أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 157

جلسة 16 يناير سنة 1974

برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود وجودة أحمد غيث وإبراهيم السعيد ذكرى وإسماعيل فرحات عثمان.

(28)
الطعن رقم 238 لسنة 36 القضائية

(1) ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". دعوى "الدعوى البوليصية". تنفيذ.
دين الضريبة ينشأ بمجرد توافر الواقعة المنشئة له طبقاً للقانون. الورد أداة تنفيذية لتحصيل الضريبة. تصرف الممول في عقاره بالبيع. الحكم بإلغاء الحجز الإداري على هذا العقار استيفاء لضريبة الأرباح التجارية المستحقة بعد سنتي 1956 و1957 إقامة الحكم قضاءه على أن الورد لم يوجه إلى الممول قبل تاريخ التصرف الذي سجل في سنة 1959، وبالتالي عدم توافر شروط الدعوى البوليصية خطأ في القانون.
(2) ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية".
ضريبة الأرباح التجارية. استحقاقها سنوياً منوط بنتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي يباشرها الممول في بحر السنة.
1 - دين الضريبة ينشأ بمجرد توافر الواقعة المنشئة له طبقاً للقانون، وهذه الواقعة تولد مع ميلاد الإيراد الخاضع للضريبة، أما الورد فهو أداة تنفيذية لتحصيل الضريبة ولا يعتبر مصدراً للالتزام بالضريبة أو شرطاً لتكونه، يؤيد هذا النظر أنه يبين من نصوص بعض مواد القانون رقم 14 لسنة 1939 أن دين الضريبة ينشأ ويصبح واجب الأداء قبل أن يصدر به الورد، فقد ألزم المشرع الممولين في المادتين 44، 48 من هذا القانون بعد تعديلهما بالقانون رقم 146 لسنة 1950 بالوفاء بالضريبة على أساس الإقرار المقدم منهم، وتقرر المادة 45 وما بعدها أن الضريبة تصبح واجبة الأداء طبقاً لما يستقر عليه رأي المصلحة إذ أصرت على تصحيح الإقرار المقدم من الممول، وأجازت المادة 92 بعد تعديلها بالقانون رقم 275 لسنة 1956 للمصلحة توقيع حجز تنفيذ بقيمة ما هو مستحق من الضرائب على أساس الإقرار إذا لم يتم أداؤها في الموعد القانوني دون حاجة إلى إصدار الورد، وتقضي المادة 93 مكرراً ( أ ) بإلزام الممول بفائدة قدرها ستة في المائة عن الضريبة التي لم يؤدها في ميعاد تقديم الإقرار اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ انتهاء المواعيد المحددة لأدائها حتى تاريخ الأداء. ولا محل للتحدي بما تنص عليه المادة 92 من ذات القانون، ذلك أن هذه المادة صريحة في أنها تعلق تحصيل الضريبة لا نشوءها على صدور الأوراد الواجبة التنفيذ. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 97 مكرراً من القانون رقم 14 لسنة 1939 المضافة بالمرسوم بقانون رقم 349 لسنة 1952، ولا ما أورده القانون رقم 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم في مادته الثانية، لأن هذين القانونين لم يستهدفا الإبانة عن الواقعة المنشئة لدين الضريبة، وإنما شرطا اتخاذ إجراءات معينة تيسيراً على الممولين في استرداد ما دفعوه بغير حق، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 349 لسنة 1952، وكذلك ما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 646 لسنة 1953 تعليقاً على المادة الثانية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على أن دين الضريبة لا ينشأ في ذمة الممول إلا بعد صدور الورد، وأن دين ضريبة الأرباح التجارية موضوع التنفيذ المستحق عن سنتي 1956 و1957، تال في الوجود لتاريخ التصرف الصادر منه - بيع العقار المحجوز عليه إدارياً - إلى المطعون عليهن والمسجل في 3 من سبتمبر 1959 تأسيساً على أن الورد لم يكن قد وجه إليه حتى ذلك التاريخ، ورتب الحكم على ذلك عدم توافر شروط الدعوى البوليصية بالنسبة لهذا التصرف، وإلغاء الحجز الموقع على العقار المبيع، فإنه يكون قد خالف القانون.
