أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 111

جلسة 16 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(19)
الطعن رقم 457 لسنة 34 القضائية

( أ ) تزوير. "الادعاء بالتزوير". "غرامة التزوير".
ثبوت أن الادعاء بالتزوير غير منتج. الحكم بعدم قبوله. عدم جواز توقيع الغرامة المنصوص عليها في المادة 288 مرافعات.
(ب) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "حجية الورقة العرفية". "مبدأ الثبوت بالكتابة".
حجية الورقة العرفية مستمدة من التوقيع وحده. عدم صلاحيتها - عند خلوها من التوقيع - لتكون مبدأ ثبوت بالكتابة إلا إذا كانت مكتوبة بخط المدين.
(ج) تزوير. "طلب الإحالة إلى التحقيق". إثبات. "الإثبات بالكتابة".
طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عدم صدور العقد من المتصرف وتزوير بصمة الختم المنسوبة إليه. طلب ينصب على واقعة عدم حصول التوقيع وفي حدود المادة 274 مرافعات. عدم اعتبار هذا الطلب قبولاً لإثبات التعاقد ذاته بالبينة.
(د) عقد. "الغلط المادي". إثبات. "حجية الأوراق العرفية".
مجال تطبيق نص م 123 مدني. الأخطاء المادية في العقد هي التي تكشف عنها الورقة ولا يترتب على تصحيحها تعديل موضوع العقد. ليس من قبيل ذلك التوقيع على الورقة بختم بدلاً من ختم آخر.
(هـ) إثبات. "الإثبات بالبينة". تزوير.
التوقيع بختم خطأ بدلاً من ختم آخر واقعة مادية لا يجوز إثباتها بالبينة إلا بإثبات رضاء الشخص المقصود التوقيع بختمه بالتعاقد ومطابقة إرادته مع إدارة المتعاقد الآخر. ذلك لا يكون إلا بالكتابة إذا زادت قيمة الالتزام الناشئ عن العقد على عشرة جنيهات.
1 - متى أضحى الادعاء بالتزوير غير منتج في النزاع فإن ذلك يقتضي من المحكمة أن تحكم بعدم قبوله ولا تبحث ما أسفر عنه تحقيقه ولا توقع على مدعي التزوير أية غرامة إذ لا يجوز توقيع الغرامة المنصوص عليها في المادة 288 من قانون المرافعات إلا إذا حكم بسقوط حق مدعي التزوير في ادعائه أو برفضه.
2 - إن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده فإن خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أية حجية قبله بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه.
3 - طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت عدم صدور العقد منها وتزوير بصمة الختم المنسوبة إليها عليه. طلب ينصب على واقعة عدم حصول التوقيع على العقد المنسوب إليها وفي حدود ما تنص عليه المادة 274 من قانون المرافعات من أن لا تسمع شهادة الشهود إلا فيما يتعلق بإثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على الورقة المقتضي تحقيقها ممن نسبت إليه، وبالتالي فلا يعتبر هذا الطلب منها قبولاً لإثبات التعاقد ذاته - الذي تزيد قيمته على عشرة جنيهات - بالبينة.
4 - مجال تطبيق نص المادة 123 من القانون المدني، الغلط في الحساب وغلطات القلم أي الأخطاء المادية التي تقع من محرر العقد أثناء كتابته وتكشف عنها الورقة بذاتها ولا يترتب على تصحيحها تعديل موضوع العقد فلا يدخل في هذه الأخطاء التوقيع على الورقة بختم بدلاً من ختم آخر لأن الورقة لا يمكن أن تكشف بذاتها عن هذا الخطأ ولأن تصحيحه يترتب عليه إسناد الورقة إلى غير الموقع عليها وهو ما يخالف نص المادة 394 من القانون المدني التي تقضي بأن الورقة العرفية تعتبر صادرة ممن وقعها.
