مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1308

(158)
جلسة 24 من يونيه سنة 1961

برياسة السيد/ محمد عفت رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور. المستشارين.

القضية رقم 272 لسنة 7 القضائية

( أ ) موظف - تعيين - مدة الاختبار - الموظفون المعينون على وظائف دائمة - سريان الأحكام الخاصة بفترة الاختبار المنصوص عليها في الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 عن مدة خدمتهم في هذه الوظائف - عدم سريانها على مدة الخدمة السابقة التي يقضونها في غيرها من الوظائف - لا يغير من ذلك جواز ضمها كلها أو بعضها في تقدير الدرجة أو المرتب أو أقدمية الدرجة وفقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن - أساس ذلك وحكمته.
(ب) موظف - تعيين تحت الاختبار - قياس - تعيين موظف له مدة خدمة سابقة باليومية على إحدى الوظائف الداخلة في الهيئة - عدم جواز قياس حالته على حالة موظف أعيد تعيينه في ذات وظيفته الدائمة وبدرجته السابقة - تعيين الأول تحت الاختبار وفقاً لحكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 دون الثاني الذي قضى فترة الاختبار عند تعيينه الأول.
(جـ) موظف - تعيين تحت الاختبار - التقارير الشهرية عن الموظف المعين تحت الاختبار التي نظمتها المادة 11 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام موظفي الدولة - عدم ترتيب البطلان على العيوب الشكلية التي تشوبها - أساس ذلك.
(د) موظف - تعيين تحت الاختبار - فصل - قضاء فترة الاختبار على ما يرام هو شرط الصلاحية للبقاء في الوظيفة - ثبوت عدم صلاحية الموظف قبل انقضاء هذه الفترة ولو قضى معظمها بحالة مرضية مسوغ لفصله - طبيعة هذا الفصل - مثال.
1 - مما لا يحتمل الجدل أن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة لا تمتد إلى عمال اليومية سواء منهم من كانت تسري عليه أحكام كادر العمال أو غيرهم وإنما تسري عليهم أحكامهم الخاصة، فهذا القانون إنما وضع لتسري أحكامه على الموظفين الداخلين في الهيئة سواء كانوا مثبتين أو غير مثبتين والمستخدمين الخارجين عن الهيئة ولكل من هاتين الطائفتين أحكام خاصة فصلها القانون المذكور، وما دام الأمر كذلك فإن الأحكام الخاصة بمدة الاختبار التي نص عليها القانون المذكور في المادة 19 منه مقصور تطبيقها على الموظفين المعينين على وظائف دائمة سواء كانوا مثبتين أو غير مثبتين الذين تسري عليهم أحكام الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 عن مدة خدمتهم التي يقضونها في هذه الوظائف دون غيرها من المدد التي يقضونها في غير هذه الوظائف الدائمة حتى ولو كان من الجائز حسابها كلها أو بعضها في تقدير الدرجة أو المرتب وأقدمية الدرجة طبقاً لأحكام المادة 24 من القانون سالف الذكر والقرار الجمهوري الصادر تنفيذاً لها إذ لا ارتباط بين جواز حساب مدد عمل سابقة سواء في الحكومة أو في المؤسسات أو الأعمال الحرة في تقدير الدرجة أو المرتب أو أقدمية الدرجة وبين تعيين الموظف لأول مرة تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر في وظائف الكادرين العالي والإداري والكادرين الفني المتوسط والكتابي طبقاً لما تقضي به المادة 19 من القانون المشار إليه، ذلك أن لكل من المادتين 19، 24 من قانون الموظفين مجالها، وما دام أن فترة الاختبار فترة زمنية فعليه أراد المشرع أن يظل الموظف في أثنائها تحت رقابة الحكومة وإشرافها المباشر لإمكان الحكم على مدى صلاحيته للقيام بالعمل الحكومي المسند إليه بما يتطلبه من استعداد وتأهيل خاصين فإن هذه المدة يجب أن يقضيها الموظف بصفة فعلية في ذات الوظيفة الداخلة في الهيئة التي يعين أو يعاد تعيينه فيها بصرف النظر عما عسى أن يكون له من مدد عمل سابقة يجوز حسابها في تقدير الدرجة والمرتب أو أقدمية الدرجة.
2 - إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة لعدم قضائه مدة الاختبار على ما يرام قياساً على الحالة التي فصلت فيها هذه المحكمة في الطعن رقم 82 لسنة 4 قضائية بجلسة 27 من يونيه سنة 1959 يكون قد بنى قضاءه على قياس وقع على غير محل، ذلك أن الحالة التي فصلت فيها المحكمة في الطعن المذكور إنما هي حالة مدرسة كانت معينة في الدرجة السادسة وقضت مدة الاختبار في هذه الوظيفة فعلاً على ما يرام ثم استقالت وبعد فترة أعيدت إلى ذات الوظيفة والدرجة بعد الاطلاع على تقاريرها في مدة خدمتها السابقة والتي سبق أن قضت مدة الاختبار فيها فلم يكن من السائغ عند إعادتها إلى ذات الوظيفة والدرجة وضعها تحت الاختبار مرة أخرى؛ ذلك أن وضع الموظف تحت الاختبار لا يكون إلا عند تعيينه لأول مرة، أما الحالة المعروضة موضوع الطعن الحالي فإن المدعي ما كان يوماً معيناً في وظيفة من الوظائف داخل الهيئة قبل تعيينه في مصلحة الضرائب في الدرجة الثامنة بعد اجتيازه امتحان المسابقة الذي عقده ديوان الموظفين ومدة خدمته السابقة إنما كانت على درجة من درجات كادر العمال لا ينطبق عليها حكم المادة 19 من قانون نظام الموظفين، ولا يغير من الأمر شيئاً أن يكون له الحق في ضمها كلها أو بعضها طبقاً للمادة 24 من هذا القانون والقرار الجمهوري الصادر تنفيذاً لها.
3 - إنه ولئن كانت المادة 11 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الموظفين نصت على أن "يدون الرئيس المباشر ملاحظاته شهرياً على أعمال الموظف المعين تحت الاختبار وذلك على النموذج الذي يعده ديوان الموظفين، وتعرض هذه الملاحظات على الرئيس الأعلى للرئيس المباشر في نهاية مدة الاختبار ليضع تقريراً على النموذج سالف الذكر موضحاً به رأيه وأسانيده" إلا أنه لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 19 من قانون نظام موظفي الدولة تنص على أن "يكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإن لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته" ولم تشر هذه المادة إلى وجوب تقديم تقارير شهرية أو سنوية عن الموظف المعين تحت الاختبار على خلاف ما نصت عليه المادة 30 وما بعدها من القانون سالف الذكر بالنسبة للتقارير السنوية التي تقدم عن الموظفين وترتب عليها آثارها من حيث الترقيات والعلاوات مما يدل على أن التقارير الشهرية التي نظمتها اللائحة التنفيذية بالنسبة للموظفين المعينين تحت الاختبار إنما توضع ليمكن السلطة التي تملك تقدير صلاحية الموظف أو عدم صلاحيته بعد انقضاء فترة الاختبار من تعرف حالة الموظف وإصدار القرار المناسب لحالته، وما دام أن المرد في النهاية في تقدير صلاحية الموظف المعين تحت الاختبار هو للسلطة التي تملك التعيين، فإنه لا يترتب على أي عيب شكلي يشوب التقارير الشهرية التي نظمتها اللائحة التنفيذية لهذه الطائفة من الموظفين أي بطلان ما دام أن هذه التقارير ليست ملزمة للسلطة المذكورة وتملك تقدير صلاحية الموظف المعين تحت الاختبار أو عدم صلاحيته بالاستناد إلى هذه التقارير أو إلى أية عناصر أخرى تستمد منها قرارها وهي تستقل بهذا التقدير بلا معقب عليها ما دام قرارها خالياً من إساءة استعمال السلطة.
4 - إن قضاء فترة الاختبار على ما يرام هو شرط الصلاحية للبقاء في الوظيفة وهو شرط مقرر للمصلحة العامة ويجرى إعماله طوال فترة الاختبار، ومن ثم فإن مصير الموظف يكون رهيناً بتحقق هذا الشرط، فإذا اتضح عدم لياقته قبل انقضاء هذه الفترة ساغ فصله، ولا يعد الفصل في هذه الحالة من قبيل الفصل التأديبي لانتفاء هذه الصفة عنه ولا من قبيل أسباب انتهاء خدمة الموظف لخروجه من عداد هذه الأسباب بل يقع نتيجة لتخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير التعيين. وإن كانت صلاحية الموظف تخصص بالزمان وبنوع العمل المسند إليه، فإن المرجع في تقديرها هو إلى الوقت الذي يتم فيه وزنها والحكم عليها، دون اعتداد بما قد يكون من أمرها في الماضي لأن الصلاحية ليست صفة لازمة، بل قد تزايل صاحبها وقد تختلف باختلاف العمل المنظور إلى الصلاحية فيه؛ ومن ثم فلا عبرة بما يقوله المدعي عن صلاحيته للعمل منذ كان موظفاً بالهيئة العامة للسكك الحديدية على درجة من درجات كادر العمال ولا عن بداية عمله في مصلحة الضرائب بداية مرضية ساءت حالته بعدها قبل انقضاء فترة الاختبار.