2 - الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وفق المادتين 38 و39/ 1 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يستحق سنوياً واستحقاقها منوط بنتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي يباشرها الممول في بحر السنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهن الثلاث الأوليات أقمن الدعوى رقم 266 لسنة 1962 مدني أمام محكمة المنصورة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب - الطاعنة - ومراقب الشهر العقاري - المطعون عليه الرابع - طلبن فيها الحكم بإلغاء الحجز العقاري المسجل في 10 من أغسطس 1961 والموقع على المنزل المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والمملوك لهن بمقتضى العقد المسجل في 3 من سبتمبر 1959، وقلن شرحاً للدعوى إنهن تملكن هذا المنزل عن طريق الشراء من والدهن المرحوم...... بموجب العقد سالف الذكر مثالثة بينهن، غير أن مأمورية ضرائب المنصورة وقعت عليه حجزاً عقارياً سجل في 10 من أغسطس 1961 ظناً منها أنه مملوك لمدينها.........، وإذ وقع هذا الحجز باطلاً لأن العقار المحجوز عليه غير مملوك للمدين فقد أقمن الدعوى بالطلبات سالفة البيان وردت مصلحة الضرائب بأن المادة 1139 من القانون المدني تخولها حق تتبع عقارات مدينها تحت أية يد كانت، كما دفعت بعدم نفاذ التصرف الصادر إلى المطعون عليهن في حقها طبقاً للمادة 237 وما بعدها من ذات القانون. وبتاريخ 30 من يناير 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهن الثلاث الأوليات هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 110 لسنة 17 ق مدني المنصورة، وبتاريخ 5 من مارس 1966 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء الحجز العقاري المسجل في 10 من أغسطس 1961 الموقع على المنزل المملوك للمطعون عليهن بمقتضى العقد المسجل في 3 من سبتمبر 1959 واعتبار الحجز كأن لم يكن. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها تنازلت الطاعنة عن الوجه الأول من سبب الطعن المتعلق بعدم أحقيتها في تتبع عقارات مدينها، والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضي بعدم توافر شروط الدعوى البوليصية بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى المطعون عليهن على سند من القول بأن دين الضريبة المستحق عن سنتي 1956، 1957 تال في الوجود لحصول التصرف لأن الضريبة لا تعتبر ديناً في ذمة الممول إلا بعد صدور الورد الخاص بها طبقاً لنص المادة 92 من القانون رقم 14 لسنة 1939 هذا في حين أن دين الضريبة يستحق في ذات التاريخ الذي تنشأ فيه الواقعة التي تتولد عنها، ولا يعلق على أي قرار أو إجراء تتخذه الإدارة المالية، وقد جعل المشروع استحقاق الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية منوطاً بنتيجة العمليات التي يباشرها الممول خلال سنته المالية وبالتالي تستحق الضريبة في نهاية السنة الضريبية، الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان دين الضريبة ينشأ بمجرد توافر الواقعة المنشئة له طبقاً للقانون، وهذه الواقعة تولد مع ميلاد الإيراد الخاضع للضريبة، أما الورد فهو أداة تنفيذية لتحصيل الضريبة، ولا يعتبر مصدراً للالتزام بالضريبة أو شرطاً لتكونه، يؤيد هذا النظر أنه يبين من نصوص بعض مواد القانون رقم 14 لسنة 1939 أن دين الضريبة ينشأ ويصبح واجب الأداء قبل أن يصدر به الورد، فقد ألزم المشرع الممولين في المادتين 44، 48 من هذا القانون بعد تعديلهما بالقانون رقم 146 لسنة 1950 بالوفاء بالضريبة على أساس الإقرار المقدم منهم، وتقرر المادة 45 وما بعدها أن الضريبة تصبح واجبة الأداء طبقاً لما يستقر عليه رأي المصلحة إذا أصرت على تصحيح الإقرار المقدم من الممول، وأجازت المادة 92 بعد تعديلها بالقانون رقم 275 لسنة 1956 للمصلحة توقيع حجز تنفيذي بقيمة ما هو مستحق من الضرائب على أساس الإقرار إذا لم يتم أداءها في الموعد القانوني دون حاجة إلى إصدار الورد، وتقضي المادة 93 مكرراً ( أ ) بإلزام الممول بفائدة قدرها ستة في المائة عن الضريبة التي لم يؤدها في ميعاد تقديم الإقرار اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ انتهاء المواعيد المحددة لأدائها حتى تاريخ الأداء. وكان لا محل للتحدي بما تنص عليه المادة 92 من ذات القانون من أن "يكون تحصيل الضرائب بمقتضى أوراد واجبة التنفيذ تصدر باسم من هم ملزمون قانوناً بتسديدها للخزانة بغير إخلال بما قد يكون لهم من حق الرجوع على من هم مدينون بها. وتوقع