5 - لئن كان التوقيع بختم خطأ بدلاً من ختم آخر واقعة مادية إلا أنه يحول دون إثباتها بالبينة أن إثباتها لا يكون إلا بإثبات رضاء الشخص الذي كان المقصود التوقيع بختمه بالتعاقد ومطابقة إرادته مع إرادة المتعاقد الآخر على انعقاده وهذا الإثبات لا يكون إلا بالكتابة إذا كانت قيمة الالتزام الناشئ عن العقد تزيد على عشرة جنيهات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول ومورث باقي المطعون ضدهم المرحوم محمد أحمد جالوس أقاما الدعوى رقم 6 سنة 1958 كلي بنها على الطاعنة وطلبا الحكم لهما بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 29 إبريل سنة 1956 والمتضمن بيعها لهما أرضاً زراعية مساحتها فدان وستة قراريط المبينة بالصحيفة وبالعقد المذكور نظير ثمن قدره خمسمائة جنيه وقالا في بيان دعواهما إن الطاعنة باعت لهما هذا القدر وقبضت من الثمن 200 ج وقت تحرير العقد والباقي وقدره 300 ج تسلمته بموجب المخالصة المحررة في 23 مايو سنة 1956 على ظهر العقد وأنها لم تقدم لهما بعد ذلك المستندات الدالة على ملكيتها للمبيع واللازمة لشهر العقد فاضطرا لرفع هذه الدعوى بالطلبات المشار إليها. وقد أنكرت الطاعنة صدور عقد البيع منها وقررت بتاريخ 28 مايو سنة 1958 في قلم كتاب المحكمة الابتدائية بالطعن فيه بالتزوير وذكرت في التقرير أنها لم توقع لا على العقد ولا على المخالصة المحررة في ذيله وأنه وإن كانت بصمة الختم الموقع بها عليهما هي بصمة ختمها إلا أن هذا الختم كان في حيازة زوجها المرحوم صالح محمد صالح وربما يكون هو الذي وقع به على العقد والمخالصة، يؤيد ذلك ما ورد في صيغة الضمان الواردة في نهاية العقد والموقعة منه من أنه يضمن البيع بجميع شروطه ويقر بأن زوجته البائعة وقعت على العقد أمامه إذ هذه العبارة الأخيرة لا يكون لها مبرر لو أنها كانت حاضرة في مجلس العقد ووقعت عليه أمام شهوده. وبعد أن أعلنت الطاعنة مذكرة شواهد التزوير قضت المحكمة في 25 يونيه سنة 1958 بقبول هذه المذكورة وقبول الشاهد الأول الوارد بها، وهو يتحصل في أن التوقيع على العقد بختمها تم بغير علمها ورضائها - وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت مدعية التزوير (الطاعنة) بكافة طرق الإثبات القانونية أنها لم توقع بختمها على عقد البيع العرفي المؤرخ 29 إبريل سنة 1956 وأنها لم تكن موجودة في مجلس العقد وأن ختمها كان في حيازة زوجها حال حياته وأنه هو الذي وقع به على العقد دون علمها وموافقتها وأجازت المحكمة للمدعي عليهما في التزوير النفي. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين وأحالت الدعوى إلى المرافعة لجلسة 26 نوفمبر سنة 1958 وفيها طلب الحاضر عن الطاعنة إعادة الاطلاع على العقد المدعي تزويره فأطلعته عليه المحكمة بعد أن استحضرته من الخزانة وفضت المظروف الذي يحويه بعد أن تأكدت من سلامة الأختام الموقعة عليه، وبعد أن اطلع على العقد قرر أن الختم الموقع به عليه على أنه للبائعة هو لوالدها إبراهيم سرور مدينه الذي توفى من نحو عشر سنوات وليس لها وأن ختمها باسم أم إبراهيم إبراهيم مدنية، وطلب رفض الدعوى على أساس أنه ليس لها توقيع على العقد وإزاء ما ظهر للمحكمة من الاطلاع على العقد من أن بصمة الختم الموقع بها عليه باسم إبراهيم سرور مدنية وليس باسم الطاعنة طلب الحاضر عن رافعي الدعوى التأجيل لتعديل طلباتهما ولإدخال خصوم آخرين في الدعوى فأجابته المحكمة إلى ذلك وبعريضة أعلناها في 15 فبراير سنة 1959 إلى الطاعنة وإلى السيد/ محمد محمد صالح بدر الدين بصفته وصياً على قصر المرحوم صالح محمد صالح عدلا طلباتهما إلى طلب الحكم على الطاعنة وعلى هذا الوصي بصفته متضامنين (أولاً) بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 29 من إبريل سنة 1956 (ثانياً) ومن باب الاحتياط إلزامهما بأن يدفعا لهما من تركة مورثهما المرحوم صالح محمد صالح مبلغ 1500 ج على سبيل التعويض وضمن رافعا الدعوى عريضة تعديل الطلبات هذه أنهما مع تمسكهما بصحة العقد إلا أنهما رأيا