أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 242

جلسة 4 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعبد العليم الدهشان.

(38)
الطعن رقم 51 لسنة 35 القضائية

( أ ) نيابة عامة." تدخل النيابة في قضايا القصر". "إخبارها بهذه الدعاوى". بطلان. "البطلان في الإجراءات".
وجوب إبلاغ كاتب المحكمة النيابة العامة بقيام الدعاوى الخاصة بالقصر. إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الحكم. لا يغير من ذلك أن يكون التدخل في هذه الأحوال اختيارياً للنيابة العامة.
(ب) بيع. "الحكم بصحة ونفاذ العقد". تجزئة. "أحوال عدم التجزئة". بطلان.
الحكم للمشتري بصحة ونفاد عقده قبل مشتر آخر (الطاعن الأول) ومن اشترى منه ذات العقار (الطاعن الثاني) لأسبقية المشتري الأول في تسجيل صحيفة الدعوى. بطلان الحكم بالنسبة للطاعن الثاني يستتبع بطلانه بالنسبة للطاعن الأول.
1 - أجاز المشرع - بمقتضى المادة 100 من قانون المرافعات السابق - أن تتدخل النيابة العامة أمام محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية في قضايا حددها من بينها القضايا الخاصة بالقصر وأوجب في المادة 102 من هذا القانون على كاتب المحكمة إخبار النيابة كتابة في هذه الحالات بمجرد قيد الدعوى فقد دل بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يتعين إبلاغ النيابة بقيام الدعوى في هذه الحالات حتى تتاح لها فرصة العلم بالنزاع وتقدير مدى الحاجة إلى تدخلها وإبداء رأيها فيه وذلك تحقيقاً لمصلحة استهدفها المشرع وأفصح عنها في المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات بقوله "إن هذه المنازعات تمس مصالح جديرة بحماية خاصة من جانب المشرع فالاستغناء عن سماع رأي النيابة في هذه الأحوال يحرم القضاء من عون ضروري أو مفيد" الأمر الذي يكون معه إخبار النيابة بهذه الدعاوى أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف إجراءً جوهرياً يترتب على إغفاله بطلان الحكم ولا يغير من ذلك أن للنيابة بعد إخبارها بالدعوى أن تترخص في التدخل إذ في عدم إخبارها تفويت الفرصة عليها للعلم بالنزاع ومنعها من استعمال حقها في تقرير موجب التدخل وحرمان القصر - إذا ما رأت أن تتدخل - من ضمان مقرر لمصلحتهم هو أن تبدي رأيها في النزاع مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
2 - متى كان الثابت أن الطاعنين قد اختصما في الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر للمدعين - المطعون عليهم الخمسة الأول - من الباقين تأسيساً على أن عقد البيع الصادر للطاعن الأول والعقد الصادر منه للطاعن الثاني بصفته ولياً على قاصرين - عن ذات العقار المبيع - لا يؤثران على حقوق المدعين لسبق تسجيلهم صحيفة دعواهم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة ونفاذ العقد الصادر إلى المطعون عليهم الخمسة الأول عن هذا العقار فإن بطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للقاصرين لعدم إخبار النيابة العامة بالدعوى ووجود القاصرين فيها يستتبع بطلانه بالنسبة للطاعن الأول بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحومة السيدة نظلة إسماعيل محمد باعت إلى ابن أختها المرحوم حسين حسنين محمد - مورث المطعون عليهم من السادسة إلى الثانية عشرة - منزلاً ببندر مغاغة بعقد مسجل في 1/ 9/ 1943 وعندما شرع ورثة المشتري في التصرف في المنزل المذكور أقامت البائعة ضدهم الدعوى رقم 564 سنة 1946 مدني كلي المنيا بطلب بطلان العقد الصادر لمورثهم باعتباره وصية لا تنفذ إلا بعد وفاتها وقضت المحكمة في 11/ 10/ 1947 بطلبها، ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 23/ 11/ 1948 بتأييد هذا الحكم. وبعقد مسجل 23/ 2/ 1950 باعت السيدة المذكورة - المنزل المشار إليه بالعقد السابق - إلى الطاعن الأول. وقبل صدور الحكم ببطلان العقد الأول كان ورثة المرحوم حسين حسنين محمد - وهم المطعون عليهم من السادسة إلى الثانية عشرة - قد باعوا ذات العقار إلى المطعون عليهم من الأول إلى الخامسة بعقد مؤرخ 12/ 7/ 1946 وأقام المشترون ضد الورثة البائعين لهم الدعوى رقم 142 سنة 1948 مدني جزئي مغاغة بصحيفة أشهرت في 16/ 2/ 1948 بطلب صحة ونفاذ هذا العقد والتسليم. وقضت المحكمة في 12/ 11/ 1949 بعدم اختصاصها وإحالة الدعوى إلى محكمة المنيا الابتدائية حيث قيدت برقم 615 سنة 1949 كلي المنيا، وأثناء نظر الدعوى ووجه المدعون فيها بالحكم في الدعوى رقم 564 سنة 1946 ببطلان البيع الصادر لمورث البائعين لهم فاختصموا الطاعن الأول والطاعن الثاني المشتري من الطاعن الأول لذات العقار بصفته وصياً على ولديه القاصرين رؤوف وعماد. وفي 2/ 2/ 1964 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المشترون - المطعون عليهم من الأول إلى الخامسة - هذا الحكم بالاستئناف رقم 90 سنة 2 ق بني سويف. قضت محكمة الاستئناف في 8/ 12/ 1964 بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة العقد الصادر إلى هؤلاء من المطعون عليهم من السادسة إلى الثانية عشرة في 12/ 7/ 1946 وبالتسليم. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات، وفي بيان ذلك يقولان إن الطاعن الثاني اختصم في الدعوى بصفته وصياً على ولديه القاصرين رؤوف وعماد ومع ذلك فإن محكمة أول درجة فصلت في الدعوى دون أن تكلف كاتب المحكمة بأخبار النيابة العامة بوجود قاصر في الدعوى، كما أصدرت محكمة الاستئناف حكمها دون أن تأمر باتخاذ هذا الإجراء الذي توجبه المادة 102 من قانون المرافعات السابق باعتبار أن الدعوى من الدعاوى الخاصة بالقصر التي يجوز للنيابة طبقاً للمادة 100 من قانون المرافعات المشار إليه أن تتدخل فيها مما يترتب عليه بطلان الحكم.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك إنه لما كان المشرع قد أجاز - بمقتضى المادة 100 من قانون المرافعات السابق - أن تتدخل النيابة العامة أمام محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية قضايا حددها من بينها القضايا الخاصة بالقصر، وأوجب في المادة 102 من هذا القانون على كاتب المحكمة إخبار النيابة كتابة في هذه الحالات بمجرد قيد الدعوى، فقد دل بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يتعين إبلاغ النيابة بقيام الدعوى في هذه الحالات حتى تتاح لها فرصة العلم بالنزاع وتقدير مدى الحاجة إلى تدخلها وإبداء رأيها فيه وذلك تحقيقاً لمصلحة استهدفها المشرع وأفصح عنها في المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات بقوله "إن هذه المنازعات تمس مصالح جديرة بحماية خاصة من جانب المشرع فالاستغناء عن سماع رأي النيابة في هذه الأحوال يحرم القضاء من عون ضروري أو مفيد" الأمر الذي يكون معه إخبار النيابة بهذه الدعوى أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف إجراء جوهرياً يترتب على إغفاله بطلان الحكم، ولا يغير من ذلك أن للنيابة بعد إخبارها بالدعوى أن تترخص في التدخل إذ في عدم إخبارها، تفويت الفرصة عليها للعلم بالنزاع ومنعها من استعمال حقها في تقدير موجب التدخل وحرمان القصر - إذا ما رأت أن تتدخل - من ضمان مقرر لمصلحتهم هو أن تبدي رأيها في النزاع مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أنه أثناء سير الدعوى أمام محكمة أول درجة اختصم فيها الطاعنان ليسمعا الحكم - مع باقي المدعى عليهم - بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 12/ 7/ 1946 الصادر للمدعين - المطعون عليهم الخمسة الأول - من المطعون عليهم من السادسة إلى الثانية عشرة تأسيساً على أن عقد البيع الصادر للطاعن الأول والعقد الآخر الصادر منه للطاعن الثاني بصفته لا يؤثران على حقوق المدعين لسبق تسجيلهم صحيفة دعواهم، وكان الطاعن الثاني قد اختصم في الدعوى بصفته ولياً على ولديه القاصرين رؤوف وعماد وإذ فصلت المحكمة الابتدائية في الدعوى دون إخبار النيابة العامة بوجود هذين القاصرين فيها، ولما استأنف المحكوم ضدهم هذا الحكم مختصمين الطاعن الأول والطاعن الثاني بصفته السابقة، أصدرت المحكمة حكمها في الدعوى بصحة ونفاذ عقد المطعون عليهم من السادسة إلى الثانية عشره الصادر لهم من المطعون عليهم من الأول إلى الخامسة دون أن يتم إخبار النيابة العامة بالدعوى، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد وقع باطلاً بالنسبة للقاصرين الممثلين بالطاعن الثاني. ولما كان الطاعن الأول قد اختصم في الدعوى بوصفه المشتري من البائعة الأصلية السيدة نظلة إسماعيل محمد، كما اختصم القاصران بوصفهما مشتريين لذات العقار من هذا المشتري وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة ونفاذ العقد الصادر إلى المطعون عليهم الخمسة الأول عن هذا العقار، فإن بطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للقاصرين يستتبع بطلانه بالنسبة للطاعن الأول مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.