إجراءات الطعن

بتاريخ 29 من نوفمبر سنة 1960 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدمة من إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب في الحكم الصادر بجلسة أول أكتوبر سنة 1960 من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في القضية رقم 158 لسنة 7 القضائية المرفوعة من محمد صفوت مصطفى ضد وزارة الخزانة "مصلحة الضرائب" والقاضي بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 30 من مارس سنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ويطلب الطاعن للأسباب التي أوردها في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وإلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده في 29 من ديسمبر سنة 1960 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19 من فبراير سنة 1961 وأجل لجلسة 11 من مارس سنة 1961 ليقدم المفوض تقريراً بالرأي القانوني في النزاع وأرجئ النطق بالحكم لجلسة 9 من إبريل سنة 1961 ورخص في تقديم مذكرات وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29 من إبريل سنة 1961 وأحيل لجلسة 3 من يونيه سنة 1961 وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين ضد وزارة الخزانة ومصلحة الضرائب قال فيها إنه عين في 31 من مارس سنة 1957 بالقرار رقم 1 - 1/ 9 المؤرخ 20 من مارس سنة 1957 بعد اجتيازه بنجاح امتحان مسابقة عقده ديوان الموظفين وكان ترتيبه الثالث وألحق بالعمل بمأمورية ضرائب المنيا في 7 من إبريل سنة 1957 حيث كان له مدة خدمة سابقة في المصلحة المذكورة ترجع إلى 2 من نوفمبر سنة 1950 وقد قام بالأعمال التي نيطت به بمأمورية ضرائب المنيا خير قيام وحصل في الفترة الواقعة من تاريخ تعيينه إلى 9 من أغسطس سنة 1958 وهي فترة تربو على 16 شهراً على تقارير بدرجة مرض، وقد رشحته مأمورية ضرائب المنيا في الدراسات التدريبية التي نظمها ديوان الموظفين وكان ترتيبه متقدماً وهذا أبلغ دليل على نشاطه في عمله وقيامه به على وجه مرض. وبتاريخ 10 من أغسطس سنة 1958 نقل إلى لجنة طعن ضرائب المنيا ونيط به القيام بالجانب الأكبر من أعمالها الإدارية، فتحمل نتيجة لذلك الجانب الأكبر من المسئولية ورغم ذلك لم يتوان أو يقصر أو يهمل في القيام بأي عمل من أعمال هذه اللجنة حتى تاريخ 3 من يناير سنة 1959 وخير دليل يؤيد صحة أقواله هو الاطلاع على نشاط اللجنة طوال مدة خدمته وعلى أعمالها الإدارية بالمراقبة العامة للجان الطعن. ورغم هذه الأعمال الثابتة وما قام به من أعمال على خير وجه قدم عنه تقرير بدرجة ضعيف جداً وذكر بهذا التقرير أنه لا يصلح للعمل، وأعقب ذلك صدور قرار مؤرخ أول إبريل سنة 1959 بفصله من الخدمة اعتباراً من 30 من مارس سنة 1959، واستندت في ذلك إلى المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على فصل الموظف المعين تحت الاختبار إذا لم يقض مدة الاختبار على ما يرام.
وينعى المدعي على القرار الصادر بفصله مخالفة القانون والانحراف في استعمال السلطة إذ لم يقم القرار على أسباب صحيحة لها أصول في الأوراق واستند المدعي إلى وجهين أولهما: أن المادة 11 من اللائحة التنفيذية لقانون التوظف تنص على أن يدون الرئيس المباشر ملاحظاته شهرياً عن أعمال الموظف المعين تحت الاختبار وذلك على النموذج الذي يعده ديوان الموظفين وتعرض هذه الملاحظات على الرئيس الأعلى للرئيس المباشر في نهاية مدة الاختبار لوضع التقرير على النموذج سالف الذكر موضحاً به رأيه وأسانيده وقد خالفت جهة الإدارة ما ورد في تلك المادة من عدم أخذ رأي الرئيس المباشر في التقرير الذي أوضح فيه درجة كفاية المدعي بدرجة ضعيف، وهذا ثابت من الكتاب السري المرسل من السيد المراقب العام للجان الطعن للسيد سكرتير عام مصلحة الضرائب رقم 592 في 9 من مايو سنة 1959 والذي جاء فيه "أن هذا الموظف فصل من الخدمة ولم يؤخذ رأينا في فصله"، وأضاف المدعي إلى هذا الوجه أن المادة 30 من ذات القانون تنص على أن التقارير السنوية يجب أن تكتب على النماذج وحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد أخذ رأي ديوان الموظفين. ويقول المدعي إن مقتضى هذه المادة أن التقارير أياً كان نوعها سواء أكانت شهرية للمعينين تحت الاختبار أم سنوية يجب أن توضع على النماذج المخصصة لهذا الغرض. واشترط المشرع أيضاً أن يذكر في التقارير السنوية المقدمة عن الموظف بدرجة ضعيف الأسباب التي دعت إلى إعطاء الموظف هذا التقرير. ويقول المدعي أيضاً إن التقرير الذي قدر كفايته باطل لإغفاله إجراءات جوهرية نص عليها المشرع وثابت من الكتاب السري المرسل من السيد المراقب العام للجان الطعن للسيد رئيس لجنة طعن ضرائب المنيا رقم 358 في 8 من مارس سنة 1959 بطلب إعادة تحرير التقرير الخاص بالمدعي على النموذج المخصص لذلك موضحاً به الأسباب التي دعت إلى إعطائه مثل هذه الدرجة من الكفاية وقد استعجل من إدارة اللجان في 30 من مارس سنة 1959 بينما رفعت إدارة المستخدمين مذكرة فصله في 28 من مارس