إزاء منازعة البائعة (الطاعنة) فيه وما قررته أخيراً من أن الختم الموقع به هو لوالدها إدخال ورثة زوجها - وهي منهم - في الدعوى على أساس أن مورثهم قد وقع على العقد بصفته ضامناً متضامناً في تنفيذه وأنه إذا صحت منازعة البائعة فإنه يكون قد وقع منه غش يجعله مسئولاً عن تعويضهما عن الأضرار التي لحقت بهما من جزاء هذا الغش والتي يقدرانها بمبلغ 1500 ج الذي طلباه في طلبهما الاحتياطي وبتاريخ 25 نوفمبر سنة 1962 حكمت المحكمة الابتدائية (أولاً) بعدم قبول الادعاء بالتزوير (ثانياً) برفض الدعوى (ثالثاً) برفض دعوى الضمان. وأسست قضاءها بذلك على أن الادعاء بالتزوير أضحى غير منتج بعد أن ظهر بعد التقرير به عدم وجود توقيع أو خط لمدعية التزوير على العقد وأن هذا العقد لا يعتبر حجة على البائعة ولا يصلح لإثبات رضائها بالبيع ولا يجوز إثبات هذا الرضاء بشهادة الشهود لأن قيمة العقد خمسمائة جنيه وأنه قد ثبت عدم صدور بيع من المدعى عليها (الطاعنة) فإن ضمان زوجها لها في العقد يكون قد ورد على غير محل. وقد استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم وطلبوا إلغاءه والحكم لهم بذات الطلبات الواردة في صحيفة تعديل الطلبات المعلنة في 15 فبراير سنة 1959 والمشار إليها فيما سبق وقيد هذا الاستئناف برقم 250 سنة 13 ق طنطا وبتاريخ 20 مايو سنة 1964 قضت محكمة استئناف طنطا بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الادعاء بالتزوير وتغريم مدعية التزوير (الطاعنة) 25 جنيهاً وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 29 إبريل سنة 1956. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه 12 يوليو سنة 1964 وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وصممت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظر الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن الحكم اعتبر ادعاءها بتزوير توقيع المنسوب إليها على عقد البيع - وهو الادعاء الذي قررت به قبل أن يتضح لها عدم وجود توقيع لها أصلاً على هذا العقد - اعتبر الحكم هذا الادعاء منتجاً في النزاع وأن التحقيق الذي أجرته المحكمة الابتدائية بشأنه منتج أيضاً وانتهى من ذلك إلى رفض الادعاء بالتزوير وتغريم الطاعنة الغرامة القانونية مع أنه وقد ثبت لمحكمة الاستئناف أن بصمة الختم الموقع بها على العقد وعلى المخالصة المحررة في ذيله ليست باسم الطاعنة وإنما باسم والدها فإن الادعاء بالتزوير يضحى غير ذي موضوع كما يصبح تحقيقه غير منتج لأن حكم التحقيق صدر على أساس وجود بصمة ختم لها على العقد وانصب الإثبات فيه على واقعة تزوير هذه البصمة أما وقد ثبت عدم وجود هذه البصمة على العقد فإن الوقائع التي أمرت المحكمة بتحقيقها تضحى غير منتجة في الدعوى ويكون الحكم المطعون فيه لذلك قد خالف المادة 156 من قانون المرافعات التي أوجبت أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى منتجة فيها جائزاً قبولها إذ هذه الشرائط لم تعد متوافرة فيما جرى التحقيق به، ثم إن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر عقد البيع حجة على الطاعنة وقضى بصحته ونفاذه على الرغم من أن التوقيع الذي عليه هو لوالدها وليس لها قد خالف المادة 394 من القانون المدني الذي تقضي بأن الورقة العرفية تعتبر صادرة ممن وقعها كما خالف الحكم أيضاً المادة 400 من هذا القانون لتعويله على شهادة الشهود في إثبات التعاقد الذي قضى بصحته ونفاذه وقيمته 500 ج وفي إثبات توافر أركانه ودفع الثمن، ولا يغني الحكم في ذلك قوله بأن رضاء الطاعنة بهذا التعاقد قد ثبت بالكتابة على الوجه المبين بالعقد لأن مناط الإثبات بالكتابة أن تكون صادرة من الملتزم بها، والعقد لا توقيع عليه للطاعنة، ولا يمكن اعتبار وجود بصمة ختم عليه لوالدها دليل إثبات عليها كذلك أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق المادة 123 من القانون المدني حين افترض أن الطاعنة وقعت على العقد بختم أبيها خطأ بدلاً من ختمها الذي كانت تقصد التوقيع به ووصف هذا الخطأ بأنه خطأ مادي مما تنص عليه المادة المذكورة ولا يؤثر في صحة العقد، ذلك بأن هذه المادة إنما تتحدث عن الغلط في الحساب وغلطات القلم ولا يعد من هذا القبيل التوقيع ببصمة ختم غير ختم المتعاقد بل إن ذلك يؤدي إلى اعتبار الورقة صادرة من غير المتعاقد طبقاً للمادة 394 أنفة الذكر ولو صح منطق الحكم في اعتبار هذا الخطأ مادياً لاستطاع كل إنسان أن يدعي حقاً ليس له ويكتبه في ورقة يوقع عليها من غير المتعاقد ويصل بذلك إلى إثبات صدوره من هذا المتعاقد بشهادة الشهود.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن بصمة الختم الموقع به على عقد البيع محل النزاع باسم إبراهيم سرور وتاريخها سنة 1357 بينما بصمة ختم الطاعنة باسم أم إبراهيم إبراهيم سرور وتاريخها سنة 1377 قال عن الادعاء بالتزوير إنه رغم هذا الاختلاف في الاسم فهو منتج في النزاع ثم استعرض أقوال شهود الإثبات والنفي الذين سمعتهم محكمة الدرجة الأولى ثم قال "وحيث إن حكم الإحالة إلى التحقيق قد انصب على وقائع منتجة في هذا النزاع على النحو الوارد بحكم الإحالة إلى التحقيق رغم ثبوت اختلاف في الاسم ظاهر بالعين المجردة ببصمتي الختم الصحيحة والمطعون عليها، وترى المحكمة ترجيح أقوال شاهدي النفي والأخذ بها من أنها كانت موجودة في مجلس العقد وموافقتها عليه وقبضها مقدم الثمن قدره 200 ج مما يتعين معه رفض الادعاء بالتزوير وتغريم الطاعنة الغرامة القانونية. وحيث إنه وقد ثبت قيام عقد البيع وتوافر أركانه من تطابق الإيجاب والقبول ودفع الثمن وثبت بالكتابة على الوجه المبين بالعقد المطعون عليه، فإن مجرد وجود بصمة ختم باسم مخالف لاسم المستأنف ضدها الأولى (الطاعنة) رغم ثبوت وجودها بمجلس العقد وكتابة العقد على هذه الصورة وتوافر أركانه من توافق الإرادتين وسداد مقدم الثمن وذكر أوصاف المبيع، قرينة كافية على حصول خطأ مادي أو غلط وقعت فيه البائعة بإعطاء ختم أبيها للبصمة به على العقد باعتباره ختمها وخصوصاً وقد ثبت وفاة أبيها قبل العقد بمدة طويلة وحينما بصمت على هذا العقد ببصمة ختم أبيها عوضاً عن ختمها كانت تقصد إبرامه وأن تبصمه بختمها الأمر الذي تحكمه المادة 123 مدني وهو عدم التأثر في صحة العقد بغلطات القلم (كذا) مما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف وإلزامها بصحة ونفاذ هذا العقد بعدما أظهر المشتريان استعدادهما لتنفيذ العقد وبعد أن تسدد باقي الثمن". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه خطأ في القانون، ذلك بأن الطاعنة إذ قررت بالادعاء بالتزوير فقد كان ذلك على أساس وجود توقيع لها ببصمة ختمها على عقد البيع المدعى بصدوره منها وقام هذا الادعاء على أن هذه البصمة مزورة وقد صدر حكم التحقيق من المحكمة الابتدائية على هذا الأساس أيضاً وكلف مدعية بالتزوير (الطاعنة) بإثبات ما كانت تدعيه من أن زوجها وقع على العقد بختمها بغير علمها وموافقتها. ولما كان قد ثبت للمحكمة بعد تنفيذ هذا الحكم عدم وجود أي توقيع لمدعية التزوير على العقد وأن بصمة الختم الموجودة عليه هي لوالدها وليست لها فإن الادعاء بالتزوير يضحى غير منتج في النزاع ووارداً على غير محل كما يصبح التحقيق الذي أمرت به المحكمة غير منتج أيضاً لأنه تناول تحقيق واقعة تزوير بصمة. لا وجود لها. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الادعاء بالتزوير منتجاً في النزاع وأن حكم الإحالة للتحقيق قد انصب على وقائع منتجة في هذا النزاع وذلك مع تسليم الحكم بأن بصمة الختم الموقع بها على العقد ليست لمدعية التزوير وإنما لوالدها وإذ قضى الحكم على هذا الأساس برفض الادعاء بالتزوير وتغريم مدعيته (الطاعنة) الغرامة القانونية فإنه يكون مخالفاً للقانون إذ أن الادعاء بالتزوير وقد أضحى غير منتج في النزاع - على ما تقدم ذكره - فإن ذلك كان يقتضي من المحكمة أن تحكم بعدم قبوله ولا تبحث ما أسفر عنه تحقيقه ولا توقع على مدعية التزوير أية غرامة إذ لا يجوز توقيع الغرامة المنصوص عليها في المادة 288 من