أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 150

جلسة 23 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشى، ومحمد سيد أحمد حماد.

(25)
الطعن رقم 532 لسنة 34 القضائية

( أ ) بيع "التزامات البائع". "الالتزام بنقل الملكية". "ثمار المبيع".
التزام البائع بتسليم المبيع إلى المشتري ولو لم يسجل عقد البيع وبالرغم من عدم انتقال الملكية قبل التسجيل. ثمار المبيع من تاريخ البيع للمشتري. ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك.
(ب) دعوى. "الطلب العارض". التزام. "المقاصة القضائية". حكم. "قصور". "ما يعد كذلك".
عدم رد الحكم على دفاع الطاعن المنطوي على مقاصة قضائية والمبدى في صورة طلب عارض. قصور. مثال.
1 - لئن كانت ملكية العقار المبيع لا تنتقل إلى المشتري قبل تسجيل عقد البيع إلا أن البائع يلتزم بتسليم المبيع إلى المشتري ولو لم يسجل العقد. وبذلك تكون للمشتري ثمرة المبيع من تاريخ إبرام البيع ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك.
2 - إذ كان دفاع الطاعن أمام محكمة أول درجة - وقد أبدي في صورة طلب عارض - ينطوي على طلب إجراء المقاصة القضائية بين الريع المستحق للمطعون ضده عن أعيان التركة وبين الديون التي قام الطاعن بسدادها عن تركة مورث المطعون ضده، وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم إذ خلا من الرد على هذا الدفاع يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم ووالدتهم السيدة حميدة طنطاوي أقاموا على الطاعنين الأول والثاني الدعوى رقم 3486 سنة 1950 مدني كلي القاهرة طلبوا فيها الحكم بمقدار نصيبهم في ريع المنزل ومحل الفراشة الموضحين بالصحيفة من تاريخ وفاة مورثهم المرحوم حسين عاشور في سنة 1932 حتى تاريخ المطالبة القضائية. وقالوا بياناً للدعوى أنهم والمرحوم محمود حسين عاشور مورث المدعى عليهما آلت إليهم ملكية هذه الأعيان بالميراث عن والدهم وأن نصيب المدعين في المنزل مقداره 18 و1/ 6 قيراطاً وفي محل الفراشة 11 و1/ 6 قيراطاً ولكن مورث المدعى عليهما وكان أكبر الأبناء تولى إدارة التركة بعد وفاة والدهم ولم يسلمهم حصتهم في الريع فأقاموا الدعوى بطلباتهم السابق بيانها. وأثناء نظر الدعوى توفيت السيدة حميدة طنطاوي وتم إدخال باقي ورثتها وهما "الطاعنتان الثالثة والرابعة" في الدعوى وعدل المطعون ضدهم طلباتهم في الريع يجعل حصتهم المطالب بريعها 16 و2/ 3 قيراطاً في المنزل و9 و1/ 3 قيراطاً في محل الفراشة مضيفين إلى نصيبهم ما آل إليهم عن والدتهم. دفع الطاعن الأول بأن التركة كانت مستغرقة بالديون وأنه قام بسداد الأقساط المستحقة للدائن المرتهن للمنزل ومصاريف إصلاحه وبتاريخ 8 نوفمبر سنة 1952 قضت المحكمة الابتدائية بندب خبير لتقدير صافي ريع أعيان التركة ونصيب المدعين فيه من تاريخ وفاة المورث حتى التاريخ الذي يقدم فيه الخبير تقريره. ثم قضت في 23 يونيه سنة 1958 بندب خبير آخر لتقدير ريع المحل على النحو المتقدم بعد الاطلاع على ملف مصلحة الضرائب الخاص به. وانتهى الخبير الأول إلى تقدير صافي ريع المنزل من تاريخ وفاة المورث حتى نهاية شهر سبتمبر سنة 1956 بمبلغ 343 ج و260 للمطعون ضده الأول وبمبلغ 345 ج و759 م لكل من المطعون ضدهما الثانية والثالثة وانتهى الخبير الثاني إلى تقدير نصيب المطعون ضده الأول في ريع المحل عن هذه الفترة بمبلغ 84 ج و444 م ونصيب كل من المطعون ضدهما الثانية والثالثة في هذا الريع بمبلغ 678 ج و55 م. وقد عدل المطعون ضدهم طلباتهم إلى الحكم بإلزام الطاعنين بأن يؤدوا لهم هذه المبالغ من تركة مورثهم المرحوم محمود حسين عاشور. وقضت لهم المحكمة الابتدائية في 18 إبريل سنة 1963 بهذه الطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1805 سنة 80 ق القاهرة وكان من بين ما تمسكوا به في أسباب استئنافهم أن المطعون ضدهم تصرفوا في نصيبهم المطالب بريعه بالبيع وأصبح لذلك لا حق لهم في طلب هذا الريع وبتاريخ 20 يونيه سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب. ويقولون في بيان ذلك إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضدهم تصرفوا بالبيع في نصيبهم في أعيان التركة ولهذا فلا يحق لهم في ريعه وقد أقر المطعون ضده الأول أمام الخبير ببيع حصته في هذه الأعيان فيما عدا قيراطين في المنزل إلى مورث الطاعنين وباعت المطعون ضدها الثانية لهذا المورث حصتها بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 6/ 5/ 1942 استصدر المورث حكماً بصحة التوقيع عليه في الدعوى رقم 837 سنة 1945 كلي القاهرة كما