سنة 1959 أي قبل وصول تقرير لجنة طعن ضرائب المنيا بشكله القانوني. والوجه الثاني من أوجه طعن المدعي على القرار الصادر بفصله أن فترة الأربعة الأشهر ونصف التي قضاها بلجنة طعن ضرائب المنيا والتي قدم عنها التقارير المؤسس عليها قرار الفصل هي فترة قصيرة إذا ما قورنت بالفترة التي أدى فيها العمل بمأمورية ضرائب المنيا وهي تقرب من سنة وأربعة أشهر حصل خلالها على تقارير كلها بدرجة مرضي وقصر هذه الفترة هو دليل واضح على عدم قيام هذا التقرير على أساس سليم من الواقع وعلى عكس ما هو ثابت بملف خدمته في المدة التي قضاها بالهيئة العامة للسكك الحديدية قبل تعيينه الجديد بمصلحة الضرائب أو عن المدة التي قضاها بمأمورية المنيا إذ لم يوقع عليه أي جزاء عن إهمال أو تقصير. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة في 30 من مارس سنة 1959 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد أجابت مصلحة الضرائب على الدعوى بكتاب قالت فيه إن المدعي عين بخدمة المصلحة في وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية اعتباراً من 31 من مارس سنة 1957 وذلك تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر بالتطبيق لأحكام المادة 19 من قانون الموظفين والتي تنص على أنه إن لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته وقد ألحق المدعي بمأمورية ضرائب المنيا. وبناء على ما تقضي به المادة 11 من اللائحة التنفيذية في شأن ملاحظات الرئيس المباشر شهرياً عن أعمال الموظف المعين تحت الاختبار طولبت الجهات التي عمل بها المدعي بإعداد الملاحظات المذكورة عن طول فترة الاختبار فورد من مأمورية ضرائب المنيا ولجنة طعن المنيا التي عمل بها المدعي خلال هذه الفترة التقارير الشهرية المطلوبة وقد جاء ببعض هذه التقارير أن درجة كفاية المدعي تقدر بدرجة ضعيف وأوصت بفصله من الخدمة لعدم صلاحيته للعمل وعرضت أوراق الموضوع على الوزارة فاعتمدت فصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 30 من مارس سنة 1959 وصدر قرار بذلك استناداً إلى أن المدعي لم يتم مدة الاختبار على ما يرام وذلك بالتطبيق لأحكام المادة 19 من قانون الموظفين وبتاريخ 7 من مايو سنة 1959 تظلم المدعي إدارياً عن موضوع هذه الدعوى، ورأى السيد مفوض الدولة قبول التظلم شكلاً وفي الموضوع إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وعرض الأمر على السيد وكيل الوزارة فرأى في 6 من يوليه سنة 1959 إحالة الموضوع إلى المصلحة للبحث والإفادة، وبناء عليه أبدت لجنة ضرائب المنيا أن الأسباب التي دعت إلى منح المدعي تقارير شهرية بدرجة ضعيف تتلخص أنه من ناحية صلاحيته للعمل فإن المدعي عمل بها مدة 232 يوماً تغيب منها 107 يوماً عدا العطلات الرسمية وأيام الجمع فيكون قد تغيب ما يقرب من نصف مدة اشتغاله بلجنة الطعن وقد لوحظ أن المدعي قد دأب في التغيب في أوقات تحرير الكشوف الشهرية أو عند إعداد بيانات إحصائية وذلك بقصد عرقلة العمل أو تهرباً من العمل وقد حدث أن حصل على إجازة اعتيادية خمسة أيام من 15 من أكتوبر سنة 1958 إلى 19 من أكتوبر سنة 1958 ثم انقطع عن العمل بدون إذن في المدة من 20 من أكتوبر إلى 23 من أكتوبر سنة 1958 وأجري معه تحقيق في هذا الشأن انتهى بأن رأت اللجنة خصم تلك الأيام من مرتبه، إلا أنه قدم التماساً بتخفيف العقوبة فاكتفى السيد مراقب عام اللجان بلفت نظره والتنبيه عليه بعدم العودة لمثل هذه المخالفات، أما من ناحية سلوكه الشخصي فإن المدعي قد دأب على الاستدانة من أهالي المنيا وكثيراً ما طرقوا باب اللجنة شاكين متوعدين - هذا بالإضافة إلى أنه استعمل سماعة تليفون صنعه ليعلم جميع المكالمات التي تتم بالمأمورية عدا تركه السجلات رقم 81 ع . ح دون استيفاء وقد أجري معه تحقيق انتهى بلفت نظره مراعين في ذلك حداثة عهده بالخدمة كما انتحل شخصية مأمور ضرائب ليتحايل على العائلات طالباً الزواج بهذه الصفة كما حامت حوله الشبهات في حادثة سرقة مائة جنيه من أحد موظفي المأمورية الكتابيين أصحاب العهد مما حدا بمأمورية ضرائب المنيا أن تتخلص منه بنقله إلى لجنة طعن ضرائب المنيا. ولما عرض الأمر على السيد وكيل الوزارة رأى أخذ رأي ديوان الموظفين في هذا الشأن فأفاد الديوان بكتابه رقم 23/ 1/ 27 المؤرخ 12 من مارس سنة 1960 أن قرار المصلحة بفصل المدعي من الخدمة قد صدر سليماً لا يحده إلا إساءة استعمال السلطة وقد ثبت من التحقيق الذي أجرته المصلحة أن هذا الموظف مثل سيئ للموظف العمومي وأنه مستهتر ولا يصلح أن يكون موظفاً وهذه المسائل كلها تستقل المصلحة بتقديرها دون معقب عليها إلا إذا أساءت استعمال هذه السلطة والمسألة لا تتقيد بالتقارير فقد تكون التقارير مرضية في بداية فترة الاختبار ولكن ينكشف مع ذلك أن سلوك هذا الموظف الوظيفي لا ينبئ بصلاحيته لتولي الوظائف العامة، وقد عرض رأي ديوان الموظفين على السيد وكيل الوزارة فرأى عدم الموافقة على قرار السيد المفوض وأن قرار الفصل صدر سليماً لا يشوبه عيب.
