أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 170

جلسة 23 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(28)
الطعن رقم 1 لسنة 35 القضائية

( أ ) إثبات "الإثبات بالبينة". "الاستجواب".
جزاء تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب. جواز قبول الإثبات بشهادة الشهود في وقائع الاستجواب. لا بطلان.
(ب) سند إذني "السند المحرر على بياض". أوراق تجارية. "تظهير".
السند الإذني المحرر على بياض كالسند لحامله بالنسبة لانتقال الملكية بالمناولة دون حاجة إلى التظهير. من حق حامله المطالبة بقيمته.
1 - إذا كان ما رتبه القانون في المادة 173 من قانون المرافعات جزاء من تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول هو جواز قبول الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الوقائع التي أرادت استجواب المطعون ضده فيها فإنه لا يكون فيما فعلته المحكمة ما يشوب إجراءاتها بأي بطلان.
2 - السند الإذني المحرر على بياض يعتبر كالسند لحامله بالنسبة إلى انتقال ملكيته بالمناولة من يد إلى يد دون حاجة إلى تحويل بالتظهير ومن حق حامله أن يطالب بقيمته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده طلب في الدعوى رقم 182 سنة 1962 كلي المنصورة إلزام الطاعن بأن يؤدي إليه مبلغ 520 جنيهاً قيمة السند الإذني المؤرخ 10 مارس سنة 1962 والموقع عليه منه باعتباره مديناً والذي ترك فيه اسم المستفيد على بياض وقدم المطعون ضده للمحكمة عقد اتفاق مؤرخ أول نوفمبر سنة 1961 يتضمن تصفية شركة تجارية بينه وبين شركائه واختص فيه بملكية السند المذكور وأقر الطاعن بتوقيعه على السند وأنكر مديونيته وادعى أن السند كان قد فقد منه وقرر أنه أبلغ الشرطة عن فقده وحرر عن ذلك محضر الجنحة 5250 سنة 1961 بلقاس وقدم صورة رسمية من هذا المحضر تفيد إبلاغه بتاريخ 28 أغسطس سنة 1962 بفقد حافظة نقوده وبها السند المطالب بقيمته من ثلاثة أيام سابقة على بلاغه. وفي 15 من ديسمبر سنة 1962 قضت محكمة المنصورة الابتدائية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 520 جنيهاً فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 366 سنة 14 قضائية وأضاف إلى دفاعه السابق أن سند الدين موضوع الدعوى هو سند مدني يخضع لقواعد الحوالة وأنه لم يعلن بها وطالب بتمكينه من إثبات فقده للسند ونفى مديونيته للمطعون ضده وللشركة التي يقول المطعون ضده إنها خصته بالسند المطالب بقيمته وفي 9 من فبراير سنة 1963 قضت المحكمة باستجواب الخصوم شخصياً في ظروف تحرير السند موضوع الدعوى وفيما ورد بمحاضر الحجوز التنفيذية التي أوقعها المطعون ضده نفاذاً للحكم الصادر له من محكمة الدرجة الأولى وما ثبت في المحضر الأخير منها والمؤرخ 16/ 1/ 1963 من أن الطاعن أقر للمحضر أنه أوفى بمبلغ 200 جنيه من المبلغ المطلوب التنفيذ به. وبعد أن استجوبت المحكمة الطاعن وناقشت وكيل المطعون ضده بسبب اعتذار المطعون ضده عن الحضور لمرضه قضت في 10 من نوفمبر سنة 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده أن السند موضوع الدعوى وليد عملية تجارية وبعد أن تم التحقيق قضت المحكمة في 4 من نوفمبر سنة 1964 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم في 2 من يناير سنة 1965 وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه ابتناءه على إجراءات باطلة والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف أصدرت حكماً باستجواب الطاعن والمطعون ضده ولكنها اكتفت بتنفيذ هذا الحكم جزئياً باستجواب الطاعن وحده وعدلت عن استجواب المطعون ضده على الرغم من أن الطاعن قد تمسك بضرورة استجوابه في خطابه المسجل الذي أرسله إلى المحكمة بتاريخ 30 أكتوبر سنة 1963 وذكر في هذا الخطاب أن المرض الذي تعلل به المطعون ضده في عدم حضوره في جلسة الاستجواب غير صحيح وإذ كان ما فعلته المحكمة يعتبر عدولاً منها عن تنفيذ حكم الاستجواب وكانت لم تبين أسباب هذا العدول فإن إجراءاتها تكون باطلة كما يكون حكمها مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت من محضر جلسة 7 أكتوبر سنة 1963 التي حددتها محكمة الاستئناف لتنفيذ حكم الاستجواب الصادر منها في 9 فبراير سنة 1963 أن محامى المطعون ضده قرر بتلك الجلسة أن مرض موكله بالشلل منعه من الحضور لتنفيذ قرار المحكمة باستجوابه وقد قامت المحكمة باستجواب الطاعن وناقشت وكيل المطعون ضده ثم قررت أن تصدر حكمها في الدعوى بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1963 وصرحت بتقديم مذكرات في آجال حددتها وقدم الطاعن مذكرة أشار فيها إلى أن امتناع المطعون ضده عن الحضور للاستجواب يؤيد دفاعه وطلب الحكم برفض الدعوى أو تمكينه من إثبات دفاعه بإحالة الدعوى إلى التحقيق. لما كان ذلك وكان ظاهراً من محضر الجلسة التي جرى فيها استجواب الطاعن ومن الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تنفذ حكم الاستجواب بالنسبة للمطعون ضده بسبب مرضه الذي حال دون حضوره في الجلسة المحددة لاستجوابه وكان ما رتبه القانون في المادة 173 من قانون المرافعات جزاء على تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول هو جواز قبول الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك وكانت محكمة الموضوع قد أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الوقائع التي أرادت استجواب المطعون ضده فيها بكافة طرق الإثبات، وكان الطاعن نفسه قد طلب اتخاذ هذا الإجراء في مذكرته التي قدمها بعد الجلسة التي جرى فيها استجوابه دون أن يصر على طلب استجواب المطعون ضده فإنه لا يكون فيما فعلته المحكمة ما يشوب إجراءاتها بأي بطلان ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وذلك أن الطاعن دفع ببطلان حوالة السند من شركاء المطعون ضده إليه لأن السند الذي لا يذكر فيه اسم المستفيد يعتبر ولو كان وليد عملية تجارية كما زعم المطعون ضده، سنداً مدنياً تجري عليه أحكام الحوالة المدنية ومنها ما تقضي به المادة 305 من القانون المدني من وجوب إعلان الحوالة للمدين وأنه إذ لم تعلن الحوالة للطاعن فإن الدعوى من المطعون ضده تكون غير مقبولة لرفعها من غير ذي صفة وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأن السند الخالي من ذكر اسم المستفيد يعتبر كالسند لحامله بالنسبة إلى انتقال الملكية بالمناولة دون حاجة إلى تحويل بالتظهير. وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ في إنزال حكم القانون على واقعة الدعوى لأن ما قرره الحكم لا يصدق في صورة الدعوى التي يستند فيها المطعون ضده إلى حوالة صدرت له عن السند من باقي شركائه بمقتضى العقد المؤرخ أول نوفمبر سنة 1961 المحرر بينه وبين هؤلاء الشركاء إذ في هذه الحالة يجب أن تسري أحكام الحوالة المدنية ومنها وجوب إعلانها إلى المدين.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر في أسبابه أن السند الإذني موضوع الدعوى والذي لم يذكر فيه اسم المستفيد بل ترك على بياض كان وليد عملية تجارية ويخضع للقواعد الواردة بالقانون التجاري، ولم يتضمن الطعن نعياً على هذا التقرير ولما كان السند الإذني المحرر على بياض يعتبر كالسند لحامله بالنسبة إلى انتقال ملكيته بالمناولة من يد إلى يد دون حاجة إلى تحويل بالتظهير ومن حق حامله إن يطالب بقيمته فإن ملكية السند محل النزاع تكون قد انتقلت إلى المطعون ضده بمجرد تسليم السند إليه ولا يحتاج بعد هذا لأي إجراء آخر للاحتجاج على الطاعن محرر السند بنقل هذه الملكية. ولا يغير من الأمر شيئاً ورود ذكر هذا السند في عقد تصفية الشركة المحرر بين المطعون ضده وباقي شركائه ضمن ما اختص به من أموال الشركة لدى تصفيتها إذ أن هذا العقد لم يتضمن أية حوالة للسند ولم يركن إليه المطعون ضده في انتقال ملكية السند إليه وإنما قدمه لنفي ما ادعاه الطاعن من سرقة السند منه.