أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 61

جلسة 8 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(10)
الطعن رقم 80 لسنة 33 القضائية

عمل. "عقد العمل". "بلوغ سن التقاعد".
استمرار العامل في عمله بعد بلوغه سن التقاعد بموافقة رب العمل مؤداه انعقاد عقد جديد غير محدد المدة بين الطرفين لا يجوز إنهائه بغير إخطار سابق ودون مبرر.
تحديد رب العمل سناً معينة لتقاعد عماله يترتب عليه انتهاء العقد تلقائياً ببلوغ هذا السن دون حاجة لإخطار سابق من أحد الطرفين للآخر، فإذا استمر العامل في عمله بعد بلوغها بموافقة رب العمل فإنه يكون قد انعقد بين الطرفين عقد جديد غير محدد المدة لا يجوز إنهائه بغير إخطار سابق ودون مبرر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن حسن محمد المكي أقام الدعوى رقم 2299 سنة 1960 عمال الإسكندرية ضد شركة بواخر البوستة الخديوية التي اندمجت في الشركة العربية المتحدة للملاحة البحرية يطلب إلزامها بأن تدفع له مبلغ 2990 ج والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وأدخل مؤسسة التأمينات الاجتماعية خصماً في الدعوى وقال شرحاً لها إنه التحق بخدمة الشركة بتاريخ أول نوفمبر سنة 1919 وظل يعمل بها إلى أن تجاوز سن الخامسة والستين المحددة للتقاعد وبتاريخ 7/ 12/ 1959 أبدى للشركة رغبته في الاستمرار في العمل ووافقته الشركة على ذلك لكنها عادت وبتاريخ 2/ 1/ 1960 ففصلته وإذ كان هذا الفصل تعسفياً وبلا مبرر فقد انتهى إلى طلب الحكم له بمبلغ 2990 ج منه 900 ج مكافأة نهاية الخدمة و90 ج ادخار و2000 ج تعويضاً عن الفصل التعسفي وبتاريخ 25/ 4/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة أن الشركة المدعى عليها فصلته فصلاً تعسفياً وبدون مبرر لهذا الفصل وأنه أصيب بأضرار جسيمة نتيجة لهذا الفصل تقدر بمبلغ 2000 ج كتعويض وللمدعى عليها النفي بذات الطرق وبعد إتمام التحقيق عادت وبتاريخ 30/ 1/ 1962 فحكمت حضورياً (أولاً) بإخراج مؤسسة التأمينات الاجتماعية من الدعوى (ثانياً) بإلزام الشركة المدعى عليها - الشركة العربية المتحدة للملاحة البحرية - بأن تدفع للمدعي مبلغ 400 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المناسب لهذا المبلغ و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة وأعفت المدعي من باقي المصروفات وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة ورفضت ما زاد على ذلك. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 153 سنة 18 ق كما استأنفه المدعي طالباً الحكم له بباقي طلباته وقيد استئنافه برقم 154 سنة 18 ق وأمرت المحكمة بضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد. وبتاريخ 27/ 12/ 1962 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً (أولاً) في موضوع الاستئناف رقم 154 سنة 18 ق برفضه وأعفت المستأنف من المصروفات (ثانياً) في موضوع الاستئناف رقم 153 سنة 18 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وأعفت المستأنف عليه من المصروفات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن إنهاء عقد الطاعن لبلوغه سن التقاعد حق قرره القانون ولائحة الاستخدام للشركة المطعون عليها وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون إذ أن اللائحة حددت سن التقاعد بخمسة وستين سنة ومع ذلك فقد جرت الشركة على إبقاء المستخدمين في خدمتها رغم تجاوزهم هذا السن وقد ثبت ذلك لمحكمة أول درجة من التحقيق الذي أجرته وهو ما اتبعته الشركة مع الطاعن حيث أبقته في خدمتها بعد تجاوز سن التقاعد وبالتالي فإنه يكون قد انعقد بين الطرفين عقد جديد غير محدد المدة، فإذا أنهته الشركة دون مبرر فإن تصرفها يكون فصلاً تعسفياً يوجب مساءلتها عن التعويض طبقاً لأحكام عقد العمل غير محدد المدة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن تحديد رب العمل سناً معينة لتقاعد عماله يترتب عليه انتهاء العقد تلقائياً ببلوغ هذه السن دون حاجة لإخطار سابق من أي الطرفين للآخر فإذا استمر العامل من عمله بعد بلوغها بموافقة رب العمل فإنه يكون قد انعقد بين الطرفين عقد جديد غير محدد المدة لا يجوز إنهائه بغير إخطار سابق ودون مبرر، إذ كان ذاك، وكان الثابت في الدعوى أن الشركة المطعون عليها حددت في لائحتها سن الخامسة والستين لتقاعد عمالها الإداريين ومن بينهم الطاعن وبعد بلوغه هذه السن وافقت على استمراره في العمل ثم فصلته دون إخطار سابق وبغير مبرر وجرى الحكم المطعون فيه على أن "بقاء المستأنف عليه في عمله استمرار لعقد قائم بينه وبين الشركة المستأنفة وما دامت هذه الشركة قد أنهته بعد ذلك لبلوغ المستأنف عليه سن التقاعد فإنها تكون قد باشرت حقاً مقرراً لها" ورتب على ذلك أن الفصل "لا ينطوي على أية إساءة أو تعسف" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني.