أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 32

جلسة 2 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

(5)
الطعن رقم 572 لسنة 34 القضائية

( أ ) وكالة. "ماهية الوكالة". "المعتمد التجاري".
اقتصار عمل المعتمد التجاري على الأعمال المادية دون العقود. كفاية ذلك لانتفاء الوكالة الحقيقية والظاهرة. عدم تعارض ذلك مع استعمال لفظ "المعتمد" في اللغة.
(ب) وكالة. "أثر الوكالة". عقد.
تقرير انصراف أثر العقد إلى الأصيل أو عدم انصرافه. وجوب البحث في العلاقة بينه وبين من ادعى الوكالة عنه وأبرم العقد. استناد الحكم على عقد العمل المبرم بينهما في نفي الوكالة. لا خطأ ولو لم يكن المتعاقد الآخر على علم به.
(ج) حكم. "بيانات الحكم". "نصوص المستندات".
عدم ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها الحكم. الاكتفاء بسرد مضمونها والإشارة إلى مكانها بملف الاستئناف. لا بطلان.
(د) وكالة. "الوكالة الخاصة".
الوكالة الخاصة لا تجعل للوكيل صفة إلا في مباشرة الأمور المحددة فيها وما تقتضيه هذه الأمور من توابع ضرورية.
1 - متى كانت محكمة الموضوع قد استخلصت - بأسباب سائغة - في حدود سلطتها الموضوعية أن عمل المطعون ضده الثاني بوصفه "المعتمد التجاري" لمحل مورث المطعون ضدها الأولى كان يقتصر على الأعمال المادية ولم يبرم قبل العقد موضوع النزاع عقوداً مع الشركة الطاعنة وهو ما يكفي لنفي الوكالة الحقيقية والظاهرة، وكان ما حصله الحكم لا يتعارض مع استعمال لفظ المعتمد في اللغة ولم تتمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بأن العرف قد جرى في المعاملات التجارية على استعمال وصف المعتمد التجاري في التعبير عن الوكيل لما كان ذلك فإن الحكم إذ رتب على انتقاء صفة الوكالة عن المطعون ضده الثاني في العقد الذي أبرمه باسمه مع الشركة الطاعنة ووصف نفسه فيه بالمعتمد أن آثار هذا العقد لا تنصرف إلى مورث المطعون ضدها الأولى وبالتالي لا تكون هي مسئولة عنه فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في القانون أو مسخ العقد.
2 - لتقرير ما إذا كانت آثار العقد تنصرف إلى الأصيل أو لا تنصرف يتعين بحث العلاقة بينه وبين من ادعى الوكالة عنه وأبرم العقد ومن ثم فلا تثريب على محكمة الموضوع في اعتمادها على عقد العمل المبرم بين مورث المطعون ضدها الأولى وبين المطعون ضده الثاني في نفي قيام وكالة بينهما. ولا يجدي الطاعنة (المتعاقد الآخر) القول بأنها لم تكن طرفاً في عقد العمل المشار إليه ولم تعلم به. إذ كان عليها أن تتحرى صفة من تعاقد معها وحدود تلك الصفة ولها في سيبل ذلك الاطلاع على السند الذي يحدد علاقته بمن ادعى الوكالة عنه فإن قصرت في ذلك فعليها تبعة هذا التقصير.
3 - لا يؤثر في سلامة الحكم عدم ذكره نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دام الثابت أنه أورد عند سرده الوقائع مضمون هذه المستندات وما دامت تلك المستندات كانت مقدمة إلى المحكمة مما يكفي معه مجرد الإشارة إلى مكانها بملف الاستئناف.
