أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 263

جلسة 6 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(42)
الطعن رقم 559 لسنة 34 القضائية

( أ ) استئناف. "الاستئناف الفرعي".
رفع الاستئناف المقابل بعد الميعاد. اعتباره استئنافاً فرعياً. المادة 413 مرافعات.
(ب) استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها". قضاة. "رد القضاة". حكم. نقض.
استئناف الحكم الصادر في طلب رد القاضي. جوازه في حالة رد القاضي الجزئي أو قاضي المحكمة الابتدائية ولو كان موضوع الدعوى مما يحكم فيه نهائياً. رفض طلب رد قاضي من قضاة محكمة الاستئناف. حكم نهائي. الطعن فيه يكون بطرق الطعن غير العادية. وجوب تنفيذه باستمرار القاضي في نظر الدعوى الأصلية.
1 - المادة 413/ 2 من قانون المرافعات صريحة في أنه إذا رفع الاستئناف المقابل بعد مضي ميعاد الاستئناف اعتبر استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله.
2 - المادة 328 من قانون المرافعات، التي تحدثت عن استئناف الحكم الصادر في طلب رد القاضي، لم تجز لطالب الرد استئناف هذا الحكم إلا إذا كان الطلب خاصاً برد قاضي محكمة المواد الجزئية أو قضاة المحكمة الابتدائية ولو كان موضوع الدعوى مما يحكم فيه نهائياً، أما إذا كان الحكم صادراً من محكمة الاستئناف في طلب رد قاضي من قضاتها فإنه كسائر الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف لا سبيل إلى الطعن فيه بالطرق العادية وبالتالي يكون نهائياً ولا يمنع من نهائيته واكتسابه قوة الأمر المقضي الطعن فيه بطريق النقض، وهو حكم واجب التنفيذ وتنفيذه يكون باستمرار القاضي المطلوب رده في نظر الدعوى الأصلية والفصل فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى بصفتها وصية خصومة على القاصر سامي محمود خليل الطباخ المشمول بوصاية المطعون ضدها الثانية أقامت الدعوى رقم 3770 سنة 1947 كلي القاهرة على الطاعن طالبة إلزامه بتقديم حساب عن مدة حراسته القضائية على أموال يملكها القاصر المذكور. كما رفعت الدعوى رقم 2762 سنة 1948 كلي القاهرة وانتهت في الدعويين إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع لها بصفتها مبلغ 23780 ج قيمة صافي ما خص القاصر في ريع تلك الأموال وبصحة حجز ما للمدين لدى الغير التحفظي الموقع على مبلغ 1000 ج المودع من الطاعن خزانة محكمة القاهرة والحجزين الموقعين على ما للطاعن تحت يد كل من بنك مصر والبنك الأهلي المصري "المطعون ضدهم من الخامس إلى السابع". ورفع الطاعن الدعوى رقم 2843 سنة 1948 كلي القاهرة على المطعون ضدهم الخمسة الأول طالباً الحكم بأحقيته في صرف مبلغ 1000 ج المودع منه خزانة محكمة القاهرة. وضمت المحكمة الدعاوى الثلاثة. وفي 12 نوفمبر سنة 1960 قضت في الدعويين رقم 3770 سنة 1947، 2762 سنة 1948 كلي القاهرة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها الأولى بصفتها مبلغ 2885 ج و660 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وبرفض الدعوى رقم 2843 سنة 1948. فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بعريضة قدمت إلى قلم كتاب المحكمة في 15 يونيه سنة 1961 طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعويي المطعون ضدها الأولى والحكم له بطلباته في دعواه وقيد هذا الاستئناف برقم 1127 سنة 78 ق. كما استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 1140 سنة 78 ق طالبة تعديل الحكم المستأنف والقضاء لها بكل طلباتها أمام محكمة الدرجة الأولى. كما استأنف الطاعن الحكم المذكور باستئناف آخر وصفه بأنه مقابل وليس فرعياً وذلك بعريضة قدمت لقلم كتاب المحكمة في 21 أكتوبر سنة 1961 وقيد هذا الاستئناف برقم 1683 سنة 78 ق. ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة ليصدر فيها حكم واحد ودفعت المطعون ضدها الأولى ببطلان استئناف الطاعن رقم 1127 سنة 78 ق عملاً بالمادة 406 مكرر من قانون المرافعات لعدم إعلانه إليها إعلاناً صحيحاً خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضته لقلم كتاب المحكمة. وأجاب الطاعن على هذا الدفع بأنه لم يعلن بالحكم المستأنف إعلاناً صحيحاً مما يجعل ميعاد الاستئناف ممتداً. وفي 10 مايو سنة 1964 قضت المحكمة ببطلان الاستئناف رقم 1127 سنة 78 ق وسقوط حق المستأنف (الطاعن) فيه وبقبول الاستئناف رقم 1140 سنة 78 ق شكلاً وبقبول الاستئناف الفرعي رقم 1683 سنة 78 ق شكلاً وأرجأت الفصل في موضوع هذين الاستئنافين. وقد اعتبرت المحكمة الاستئناف رقم 1683 سنة 78 ق استئنافاً فرعياً لرفعه بعد الميعاد المحدد لرفع الاستئناف. وعند نظر الموضوع قررت المطعون ضدها الأولى بترك الخصومة في استئنافها 1140 سنة 78 ق. وطلبت الحكم ببطلان استئناف الطاعن رقم 1683 سنة 78 ق عملاً بالمادتين 414، 415 من قانون المرافعات. وأجاب الطاعن على ذلك بأن استئنافه هذا هو استئناف مقابل وليس فرعياً. لهذا فلا يترتب على ترك المطعون ضدها للخصومة في استئنافها بطلان استئنافه.
وفي 22 أغسطس سنة 1964 قضت المحكمة بقبول ترك الخصومة في الاستئناف رقم 1140 سنة 78 ق وببطلان الاستئناف الفرعي رقم 1683 سنة 78 ق. وفي 17 سبتمبر سنة 1964 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه أقام استئنافه رقم 1683 سنة 78 ق، الذي قدم صحيفته لقلم الكتاب في 21/ 10/ 1961 على أنه استئناف مقابل للاستئناف رقم 1140 سنة 78 ق المرفوع من المطعون ضدها الأولى وذلك عملاً بالمادة 413/ 1 مرافعات وأنه لا عبرة بإعلانه بالحكم الابتدائي المستأنف الحاصل في 8/ 5/ 1961 لأن هذا الإعلان وقع باطلاً لتوجيهه إليه في محل تجارته رقم 85 شارع الأزهر الذي لا يعتبر محل إقامة له وعلى ذلك يكون استئنافه مرفوعاً في الميعاد لكن محكمة الاستئناف بحكمها الصادر في 10/ 5/ 1964 اعتبرت هذا الاستئناف فرعياً لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على ما قالته من أن الطاعن ذكر في صحيفة استئنافه الأصلي رقم 1127 سنة 78 ق أنه اتخذ له عنواناً رقم 85 شارع الأزهر وأن المطعون ضدها الأولى أعلنته باستئنافها رقم 1140 سنة 78 ق في هذا العنوان وكانت المخاطبة مع شخصه ورتبت المحكمة على ذلك صحة إعلان الطاعن بالحكم الابتدائي الحاصل في 8/ 5/ 1961 واعتبرت استئنافه فرعياً لرفعه بعد الميعاد وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن ذكر هذا العنوان في صحيفة استئنافه وهو عنوان محل تجارته لا يجعل منه محل إقامة له ما دام أنه لا يقيم فيه في الواقع وأن المطعون ضدها طالبة الإعلان تعلم بذلك وبمحل إقامته الحقيقي وإذ كانت المادة 11 من قانون المرافعات صريحة في وجوب تسليم الإعلان للشخص نفسه أو في موطنه أو محله المختار في الأحوال