مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1287

(155)
جلسة 24 من يونيه سنة 1961

برياسة السيد/ محمد عفت رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد الفتاح نصار وأبو الوفا زهدي محمد. المستشارين.

القضية رقم 1196 لسنة 5 القضائية

( أ ) موظف - أقدمية - نقل - اختصاص - طلب الموظف المنقول تعديل أقدميته بين موظفي المصلحة المنقول إليها من تاريخ نقله دون طلب إلغاء قرار معين - دخوله في اختصاص القضاء الإداري.
(ب) موظف - نقل - نص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على إجازة النقل من إدارة أو مصلحة أو وزارة إلى أخرى - عدم انطباقه على حالة النقل داخل الوحدة الواحدة - مثال - النقل الحاصل تنفيذاً للقانون رقم 372 لسنة 1954 باعتبار ميزانية وزارة التجارة والصناعة بمصالحها المختلفة وحدة واحدة بالنسبة للترقيات والتنقلات بين موظفيها حتى نهاية يونيه سنة 1955 - اعتباره من قبيل التنسيق أو التوزيع الداخلي وليس من شأنه جعل الموظف المنقول في مركز خاص - نص القرار الوزاري رقم 319 لسنة 1955 على اعتباره انتداباً مع استثناء حالتي النقل على درجة خالية بالجهة المنقول إليها أو بطريق التبادل - عدم انطباق هذا الاستثناء على الموظف المنقول إلى الديوان العام في ظل القانون السالف الذكر، ثم صدر قرار بنقله إلى هذا الديوان بعد انتهاء الفترة المحددة لتطبيق هذا القانون - اعتباره منقولاً من تاريخ القرار الصادر بهذا النقل لا قبل ذلك.
1 - إذا استهدف المطعون ضده من دعواه تعديل أقدميته بين موظفي الديوان العام باعتباره منقولاً إليه من 17 من يونيه سنة 1954 تاريخ صدور القرار رقم 285 لسنة 1954 تنفيذاً لأحكام القانون رقم 372 لسنة 1954 ولم يطلب إلغاء قرار معين، ومن ثم تكون هذه الدعوى من اختصاص القضاء الإداري إعمالاً لحكم القانون رقم 165 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 155 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة.
2 - إن مفهوم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1954 بشأن نظام موظفي الدولة أن النقل لا يكون إلا من إدارة إلى أخرى أو من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى ولا يتصور أن يكون النقل في داخل الإدارة الواحدة، أو المصلحة الواحدة، وأن النقل المحظورة إجراؤه بغير مبرر هو الذي من شأنه أن يفوت على المنقول دوره في الترقية بالأقدمية إلا إذا كان بناء على طلبه.
وهذا الحكم العام الذي قررته المادة 47 في شأن النقل وآثاره لا يتصور حدوثه في داخل الوحدة الواحدة التي أوجدها القانون رقم 372 لسنة 1954 الذي قضى باعتبار ميزانية وزارة التجارة والصناعة بمصالحها المختلفة وحدة واحدة بالنسبة للترقيات والتنقلات بين موظفيها في خلال المهلة التي حددها حتى نهاية يونيه سنة 1955 خروجاً واستثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بأداة تشريعية في نفس مرتبته، ويكون النقل خلالها ولو جاءت عبارته صريحة من قبيل التنسيق أو الترتيب أو التوزيع الداخلي الذي تجريه الجهة الإدارية بيد طليقة استجابة منها لاحتياجات العمل وما يقتضيه حسن سير المرفق العام ومن ثم لا تترتب عليه أحكام النقل الذي يجعل صاحبه في مركز خاص يحميه القانون لا يسوغ لها أن تمسه بغير مبرر كما أن القرار 319 لسنة 1955 الصادر في نهاية يونيه سنة 1955 جعله انتداباً فيأخذ حكم الانتداب، مع استثناء النقل الذي نص في القرار الصادر به بأنه كان على درجة خالية بالجهة المنقول إليها أو بأنه تم بطريق التبادل بين موظفين في درجة واحدة وفي كادر واحد.