باعت له السيدة حميدة أحمد طنطاوي حصتها بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 5/ 6/ 1944 وعلى الرغم من أن المطعون ضدهم لم يجحدوا هذه التصرفات ومن أنه قد صدر حكمان سابقان برفض طلب المطعون ضدهما الأول والثانية تثبيت ملكيتهما عن حصتهما في هذه الأعيان في الدعويين رقم 2853، 2854 سنة 1962 كلي القاهرة فإن الحكم المطعون فيه رفض الأخذ بدفاع الطاعنين ولم يعتد بالعقود والأحكام الصادرة بشأنها بحجة أن العقود غير المسجلة لا تغني في إثبات تجرد البائعين من نصيبهم في ملكية المنزل المطالب بالريع عنه. وهذا من الحكم مخالف للقانون لأن عقد البيع غير المشهر يترتب عليه جميع آثاره ومنها تسليم المبيع إلى المشتري فيكون له ريعه. كما أن الحكم اعتمد في رفضه لهذا الدفاع على أن الخبير الذي أجرى معاينة المنزل فحص الأنصبة واستنزل من نصيب المطعون ضده الأول مقدار الخمسة قراريط التي باعها في المنزل وراعى الأنصبة الخاصة بكل من الخصوم، وهذا في حين أن الخبير أدخل في حساب الريع الذي قدره للمطعون ضدهم ريع الحصة التي باعتها المطعون ضدها الثانية وتلك التي باعتها السيدة حميدة طنطاوي بعد تصرفهما بالبيع فيهما كما أغفل الخبير فحص المستندات التي قدمها الطاعن الأول لإثبات قيام مورث الطاعنين بسداد بعض ديون التركة من ماله الخاص. واكتفى الحكم المطعون فيه بالأخذ بأسباب الحكم الابتدائي الذي ركن إلى تقرير الخبير ولو أنه التفت إلى هذا الدفاع وعنى ببحثه لتغير رأيه في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضدها الثانية باعت إلى مورثهم حصتها في المنزل بعقد عرفي مؤرخ 6/ 5/ 1942 وأن السيدة حميدة أحمد طنطاوي وهي والدة المطعون ضدهم باعت إلى هذا المورث حصتها في المنزل بعقد عرفي مؤرخ 5/ 6/ 1944 وبأنه لا حق المطعون ضدهم في المطالبة بريع حصة والدتهم بعد وفاتها، وقد اعتمد الحكم المطعون فيه في قضائه بإلزام الطاعنين بريع هاتين الحصتين على القول بأن "الخبير عند مباشرته المأمورية فحص المستندات وراعى الأنصبة الخاصة بكل من الخصوم وأن العقود المثبتة للتصرف في هاتين الحصتين لا زالت عرفية لم يتم تسجيلها ولا يحتج بها" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه في هذا الخصوص ينطوي على خطأ في القانون ومخالفة للثابت بتقرير الخبير ذلك أنه وإن كانت ملكية العقار المبيع لا تنتقل إلى المشتري قبل تسجيل عقد البيع إلا أن البائع يلتزم بتسليم المبيع إلى المشتري ولو لم يسجل العقد وبذلك تكون للمشتري ثمرة المبيع من تاريخ إبرام البيع ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك. لما كان ذلك وكان يبين من تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه أنه أدخل في الريع الذي احتسبه للمطعون ضدهم ريع حصة المطعون ضدها الثانية في المنزل والتي باعتها لمورث الطاعنين وكذا ريع الحصة التي باعتها له المرحومة حميدة أحمد طنطاوي في هذا المنزل عن جميع مدة حساب الريع بما في ذلك الفترة اللاحقة لصدور هذين التصرفين مع أن الريع في هذه الفترة من حق المورث الطاعنين (المشتري) ما لم يتضمن عقد البيع شرطاً مخالفاً على ما تقدم ذكره، فإن الحكم المطعون فيه يكون في هذا الخصوص مخطئاً في القانون ومخالفاً للثابت في تقرير الخبير. ولما كان الثابت أيضاً من الأوراق أن الطاعن الأول تمسك في مذكرته المقدمة لجلسة 29/ 4/ 1952 أمام محكمة أول درجة بأن تركة مورث المطعون ضدهم كانت مستغرقة بالديون وأن مورث الطاعنين قام بدفع الأقساط التي استحقت للدائن المرتهن للمنزل كما قام بإصلاح المنزل ودفع التكاليف اللازمة لبنائه وتركيب أدواته وطلب إجراء الحساب مع المطعون ضدهم لمعرفة ما لهم وما عليهم من الديون التي قدم مستندات سدادها تأييداً لدفاعه وطلب فحص هذه المستندات من الخبير الأول في المذكرة المرفقة بتقريره، وكان هذا الدفاع - وقد أبدي في صورة طلب عارض - ينطوي على طلب إجراء المقاصة القضائية بين الريع المستحق للمطعون ضدهم عن أعيان التركة وبين الديون التي قام مورث الطاعنين بسدادها، وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يغير وجه الرأي في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه وتقرير الخبيرين اللذين أخذ بهما هذان الحكمان قد خلت جميعها من الرد على هذا الدفاع الذي أبداه الطاعن الأول، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يبطله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه لخطئه في تطبيق القانون وقصوره في التسبيب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.