أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 193

جلسة 30 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(32)
الطعن رقم 515 لسنة 34 القضائية

( أ ) نقض. "الخصوم في الطعن". استئناف.
عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. لا يكفي اختصامه أمام محكمة أول درجة. بطلان الاستئناف بالنسبة لأحد الخصوم. عدم اعتباره خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم الاستئنافي.
(ب) شهر عقاري. تسجيل. "تسجيل حكم صحة التعاقد". غير.
احتجاج المدعي في دعوى صحة التعاقد بالحكم الذي يصدر لصالحه ضد من آل إليه حق عيني على العقار المبيع من المدعى عليه (البائع) وإعلان الغير به، يتحقق بالتأشير بمنطوق الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى، كما يتحقق بشهر الحكم شهراً كاملاً.
1 - لا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ولا يكفي لاعتباره كذلك أن يكون مختصماً أمام محكمة أول درجة. وإذ كان الثابت أن محكمة الاستئناف قد قضت بحكم سابق على الحكم المطعون فيه، ببطلان الاستئناف بالنسبة للمطعون عليه الثالث، وبذلك لم يعد خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه فإن الطعن بالنقض يكون غير مقبول بالنسبة له.
2 - مؤدى نصوص المواد 15 و16 و17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أن المشرع قد رسم للمدعي في دعوى صحة التعاقد طريقاً يمكنه من التمسك بالحكم الذي يصدر لصالحه ضد كل من آل إليه الحق من البائع المدعى عليه وإعلام الغير بالأخطار التي يتعرضون لها عند التعاقد بشأن العقار موضوع الدعوى وإذا كان هذا الإعلام يتحقق بالتأشير بمنطوق الحكم وحده، فإنه من باب أولى يتحقق بشهر الحكم كاملاً إذ أن هذا الشهر يتضمن كل بيانات التسجيل الهامشي ويزيد عليه. ومتى تقرر ذلك فإن أثر تسجيل الحكم من حيث الاحتجاج على من ترتبت لهم حقوق عينية على العقار يرتد إلى تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 256 سنة 1955 مدني كلي الزقازيق طالبين الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى عشرين قيراطاً من الأطيان الزراعية مبينة الحدود بصحيفة الدعوى ومحو التسجيلات الموقعة عليها واعتبارها كأن لم تكن. وقالوا بياناً للدعوى إنهم كانوا قد اشتروا هذا القدر من الأطيان مع مساحات أخرى من المطعون ضده الثالث بمقتضى عقدي البيع العرفيين المؤرخين 9 يوليه سنة 1950 وأول أكتوبر سنة 1950، وأقاموا عليه الدعويين 432، 521 سنة 1950 مدني كلي الزقازيق، الأولى بطلب صحة ونفاذ العقد الأول وسجلوا صحيفتها في 5 نوفمبر سنة 1950 برقم 5710 الشرقية والثانية بطلب صحة ونفاذ عقد البيع الثاني وسجلوا صحيفتها في 19 ديسمبر سنة 1950 برقم 6627 الشرقية، وقد أقر لهما البائع في هاتين الدعويين بصحة العقدين وحرروا بذلك محضري صلح أثبتتهما المحكمة في حكمها وألحقتهما بمحضر الجلسة ثم سجلوا الحكمين والعقدين في 22 يناير سنة 1956. وقد حدث بعد تسجيل صحيفتي الدعويين سالفتي الذكر أن اتخذت المطعون ضدها الأولى ضد البائع وإجراءات نزع ملكية عشرين قيراطاً من الأرض المبيعة لهم وفاء لدين لها وسجلت تنبيه نزع الملكية في 26 يناير سنة 1954 ثم رسا مزادها على المطعون ضده الثاني بالحكم الصادر في 18 نوفمبر سنة 1954 في قضية البيوع رقم 653 سنة 1954 منيا القمح وأشهر ذلك الحكم في 14 ديسمبر سنة 1954. وإذ نازعهم الراسي عليه المزاد فقد اضطروا لإقامة الدعوى الحالية بطلباتهم سالفة الذكر. وبتاريخ 5 إبريل سنة 1961 قضت محكمة الزقازيق الكلية برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 81 سنة 5 ق، وبعد أن قضت تلك المحكمة بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1963 ببطلان الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده الثالث "البائع" وبقبول الاستئناف شكلاً وبالنسبة للمطعون ضدها الأولى والثاني حكمت بتاريخ 3 يونيه سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم الأخير بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث لأنه لم يكن طرفاً في الحكم المطعون فيه، وأبدت الرأي برفض الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأولين. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الدفع الذي أبدته النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث تأسيساً على أنه لم يكن خصماً في النزاع الذي فصلت فيه محكمة الاستئناف بالحكم المطعون فيه هو دفع صحيح، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ولا يكفي لاعتباره كذلك أنه كان مختصماً أمام محكمة أول درجة. وإذ كان ذلك وكان الثابت أن محكمة الاستئناف قد قضت بحكم سابق على الحكم المطعون فيه ببطلان الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده الثالث، وبذلك لم يعد خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثاني.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقولون إن محكمة الاستئناف أقامت قضاءها بتأييد الحكم المستأنف على أنهم وإن كانوا قد سجلوا صحيفتي دعويي صحة التعاقد إلا أنهم لم يؤشروا بمنطوق الحكمين الصادرين فيهما على هامش تسجيل الصحيفتين أو يسجلوا الحكمين الصادرين فيهما وأنه لذلك لا يكون حقهم حجة على الراسي عليه المزاد "المطعون ضده الثاني" لأن العبرة في نفاذ التصرف الصادر من المدين أو عدم نفاذه في حق الراسي عليه المزاد هي بشهر هذا التصرف أو بعدم شهره قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية وذلك على ما قضت به المادة 616 من قانون المرافعات وأن تسجيل الصحيفتين وحده دون التأشير بمنطوق الحكم على هامشه أو دون تسجيل الحكمين لا يعتبر شهراً يكسبهم أسبقية على الراسي عليه المزاد. وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه مخالف للثابت في الأوراق لأنهم لم يكتفوا بتسجيل صحيفتي الدعوى وإنما سجلوا الحكمين الصادرين فيهما وهو ما يجعل أثر التسجيل ينسحب إلى تاريخ تسجيل الصحيفتين، وبذلك يصبح حقهم حجة على الراسي عليه المزاد لأن تسجيل تنبيه نزع الملكية لاحق لتسجيل الصحيفتين. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على قوله "وحيث إنه بمراعاة أن المناط في نفاذ التصرف هو شهره قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية إعمالاً لحكم المادة 616 من قانون المرافعات، يمكن القول بأنه لم يؤشر على هامش تسجيل صحيفتي دعوى صحة التعاقد رقمي 432 و521 مدني كلي الزقازيق بالحكمين الصادرين فيهما صلحاً بصحة التعاقد. ولعل مصداق ذلك هاتين الشهادتين الصادرتين من مكتب الشهر العقاري والتوثيق بالزقازيق في 3 من فبراير سنة 1959 واللتين أثبت فيهما ذلك صراحة، وإذا ما تقرر ذلك فليس يحق للمستأنفين بداهة إرجاع أثر تسجيل عقديهم - على فرض حصوله - إلى تاريخ تسجيل صحيفتي الدعويين في 5 نوفمبر سنة 1950 وفي 19 ديسمبر سنة 1950. وحيث إن أغلب الظن أن المستأنفين لا يزعمون أنهم قاموا بذلك التأشير على صحيفتي دعوى صحة التعاقد آنفتي الإشارة ولا يذهبون أيضاً إلى أنهم سجلوا الحكمين الصادرين لصالحهم بصحة التعاقد مما قد يجوز لهم التذرع بانسحاب أثر تسجيل الحكمين إلى تاريخ تسجيل صحيفتي الدعويين أخذاً ببعض الآراء الفقهية". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه برفض دعوى الطاعنين ينطوي على مخالفة للثابت بالأوراق وخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه يبين من الاطلاع على مستندات الطاعنين المقدمة لمحكمة الموضوع أنهم سجلوا صحيفة دعوى صحة التعاقد رقم 432 سنة 1950 مدني كلي الزقازيق في 5 نوفمبر سنة 1950 ثم سجلوا محضر الجلسة الذي أثبت فيه الصلح وعقد البيع بتاريخ 22 يناير سنة 1956 برقم 736، كما أنهم سجلوا صحيفة الدعوى رقم 521 سنة 1950 في 19 ديسمبر سنة 1950 ثم سجلوا محضر الجلسة الذي أثبت فيه الصلح مرفقاً به عقد البيع بتاريخ 22 يناير سنة 1956 برقم 737. وإذ كان ذلك وكان إلحاق المحكمة لمحضر الصلح بمحضر الجلسة هو بمثابة حكم تنتهي به الدعوى، وكان تنبيه نزع الملكية قد سجل بتاريخ 26 يناير سنة 1954، فإن حق الراسي عليه المزاد لا يكون حجة على الطاعنين، ذلك أنه إذ أوجبت المادة 15 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية ونصت المادة 16 من ذلك القانون على أنه يؤشر بمنطوق الحكم النهائي في هامش تسجيل الدعاوى ورتبت المادة 17 الأثر المترتب على ذلك التأشير بقولها "أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى" فإن المشرع قد أراد بذلك أن يرسم طريقاً للمدعي في دعوى صحة التعاقد يمكنه من التمسك بالحكم الذي يصدر لصالحه ضد كل من آل إليه الحق من البائع المدعى عليه وإعلام الغير بالأخطار التي يتعرضون لها عند التعاقد بشأن العقار موضوع الدعوى، وإذا كان هذا الإعلام يتحقق بالتأشير بمنطوق الحكم وحده فإنه من باب أولى يتحقق بشهر الحكم كاملاً إذ أن هذا الشهر يتضمن كل بيانات التسجيل الهامشي ويزيد عليه. ومتى تقرر ذلك فإن أثر تسجيل الحكم من حيث الاحتجاج على من ترتبت لهم حقوق عينية على العقار يرتد إلى تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في الأوراق على الوجه المتقدم، وكان هذا الخطأ قد جره إلى الخطأ في تطبيق القانون فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بتثبيت ملكية الطاعنين إلى القدر محل النزاع ومحو التسجيلات الموقعة عليه من المطعون ضدهما الأولى والثاني.