أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 128

جلسة 16 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن.

(21)
الطعن رقم 575 لسنة 34 القضائية

( أ ) استئناف "الخصوم في الاستئناف". نقض "الخصوم في الطعن". دعوى "طلب التدخل".
عدم فصل المحكمة الاستئنافية في طلب التدخل. اعتبار طالب التدخل خارجاً عن الخصومة عدم جواز تدخله أو اختصامه في الطعن بالنقض.
(ب) بيع "التزامات البائع" "ضمان عدم التعويض". تقادم "تقادم مسقط". دعوى "دعوى صحة ونفاذ العقد".
التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشترين. التزام أبدي يتولد عن البيع ولو لم يشهر. انتقال هذا الالتزام من البائع إلى ورثته. يمتنع عليهم مثله منازعة المشتري إلا إذا توافرت لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط التقادم المكسب. الدفع من الورثة بسقوط حق المشتري بالتقادم من قبيل المنازعة الممتنعة قانوناً.
(ج) عقد "آثار العقد". بيع "التزامات البائع" "ضمان عدم التعرض". دعوى "دعوى صحة ونفاذ العقد".
تمسك المشتري بعقد البيع في دعوى صحة ونفاذ العقد. مقتضاه التمسك بجميع آثاره القانونية ومنها التزام البائع بضمان عدم التعرض.
1 - متى كانت محكمة الاستئناف لم تفصل في طلب تدخل المطعون ضده البائع (بطلب تثبيت ملكية) لا صراحة ولا ضمناً إذ لم تقض بقبول تدخله كما لم تقض في طلباته فإنه يظل خارجاً عن الخصومة ولا يعتبر طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ولما كان لا يجوز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا يجوز أمامها اختصام من لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة الاستئناف فإن اختصام طالب التدخل - المطعون عليه السابع - في الطعن بالنقض يكون غير مقبول.
2 - من أحكام البيع المقررة في المادتين 266 و300 من القانون المدني القديم والمادة 439 من القانون القائم التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وهذا الالتزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع أبداً التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع إلا إذا توافرت لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العين المبيعة المدة المكسبة للملكية. ولما كان الدفع من الورثة بسقوط حق المشتري بالتقادم لقعوده عن رفع دعواه بصحة ونفاذ عقد البيع وهو من قبيل المنازعة الممتنعة قانوناً على ورثة البائع، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول هذا الدفع يكون مخالفاً للقانون.
3 - مقتضى تمسك المشتري في دعواه - صحة ونفاذ عقد بيع - بقيام العقد صحيحاً منتجاً لجميع آثاره طوال نظر الدعوى أمام درجتي التقاضي، أنه قد تمسك بجميع الآثار القانونية الناشئة عن هذا العقد ومن بينها التزام البائع بضمان عدم التعرض وهو التزام لا يسقط عنه وعن ورثته أبداً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت في 20 من ديسمبر سنة 1959 الدعوى 98 سنة 1960 كلي القاهرة تطلب فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 22 من إبريل سنة 1943 والصادر لها من والدتها المرحومة زينب دسوقي سليمان أبو الدبل التي توفيت في 25 أكتوبر سنة 1959 عن شقيقتها المرحومة نفيسة (مورثة المطعون ضدهم الستة الأول) وزوجها محمود حسن عوني والد المشترية (المطعون ضده الثامن) وابنتها رافعة الدعوى وادعت شقيقة البائعة بتزوير بصمة ختم مورثتها على عقد البيع كما أنكرت بصمة الأصبع المنسوبة للبائعة على ذات العقد وبتاريخ 27 من مارس سنة 1961 قضت المحكمة الابتدائية بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 22 من إبريل سنة 1943 وبرفض الادعاء بالتزوير وإلزام مدعية التزوير غرامة مقدارها 25 جنيهاً ورفض الطعن بالإنكار وتغريم الطاعنة فيه أربعة جنيهات. وأسست المحكمة قضاءها بصحة هذا العقد على أن البائعة أقرت بصدوره منها وبقبضها الثمن الوارد فيه في التوكيل الموثق في 15 من أكتوبر سنة 1959 والصادر منها لزوجها المطعون ضده الثامن والذي صرحت له فيه بالتوقيع على عقد البيع النهائي لما تصرفت فيه بالبيع لابنتها بالعقد الابتدائي موضوع الدعوى. استأنفت شقيقة البائعة (مورثة المطعون ضدهم الستة الأول) هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 917 