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال إذ اعتبر ما نسب إلى الطاعن بمحضر الحجز الموقع في 16 يناير سنة 1963 تنفيذاً للحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى من أنه ذكر للمحضر أنه أدى مائتي جنيه من المبلغ المحكوم به محل التنفيذ، إقراراً منه بالدين يقضي على دفاعه، ذلك أنه لو صح صدور هذه الإجابة منذ فإنها لا تتضمن اعترافاً بصحة الدين ولا يوجد بالأوراق ما يدل على أن هذا الأداء كان سابقاً على صدور الحكم الابتدائي إذ أن أداء هذا المبلغ بعد صدوره وهو مشمول بالنفاذ المعجل يكون خضوعاً لقوة الحكم التنفيذية وبالتالي لا يدل على إقراره اختباراً بالدين، هذا إلى أن تلك الإجابة كانت مدسوسة عليه ومحشرة وكتبت بخط أقل حجماً من خط باقي صلب المحضر ولئن كان التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية في البلاغ الذي قدمه عن هذا التزوير قد انتهى بالحفظ فقد كان ذلك بسبب عدم كفاية الدليل.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقة الأول بأن الثابت من المحضر المؤرخ 16 من يناير سنة 1963 المتضمن عدم وجود شيء يمكن الحجز عليه لدى الطاعن أن المحضر عندما توجه للحجز على ما يوجد بمحل إقامة المدين - الطاعن - وطلب منه أداء المبلغ المقضى به من محكمة الدرجة الأولى إجابة "بعدم الدفع وبأنه سدد 200 ج من ضمن المطلوب" دون أن ينكر صلته بالدائن الحاجز - المطعون ضده - ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ من هذه الإجابة ما يدل على إقرار الطاعن بقيام التعامل بينه وبين المطعون ضده يكون استخلاصه سائغاً. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بصفة أساسية إلى هذا الإقرار بل إنه لم يشر إليه إلا بعد أن كان قد انتهى من إثبات عدم صحة دفاع الطاعن بشأن فقد السند منه. وإذ كان ما أورده الحكم من أدلة وقرائن يكفي لهذا الإثبات ويغنيه عن الاستناد إلى ذلك الإقرار فإنه أياً كان وجه الرأي فيه فإن النعي على استناد الحكم إليه يكون غير منتج لأنه ما كان في حاجة إليه لتسبيب قضائه. والنعي في شقه الثاني مردود بأن المحضر المؤرخ 16 يناير سنة 1963 الذي وردت فيه إجابة الطاعن بسداد المائتي جنيه هو ورقة رسمية فلا يجوز له إنكار صدور هذه الإجابة منذ بغير طريق الادعاء بالتزوير في هذه الورقة وإذ كان الطاعن لم يسلك هذا الطريق أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه أي طعن فيها بالتزوير أمام محكمة النقض.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه الفساد في الاستدلال ذلك أن المطعون ضده عندما سئل في شكوى الطاعن للشرطة رقم 1070 سنة 1962 إداري بلقاس قرر أن الطاعن تسلم قيمة السند نقداً من الشركة التي كانت قائمة بين المطعون ضده وأبناء عمه بينما ذهب شهود المطعون ضده إلى أن الطاعن تسلم مقابل قيمة هذا السند سماداً "كيماوي" فإذا ما استدل الحكم المطعون فيه بأقوال هؤلاء الشهود رغم تناقضها مع أقوال المطعون ضده في تلك الشكوى فإن استدلاله يكون فاسداً بما يعيبه ويبطله.
وحيث إنه وقد انتهت محكمة الموضوع بعد سماع الشهود وفي حدود سلطتها التقديرية إلى الأخذ بما قرره شهود المطعون ضده من أن السند حرر مقابل ثمن أسمدة اشتراها الطاعن من الشركة ولم تأخذ بما قرره المطعون ضده في الشكوى رقم 1070 سنة 1962 إداري بلقاس من أن قيمة السند دفعت نقداً للطاعن فإنها تكون قد مارست حقها في تقدير الأدلة والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها ويكون النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.