ولما كان هذا الاستثناء لا ينطبق على حالة المدعي كما أن الجهة الإدارية أعربت عن رغبتها في نقله إلى الديوان العام بالقرار رقم 508 لسنة 1956 بعد نهاية الفترة المعينة فلا يعتبر منقولاً إليه إلا من التاريخ الذي حدده هذا القرار الأخير إذ لم تتوافر ظروف أو ملابسات من شأنها أن تحيل الندب إلى نقل قبل حصوله.


إجراءات الطعن

بتاريخ 29 من يوليو سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته نائباً عن السيد وزير الاقتصاد سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الاقتصاد في القضية رقم 305 لسنة 5 القضائية بتاريخ 31 من مايو سنة 1959 القاضي بأحقية المطعون ضده في اعتباره من موظفي الديوان العام من 17 من يوليه سنة 1954 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات. وطلب السيد الطاعن اعتماداً على الأسباب التي ضمنها صحيفة طعنه الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وفي 3 من أغسطس سنة 1959 أعلن الطعن للمطعون ضده وتعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20 من نوفمبر سنة 1960 وأخطر الطاعن والمطعون ضده بتلك الجلسة في 8 من نوفمبر سنة 1960. وقد نظرت تلك الدائرة الطعن ثم قررت بإحالته إلى هذه المحكمة فنظرته وسمعت ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظات الطرفين ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة كما يبين من مطالعة الأوراق وملاحظات طرفيها تتحصل في أنه بتاريخ 25 من أغسطس سنة 1958 أقام المطعون ضده دعواه أمام المحكمة الإدارية لوزارة الاقتصاد ذكر فيها أنه صدر القرار الوزاري رقم 285 لسنة 1954 في 17 من يوليه سنة 1954 بنقله من مصلحة التجارة "قسم المستخدمين" إلى مصلحة الديوان العام "إدارة المستخدمين" كما تضمن هذا القرار نقل زميل له يدعى محمد يحيى عبد المطلب الموظف بالدرجة التاسعة الكتابية من مصلحة الديوان العام إلى مصلحة التجارة وأن هذا القرار كان تنفيذاً للقانون رقم 372 لسنة 1954 الذي استثنى وزارة التجارة من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة لمدة معينة أقصاها شهر يونيه سنة 1955 والذي قضى باعتبار ميزانية الوزارة بمصالحها المختلفة وحدة واحدة بالنسبة للترقيات والتنقلات التي تتم بين موظفيها حتى نهاية تلك المدة (نهاية يونيه سنة 1955) مع المحافظة على التقسيم النوعي للوظائف طبقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 السابق ذكره. وأردف المطعون ضده إلى ما تقدم أنه صدر قرار آخر بتاريخ 4 من أغسطس سنة 1954 بتنظيم إدارة المستخدمين بالديوان العام وجعلها ميزانيات وإدارات وورد اسمه ضمن موظفي إدارة المعاشات بمراقبة المستخدمين بالديوان العام. وفي 30 من يونيه سنة 1955 صدر القرار الوزاري رقم 319 لسنة 1955 ونص على أن جميع التنقلات التي تمت بناء على القرار الوزاري رقم 285 لسنة 1954 أو أي قرار آخر صدر في ظل القانون رقم 372 لسنة 1954 تعتبر بمثابة انتداب مع استثناء تلك التي نص فيها على أن النقل كان على درجة خالية بالجهة التي تم النقل إليها أو الذي تم بطريق التبادل بين موظفين في درجة واحدة وكادر واحد ونص في الوقت نفسه على أن الإجراءات التي جاء بها تعتبر مؤقتة إلى حين إعادة تنظيم مصالح الوزارة على أساس يتمشى وصالح العمل والقوة الفعلية التي يجب أن تكون عليها كل مصلحة. ثم استطرد قائلاً إنه فور صدور القرار رقم 319 لسنة 1955 قدم طلبات إلى رؤسائه بتصحيح وضعه وجعله منقولاً