4 - الوكالة الخاصة في نوع معين من الأعمال القانونية لا تجعل للوكيل صفة إلا في مباشرة الأمور المحددة فيها وما تقتضيه هذه الأمور من توابع ضرورية وفقاً لطبيعة كل أمر وللعرف الجاري وذلك على ما تقضي به المادة 702/ 3 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدها الأولى وآخر الدعوى رقم 877 سنة 1961 كلي تجاري القاهرة وطلبت الحكم بإلزامهما في مواجهة المطعون ضده الثاني بأن يدفعا لها مبلغ 1524 جنيه وقالت بياناً للدعوى إنه بموجب عقد مؤرخ 13/ 7/ 1960 باع لها المطعون ضده الثاني باسم شركة عبد الحميد القلعجي وأخيه ستة أطنان من الشاي "بروك بوند" وقبض 1500 جنيه من الثمن ومبلغ 24 ج فرق سعر ثم صدر في 17/ 7/ 1960 القانون رقم 213 لسنة 1960 بشأن تنظيم تعبئة الشاي وتجارته وقصرهما على الشركات التابعة للمؤسسة الاقتصادية وألغى جميع التراخيص السابقة ومنها الترخيص الصادر لشركة عبد الحميد قلعجي وأخيه وأصبح بذلك عقد البيع مفسوخاً بسبب استحالة تنفيذه، لكن المرحوم عبد الحميد قلعجي وعد بتسليم كمية الشاي المتعاقد عليها إلى الطاعنة أورد المبلغ المدفوع منها لمندوبه إلا أنه توفى قبل تنفيذ وعده ونظراً لأن شريكه قد امتنع عن رد المبلغ كما امتنعت زوجته المطعون عليها الأولى عن رده بحجة أن مورثها لم يوقع على العقد ولم يوكل أحداً في التعاقد عنه فقد أقامت الشركة الطاعنة دعواها بطلب هذا المبلغ وقررت بجلسة 9/ 8/ 1960 بتنازلها مؤقتاً عن نصيب فاطمة محمد علي والدة المورث في الدين وبتاريخ 24 مايو سنة 1962 قضت المحكمة بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع من تركة مورثها إلى الشركة الطاعنة مبلغ 1270 ج فاستأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 744 سنة 79 ق القاهرة وبتاريخ 27/ 10/ 1964 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطرق النقض وأبدت النيابة العامة الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالأسباب الثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وتقول في بيان ذلك إنها أبرمت العقد المؤرخ 13/ 7/ 1960 مع المطعون ضده الثاني بوصفه معتمداً تجارياً للمرحوم عبد الحميد قلعجي مورث المطعون ضدها الأولى والذي كان مرخصاً له بالاتجار في الشاي بالجملة وأنه جرت المعاملات بينهما على هذا النحو من سنوات سابقة على تاريخ هذا العقد وقد أشار إلى معاملة منها خطاب من المورث مؤرخ 5/ 6/ 1950 ورغم أن هذه المعاملات تكشف عن قصد المتعاقدين في اعتبار المعتمد التجاري وكيلاً عمن اعتمده مما يجعل المرحوم عبد الحميد قلعجي مرتبطاً بالعقد الذي حرره وكيله مع الشركة الطاعنة فإن الحكم المطعون فيه خرج عن المعنى الذي قصده العاقدان من عبارة المعتمد التجاري التي وصف بها المطعون ضده الثاني في العقد وعن دلالتها اللفظية في اللغة واستعمالها الذي جرى به العرف وانصرف عن بحث المعاملات السابقة على التعاقد وذهب إلى أن عقد الاستخدام المحرر بين المطعون ضده الثاني والمرحوم عبد الحميد قلعجي هو الذي يحكم تلك العلاقة وفاته أن هذا العقد إنما يقتصر على تنظيم علاقة خاصة بين طرفيه ولا يتعداها إلى العلاقة مع الطاعنة والتي يحكمها عقد الوكالة فمسخ الحكم بذلك حقيقة هذه العلاقة وأخطأ في تكييف العقد محل النزاع. هذا إلى أن الحكم أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة من إقرار المورث بقيام الوكالة في خطابة المؤرخ 5/ 6/ 1960 وإقرار المطعون ضدها الأولى في صحيفة الاستئناف بوكالة المطعون ضده الثاني عن مورثها في التعاقد الحاصل في 5/ 6/ 1960 وقد اكتفى الحكم في تبرير قضائه بإلغاء الحكم الابتدائي وفي الرد على دفاع الطاعنة بالقول بأن المستفاد من المستندات المقدمة من المطعون ضدها الأولى أن المورث درج على إتمام العقود والصفقات مباشرة واقتضاء مقابل الشحن دون أن يوضح الحكم مضمون هذه العقود وما إذا كانت سابقة