عقب المدعي على ذلك بمذكرة أضاف فيها إلى دفاعه السابق أنه ليس موظفاً جديداً بخدمة الحكومة ولا يخضع لفترة الاختبار ذلك أنه موظف بالحكومة منذ 2 من نوفمبر سنة 1950 حتى أول إبريل سنة 1957 ومدة خدمته بمصلحة السكك الحديدية متصلة بمدة خدمته بمصلحة الضرائب وقد وافقت مصلحة الضرائب على صرف ما خصم منه من علاوة غلاء المعيشة مدة الثلاثة الأشهر الأولى من خدمته وذلك بكتابها رقم 818 بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1959 وكذلك وردت الاستمارة 4 تأمين ومعاشات بخصم مبلغ 45 مليماً من راتبه قيمة المعاش المستحق عن مدة خدمته السابقة حتى بلوغه سن الستين ولكن المصلحة لم تأخذ في الاعتبار مدة التسع السنوات التي خدمها في الحكومة أو حتى على الأقل مدة السنة والأربعة الأشهر التي قضاها بمأمورية ضرائب المنيا بل راعت هذه الأربعة الأشهر فقط وتقاريرها الشهرية التعسفية التي لا تمت للحقيقة والواقع والتي رفعها السيد رئيس لجنة طعن ضرائب المنيا. وأورد المدعي في مذكرته نصوص الخطابات التي أرسلها مراقب لجان الطعن في شأن هذه التقارير ثم قال إنه عين بمصلحة الضرائب بالقرار رقم 1 - 1/ 9 اعتباراً من 31 من مارس سنة 1957 وصدر القرار بفصله في أول إبريل سنة 1959 اعتباراً من 30 من مارس سنة 1959 أي بعد أن كان قد اكتسب حصانة ضد الفصل لاجتيازه فترة الاختبار القانونية. كما أن قرار فصله من الخدمة صدر لانقطاعه عن العمل بعد انتهاء إجازته المرضية مع أنه ثابت من أوراق الإجازة أن القومسيون الطبي العام صرح بجلسة 7 من مارس سنة 1959 بامتداد إجازته المرضية حتى 20 من إبريل سنة 1959 وفي إعادة الكشف الطبي قبل استلام العمل. وأن السيد رئيس لجنة طعن ضرائب المنيا أخلى طرفه من اللجنة اعتباراً من 10 من فبراير سنة 1959 (بعد نقله إلى بني سويف) وقد تقدم لإدارة المصلحة بخطابيه السريين المؤرخين 16 من فبراير سنة 1959، 7 من مارس سنة 1959 برقمي 827، 1007 بأنه ضعيف جداً ولا يصلح للعمل وطالب بفصله من الخدمة وهذه الخطابات لاحقة لتاريخ إخلاء طرفه وأثناء إجازته المرضية. ويقول المدعي أيضاً إنه قدم طلباً للسيد وكيل وزارة الخزانة شرح ما كان يقوم به من أعمال سواء في مأمورية ضرائب المنيا أو في لجنة طعن ضرائب المنيا وطلب تحقيق ما ورد في ملتمسه حتى يتبين مواطن الضعف التي نسبها إليه رئيس اللجنة وعند مواجهة رئيس اللجنة قرر أنه لم يقصر في كل ما كلف به من أعمال ولكن أراد أن يذر الغبار حتى لا تنكشف نواياه السيئة بالنسبة لموظف صغير يدلي للمحقق بروايات مختلفة لم يسبق أن سمعت بها إدارة المصلحة وتفتقر إلى أي مستند يؤيدها، وأنه بالاطلاع على التحقيق يبين أنه لم يكن ضعيفاً في عمله بل كان يقوم بكل ما كلفه من أعمال دون تقصير أو إهمال.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين أصدرت في أول أكتوبر سنة 1960 حكمها المطعون فيه وهو يقضي بإلغاء القرار القاضي بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 30 من مارس سنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن الثابت من الاطلاع على مستندات القضية أن المدعي من الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عام 1939 وألحق في مهنة عامل عهدة بالهيئة العامة للسكك الحديدية في الفئة 160/ 240 بأجر يومي قدره 160 مليماً وفي سنة 1951 حصل على شهادة الدراسة الثانوية القسم العام وتقدم لامتحان عقده ديوان الموظفين للتعيين في وظائف الدرجة الثامنة الكتابية فأداه بنجاح وعين بمصلحة الضرائب اعتباراً من 21 من مارس سنة 1957 بوظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر وألحق بالعمل بمأمورية ضرائب المنيا إلى أن نقل منها في 2 من أغسطس سنة 1958 إلى لجنة طعن ضرائب المنيا. وبتاريخ 14 من يناير سنة 1959 نقل إلى مأمورية ضرائب بني سويف. وقد وضعت مأمورية المنيا تقريراً سرياً عن المدعي خلال فترة عمله بها حصل فيه على درجة مرضي ثم تولى السيد رئيس لجنة ضرائب المنيا وضع ستة تقارير عن المدعي عن الشهور من سبتمبر سنة 1958 إلى فبراير سنة 1959 قرر له فيها عشرين درجة في تقارير الشهور من سبتمبر سنة 1958 إلى ديسمبر سنة 1958 ولا شيء عن شهري يناير سنة 1959 وفبراير سنة 1959 لوجود المدعي بإجازة مرضية وعدم قيامه بأي عمل واستناداً إلى هذه التقارير فصل المدعي من الخدمة لأنه