنفاق من الوفور في الحدود الواردة في نص المادة 12 المشار إليها أي بموافقة وزارة المالية في بعض الحالات وبموافقة مجلس الوزراء في حالات أخرى.
ولما كان الرأي المقرر وفقاً لما انتهت إليه هيئة شعبة الرأي الثانية في تفسيرها اختصاصات مجلس إدارة المصانع الحربية بكتابها المؤرخ 25 من مارس سنة 1953 - أن من يملك إدارة المصانع الحربية بالمخالفة للنظم الحكومية المالية والإدارية وفقاً لنص المادة 3 من القانون رقم 619 لسنة 1953 والتي تستلزم أخذ موافقة وزارة المالية أو مجلس الوزراء على بعض التصرفات والإجراءات، يكون له بالتالي كافة السلطات المالية والإدارية الممنوحة لهاتين الجهتين. إذ القول بغير ذلك يؤدي إلى إهدار حكم المادة الثالثة، وإلى عدم تمكين المجلس من إدارة المصانع الحربية بالطريقة المثلى التي يراها، والتي قد تكون مخالفة لما هو منصوص عليها في النظم واللوائح الإدارية والمالية المشار إليها.
ومؤدى ذلك أن مجلس إدارة المصانع الحربية يملك الاختصاص المقرر لوزارة المالية ولمجلس الوزراء في تعديل بنود الميزانية وأقسامها وفي تقرير الصرف على وفور الميزانية وفقاً لنص المادتين 3، 12 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات.
وليس ثمت شك في أن علاوة الخطر لا تخرج عن كونها مرتباً يندرج تحت بند 1 - (هـ) مرتبات بالنسبة للموظفين، وتحتد بند 1 - (د) أجور عمال الخدمات، وبند أجور عمال التشغيل وذلك بالنسبة للعمال، ومن ثم يملك مجلس الإدارة تقرير صرف هذه العلاوة على وفور هذه البنود طبقاً لأحكام اللائحة المالية للميزانية والحسابات.
ثالثاً - إن القول بوجوب استصدار قانون في كل تعديل تجريه الجهات الإدارية التنفيذية المختصة في بنود الميزانية وأقسامها أمر لا يتفق مع الاعتبارات العملية التي يجب مراعاتها في الميزانية باعتبار أن الميزانية عمل تتولاه السلطة التنفيذية أصلاً فهي التي تعلم مبلغ ما تتطلبه الإدارة من الإنفاق، ومن ثم ينبغي أن يترك لها شيء من الحرية في تعديل بنود الميزانية وأقسامها دون تجاوز لربط الباب المختص، خصوصاً وأن بنود الأجور والمرتبات بنود تقديرية ونظام الميزانية ليس غاية في ذاته بل هو وسيلة لغاية هي كفاءة سير الجهاز الحكومي ما دام أنه ليس في ذلك إخلال برقابة السلطة التشريعية أو الجهات الإدارية الرئاسية المختصة.
وقد أخذ واضع الدستور الجديد بهذا النظر عندما نص في المادة 101 على أنه لا يجوز لمجلس الأمة إجراء أي تعديل في المشروع إلا بموافقة الحكومة.
رابعاً - ويضاف إلى ما تقدم كله ما جرى عليه العمل نفسه في مصر من إقرار مبدأ الصرف على الوفور بالنسبة لتقرير المرتبات، ومن قبيل ذلك القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في 15 من أكتوبر سنة 1952 بشأن تقرير بدل مراسلة للضباط، إذ ورد في المذكرة المرفوعة للمجلس من وزارة المالية في هذا الشأن أن صرف هذا البدل يكون خصماً على وفور المرتبات ضمن ميزانية وزارة الحربية وفروعها (كل فيما يخصه) على أن يسوى ما قد يحصل عن تجاوز هذا البند (وبالنسبة لكل فرع) بالطرق القانونية مقابل وفر مساوٍ في باقي أقسام البنود.
وكذلك القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في 25 من فبراير سنة 1953 بتقرير بدل ملابس للصولات، إذ ورد فيه أن وزارة المالية ترى أنه يمكن الخصم ببدل الملابس الذي يتقرر على وفور بند أ - هـ من ميزانية فرع 8 (القوات المرابطة) للسنة المالية الراهنة.
ولكل ما تقدم فقد انتهى الرأي إلى أن قرار مجلس إدارة المصانع الحربية الصادر في 10 من أكتوبر سنة 1955 بتقرير علاوة الخطر، وبالخصم بقيمتها على وفور البنود المختصة بالميزانية هو قرار سليم من الوجهة القانونية وواجب التنفيذ (1).


(1) راجع في تقرير المبدأ حكم المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 514 لسنة 3 قضائية المنشور بالجزء الثالث من مجموعة السنة الثالثة بند 147 صفحة 1389).