على العقد محل النزاع أم لاحقة له وهل كانت تجرى مع الشركة الطاعنة أو مع غيرها وهو ما يجعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض النزاع الذي دار بين الطرفين حول قيام علاقة الوكالة بين مورث المطعون ضدها الأولى وبين المطعون ضده الثاني ورفض الأخذ بما رآه الحكم الابتدائي من الرجوع إلى القانون الليبي في تعريف "المعتمد التجاري" قال الحكم بصدد هذه العلاقة أن "الثابت من مطالعة عقد العمل المؤرخ 15/ 9/ 1959 المقدم من المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) المرفق بالمذكرة رقم 10 ملف والذي يربط بين المستأنف عليه الأخير (المطعون ضدها الثاني) ومورث المستأنفة أن ذلك المستأنف عليه مجرد موزع لعموم أصناف المصنع والمحل وليس من شك في أنه لا يرقى ذكر لفظ "المعتمد" الوارد بالخطابات المتبادلة بين المورث والشركة المستأنف عليها (الطاعنة) إلى مرتبة الدليل على أن ذلك المستأنف عليه الأخير قد أصبح وكيلاً بالمعنى القانوني، وإنما لا يعدو انصراف هذا اللفظ إلى كونه ممثلاً تجارياً أو مندوباً عن المورث في نقل وتلقي الرغبات والعروض بين العملاء وآية ذلك ما درج عليه مورث المستأنفة من إتمام العقود والصفقات مباشرة واقتضاء مقابل الشحن أو التسليم حسبما هو مستفاد من المستندات المقدمة من المستأنفة بحافظتها رقم 13 ملف" ويبين من هذا الذي قرره الحكم أنه في سبيل التعرف على مقصود العاقدين من عبارة المعتمد التي وصف بها المطعون ضده الثاني في العقد محل النزاع استظهر من عقد استخدام المطعون ضده الثاني ومن المكاتبات المتبادلة بين مورث المطعون ضدها الأولى والشركة الطاعنة والمعاملات السابقة التي جرت بينهما أن عمل المطعون ضده الثاني مقصور على توزيع البضاعة على عملاء المحل والبحث عن العملاء الراغبين فيها وأنه غير مخول بإبرام العقود والصفقات نيابة عن المورث، ولما كان هذا الذي حصله الحكم تؤدي إليه المقدمات التي ساقها ولا يتعارض مع استعمال لفظ المعتمد في اللغة، وكانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بأن العرف قد جرى في المعاملات التجارية على استعمال وصف المعتمد التجاري في التعبير عن الوكيل وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت - في حدود سلطتها الموضوعية - أن عمل المطعون ضده الثاني بوصفه المعتمد لمحل مورث المطعون ضدها الأولى كان يقتصر على القيام بالأعمال المادية ولم يبرم قبل العقد موضوع النزاع عقوداً مع الشركة الطاعنة وإنما كان المورث يقوم بإتمام العقود والصفقات معها مباشرة في معاملاته السابقة لإبرام هذا العقد معها وهو ما يكفي لنفي الوكالة الحقيقية والظاهرة فإن الحكم إذ رتب على انتقاء صفة الوكالة عن المطعون ضده الثاني في العقد الذي أبرمه باسمه مع الشركة الطاعنة ووصف نفسه فيه بالمعتمد، أن آثار هذا العقد لا تنصرف إلى مورث المطعون ضدها الأولى وبالتالي فلا تكون هي مسئولة عنه فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في القانون أو مسخ العقد ولا تثريب عليه في اعتماده على عقد العمل المبرم بين مورث المطعون ضدها الأولى وبين المطعون ضده الثاني في نفي قيام وكالة بينهما ذلك أنه لتقرير ما إذا كانت آثار العقد الذي أبرمته الطاعنة مع المطعون ضده الثاني تنصرف إلى هذا المورث أو لا تنصرف يتعين بحث العلاقة بينه وبين المطعون ضده الثاني وما يحكمها من عقود إن وجدت ولا يجدي الطاعنة القول بأنها لم تكن طرفاً في عقد العمل المشار إليه ولم تعلم به، إذ كان عليها أن تتحرى صفة من تعاقد معها وحدود تلك الصفة ولها في سبيل ذلك الاطلاع على السند الذي يحدد علاقته بمن ادعى الوكالة عنه فإن قصرت في ذلك فعليها تبعة هذا التقصير. ولا يؤثر في سلامة الحكم أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دام الثابت أنه أورد عند سرده الوقائع مضمون هذه المستندات الدالة على حصول المعاملات بين