نهائياً إلى الديوان العام أو تبادل النقل مع زميله الآنف ذكره وأخيراً صدر القرار الوزاري رقم 508 لسنة 1956 بتبادل النقل بينه وبين زميله اعتباراً من 5 من ديسمبر سنة 1956 فتظلم إلى السيد مفوض الوزارة في 8 من يناير سنة 1957 طالباً تعديل النقل إلى الديوان العام من 5 من ديسمبر سنة 1956 إلى 17 من يوليه سنة 1954 ولم يبت في تظلمه حتى تاريخ إقامته الدعوى وأنه بتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1957 صدر القرار رقم 421 بترقيته إلى الدرجة الثامنة الكتابية بالديوان العام اعتباراً من 11 من ديسمبر سنة 1957 ثم نعت القرار رقم 319 لسنة 1955 بأنه يخالف حكم القانون رقم 372 لسنة 1954 وأنه حتى لو اعتبر نقله إلى الديوان العام بمثابة ندب فإن الندب إذا استطال يستحيل إلى نقل متى بان ذلك من ظروف الحال وملابساته كما هي حالته إذ بمجرد صدور القرار الأول رقم 285 لسنة 1954 ظل يعمل بالديوان العام حتى صدور القرار رقم 508 لسنة 1956.
ومن حيث إن الوزارة الطاعنة ردت على المطعون ضده بأن القانون رقم 372 لسنة 1954 صدر باستثناء وزارة التجارة والصناعة من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 لفترة معينة جعل خلالها ميزانية الوزارة بمصالحها المختلفة وحدة واحدة بالنسبة للترقيات والتنقلات التي تتم بين موظفيها حتى نهاية تلك الفترة وتنفيذاً له صدر القرار رقم 285 لسنة 1954 بنقل المطعون ضده إلى الديوان العام من مصلحة التجارة كما تضمن نقل السيد محمد يحيى عبد المطلب من الديوان العام إلى مصلحة التجارة وأن هذا النقل يعتبر مكانياً وهو من إطلاقات الجهة الإدارية التي لا تخضع لولاية القضاء الإداري.
ومن حيث إنه بتاريخ 31 من مايو سنة 1959 قضت تلك المحكمة بأحقية المطعون ضده في اعتباره من موظفي الديوان العام من 17 من يوليو سنة 1954 مع ما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها على أن المطعون ضده لا يطلب إلغاء قرار النقل وذهبت فيه إلى تكييف هذه الدعوى بأنها لا تعدو أن تكون طلب تعديل أقدمية باعتباره من موظفي الديوان العام بالوزارة الأمر الذي يدخل في حدود ولاية القضاء الإداري كما رسمها القانون رقم 165 لسنة 1955 وأن القرار رقم 319 لسنة 1955 صدر في ظل القانون رقم 372 لسنة 1954 ومن ثم يعتبر متمماً للقرار السابق عليه رقم 285 لسنة 1954 وليس مخالفاً للقانون المذكور وأن التنظيمات التي أجريت أثناء سريانه أخرجت به عن حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة ولا محل للتقيد بهذه الأحكام وضوابطها ومن ثم يكون مفهوم القرار الأخير أن الانتداب يعتبر راجعاً إلى التاريخ الذي حدده هذا القرار الأخير وبموجبه تحدد مركز المطعون ضده الوظيفي باعتباره في عداد موظفي مصلحة التجارة ومنتدباً للديوان العام وإذ تجيز المادة 48 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ندب الموظف من عمله للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى في نفس الوزارة أو المصلحة أو في وزارة أو مصلحة أخرى وأن الندب بطبيعته مؤقت فإذا ما اقترن بتكليف الموظف بأعمال وظيفة أخرى غير وظيفته لها صفة الدوام والاستمرار مدة طويلة فإنه لا يعدو أن يكون في حقيقته نقلاً نهائياً ومن ثم يكون القرار الأخير رقم 508 لسنة 1956 طبقاً للتفسير السليم للمادة 48 من القانون رقم 210 لسنة 1951 مؤكداً للنقل لا منشئاً له وبالتالي يتعين اعتبار تاريخ النقل راجعاً إلى التاريخ الذي تم فيه الندب أي من 17 من يوليو سنة 1954 ولا يعني ذلك تقرير الأثر الرجعي للقرار رقم 508 لسنة 1956 وإنما هو إعمال حكم القانون من تاريخ نشوء الواقعة لا في تاريخ آخر.