لم يمض فترة الاختبار على ما يرام تطبيقاً لحكم المادة 19 من قانون الموظفين واستندت إلى ما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 82 لسنة 4 ق جلسة 27 من يونيه سنة 1959 من أن مدة الاختبار التي نصت عليها المادة المشار إليها هي فترة زمنية فعلية أراد المشرع أن يظل الموظف خلالها تحت رقابة الحكومة وإشرافها المباشر لإمكان الحكم على مدى صلاحيته للقيام بالعمل الحكومي المسند إليه بما يتطلبه من استمرار وتأهيل خاصين لاتصاله بالمرافق العامة وأن الإجراءات التي نص عليها قانون الموظفين ولائحته التنفيذية والآثار التي رتبها على فترة الاختبار لا تكون إلا في حالة تعيين الموظف لأول مرة، أما إذا كان للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة الزمنية المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه فإن هذا التعيين لا يعتبر تعييناً جديداً في حكم المادة 19 سالفة الذكر يسيغ وضع الموظف تحت الاختبار مرة أخرى؛ ذلك أن صلاحية الموظف في هذه الحالة للوظيفة قد ثبتت خلال فترة تعيينه الأول ولم تعد الإدارة بعد ذلك في حاجة لوضعه تحت الاختبار مرة أخرى لتتبين صلاحيته للقيام بأعباء الوظيفة ما دامت هذه الصلاحية قد ثبتت له فعلاً قبل ذلك وأنه يبين من الحكم المذكور أنه قد ربط بين وجود مدة خدمة سالفة للموظف وبين تعيينه تحت الاختبار وأنه طالما أن الموظف له مدة خدمة سابقة في الحكومة تزيد على المدة المقررة للاختبار وكانت هذه المدة يجوز ضمها وفقاً لقواعد ضم مدد الخدمة السابقة فإن ذلك يستتبع بالضرورة عدم جواز وضعه تحت الاختبار عند إعادة تعيينه بالحكومة وذلك للاعتبارات التي أوردها الحكم بغض النظر عن طبيعة الخدمة السالفة وما إذا كانت باليومية أو على درجة اعتماد مقسم إلى درجات طالما أنه يجوز ضمها طبقاً للقواعد المقررة، وأن المدعي وقد كان يشغل وظيفة كتابية على درجة من درجات كادر العمال اعتباراً من 4 من أكتوبر سنة 1950 بمصلحة السكك الحديدية وقد حصل على شهادة الدراسة الثانوية القسم العام سنة 1951 وظل شاغلاً لهذه الوظيفة حتى تاريخ تعيينه بمصلحة الضرائب في وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية اعتباراً من 21 من مارس سنة 1957 (وصحة هذا التاريخ حسب الثابت في ملف الخدمة 31 من مارس سنة 1957) وهذه المدة يجوز ضمها لمدة خدمته بمصلحة الضرائب وفقاً للقرار الجمهوري الصادر في 20 من فبراير سنة 1958 وهي مدة تربو على مدد الاختبار المقررة وأن المدعي قد تقدم بالتماس إلى مصلحة الضرائب لضم مدة خدمته السابقة بمصلحة السكك الحديدية إلى مدة خدمته بمصلحة الضرائب مع صرف ما قد خصم من علاوة غلاء المعيشة عن الثلاثة الأشهر الأولى من خدمته بالضرائب فوافقت مصلحة الضرائب على الضم واعتبرت مدة خدمته متصلة وصرفت له ما قد خصم من علاوة غلاء المعيشة مدة الثلاثة الأشهر الأولى وذلك بخطابها المسجل له برقم 818 في 3 من ديسمبر سنة 1959 وأنه لذلك ما كان ينبغي وضع المدعي عند إعادة تعيينه بمصلحة الضرائب تحت الاختبار وخلصت المحكمة من ذلك إلى القول بأن قرار فصل المدعي استناداً إلى الفقرة الثالثة من المادة 19 من قانون التوظف يكون مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ لأن مقتضى نص المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن تعيين الموظف في فترة الاختبار لا يكون نهائياً بل إن بقاءه في الوظيفة منوط بقضائه فترة الاختبار على ما يرام ولا يستقر وضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد قضاء فترة التعليق وانحسام موقف الموظف بقرار من الجهة الإدارية من حيث الصلاحية للبقاء فيها أو عدمها وأن الحالة التي فصلت فيها المحكمة الإدارية في الطعن رقم 82 لسنة 4 ق الذي استند إليه الحكم المطعون فيه تختلف عن حالة المطعون ضده في الدعوى الحالية فتلك كانت تتعلق بمدرسة كانت معينة في الدرجة السادسة في الكادر الفني العالي ثم استقالت وبعد فترة أعيدت إلى العمل في ذات الوظيفة والدرجة وذلك بعد الرجوع إلى تقاريرها عن مدة خدمتها السابقة، في حين أن المطعون ضده كان معيناً على درجة من درجات كادر العمال في وظيفة عامل عهدة لحصوله على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية أما تعيينه الجديد فكان بعد حصوله على شهادة الدراسة الثانوية القسم العام وبعد نجاحه في