المورث والطاعنة مباشرة قبل إبرام العقد محل النزاع وما دامت هذه المستندات كانت مقدمة إلى المحكمة وخاصة بهذه المعاملات السابقة على نحو ما قرره الحكم بشأنها مما يكفي معه مجرد الإشارة إلى مكانها بملف الاستئناف، لما كان ذلك وكان الثابت بالخطاب المؤرخ 5/ 6/ 1960المودع بالأوراق أن المورث ذكر فيه أنه لم يستلم مبلغ 50 ج الذي ادعت الشركة في خطاب سابق أنها دفعته للمعتمد رياض وطلب منها إرسال ردها بالموافقة على السعر وشيك بالقيمة أو عربون كاف لشحن كمية الشاي المطلوبة وكان ما ورد بهذا الخطاب لا يعتبر إقراراً من المورث بأنه وكل عنه هذا المعتمد في إبرام الصفقة التي قام بالتمهيد لها مع الطاعنة كما أن ما ورد في صحيفة الاستئناف على سبيل الدفاع بخصوص استلام المطعون ضده الثاني مبلغ 24 ج بالإيصال المؤرخ 13/ 7/ 1960 من أن هذا الإيصال مزور لا ينطوي على الإقرار بقيام الوكالة، فإن الحكم المطعون فيه وقد أخد بدلالة المستندات السابق بيانها يكون قد تضمن الرد المسقط لما عداها ولا يكون بحاجة إلى التحدث عنها استقلالاً. لما كان ما تقدم فإن النعي في جميع ما تضمنه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه تناقض في التسبيب ذلك أنه بعد أن أورد في أسبابه أن المطعون ضده الثاني لا يعدو أن يكون مندوباً عن مورث المطعون ضدها الأولى في نقل وتلقي الرغبات والعروض من العملاء وهو ما يجعله مجرد رسول في تلقي هذه العروض ولا يرقى إلى مرتبة المفوض في إبرام العقود باسم المورث ولحسابه عاد الحكم وقرر في أسبابه بصدد الشيك المؤرخ 14/ 7/ 1960 أنه يمثل مبالغ حصلها المطعون ضده الثاني خلال جولته السابقة على وفاة المورث الأمر الذي يفيد أن الحكم أثبت لهذا المطعون ضده بوصفه معتمداً تجارياً صفة الوكيل في اقتضاء الديون وتحرير المخالصات وذلك بعد أن كان قد نفى عنه هذه الصفة وبذلك جاءت أسبابه متساقطة لا يبقى بعدها ما يحمل عليه قضاؤه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى - على ما سلف بيانه في الرد على الأسباب السابقة - إلى أن المطعون ضده الثاني لم يكن وكيلاً عن مورث المطعون ضدها الأولى في العقد المحرر بينه وبين الشركة الطاعنة والمؤرخ 13/ 7/ 1960 وإلى أن المورث غير مسئول عن رد المبلغ الذي دفعته الطاعنة للمطعون ضده الثاني من ثمن الشاي المبيع بهذا العقد عرض الحكم بعد ذلك إلى دفاع الطاعنة الخاص باستلام المورث هذا المبلغ بمقتضى الشيك المؤرخ 14/ 7/ 1960 الصادر إليه من المطعون ضده الثاني ورد على هذا الدفاع بأن المورث سلمه كمبيالات وبوالص شحن برسم التحصيل مبينة بالكشف المؤرخ 7/ 7/ 1960 والموقع عليه من المطعون ضده الثاني قبل وفاة المورث وأن هذا الشيك إنما يمثل المبالغ التي حصلها من عملاء آخرين خلال جولته السابقة لوفاة المورث. ولما كانت الوكالة الخاصة في نوع معين من الأعمال القانونية لا تجعل للوكيل صفة إلا في مباشرة الأمور المحددة فيها وما تقتضيه هذه الأمور من توابع ضرورية وفقاً لطبيعة كل أمر وللعرف الجاري وذلك على ما تقضي به المادة 702/ 3 من القانون المدني فإن تفويض المورث للمطعون ضده الثاني في تحصيل قيمة أوراق معينة لا تجعل له صفة إلا في هذا التحصيل وتوابعه الضرورية ولا يمتد التفويض إلى غير ذلك من التصرفات القانونية ومن ثم فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من تفويض المورث للمطعون ضده الثاني في تحصيل قيمة أوراق محددة لا يضفي عليه صفة الوكيل عنه في إبرام العقود وبالتالي فلا تناقض بين هذا الذي قرره الحكم وبين ما قرره من انتقاء صفته في إبرام عقد البيع محل النزاع مع الطاعنة ويكون لذلك النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الخامس والسادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب وتقول في بيان ذلك إن الحكم اعتمد في قضائه باعتبار مورث المطعون ضدها الأولى غير مسئول عن العقد المؤرخ 13/ 