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الوزارة اعتبرت بمقتضى حكم القانون رقم 372 لسنة 1954 وحدة واحدة بالنسبة للترقيات والتنقلات التي تمت في ظله ومن ثم يكون ما حدث من تنقلات بمقتضاه لم يخلق مراكز قانونية ناشئة عن استقلال وحدات الوزارة عن بعضها باعتبارها مصالح مستقلة في الفترة الواقعة ما بين أول يوليو سنة 1954 حتى 30 من يونيه سنة 1955 وينتفي معه القول بتطبيق أحكام النقل من مصلحة إلى أخرى وأنه لا يتصور النقل داخل الوحدة الواحدة إذ القرار رقم 319 لسنة 1955 لا يعدو أن يكون تطبيقاً سليماً لفكرة الوحدة الواحدة للوزارة خلال فترة العمل بالقانون كما أنه لا يمكن اعتبار الموظف منقولاً إلى مصلحة إلا إذا كان بها درجة خالية، وهو ومن نقل بالقرار رقم 285 لسنة 1954 كان نقلهم على غير درجة خالية في المصالح التي نقلوا إليها ومن ثم يكون النقل في حقيقته ندباً ولا عبرة بالألفاظ التي وردت في هذا القرار من أنه نقل لأن العبرة بحقيقة الواقع وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده نقل إلى الديوان العام من تاريخ القرار رقم 285 لسنة 1954 يكون حكماً مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها ذهبت فيه إلى اعتبار دعوى المطعون ضده طلب تعديل أقدمية في كشوف أقدمية موظفي الديوان العام الأمر الذي يدخل في اختصاص القضاء الإداري واستندت إلى نفس أسباب الحكم المطعون فيه للقول بأن الطعن ليس له من سند في القانون ومن ثم طلبت الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إن المطعون ضده قدم مذكرة بالرد على ما جاء في الطعن أرفق بها صورة من قرار السيد مفوض الوزارة في تظلمه الذي أيد وجهة نظره واعتبره منقولاً إلى الديوان العام من 17 من يوليو سنة 1954 تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 285 لسنة 1954 - مع ما يترتب على ذلك من آثار ثم ذهب فيها إلى القول بأن القرار رقم 319 لسنة 1954 باطل للأسباب الآتية:
1 - صدر هذا القرار معدلاً لمراكز قانونية بأثر رجعي فهو موظف بالديوان العام بالقرار الوزاري رقم 285 لسنة 1954 والنقل لا يكون حتماً ولزاماً بين ميزانيتين مستقلتين وهو بهذا خالف الأصل العام في القرارات الإدارية وهو أن تكون بأثر حال وألا تمس المراكز القانونية الشرعية التي اكتسبت في ظل قانون قائم.
2 - صدر هذا القرار في آخر المهلة التي حددها القانون رقم 372 لسنة 1954 وقد أهدر المراكز السابقة عليه ولم يكن في استطاعة الوزير سحبه خلال الستين يوماً لصدوره أو حتى في اليوم التالي لصدوره مباشرة فيما لو تبين خطأ هذا القرار.
3 - نقله بالقرار رقم 285 لسنة 1954 كان بالتبادل مع زميله الذي هو في نفس درجته.
ومن حيث إنه بالاستعلام من الوزارة عما إذا كان نقل المطعون ضده إلى الديوان العام بالقرار رقم 285 لسنة 1954 بطريق التبادل مع زميله محمد يحيى عبد المطلب وهل هما في كادر واحد وفي درجة واحدة وهل كانت هناك درجات خالية بالديوان العام عند إجراء هذا النقل أجابت هذه الوزارة بكتابتها الرقيم 600/ 3/ 1660 المؤرخ مارس سنة 1961 بأن نقله من مصلحة التجارة إلى الديوان العام كان بطريق التبادل مع السيد/ محمد يحيى عبد المطلب الموظف من الدرجة التاسعة في الكادر الكتابي وأنه في نفس درجته ولم يذكر شيئاً عن خلو الدرجات.