امتحان مسابقة عقده ديوان الموظفين للتعيين في وظائف الدرجة الثامنة الكتابية ولهذا فإن هذا التعيين الجديد منبت الصلة بمدة خدمته السابقة التي تترخص الإدارة في ضمها والتي لم يصدر قرار بضمها له حتى الآن، ويكون تعيينه تحت الاختبار جاء وفقاً للمادة 19 من قانون موظفي الدولة وقد استعملت الإدارة سلطتها المنصوص عليها في المادة المذكورة ففصلته بعد أن ثبت عدم صلاحيته ولم تنحرف الإدارة ولم تتعسف في استعمال السلطة المخولة لها في تقدير صلاحية المطعون ضده والقرار الصادر بفصله صحيح، وخلصت الحكومة من ذلك إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث إنه مما لا يحتمل الجدل أن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة لا تمتد إلى عمال اليومية سواء منهم من كانت تسري عليه أحكام كادر العمال أو غيرهم وإنما تسري عليهم أحكامهم الخاصة بهذا القانون وإنما وضع لتسري أحكامه على الموظفين الداخلين في الهيئة سواء كانوا مثبتين أو غير مثبتين والمستخدمين الخارجين عن الهيئة، ولكل من هاتين الطائفتين أحكام خاصة فصلها القانون المذكور، وما دام الأمر كذلك فإن الأحكام الخاصة بمدة الاختبار التي نص عليها القانون المذكور في المادة 19 منه مقصور تطبيقها على الموظفين المعينين على وظائف دائمة سواء كانوا مثبتين أو غير مثبتين الذين تسري عليهم أحكام الباب الأول من القانون 210 لسنة 1951 عن مدة خدمتهم التي يقضونها في هذه الوظائف دون غيرها من المدد التي يقضونها في غير هذه الوظائف الدائمة حتى ولو كان من الجائز حسابها كلها أو بعضها في تقدير الدرجة أو المرتب وأقدمية الدرجة طبقاً لأحكام المادة 24 من القانون سالف الذكر والقرار الجمهوري الصادر تنفيذاً لها إذ لا ارتباط بين جواز حساب مدد عمل سابقة سواء في الحكومة أو في المؤسسات أو الأعمال الحرة في تقدير الدرجة أو المرتب وأقدمية الدرجة وبين تعيين الموظف لأول مرة تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر في وظائف الكادرين العالي والإداري والكادرين الفني المتوسط والكتابي طبقاً لما تقضي به المادة 19 من القانون المشار إليه؛ ذلك أن لكل من المادتين 19، 24 من قانون الموظفين مجالها، وما دام أن فترة الاختبار فترة زمنية فعلية أراد المشرع أن يظل الموظف أثنائها تحت رقابة الحكومة وإشرافها المباشر لإمكان الحكم على مدى صلاحيته للقيام بالعمل الحكومي المسند إليه بما يتطلبه من استعداد وتأهيل خاصين، فإن هذه المدة يجب أن يقضيها الموظف بصفة فعلية في ذات الوظيفة الداخلة في الهيئة التي يعين أو يعاد تعيينه فيها بصرف النظر عما عسى أن يكون له من مدد عمل سابقة يجوز حسابها في تقدير الدرجة والمرتب أو أقدمية الدرجة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة لعدم قضائه مدة الاختبار على ما يرام قياساً على الحالة التي قصدت فيها هذه المحكمة في الطعن رقم 82 لسنة 4 القضائية بجلسة 27 من يونيه سنة 1959 يكون قد بنى قضاءه على قياس وقع على غير محل؛ ذلك أن الحالة التي فصلت فيها المحكمة في الطعن المذكور إنما هي حالة مدرسة كانت معينة في الدرجة السادسة وقضت مدة الاختبار في هذه الوظيفة فعلاً على ما يرام ثم استقالت وبعد فترة أعيدت إلى ذات الوظيفة والدرجة بعد الاطلاع على تقاريرها في مدة خدمتها السابقة والتي سبق أن قضت مدة الاختبار فيها فلم يكن من السائغ عند إعادتها إلى ذات الوظيفة والدرجة وضعها تحت الاختبار مرة أخرى، ذلك أن وضع الموظف تحت الاختبار لا يكون إلا عند تعيينه لأول مرة، أما الحالة المعروضة موضوع الطعن الحالي فإن المدعي ما كان يوماً معيناً في وظيفة من الوظائف داخل الهيئة قبل تعيينه في مصلحة الضرائب في الدرجة الثامنة بعد اجتيازه امتحان المسابقة الذي عقده ديوان الموظفين، ومدة خدمته السابقة إنما كانت على درجة من درجات كادر العمال لا ينطبق عليها حكم المادة 19 من قانون نظام الموظفين، ولا يغير من الأمر شيئاً أن يكون له الحق في ضمها كلها أو بعضها طبقاً للمادة 24 من هذا القانون والقرار الجمهوري الصادر تنفيذاً لها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون، وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على هذا الوجه من أوجه طعن المدعي على القرار الصادر بفصله فإنه يتعين على هذه المحكمة بحث باقي أوجه طعن المدعي على هذا القرار.