التي بينها القانون ورتبت المادة 24 مرافعات البطلان جزاء على مخالفة أحكام هذه المادة وكان إعلانه بالحكم الابتدائي قد تم في محل تجارته ولم يسلم لشخصه أو في محل إقامته فإنه يكون باطلاً، ويكون ميعاد استئناف هذا الحكم ممتداًً بالنسبة له مما يجعل استئنافه رقم 1683 سنة 78 ق الذي قدمت عريضته لقلم الكتاب في 21 أكتوبر سنة 1961 مرفوعاً في الميعاد فيكون لذلك استئنافاً مقابلاً، وإذ اعتبرته محكمة الاستئناف بحكمها الصادر في 10/ 5/ 1964 استئنافاً فرعياً تأسيساً على أنه رفع بعد الميعاد ثم حكمت بعد ذلك وبتاريخ 23/ 8/ 1964 ببطلان هذا الاستئناف بعد أن تركت المطعون ضدها الخصومة في استئنافها رقم 1140 سنة 78 ق فإن حكمها يكون مخطئاً في تطبيق القانون وأضاف الطاعن في السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه تمسك في صحيفة استئنافه بدفاعه المتقدم ذكره في السبب الأول إلى آراء الفقه وأحكام القضاء في شأن وجوب الإعلان في الموطن ولكن الحكم المطعون فيه خلا من ذكر خلاصة ما استند إليه من أدلة واقعية وحجج قانونية مخالفاً بذلك المادة 349 من قانون المرافعات وبذلك شابه قصور يبطله.
وحيث إنه يبين من الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في 10 مايو سنة 1964 أنه جاء به بشأن استئناف الطاعن رقم 1683 سنة 78 ق قوله "إن هذا الاستئناف قدمت صحيفته إلى قلم الكتاب في 21/ 10/ 1961 وأن المستأنف أشار في عريضته إلى أنه استئناف مقابل للاستئناف المرفوع من المستأنف عليها الأولى (المطعون ضدها الأولى) وليس استئنافاً فرعياً، وأن الحكم المستأنف لم يعلن إليه إعلاناً قانونياً الأمر الذي يجيز له إقامة هذا الاستئناف المقابل، وأما قول المطعون ضدها الأولى أنها أعلنته بتاريخ 8/ 5/ 1961 كما هو وارد بإعلان الحكم المرفق فإن هذا الإعلان وقع باطلاً لأنه تم في العنوان 85 شارع الأزهر وهو محل تجارته وليس بموطنه الذي هو سكنه، وأنه والحال كذلك يكون حكم محكمة أول درجة لم يتم إعلانه إطلاقاً ويصبح هذا الاستئناف منه استئنافاً مقابلاً وليس استئنافاً فرعياً، ذلك أن نص المادة 379 مرافعات الواجبة التطبيق - لأن الاستئناف أقيم في ظلها - تستلزم أن يكون إعلان الحكم لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي، ولما كان الثابت من صحيفة الاستئناف رقم 1127 سنة 78 ق المقام من محمود حسن المصري (الطاعن) أنه اتخذ عنوانه 85 شارع الأزهر وأن المستأنفة بهيه سليمان (المطعون ضدها الأولى) في استئنافها رقم 1140 سنة 78 ق أعلنت محمود حسن المصري بعنوانه 85 شارع الأزهر، وكانت المخاطبة فيه مع شخصه وكذلك جاء عنوانه بالدعوى الأصلية المستأنفة هو ذات العنوان، ولم يتخذ عنواناً مخالفاً إلا في صحيفة استئنافه رقم 1683 سنة 78 ق فجاء فيها أنه يقيم بشارع الشيخ علي محمود المتفرع من شارع سعود بمصر الجديدة، وهذا لا يعني أن العنوان الأول الذي استمر ملاحقاً له طوال فترة التقاضي ثم في إعلان الاستئنافين الآخرين فإن مجرد اتخاذه عنواناً في حالة منفردة لا يسقط من قوة الاستناد إلى العنوان الأول أو يجعل إعلانه فيه مثاراً للمناقشة في البطلان باعتباره ليس هو موطنه الأصلي الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة أن إجراءات إعلانه بالحكم في عنوانه 85 شارع الأزهر جاءت صحيحة وسليمة ومنتجة لأثرها ومتى ثبت ذلك - وهو الثابت - فإن هذا الإعلان تم بتاريخ 8/ 5/ 1961، بينما اتخذت إجراءات هذا الاستئناف بتقديم عريضته إلى قلم الكتاب بتاريخ 21/ 10/ 1961 أي بعد فوات الميعاد القانوني ومن ثم طبقاً لنص المادة 413/ 2 مرافعات يكون هذا الاستئناف المقابل مرفوعاً بعد مضي ميعاد الاستئناف ويعتبر استئنافاً فرعياً". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه سائغ في إثبات ما انتهى إليه من أن المحل الذي أعلن فيه الطاعن بالحكم الابتدائي بتاريخ 8/ 5/ 1961 يعتبر موطناً أصلياً له ولا يقدح في صحة هذه النتيجة ما ادعاه الطاعن من أن له موطناً آخر إذ ليس ثمة ما يمنع قانوناً من أن يكون للشخص الواحد أكثر من موطن وفي هذه الحالة يصح إعلانه في أي منها وإذ رتب الحكم على ذلك اعتبار استئناف الطاعن - الذي قدمت عريضته إلى قلم الكتاب في 21/ 10/ 1961 - استئنافاً فرعياً لرفعه بعد الميعاد، وعلى هذا الأساس قضى الحكم المطعون فيه الصادر في 22/ 8/ 1964 ببطلان هذا الاستئناف بعد أن قضى بقبول ترك المطعون ضدها للخصومة في استئنافها الأصلي فإنه لا يكون في ذلك مخالفة القانون ذلك أن المادة 413/ 2 من قانون المرافعات صريحة في أنه رفع الاستئناف المقابل بعد مضي ميعاد الاستئناف اعتبر استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله. لما كان ذلك وكان يبين مما نقلته هذه المحكمة عن أسباب الحكم الصادر في 10 مايو سنة 1964 أنها تضمنت خلاصة ما أبداه الطاعن من دفاع وخلاصة ما قدمه من حجج تأييداً له وكان فيما قرره الحكم رداً على هذا الدفاع التعليل الضمني لإطراحه هذه الحجج المخالفة لما أخذ به الحكم، فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث بطلان الحكم المطعون فيه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه قدم طلباً لرد رئيس الدائرة الاستئنافية وحدد لنظره جلسة 13/ 7/ 1964 وفيها قضى برفض هذا الطلب فطعن في ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 476 سنة 34 ق وعلى الرغم من ذلك فقد فصلت المحكمة في موضوع استئنافه قبل أن يفصل في ذلك الطعن فوقع حكمها باطلاً لصدوره قبل أن يصير الحكم في طلب الرد نهائياً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 328 من قانون المرافعات التي تحدثت عن استئناف الحكم الصادر في طلب رد القاضي، لم تجز لطالب الرد استئناف هذا الحكم إلا إذا كان الطلب خاصاً برد قاضي محكمة المواد الجزئية أو قضاة المحكمة الابتدائية وقد أجازت هذه المادة الاستئناف في هاتين الحالتين ولو كان موضوع الدعوى مما يحكم فيه نهائياً أما إذا كان الحكم صادراً من محكمة الاستئناف في طلب رد قاض من قضاتها فإنه كسائر الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف لا سبيل إلى الطعن فيه بالطريق العادية وبالتالي يكون نهائياً ولا يمنع من نهائيته واكتسابه قوة الأمر المقضي الطعن فيه بطريق النقض. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 22 أغسطس سنة 1964 بعد أن كانت محكمة الاستئناف قد قضت في 23 يوليو سنة 1964 برفض طلب الرد فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر بعد الحكم نهائياً برفض طلب الرد وهو حكم واجب التنفيذ، وتنفيذه يكون باستمرار القاضي المطلوب رده في نظر الدعوى الأصلية والفصل فيها، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.