ومن حيث إن المطعون ضده استهدف من دعواه تعديل أقدميته بين موظفي الديوان العام ولم يطلب إلغاء قرار معين ومن ثم تكون هذه الدعوى من اختصاص القضاء الإداري إعمالاً لحكم القانون رقم 165 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة كما قرر ذلك بحق الحكم المطعون في هذا الشطر من قضائه.
ومن حيث إن الخلاف بين طرفي المنازعة يثور حول ما استحدثه القانون رقم 372 لسنة 1954 والقرارات التي صدرت تنفيذاً له ومن ثم ترى المحكمة ضرورة استعراض نصوص هذه التشريعات المتعلقة بهذه المنازعة لتجلية وجه الحق فيها.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 372 لسنة 1954 نصت بالآتي:
"تعتبر ميزانية وزارة التجارة والصناعة بمصالحها المختلفة وحدة واحدة بالنسبة للترقيات والتنقلات التي تتم بين موظفيها حتى نهاية شهر يونيه سنة 1955 مع المحافظة على التقسيم النوعي طبقاً لأحكام قانون موظفي الدولة".
ومن حيث إن القرار رقم 285 لسنة 1954 الصادر في 17 يوليو سنة 1954 نص في مادته الأولى بما يأتي - يعاد توزيع موظفي ومستخدمي وعمال الوزارة على الوجه الآتي:
أولاً - مصلحة الديوان العام ينقل إليها المطعون ضده الموظف بالدرجة التاسعة.
ثانياً - مصلحة التجارة الخارجية ينقل إليها محمد يحيى عبد المطلب الموظف بالدرجة التاسعة.
ومن حيث إن القرار رقم 319 لسنة 1955 الصادر في 30 من يونيو سنة 1955 نصت مادته الأولى بالآتي (يعتبر الموظفون والمستخدمون الذين رقوا في ظل العمل بالقانون رقم 372 لسنة 1954 على درجات بمصالح غير المصالح التي يعملون بها منتدبين من المصالح المدرج بها درجاتهم للعمل بالمصالح التي يعملون بها حالياً) وجرت عبارة المادة الثانية منه بالآتي: (اعتبار جميع التنقلات التي تمت بناء على القرار الوزاري رقم 285 لسنة 1954 أو أي قرار آخر صدر في ظل العمل بالقانون رقم 372 لسنة 1954 بمثابة انتداب ويستثنى من ذلك القرارات التي نص فيها بأن النقل كان على درجة خالية بالجهة التي تم النقل إليها أو التي تم النقل فيها بطريق التبادل بين موظفين في درجة واحدة وفي كادر واحد). وجاءت مادته الثالثة كما يلي: يعتبر هذا الإجراء مؤقتاً لحين إعادة تنظيم مصالح الوزارة على أساس يتمشى مع صالح العمل والقوة الفعلية التي يجب أن تكون عليها كل مصلحة.
ومن حيث إن مفاد حكم المادة الأولى من القانون رقم 372 لسنة 1954 أن تكون مصالح تلك الوزارة وحدة واحدة بالنسبة للتنقلات والترقيات التي تتم بين موظفيها خلال الفترة المعينة مع المحافظة على التقسيم النوعي للوظائف طبقاً لقانون موظفي الدولة.
ومن حيث إن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أنه "يجوز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه...".
ومن حيث إن مفهوم هذه المادة أن النقل لا يكون إلا من إدارة إلى أخرى أو من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى، ولا يتصور أن يكون النقل في داخل الإدارة الواحدة أو المصلحة الواحدة وأن النقل المحظور إجراؤه بغير مبرر هو الذي من شأنه أن يفوت على المنقول دوره في الترقية بالأقدمية إلا إذا كان بناء على طلبه.
ومن حيث إن القرار رقم 285 لسنة 1954 صدر أثر العمل بالقانون رقم 372 لسنة 1954 وكما يبين من عبارته أحدث توزيعات في داخل الوحدة الواحدة وكان من نتائج هذا التوزيع نقل المطعون ضده إلى مصلحة الديوان العام.
ومن حيث إن القرار رقم 319 لسنة 1955 ذا التاريخ 30 من يونيه سنة 1955 صدر خلال الفترة التي حددها القانون آنف الذكر ممن يملكه وطبقاً لأحكامه التي استمد منها حكمه؛ ومن ثم يكون قراراً سليماً ولا ينال منه المطعن الذي وجهه إليه المطعون ضده، وهو أنه صدر في اليوم الأخير إذ الفترة التي عينها القانون تعتبر ظرفاً زمنياً وما دام القرار صدر خلالها فلا شائبة فيه، ومن ثم يتعين الأخذ بالأحكام التي جاء بها هذا القرار.
ومن حيث إن هذا القرار قضى بأن جميع التنقلات التي تمت قبل صدوره تعتبر بمثابة انتدابات عدا النقل إلى وظيفة خالية بالجهة التي تم النقل فيها بطريق التبادل بين موظفين في درجة واحدة وكادر واحد.
ومن حيث إن القرار الأول الذي يتمسك بحكمه المطعون ضده لم ينص فيه على أن نقله كان بطريق التبادل مع زميل له، فلا يجدي القول بعد ذلك بأن النقل حصل فعلاً بطريق التبادل كما يبين من كتاب السيد سكرتير عام الوزارة الرقيم 600/ 3/ 1660 والمؤرخ مارس سنة 1961 المشار إليه آنفاً إذ العبرة بالنص صراحة في نفس القرار إذ بهذا النص الصريح تكشف الوزارة عن قصدها من وضع الموظف الصالح في المكان الصالح وبه تتحقق رغبتها في إصلاح أداتها الحكومية بما يكفل لها النهوض في مهمتها وهي تنظيم العمل التجاري الخارجي ومراقبة الشركات واستثمار الثروة المعدنية والبترولية والنهوض بالصناعات المصرية، وذلك كما جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون.
ومن حيث إنه سبق القول بأن القرار الأول الذي نقله إلى الديوان العام لم ينص فيه على أن هذا النقل كان بطريق التبادل ولم تكن هناك درجات خالية في الديوان العام عند النقل كما قررت الحكومة في دفاعها ولم يجادلها المطعون ضده في ذلك بل قام دفاعه على محاولة النيل من القرار رقم 319 لسنة 1955 كما سلف البيان.
ومن حيث إن الحكم العام الذي قررته المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن النقل وآثاره لا يتصور حدوثه في داخل الوحدة الواحدة التي أوجدها القانون رقم 372 لسنة 1954 خلال المهلة التي حددها خروجاً واستثناء لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بأداة تشريعية في نفس مرتبته، ويكون النقل خلالها ولو جاءت عبارته صريحة من قبيل التنسيق أو الترتيب أو التوزيع الداخلي الذي تجريه الجهة الإدارية بيد طليقة استجابة منها لاحتياجات العمل وما يقتضيه حسن سير المرفق العام؛ ومن ثم لا يترتب عليه أحكام النقل الذي يجعل صاحبه في مركز خاص يحميه القانون لا يسوغ لها أن تمسه بغير مبرر، كما أن القرار 319 لسنة 1955 جعله انتداباً فيأخذ حكم الانتداب.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أعربت عن رغبتها في نقله إلى الديوان العام بالقرار رقم 508 لسنة 1956 بعد نهاية الفترة المعينة فلا يعتبر منقولاً إليه إلا من التاريخ الذي حدده هذا القرار الأخير إذ لم تتوافر ظروف أو ملابسات من شأنها أن تحيل الندب إلى نقل قبل حصوله به.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب مذهباً مغايراً، ومن ثم يتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن المطعون ضده، وقد خسر دعواه، فيلزم بالمصروفات إعمالاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.