سنة 78 ق وتمسكت في أسباب الاستئناف بسقوط حق المشترية - الطاعنة - في المطالبة بصحة عقد البيع بالتقادم لمضي أكثر من خمسة عشر عاماً على صدور البيع قبل رفع الدعوى وبأن هذا العقد في حقيقته وصية لا تنفذ إلا في ثلث التركة وقررت أن التوكيل الرسمي الذي استندت إليه محكمة أول درجة في القضاء بصحة العقد هو توكيل مزور على المورثة إذ كانت عاجزة تماماً في تاريخ إجرائه عن القيام بأي عمل بسبب مرضها. وردت الطاعنة على هذا الدفاع بأنه لا جدوى من الطعن على التوكيل لأن عقد البيع يغني عنه وطلبت رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم ورفض الاستئناف وأضافت في مذكرتها أن التقادم قد انقطع للأسباب التي ذكرتها في هذه المذكرة ولما توفيت المستأنفة جدد ورثتها المطعون ضدهم الثلاثة الأول السير في الخصومة في الاستئناف واختصموا باقي الورثة والطاعنة ووالدها وطلبوا الحكم بسقوط عقد البيع بالتقادم واحتياطياً القضاء برفض الدعوى لأن عقد البيع يستر وصية. وبتقرير مؤرخ 22 من فبراير سنة 1964 قرر المطعون ضده الأول في قلم الكتاب بالادعاء بتزوير التوكيل رقم 13671 سنة 1959 توثيق عام القاهرة والمنسوب صدوره من المورثة نفيسة دسوقي سليمان أبو الدبل إلى زوجها. وبجلسة 20 من يناير سنة 1964 طلب محمود محمود الكفراوي قبوله خصماً في الاستئناف وقدم مذكرة طلب فيها تثبيت ملكيته لجزء من القدر المبيع بالعقد محل النزاع ولم تفصل المحكمة في طلبه. وبتاريخ 6 من إبريل سنة 1964 قضت بقبول مذكرة شواهد التزوير وإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفون بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن المرحومة زينب دسوقي سليمان أبو الدبل كانت في غيبوبة الموت عند صدور التوكيل المنسوب لها توثيقه برقم 13671 سنة 1959 عام القاهرة وأن المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) بصمت عليه بختم الموكلة وببصمة نسبتها لها في غفلة منها. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت في 27 من أكتوبر سنة 1964 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى الطاعنة تأسيساً على ما انتهت إليه في أسبابها من ثبوت تزوير التوكيل الذي نسب فيه للبائعة إقرارها بعقد البيع ومن أن حق الطاعنة المشترية في طلب صحة ونفاذ العقد قد سقط بالتقادم لانقضاء أكثر من خمس عشرة سنة من تاريخ تحريره قبل أن ترفع هذه الدعوى ودون أن تضع اليد على المبيع. وبتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1964 طعنت الطاعنة بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطاعنة اختصمت في الطعن محمود محمود الكفراوي - المطعون ضده السابع - بوصفه خصماً متدخلاً في الاستئناف وقدم هذا الأخير مذكرة طلب فيها رفض الطعن على اعتبار أنه كان خصماً منضماً إلى ورثة المستأنفة في الاستئناف طبقاً للمادة 412 من قانون المرافعات.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن محمود محمود الكفراوي طلب من محكمة الاستئناف قبل تدخله لأول مرة في الاستئناف وطلب في مذكرته التي تقدم بها إلى تلك المحكمة أن تقضي له بتثبيت ملكيته إلى نصيبه الميراثي عن والدته في القدر موضوع عقد البيع الذي رفعت الطاعنة الدعوى بطلب صحته ونفاذه (المذكرة المودعة برقم 20 من الملف الاستئنافي) ولما كانت محكمة الاستئناف لم تفصل في طلب تدخله كما لم تقض في طلباته فإنه يظل خارجاً عن الخصومة ولا يعتبر طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. ولما كان لا يجوز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا يجوز أمامها اختصام من لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة الاستئناف فإن اختصام المطعون عليه السابع محمود محمود الكفراوي في هذا الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ذلك - قد استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعواها على أن حقها في المطالبة بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 22 إبريل سنة 1943 قد سقط بالتقادم طبقاً لنص المادة 374 من القانون المدني لأنها لم تتخذ من جانبها أي إجراء قانوني يفيد صحة هذا العقد وجديته منذ تاريخ تحريره حتى تاريخ رفع الدعوى في 20 من ديسمبر سنة 1959 وهي مدة تزيد على خمس عشرة سنة وهذا من الحكم مخالفة للقانون. إذ أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع لا تسقط سواء بالنسبة للبائع أو لورثته بالتقادم مهما طالت المدة لأن من أحكام عقد البيع المقررة في المادة 439 من القانون المدني أن البائع يلتزم بضمان عدم منازعته للمشتري في البيع فيمتنع عليه أبداً التعرض للمشتري ويتنقل هذا الالتزام إلى ورثته من بعده فيمتنع عليهم أن يدفعوا دعوى الطاعنة المشترية بصحة ونفاذ العقد بسقوط حقها بالتقادم لأن هذه المنازعة منهم تعتبر من قبيل التعرض الممتنع عليهم.