7/ 1960 على أن الشركة الطاعنة أرسلت إليه خطاباً في 21/ 7/ 1960 ضمنته أن صفقة الشاي مباعة منه بالتليفون ولم تشر في هذا الخطاب إلى إبرام عقد بشأنها مع المعتمد التجاري وأن الشركة أرسلت إلى المورث الشيك رقم 73030 بمبلغ 1500 جنيه من ثمن الصفقة فأعاده إليها بخطاب مؤرخ 25/ 7/ 1960 أنكر فيه استلام أي مبلغ من المعتمد وأخطرها بأنه ليس لهذا المعتمد الحق في اقتضاء أية مبالغ ولم تعترض الطاعنة على ذلك إلا بعد وفاة المورث بالخطاب الذي أرسلته إلى المطعون ضدها الأولى في 8/ 12/ 1960 هذا في حين أن الثابت بخطاب المورث أنه إنما أنكر استلام المبلغ حتى تاريخ إرسال هذا الخطاب وليس في ذلك ما ينفي استلامه له بعد ذلك عند عودة المعتمد من رحلته وأن واقع الأمر في شأن إتمام صفقة الشاي أنه بعد الاتفاق عليها تليفونياً مع المورث قام المطعون ضده الثاني بتحرير العقد عنها بعد حضوره من جولته بناء على تكليف المورث واستلم من الثمن 1500 جنيه بعضه عبارة عن قيمة الشاي المرتجع والباقي تسلمه نقداً وقد أشارت الطاعنة إلى هذه الوقائع في خطابها للمورث وكان قد علم بها من خطاب المطعون ضده الثاني المرسل فيه الشيك وقبض قيمته في 19/ 7/ 1960 قبل إرسال خطابه إلى الطاعنة وبذلك يكون الحكم قد أخطأ في الإسناد وحصل الواقع في الدعوى بما يخالف الثابت فيها هذا إلى أنه إذ رجح أن قبض المورث لهذا الشيك منبت الصلة بالصفقة موضوع النزاع فقد بني هذا الترجيح على مجرد الظن والاستنتاج ولم يقطع برأي في هذا الأمر مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك انه يبين من خطاب مورث المطعون ضدها الأولى المؤرخ 25/ 7/ 1960 المودع صورته بالأوراق انه أعاد فيه إلى الطاعنة الشيك المرسل منها إليه وذكر فيه أنه لم يصله أي مبلغ من المعتمد ولم يأذن بإعطائه أية مبالغ وأن لدى هذا المعتمد تعليمات بذلك كتابة ولما كان الحكم المطعون فيه قد استنبط مما ذكره المورث في هذا الخطاب ومن سكوت الطاعنة من الاعتراض عليه أثناء حياة المورث ومن مطالبتها للمطعون ضدها الأولى بالمبلغ لأول مرة بخطابها المؤرخ 8 ديسمبر سنة 1960 بعد مضي نحو خمسة أشهر على تاريخ العقد وبعد وفاة المورث، استخلص الحكم من ذلك صحة ما قرره المورث بخطابه من أنه لم يأذن للطاعنة بتسليم هذا المبلغ إلى المطعون ضده الثاني نيابة عنه وأنه - أي المورث - لم يقبض من هذا المطعون ضده قيمة الشيك الذي تقول الطاعنة إنه يمثل جزءاً من هذا المبلغ وكان الحكم قد اعتمد في استخلاصه على الأقوال الثابتة للمورث بهذا الخطاب وعلى ما ذكرته الطاعنة في خطابها المرسل للمورث بتاريخ 21/ 7/ 1960 من أن صفقة الستة أطنان شاي تمت تليفونياً مع أن المورث دون أن تشير إلى إبرام عقد بشأنها مع المطعون ضده الثاني فإن الحكم يكون قد انتهى من استخلاصه إلى نتيجة تؤدي إليها مقدماتها ولها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم قد اتخذ من هذا الذي استنتجه ومن تعارض ما ذكره المطعون ضده الثاني في خطابه للمورث عن إتمام الصفقة في أسيوط واقتضائه مبلغ 1500 جنيه كعربون ومبلغ 24 جنيه حساب سابق في 13/ 7/ 1960 مع إرساله الشيك في يوم 14/ 7/ 1960 من أبي تيج بمبلغ 780 جنيه ومع ما أثبته بالإيصال المؤرخ 13/ 7/ 1960 من أن مبلغ 24 جنيه قيمة عربون بضاعة ومن قبض المورث قيمة هذا الشيك قبل إرساله إلى الطاعنة خطابه الذي أنكر فيه قبض أي مبلغ لحسابها من المطعون ضده الثاني، اتخذ الحكم من ذلك كله ما يسوغ عدم اطمئنانه إلى مستندات الطاعنة ويرجح لديه صحة دفاع المطعون ضدها الأولى بأن الشيك لا صلة له بصفقة الشاي موضوع النزاع وأنه إنما يمثل مبالغ حصلها المطعون ضده الثاني من عملاء آخرين في جولته السابقة لتحرير الشيك. وإذ كانت القرائن التي استند إليها الحكم تؤدي في مجموعها إلى ما انتهى إليه فإن النعي بهذين السببين يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.