ومن حيث إن المدعي نعى على القرار الصادر بفصله طبقاً للمادة 19 من قانون موظفي الدولة بمخالفة القانون من وجهين آخرين أولهما: مخالفة المادة 11 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الموظفين والتي تقضي بأن يدون الرئيس المباشر ملاحظاته شهرياً عن عمل الموظف المعين تحت الاختبار على النموذج الذي يعده ديوان الموظفين وتعرض هذه الملاحظات على الرئيس الأعلى للرئيس المباشر في نهاية مدة الاختبار ليضع التقرير على النموذج سالف الذكر موضحاً به رأيه وأسانيده وقد خالفت جهة الإدارة هذا النص بعدم أخذ رأي الرئيس المباشر في التقرير الذي أوضح فيه درجة كفاية المدعي بدرجة ضعيف وهذا يبطل التقرير لإغفاله إجراءات جوهرية نص عليها المشرع.
والوجه الثاني من أوجه طعن المدعي على القرار الصادر بفصله أن فترة الأربعة الأشهر ونصف التي قضاها بلجنة طعن ضرائب المنيا والتي قدم عنها التقارير المؤسس عليها قرار الفصل هي فترة قصيرة إذا ما قورنت بالفترة التي أدى فيها العمل بمأمورية ضرائب المنيا وهي تقرب من سنة وأربعة أشهر حصل خلالها على تقارير كلها بدرجة مرضي وقصر هذه الفترة هو دليل واضح على عدم قيام هذا التقدير على أساس سليم من الواقع وعلى عكس ما هو ثابت بملف خدمته في المدة التي قضاها بالهيئة العامة للسكك الحديدية قبل تعيينه بمصلحة الضرائب أو عن المدة التي قضاها بمأمورية المنيا، إذ لم يوقع عليه أي جزاء عن إهمال أو تقصير.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه طعن المدعي في قرار فصله فلئن كانت المادة 11 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الموظفين نصت على أن "يدون الرئيس المباشر ملاحظاته شهرياً على أعمال الموظف المعين تحت الاختبار وذلك على النموذج الذي يعده ديوان الموظفين، وتعرض هذه الملاحظات على الرئيس الأعلى للرئيس المباشر في نهاية مدة الاختبار ليضع تقريراً على النموذج سالف الذكر موضحاً به رأيه وأسانيده" إلا أنه لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 19 من قانون نظام موظفي الدولة تنص على أن "يكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإن لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته" ولم تشر هذه المادة إلى وجوب تقديم تقارير شهرية أو سنوية عن الموظف المعين تحت الاختبار على خلاف ما نصت عليه المادة 30 وما بعدها من القانون سالف الذكر بالنسبة للتقارير السنوية التي تقدم عن الموظفين ورتبت عليها آثارها من حيث الترقيات والعلاوات مما يدل على أن التقارير الشهرية التي نظمتها اللائحة التنفيذية بالنسبة للموظفين المعينين تحت الاختبار إنما توضع لتتمكن السلطة التي تملك تقدير صلاحية الموظف أو عدم صلاحيته بعد انقضاء فترة الاختبار من تعرف حالة الموظف وإصدار القرار المناسب لحالته وما دام أن المرد في النهاية في تقدير صلاحية الموظف المعين تحت الاختبار هو للسلطة التي تملك التعيين، فإنه لا يترتب على أي عيب شكلي يشوب التقارير الشهرية التي نظمتها اللائحة التنفيذية لهذه الطائفة من الموظفين أي بطلان ما دام أن هذه التقارير ليست ملزمة للسلطة المذكورة وتملك تقدير صلاحية الموظف المعين تحت الاختبار أو عدم صلاحيته بالاستناد إلى هذه التقارير أو إلى أية عناصر أخرى تستمد منها قرارها وهي تستقل بهذا التقدير بلا معقب عليها ما دام قرارها خالياً من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني من أوجه طعن المدعي فإن قضاء فترة الاختبار على ما يرام هو شرط الصلاحية للبقاء في الوظيفة وهو شرط مقرر للمصلحة العامة ويجرى إعماله طوال فترة الاختبار، ومن ثم فإن مصير الموظف يكون رهيناً بتحقق هذا الشرط فإذا اتضح عدم لياقته قبل انقضاء هذه الفترة ساغ فصله، ولا يعد الفصل في هذه الحالة من قبيل الفصل التأديبي لانتفاء هذه الصفة عنه ولا من قبيل أسباب انتهاء خدمة الموظف لخروجه من عداد هذه الأسباب بل يقع نتيجة لتخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير التعيين. وإذ كانت صلاحية الموظف تتخصص بالزمان وبنوع العمل المسند إليه، فإن المرجع في تقديرها هو إلى الوقت الذي يتم فيه وزنها والحكم عليها، دون اعتداد بما قد يكون من أمرها في الماضي لأن الصلاحية ليست صفة لازمة، بل قد تزايل صاحبها وقد تختلف باختلاف العمل المنظور إلى الصلاحية فيه، ومن ثم فلا عبرة بما يقوله المدعي عن صلاحيته للعمل مذ كان موظفاً بالهيئة العامة للسكك الحديدية على درجة من درجات كادر العمال ولا عن بداية عمله في مصلحة الضرائب بداية مرضية ساءت حالته بعدها قبل انقضاء فترة الاختبار.
ومن حيث إن القرار الصادر بفصل المدعي قد استند إلى أسباب صحيحة ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ولم يشبه عيب إساءة استعمال السلطة فإنه يكون صحيحاً، وتكون دعوى المدعي بطلب إلغائه على غير أساس صحيح من القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه قد انطوى على مخالفة للقانون مما يتعين معه إلغاؤه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي وألزمته بالمصروفات.