هذه الأوراد من الموظفين الذين تعينهم اللائحة التنفيذية، ذلك أن هذه المادة صريحة في أنها تعلق تحصيل الضريبة لا نشوءها على صدور الأوراد الواجبة التنفيذ، وكان لا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 97 مكرراً من القانون رقم 14 السنة 1939 المضافة بالمرسوم بقانون رقم 349 لسنة 1952 من أن المدة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 97 - وهي الخاصة بسقوط حق الممول في المطالبة برد الضرائب المتحصلة منه بغير حق - تبدأ من تاريخ إخطاره الممول بربط الضريبة، وإنه إذا عدل الربط بدأت مدة جديدة من تاريخ إخطاره بالربط المعدل، ولا ما أورده القانون رقم 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم في مادته الثانية من بدأ سريان تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق من يوم دفعها إلا إذا ظهر الحق في طلب الرد بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل، فيبدأ التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد بموجب كتاب موصى عليه، - لا يغير من ذلك ما تقدم - لأن هذين القانونين لم يستهدفا الإبانة عن الواقعة المنشئة لدين الضريبة وإنما شرطا اتخاذ إجراءات معينة تيسيراً على الممولين في استرداد ما دفعوه بغير حق، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 349 لسنة 1952 بقوله أنه "كذلك اختلف في شأن تاريخ بدء المدة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 97 التي تقضي بأن يسقط حق الممول بالمطالبة برد الضرائب المتحصلة منه بغير حق بمضي سنتين، فمن قائل أن هذه المدة تبدأ في تاريخ دفع الضريبة أو تحصيلها، ومن قائل أنها تبدأ من تاريخ إخطار الممول بربط الضريبة وعلمه بمقدارها وفقا لأحكام القانون، ولما كانت أحكام القانون توجب على الممولين أداء الضريبة من واقع الإقرار، وقد يخطئ الممول في ذلك أو قد يلتبس عليه أمر مقدار المستحق عليه إذا ما تراكمت عليه ضرائب أكثر من سنة، أو حدثت وقائع من شأنها تعديل ربط الضريبة كوقوع خسارة في سنة يجوز نقلها إلى سنة أخرى، أو كصدور قرار من لجنة الطعن أو حكم من المحكمة من شأنه تعديل أساس تحصيل الضريبة، وقد تمر مدة السنتين في أثناء تلك الوقائع ويختلط الأمر على الممول فلا يدري على وجه التحديد مقدار ما يعتبر مؤدى بالزيادة في سنة وبالنقض في سنة أخرى، ولا يجوز في هذه الحالة القول بسريان المدة مع جهل الممول بحقوقه أو التزاماته، لذلك رؤى وضعاً للأمور في نصابها وتأميناً لحقوق الممولين أنفسهم أن تبدأ المدة من تاريخ إخطار الممول بالربط فإذا كان قد أدى زيادة على الربط الذي أعلن به كان عليه أن يبادر فيطالب بحقه وإلا كان سكوته مدعاة لسقوط حقه. فإذا أدى بعد الربط مبالغ ثم عدل هذا الربط وفقاً لأحكام القانون وجب أن يترتب للممول الحق ذاته في الاسترداد خلال سنتين من تاريخ إخطاره بالربط المعدل....." وكذلك ما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 646 لسنة 1953 تعليقاً على المادة الثانية بقولها "وتنص المادة الثانية من هذا المشروع على ميعاد بدء التقادم بالنسبة لحق المطالبة بما دفع أن الضرائب والرسوم بغير حق، فنصت على أن يبدأ من يوم الدفع، هذا ما يقرره القانون المدني، وأضاف المشروع أنه إذا ظهر الحق في طلب الرد بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل فيبدأ التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد بموجب كتاب موصى عليه، وهذا الحكم الجديد تمليه العدالة"، لما كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن الضريبة موضوع التنفيذ مستحقة على أرباح تجارية لمورث المطعون عليهن عن سنتي 1956، 1957، وكانت الضريبة على الأرباح التجارية الصناعية وفق المادتين 38، 39/ 1 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة تستحق سنوياً واستحقاقها منوط بنتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي يباشرها الممول في بحر السنة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن دين الضربة لا ينشأ في ذمة الممول إلا بعد صدور الورد، وأن دين ضريبة الأرباح موضوع التنفيذ تال في الوجود لتاريخ التصرف الصادر منه إلى المطعون عليهن الثلاث الأوليات والمسجل في 3 من سبتمبر سنة 1959 تأسيساً على أن المورد لم يكن قد وجه إليه حتى ذلك التاريخ، ورتب الحكم على ذلك عدم توافر شروط الدعوى البوليصية بالنسبة لهذا التصرف وإلغاء الحجز الموقع على العقار المبيع، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.