قانون المرافعات إلا إذا حكم بسقوط حق مدعي التزوير في ادعائه أو برفضه. ثم إن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر عقد البيع العرفي حجة على الطاعنة مع خلوه من توقيعها واعتمد عليه في إثبات حصول البيع ورضائها به وتطابق الإيجاب والقبول ودفع الثمن قد خالف القانون وذلك أن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده فإذا خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أية حجية قبله بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أنه لا توقيع ولا خط للطاعنة على عقد البيع العرفي فإنه ما كان يجوز له أن يعتمد على هذا العقد في إثبات صدور البيع منها وتوافر أركانه كما لا يجوز إثبات حصول هذا التصرف بشهادة الشهود لأن قيمته تزيد على عشرة جنيهات ولا يصح تبرير الإثبات بالبينة بأن الطاعنة قد قبلت الإثبات بهذا الطريق حين طلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت عدم صدور العقد منها وتزوير بصمة الختم المنسوبة إليها عليه ذلك لأن طلبها الإثبات بالبينة إنما كان منصباً على واقعة عدم حصول التوقيع على عقد البيع المنسوب إليها وفي حدود ما تنص عليه المادة 274 من قانون المرافعات من أن لا تسمع شهادة الشهود إلا فيما يتعلق بإثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على الورقة المقتضي تحقيقها ممن نسبت إليه، وبالتالي فلا يعتبر هذا الطلب منها قبولاً لإثبات التعاقد ذاته بالبينة. أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الطاعنة قد وقعت في غلط بإعطاء ختم أبيها للتوقيع به على العقد باعتباره ختمها الذي كانت تقصد التوقيع به وأن هذا الغلط يعتبر خطأً مادياً مما تنص عليه المادة 123 من القانون المدني فلا يؤثر في صحة العقد. هذا الذي ذهب إليه الحكم هو أيضاً خطأ في القانون ذلك أن المادة المذكورة إنما تتحدث عن الغلط في الحساب وغلطات القلم وهي الأخطاء المادية التي تقع من محرر العقد أثناء كتابته وتكشف عنها الورقة بذاتها ولا يترتب على تصحيحها تعديل موضوع العقد فلا يدخل في هذه الأخطاء التوقيع على الورقة بختم بدلاً من ختم آخر لأن الورقة لا يمكن أن تكشف بذاتها عن هذا الخطأ ولأن تصحيحه يترتب عليه إسناد الورقة إلى غير الموقع عليها وهو ما يخالف نص المادة 394 من القانون المدني التي تقضي بأن الورقة العرفية تعتبر صادرة ممن وقعها. ولئن كان التوقيع بختم خطأ بدلاً من ختم آخر واقعة مادية إلا أنه يحول دون إثباتها بالبينة أن إثباتها لا يكون إلا بإثبات رضاء الشخص الذي كان المقصود التوقيع بختمه بالتعاقد ومطابقة إرادته مع إرادة المتعاقد الآخر على انعقاده وهذا الإثبات لا يكون إلا بالكتابة لأن قيمة التزامه الناشئ عن عقد البيع تزيد على عشرة جنيهات. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر عقد البيع العرفي صادراً من الطاعنة وحجة عليها على الرغم من عدم وجود توقيع أو خط لها عليه وقضى على هذا الأساس بصحته ونفاذه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص أيضاً. وإذ كانت استجابته إلى طلب المطعون ضدهم الأصلي الخاص بصحة ونفاذ العقد قد أغناه عن بحث طلبهم الاحتياطي الخاص بإلزام الطاعنة وباقي ورثة زوجها المرحوم صالح محمد صالح من مال تركته بالتعويض عما وقع منه من غش وهو ما يعني تأسيس هذا الطلب على المسئولية التقصيرية وليس على أساس المسئولية التعاقدية الناشئة عن كفالة المورث للطاعنة في العقد كما ذهب إلى ذلك الحكم الابتدائي خطأ وكان الخطأ المنسوب إلى المورث في هذا الطلب يجوز إثباته بجميع طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن فإنه يتعين إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لنظر هذا الطلب الاحتياطي.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه فيما يختص بالادعاء بالتزوير والطلب الأصلي الخاص بصحة ونفاذ العقد ويتعين لما تقدم تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الادعاء بالتزوير ومن رفض ذلك الطلب الأصلي.