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن من أحكام البيع المقررة في المادتين 266 و300 من القانون المدني القديم والمادة 439 من القانون القائم التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه هذا الالتزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع أبداً التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع إلا إذا توافرت لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العين المبيعة المدة المكسبة للملكية - وفق ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولما كان الدفع من المرحومة نفيسة دسوقي شقيقة البائعة ووارثتها من بعدها، بسقوط حق الطاعنة بالتقادم لقعودها عن رفع دعواها بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليها من المورثة أكثر من خمس عشرة سنة بعد تاريخ صدور هذا العقد هو من قبيل المنازعة الممتنعة قانوناً على ورثة البائعة مقدمي هذا الدفع بمقتضى إلزام القانون مورثهم بالضمان السالف الذكر فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول هذا الدفع وبرفض الدعوى على أساس أن حق الطاعنة في طلب صحة ونفاذ العقد قد سقط بالتقادم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه. ولا يقدح في ذلك ما أبداه المطعون ضده السادس في مذكرتيه المقدمتين لهذه المحكمة وسايرته فيه النيابة العامة من أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بالتزام البائعة وورثتها بالضمان وأن ما قررته أمام تلك المحكمة من انقطاع التقادم يفيد تنازلها عن حقها في التمسك بذلك الضمان وبالتالي فلا يجوز لها أن تتمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض - هذا لا يقدح في صحة النظر السابق لأن الطاعنة وقد رفعت الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 22 من إبريل سنة 1943 وتمسكت بهذا العقد وبقيامه صحيحاً ومنتجاً لجميع آثاره طوال نظر الدعوى أمام درجتي التقاضي فإن مقتضى ذلك أنها تمسكت بجميع الآثار القانونية الناشئة عن هذا العقد ومن بينها التزام البائعة بضمان عدم التعرض وهو التزام لا يسقط عنها وعن ورثتها أبداً على ما تقدم ذكره، وإذ كان دفاع الطاعنة أمام محكمة الاستئناف قد تناول انقطاع التقادم إن كان قد بدأ في السريان فإن ذلك منها إنما كان احتياطاً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة من الأخذ بوجهة نظر الخصوم في سريان التقادم في هذه الحالة ولا يفيد تنازلها عن حقها في الضمان المتولد عن عقد البيع. كذلك فإنه لا حجة لما ذهب إليه المطعون ضده السادس في مذكرته من أن قضاء الحكم المطعون فيه قد أقيم على دعامة أخرى غير تقادم الحق في المطالبة بصحة ونفاذ عقد البيع وأن هذه الدعامة الأخرى هي تزوير التوكيل وصورية العقد. ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعرض لصورية العقد أو جديته وأنه وإن كان قد عرض التوكيل وأثبت تزويره فإنما كان ذلك لإثبات عدم صلاحية هذا التوكيل لتأييد عقد البيع على أساس أنه ورد فيه إقرار من المورثة بهذا العقد، أما قضاء الحكم برفض دعوى الطاعنة فقد قام على أن حقها في المطالبة بصحة العقد ونفاذه قد سقط بالتقادم تطبيقاً للمادة 374 من القانون المدني، وقال الحكم إنه ترتيباً على ذلك يضحى عقد البيع المنسوب صدوره من المورثة والذي طعن عليه بالتزوير أمام محكمة الدرجة الأولى لا أثر له.
وحيث إنه يتعين لما تقدم نقض الحكم المطعون فيه لمخالفته القانون وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن ولما كان قضاء الحكم بسقوط حق الطاعنة بالتقادم قد حجبه عن بحث باقي أوجه دفاع الخصوم فإنه يتعين إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف.