أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 180

جلسة 19 من يناير سنة 1974

برياسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي ومحمد مصطفى المنفلوطي، وممدوح عطية.

(31)
الطعن رقم 373 لسنة 37 القضائية

(1) بنوك. مؤسسات عامة.
انتقال ملكية بنك مصر إلى الدولة واعتباره مؤسسة عامة. ق 39 لسنة 1960. القرار الجمهوري 249 لسنة 1961 لم يغير شخصيته المعنوية باعتباره مؤسسة عامة. تحول البنك إلى شركة مساهمة بالقرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965.
(2) بنوك. مؤسسات عامة. موظفون. عمل. اختصاص. "اختصاص ولائي".
العاملون ببنك مصر - قبل تحويله إلى شركة مساهمة - موظفون عموميون. تطبيق لائحة القرار الجمهوري 3546 لسنة 1962 على موظفي المؤسسات العامة. بقاء علاقتهم بها رغم ذلك علاقة لائحية تنظيمية. اختصاص القضاء الإداري دون غيره بنظر الدعاوى الخاصة بهم.
(3) بنوك. عمل. اختصاص.
الجهة القضائية المختصة بنظر دعوى العامل بثبوت حقه في الترقية. العبرة في تحديدها بوقت نشوء الحق. عدم الاعتداد بزوال صفة المؤسسة العامة عن البنك بعد ذلك وتحوله إلى شركة مساهمة.
1 - نص القانون رقم 39 لسنة 1960 في شأن ملكية بنك مصر إلى الدولة في مادته الأولى على أن يعتبر ببنك مصر مؤسسة عامة وتنتقل ملكيته إلى الدولة ونص في مادته السادسة على أن يبقى بنك مصر مسجلاً كبنك تجاري ويجوز له أن يباشر كافة أعمال المصرفية التي كان يقوم بها قبل صدور هذا القانون وقد ظل البنك وإلى أن صدر القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 في 20 من إبريل سنة 1965 بتحويله إلى شركة مساهمة عربية على ذلك الوضع الذي لم يغيره ما نصت عليه المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 249 لسنة 1961 الخاص بإنشاء "مؤسسة مصر" من أن رأس المال هذه المؤسسة يتكون من أنصبة بنك مصر في رؤوس أموال الشركات المساهمة ومن رأس مال بنك مصر وغيره من المؤسسات العامة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، ذلك لأن الفقرة الثانية من تلك المادة نصت على أن تظل لبنك مصر شخصيته المعنوية وقد تحددت هذه الشخصية في القانون رقم 39 لسنة 1960 المشار إليه باعتبار البنك مؤسسة عامة.
2 - إذ كان النزاع في الدعوى يقوم على امتناع البنك (بنك مصر) عن إصدار قرار بترقية المطعون ضده إلى الدرجة السادسة في 31 من ديسمبر سنة 1964 مع أنه كان يجب على البنك اتخاذ هذا الإجراء تنفيذاً للمنشور رقم 872 الصادر في 25 من يوليه سنة 1964، وكان ذلك البنك يعتبر وقتذاك مؤسسة عامة، فإن علاقة المطعون ضده به تكون علاقة تنظيمية بوصفه موظفاً عاماً بحكم تبعيته لشخص من أشخاص القانون العام، ولا يقدح في ذلك ما نصت عليها المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة من سريان أحكام لائحة نظام العاملين بالشركة التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين في المؤسسات العامة، لأن سريان هذه اللائحة على هؤلاء العاملين لا يتأدى منه أن علاقتهم بالمؤسسة لم تعد علاقة تنظيمية وإنما يعني أن أحكام هذه اللائحة أضحت بالنسبة للعاملين في المؤسسات العامة وهي من أشخاص القانون العام وتحكمها قواعده جزاء من هذه القواعد والأنظمة اللائحية التي تخضع لها علاقتهم بالمؤسسة العامة إذا أن المشرع لم يقصد من إصدار القرار رقم 800 لسنة 1963 المشار إليه وعلى ما صرحت به مذكراته الإيضاحية - سوى توحيد المعاملة لجميع العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها بغية إزالة الفوارق بين العاملين في قطاع واحد خاصة وأنهم يعملون في ظروف واحدة لتحقيق أهداف مشتركة، وذلك بمنأى عن المساس بطبيعة علاقة العاملين بالمؤسسات العامة التي بقيت كما هي تقوم على أسس لائحية أو تنظيمية باعتبارهم موظفين عموميين. إذ كان ذلك فإن الاختصاص بنظر الدعوى يكون معقوداً لجهة القضاء الإداري دون جهة القضاء العادي أخذاًَ بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة.
3 - العبرة في تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى هي وقت نشوء حق المطعون ضده (العامل) في الترقية في ديسمبر سنة 1964 الذي امتنع فيه البنك (بنك مصر) عن إصدار قرار بترقيته إلى هذه الدرجة، دون اعتداد بزوال صفة المؤسسة العامة عن البنك بعد ذلك بتحوله إلى شركة مساهمة وانتفاء صفة الموظف العام عن المطعون ضده تبعاً لذلك في وقت لاحق [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 442 سنة 1965 عمال كلي القاهرة ضد البنك الطاعن وطلب الحكم بترقيته إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 31 ديسمبر سنة 1964 مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وقال في بيان دعواه أنه التحق بخدمة البنك في 28 ديسمبر سنة 1954 بعد أن حصل على دبلوم التجارة المتوسطة وفي 25 يوليه سنة 1964 أصدر البنك المنشور الدوري رقم 872 - بتنظيم ترقية العاملين به وهو يقضي بترقية العامل الحاصل على شهادة التجارة الثانوية وما في حكمها إلى الدرجة السادسة إذا أمضى في خدمة البنك عشر سنوات كاملة ولم يوقع عليه خلال السنوات الثلاث الأخيرة جزاء تأديبي أو إداري بغرامة توازي أجر خمس أيام أو أي جزاء أشد، وإذ تخطاه البنك في الترقية إلى هذه الدرجة بعد أن استوفي تلك المدة مع أن تقاريره في السنوات الثلاث الأخيرة تضمنت تقديره بدرجة ممتاز، ولم يستجب البنك لاعتراضه فقد أقام دعواه بطلباته المتقدمة وبتاريخ 5 نوفمبر سنة 1966 قضت المحكمة الابتدائية بأحقية المطعون ضده للدرجة السادسة اعتباراً من 31 ديسمبر سنة 1964 وما يترتب على ذلك من علاوات فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 1328 سنة 83 ق وفي 4 مايو سنة 1967 قضت تلك المحكمة برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 15 ديسمبر سنة 1973 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في سببي الطعن على الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن العاملين بالبنك لا يعتبرون موظفين عموميين بل يخضعن في منازعاتهم معه لأحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لأن المادة 7 من القانون رقم 32 لسنة 1966 بإصدار قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام قد استبعدت سريان القوانين المتعلقة بالوظائف العامة عليهم، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أن القانون رقم 39 لسنة 1960 نص في مادته الأولى على أن يعتبر البنك مؤسسة عامة بينما نصت المادة 13 من قانون المؤسسات العامة الصادرة بالقانون رقم 32 لسنة 1957 - الذي يحكم واقعة الدعوى دون القانون رقم 32 لسنة 1966 - على أن تسري على موظفي المؤسسات العامة أحكام قانون الوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء المؤسسة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة، وقد أصدر مجلس إدارة البنك استناداً إلى هذا النص قراراً باستمرار العمل باللائحة القديمة لموظفي وعمال البنك وفي ظل هذا الوضع إلى أن صدر القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 المعمول به من 20 إبريل سنة 1965 بتحويل البنك إلى شركة مساهمة، كما أن صدور نظام العاملين بالقطاع العام بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 نفاذاً لما نصت عليه المادة 7 من القانون رقم 32 لسنة 1966 من أن لرئيس الجمهورية أن يصدر قراراً بتنظيم جميع أوضاع العاملين في - المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، لم يغير من كون علاقة العاملين بالمؤسسات والشركات العامة علاقة تنظيمية لائحية بوصفهم موظفين عموميين وإذا كان العاملون بالبنك يعتبرون في فترة النزاع موظفين عموميين وعلاقتهم به علاقة تنظيمية فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يكون هو المختص دون غيره بنظر هذه الدعوى ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى انعقاد الاختصاص لجهة القضاء العادي قد خالف قواعد الاختصاص الولائي.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن القانون رقم 39 لسنة 1960 شأن انتقال ملكية بنك مصر إلى الدولة قد نص في مادته الأولى على أن يعتبر بنك مصر مؤسسة عامة تنتقل ملكيته إلى الدولة، ونص في مادته السادسة على أن يبقى بنك مصر مسجلاً كبنك تجاري ويجوز له أن يباشر كافة الأعمال المصرفية التي كان يقوم بها قبل صدور هذا القانون، وقد ظل البنك وإلى أن صدر القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 في 20 من إبريل سنة 1965 بتحويله إلى شركة مساهمة عربية على ذلك الوضع الذي لم يغيره ما نصت عليه المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 249 لسنة 1961 الخاص بإنشاء "مؤسسة مصر" من أن رأس مال هذه المؤسسة يتكون من أنصبة بنك مصر في رؤوس أموال الشركات المساهمة ومن رأس مال بنك مصر وغيره من المؤسسات العامة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ذلك لأن الفقرة الثانية من تلك المادة نصت على أن تظل لبنك مصر شخصيته المعنوية وقد تحددت هذه الشخصية في القانون رقم 39 لسنة 1960 المشار إليه باعتبار البنك مؤسسة عامة ولما كان النزاع في الدعوى يقوم على امتناع البنك عن إصدار قرار بترقية المطعون ضده إلى الدرجة السادسة في 31 من ديسمبر سنة 1964 مع أنه كان يجب على البنك اتخاذ هذا الإجراء تنفيذاً للمنشور رقم 872 الصادر في 25 من يوليه سنة 1964، وكان ذلك البنك يعتبر وقتذاك مؤسسة عامة فإن علاقة المطعون ضده به تكون علاقة تنظيمية بوصفه موظفاً عاماً بحكم تبعيته لشخص من أشخاص القانون العام، ولا يقدح في ذلك ما نصت عليها المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة من سريان أحكام لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين في المؤسسات العامة لأن سريان هذه اللائحة على هؤلاء العاملين لا يتأدى منه أن علاقتهم بالمؤسسة لم تعد علاقة تنظيمية وإنما يعني أن أحكام هذه اللائحة أصبحت بالنسبة للعاملين في المؤسسات العامة وهي من أشخاص القانون العام وتحكمها قواعده جزءاًًً من هذه القواعد والأنظمة اللائحية التي تخضع لها علاقتهم بالمؤسسة العامة إذ أن المشرع لم يقصد من إصدار القرار رقم 800 لسنة 1963 المشار إليه - وعلى ما صرحت به مذكراته الإيضاحية - سوى توحيد المعاملة لجميع العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها بغية إزالة الفوارق بين العاملين في قطاع واحد خاصة وأنهم يعملون في ظروف واحدة لتحقيق أهداف مشتركة، وذلك بمنأى عن المساس بطبيعة علاقة العاملين بالمؤسسات العامة التي بقيت كما هي تقوم على أسس لائحية أو تنظيمية باعتبارهم موظفين عموميين، ولما كان ذلك فإن الاختصاص بنظر الدعوى يكون معقوداً لجهة القضاء الإداري دون جهة القضاء العادي أخذاًَ بأحكام المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1956 في شأن تنظيم مجلس الدولة، ولا يغير من ذلك أن بنك مصر قد تحول من بعد إلى شركة مساهمة لأن العبرة في تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى هي وقت نشوء حق المطعون ضده في الترقية إلى الدرجة السادسة - مستمداً من المنشور رقم 872 آنف البيان في ديسمبر سنة 1964 الذي امتنع فيه البنك عن إصدار قرار بترقيته إلى هذه الدرجة دون اعتداد بزوال صفة المؤسسة العامة عن البنك وانتفاء صفة الموظف العام عن المطعون ضده تبعاً لذلك في وقت لاحق. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه - ولما تقدم بتعين إلغاء الحكم المستأنف وقبول هذا الدفع والقضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وحكمت في الاستئناف رقم 1328 سنة 83 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وألزمت المطعون ضده بالمصروفات وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.


[(1)] وراجع نقض 15/ 12/ 1971 مجموعة المكتب الفني س 22 ص 1028.